عضو مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يلتقي قيادات التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محافظة حجة .. حلم عريق يتوق للانعتاق ومساحة شاسعة للاستثمار والنافذين!
نشر في الجمهورية يوم 22 - 09 - 2012

تعتبر محافظة حجة خامس محافظة في اليمن سكاناً ورابعها مساحة ومن أقدم وأعرق وأجمل المدن اليمنية من حيث الطبيعة والمعالم, كما تعد محافظة حجة مسقط رأس الامام يحيى وأحمد بن حميد الدين, من المدن الأكثر اهمية جغرافياً واقتصادياً، لكنها ومع كل هذه الأهمية لم تعد سوى مساحة باهتة على خريطة حائطية تتألم بصمت وتبكي بصمت وتثور وتجوع بصمت.
محافظة حجة من أبلغ نماذج اللامبالاة والنسيان والإهمال إن لم تكن أبلغها وعلى مستوى أهم مفاصل الحياة، من الوضع المعيشي والأساسي للناس حتى الوضع الخدمي.. الصحي والتعليمي والإنساني والثقافي. ولعل أبرز أسباب ذلك التردي والإهمال والتجاهل بعد سطوة الشيخ وانعدام المسؤولية لدى أصحاب القرار تغلغل الفوضى والعبثية والعجز والصراعات الحزبية والطائفية لدى أبنائها ووضع القلة الحقيقية من النخب الفاعلة وأصحاب الطاقات المنتجة خلف الهامش وإقصائها من مراكز صناعة القرار والمشاركة في ادوار التنمية والبناء سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو الثقافي او الاداري وها هي محافظة حجة تحتل أول سابقة دون غيرها من جميع محافظات اليمن لغياب الدولة وانفلات القانون لتسود سطوة وسلطة القبيلة والعصبية الحزبية بفلول نظام سابق زرع مخالبه في الجذور وهيمنة قوى متطرفة ومتحاربة تستميت من اجل امتلاك السلطة والثروة، ها هو قرار رئيس الجمهورية يصدر بتعيين القيسي محافظاً للمحافظة وها هي حجة تبلغ شهرها السادس منذ صدور القرار ليظل المحافظ الجديد يدير شؤون المحافظة بالجوال ويستولي على المجمع أحد وكلاء المحافظة السابقين بقوة السلاح وبنفوذ قبيلته وأعوانه وينوب عن المحافظ الجديد الأمين العام للمجلس المحلي المنشغل على الدوام والمشغول من بداية الدوام حتى نهايته باجتماعات مغلقة بقضايا ومصالح وطنية.
وكيل المحافظة السابق المحافظ الجديد
ورغم الاتفاق الصوري الذي تم مؤخراً بين المحافظ والوكيل السابق الذي استولى على المجمع الحكومي، إلا أن الأوضاع ما زالت كما هي والأفق غائماً.
فراغ إداري وموظفون حسب الطلب
من الانعكاسات الحقيقية والرئيسية الهامه التي احدثها غياب المحافظ عن تولي ادارة شؤون ومصالح المحافظة وتبني قضايا وهموم المواطن داخلها ذلك الفراغ الاداري الشاسع الذي غزا واستولى على اهم المرافق الحيوية والادارية العامة من مدراء الفروع والادارات إلى الموظفين حيث خيم عليها غياب شبه كامل لجميع القائمين على تلك الادارات .إيراديه وخدمية على مستوى المرافق الصحية والتعليمية ..الكهرباء والمياه ... الزراعة والصناعة والسياحة ومختلف المراكز والمرافق الاخرى مما نجم عن تعطيل سير الحياة بطريقة تعبر عن غياب الدولة والرقابة والضبط وسلطة اصحاب القرار ناهيك عن اغلاق البريد والبنوك وحرمان الموظفين من رواتبهم قبيل اجازة العيد حسب ما لمسناه على ارض الواقع خلال زيارة تلك المرافق والادارات وتحول الموظفين في ادارات المحافظة العامة إلى موظفين حسب الطلب وحسب ما تقتضيه مصالحهم لا واجباتهم.
في ظل غياب القانون والانتشار الجنوني لظاهرة حمل السلاح
كانت بيوتاً للإيجار ...صارت مخازن ومستودعات للأسلحة
في ظل غياب القانون واتساع رقعة الصراع الذي بدأ من المديريات البعيدة عن مدينة حجة وتغلغل بشكل جنوني ومتسارع حتى بلغ المدينة مما أدى إلى انتشار ظاهرة حمل السلاح بطريقة خارجة عن المنطق وعن العرف القبلي لتسود وتسيطر بشكل شبه كامل الصرعات القائمة بين جماعات الإصلاح والحوثيين وحلفائهما ويدفع ثمن ذلك الصراع من لا ناقة له ولا بعير ومن نتائج الصراع الطائفي والمذهبي بين تلك الجماعات المتطرفة وذلك الانسان الاعزل والضعيف على كافة المستويات المعيشية ويفقد الاستقرار معناه داخل المدينة وفي اطرافها المتباعدة، فحجة بعد الثانية عشرة ليلاً تبدو كمدينة خالية من البشر وتزداد وحشة في ظل انقطاع الكهرباء ثلاثة ارباع الليل في المدينة، ومن المسائل الأكثر مأساوية وعبثية تحول مجموعة كبيرة من منازل وبيوت المدينة من مبانٍ للإيجار ومأوى للناس الى مخازن ومستودعات للأسلحة بضعف الاسعار المقررة لها لصالح جماعات متصارعة تتأهب بحذر لحرب مجهولة قد تندلع في أي لحظة وتظل المدينة في سبات عجزها على قيد الانتظار .
من احتكار الاستثمار وانعدام السياحة
حديقة للألعاب أم نصف فرزة ؟!
من الجوانب الفادحة والمؤسفة جدا أن تمتلك حجة بحكم بيئتها وطبيعتها الجغرافية ومساحتها الطبيعية ورصيدها وعمرها التاريخي اعظم مقومات وظروف السياحة والاستثمار الذي بإمكانه فقط من هاتين الزاويتين لو تم استغلالهما الاستغلال الأمثل من قبل الدولة وبالشكل الصحيح فبإمكانهما ان يدرا دخلاً غير محدود على حجة واليمن عامة وأن تستكفي المحافظة ذاتياً من هذا العائد وتقوم برفد الاقتصاد في اليمن كلة واكاد اجزم ان من يزور مديرية مبين والشاهل والمحابشة ووادي شرس ووادي مهرب وعين علي والكثير من المناطق التاريخية والكهوف الاثرية لا يمكن ان يمحي عن ذاكرته اثر تلك المحافظة الجميلة والعريقة والمنسية معاً ولكن أين المسؤول الفاعل والمناط به هذه المسؤولية؟ أين وزارة السياحة؟ وهل تجاوزت خطتها وألياتها في تطوير السياحة في اليمن ادراج الوزارة؟! وكيف يتم توزيع ميزانية السياحة؟!
أين الهيئة العامة للاستثمار وكم مشروعاً استثمارياً قامت به حتى الآن؟
لعل ما تعانيه حجة كغيرها من المحافظات والمدن والقرى البعيدة عن مركز القرار من الاهمال والتغييب وغياب المسؤول الوطني والصادق سبب رئيسي لاختلال الاقتصاد اليمني واحتلال اليمن المراكز الاخيرة في قائمة الدول الاكثر فقراً ومن ادق المسببات لغياب الهوية، أن فتح باب الاستثمار والسياحة في مدينة حجة ليس رافداً للاقتصاد فحسب، بل هو فعل حيوي لتقليص البطالة والقضاء على ظاهرة الفقر التي زادت نسبته ونسبة العاطلين بشكل جنوني في محافظة حجة خصوصاً مع تداعيات وظروف الثورة في اليمن التي استغل ظروفها وأوضاعها على حساب وطن بأكمله مجموعة من النافذين المستثمرين واصحاب المال لاسيما المستثمرين في حجة المعدودين بالأصابع, والذين قاموا وبتواطؤ مع اصحاب القرار فيها بإغلاق ابواب الاستثمار وتغييب السياحة وربما كمثال وليس على سبيل التفصيل , حديقة ألعاب خامسة في محافظة من حيث الكثافة السكانية الواقعة في قلب المدينة , الذي لا يجوز انصافاً ان نطلق عليها حديقة بل نصف فرزة كان ينبغي على هيئة التحسين والتخطيط الحضري تأجيرها لأصحاب المركبات المتنقلة داخل المدينة .
أعراس لا تنتهي .. حرمان لا ينتهي
إن محافظة حجة من المحافظات القليلة في اليمن التي ما زالت تحتفظ بطابعها الأصيل في طقوس وعادات وتقاليد الأعراس رغم الوعي المتقدم لدى سكان المدينة العصري للثقافة المدنية سواء على مستوى العلاقات المتبادلة لسكان المدينة فيما بينهم أو على مستوى علاقتهم بالقادمين اليها خصوصاً منهم الشباب واذا كان هناك ما هو سلبي في إحياء تلك الأعراس وتحديداً في مدينة حجة (عاصمة المحافظة)فهو ظاهرة اطلاق الاعيرة النارية وفي شوارعها العامة واحيائها المزدحمة بالسكان بعد أن كادت أن تنتهي هذه الظاهرة منذ مدة طويلة باستثناء قراها ومديرياتها البعيدة, وما يميز أعراس هذه المدينة عن غيرها من المدن هو أن طقوس ومراسيم الأعراس فيها تبدأ قبل أيام وبالتحديد من اسبوع الى عشرة ايام على الأقل من الموعد المحدد للعرس وذلك الاقبال الكبير والحميمي من الاصدقاء والاقارب اضافة الى فتح الجيران والاصدقاء قلوبهم ومنازلهم لأصحاب العرس كأن الجميع أسرة واحدة , ومن اشد المفارقات في اعراس حجة انه ورغم ما تعانيه المدينة وما يعانيه شبابها من أوضاع معيشية متردية وصعبة للغاية. أعراسها التي لا تنتهي هو أعراسها التي لا تنام ولا تدع أحداً ينام تحديداً في الاعياد والعطل الصيفية ولعل قوله تعالى (تزوجوا فقراء يغنكم الله) يعتبر بالنسبة لسكانها هو النظرية المتبعة في الاعراس مما جعل من حجة مدينة لأعراس لا تنتهي وحرمان لا ينتهي !!!.
المشاريع التعليمية.. ستة آلاف مدرسة نصفها من نصيب الأمطار والحيوانات الضالة
إن أكثر من ستة آلاف مدرسة هي نصيب محافظة حجة من المشاريع التعليمية تقريباً وهذا رقم قياسي مقارنة بالمدن ومحافظات اكثر كثافة سكانية منها واكبر مساحة وزعت تلك المدارس والمشاريع التعلمية او الاغلبية منها بطرق عشوائية وبلا تخطيط لا هندسي ولا توزيع منطقي حسب الاحتياج التعليمي لقرى ومديريات المحافظة , الذي يزور قرى ومناطق المحافظة يجد العشرات بل والمئات من المدارس التي تم بناؤها مستلقية فوق مساحات بعيدة جداً عن قرى حجة تلك المدارس التي تحولت مع مرور الوقت والاهمال وظروف حجة المناخية الى بقايا خرائب او أطلال شبه مهدمة بأسباب الامطار والسيول , وتحول نصف الستة الآلاف مدرسة أو أكثر إلى مساكن للمواشي والحيوانات الضالة!
فكم من الملايين والعشرات والمئات من الملايين تم اهدارها لبناء وتأسيس تلك المدارس!؟ وما هو دور المجالس المحلية في هذا العبث والعشوائية القائمة!؟ وأين الدولة من كل ذلك!؟.
قاهرة حجة ....
من تحفة وكنز تاريخي إلى ثكنة عسكرية
تعد قلعة القاهرة المتربعة على رأس مدينة حجة من أقدم القلاع الأثرية والتاريخية في اليمن وأحصنها , شيدها العثمانيون أثناء حكمهم لليمن بداية عهد السلطان العثماني سليم الثالث ليأتي على اعقابهم الصليحيون فقاموا بترميمها وإضفاء الطابع المعماري اليمني عليها المعبر عن الهوية , حيث تطل قلعة القاهرة في ارتفاعها على الجهات الاربع للمحافظة وتتحكم في كل مداخل المدينة تحديداً بحكم ارتفاعها وموقعها الاستراتيجي والعسكري البارز ...
استخدمها واضفى عليها البصمة المعمارية للقلاع اليمنية الامام يحيى حميدالدين وولده الامام أحمد متخذا منها موقعا اسطوريا وحامية منيعة لدولته المتوكلية , كما تعتبر قاهرة حجة اضافة الي ذلك من القلاع والحصون والسجون التي استخدمها الامام احمد حميد الدين لشن اهم حروبه وغاراته على القبائل المتمردة آنذاك . اذ انها كانت معتقلا اكثر مناعة من أي معتقل اخر , اودع الامام بداخله أهم المناضلين وثوار 26 سبتمبر والحركات التي سبقتها , والاهم من ذلك كله ان قلعة قاهرة حجة العالية والمتربعة على جيد مدينة حجة تبدو للقادم الى حجة كعقد ماسي لعروس في ليلة زفافها او كتحفة فريدة مرصعة بعرق الاصالة والتأريخ , قلعة القاهرة التي كانت حتى وقت قريب تحتفظ بكثير من مآثرها وآثارها التاريخية والمكان الوحيد في المحافظة الذي يجذب الوافدين والسياح اليه , لتكون المفاجأة الاكثر صدمة حين قمنا مع مجموعة من الأصدقاء والضيوف الوافدين إلى حجة من مناطق بعيدة بزيارة القلعة حين حاولنا الدخول اليها لإلقاء نظرة للذكرى على ما تبقى من تاريخها ومآثرها ليعترض طريقنا مجموعة من الجنود بأزيائهم العسكرية ووجوههم المتجهمة : ممنوع الدخول عندنا اوامر مضيفين : وبعدين ما عاد تشتوا بالدخلة قد نقلوا الآثار اللي بداخلها كلها للمتحف...!!
فأي متحف نقلت الية آثار القلعة؟ وبأوامر من تم إصدار تلك الأوامر لأولئك الجنود ومنع زيارة قلعة القاهرة ... وماذا يعني ذلك؟ أليس هذا التعسف والتصرف من أكثر المواقف بلاغة وتعبيرا عن حالة العبثية التي تمارس في حق هذه المحافظة العريقة واخطر الادلة على محاولة طمس التأريخ والهوية!
الجزء الذي لم يجمهر من الخريطة
إن من المفارقات والنوادر الغريبة عن محافظة حجة والحالة التي تعيشها من حيث الموقف السياسي والسيادي ان هذه المحافظة التي اشرنا إليها كانت مسقط رأس بني حميدالدين الذين حكموا اليمن ما يقارب أربعين عاما , ثم قامت الثورة بعدها وتم اعلان الجمهورية العربية اليمنية آنذاك في 26سبتمبر 1962م ,هذه المحافظة التي وان كانت تابعة لليمن اداريا وسياسيا لم تعترف بشكل فعلي بالجمهورية إلا قبل ست سنوات تقريبا , كما لا يزال معظم سكان هذه المحافظة وخصوصا منهم أولئك الذين عايشوا وعاصروا عهد الامام لا يعترفون بتاتا بشيء اسمه النظام الجمهوري وتحديدا سكان المناطق والمديريات البعيدة عن مدينة حجة , كما لا زالت تحمل الوفاء الذي يحمله قدامى المحافظة تجلى بليغا على لسان رجل عجوز يقترب من سن التسعين من سكان وادي شرس حين سألناه حول هذا الموضوع رد: الله يرحم الامام والله ما قلعنا البن ويبسين الشجر وماتوا البشر من العطش وجف الماء من عين علي إلا في عهد علي عبدالله صالح, أما أيام الامام يحيى وابنه احمد ان كان عين علي سيل ما تدري اين يبتدئ واين ينتهي , وان كان البن والبرقوق والخضار نعمة وإن وادي شرس كان مثل الجنة , والله يا ولدي ما كانت تستر تخطى البهائم من الوادي أيام الامام واليوم ما لقينا ماء نشرب.ليضيف: كم كان سعر الريال اليمني وكم سعر السعودي قبل الثورة , كان التاجر أيام الإمام ما يلقاش الريال حقنا الا بعد ما يدي من السعودي ريالين ومن الدولار كانوا بالشوالات, سبحان مغير الاحوال من حال إلى حال ... الله يعين اليمن وهذا الشعب المسكين.
عبس وسلطة الشيخ
قرى كاملة للعبيد ودولة خارج الدولة!
الحديث عن مديرية عبس وشفر يطول ويطول جدا حول ما يتعلق بالحياة العامة والظروف التي يعيشها الناس وتمر به المديرية رغم قابلية المديرية ذات المائة والخمسين ألف نسمة ان تشكل حالة فريدة , من الثقافة والحضور السياسي رغم تأصل وتجذر الاعراف وسلطة الشيخ وتحكمها على شتى جوانب الحياة هناك حد وصول الامر الى امتلاك مشائخ عبس قرى كاملة من العبيد يعملون على خدمتهم وتلبية احتياجاتهم بطريقة استعبادية مهينة وطاعة اكثر من عمياء اضافة الى هيمنتهم على كافة مصادر وموارد المديرية الحيوية لصالحهم مستغلين حالة الخنوع والضعف الذي تعانيه المديرية وسكانها وتواطؤ الادارة المحلية ومسئوليها على مثل هذه الممارسات وتمريرها او تناسيها وهذه من اخطر الجوانب التي ساعدت على استفحال سلطة الشيخ . وعلى سبيل المثال لا الحصر ان الشيخ هناك دولة خارج الدولة تساعده وتدعمه ايادٍ نافذة في الدولة من جهات عليا في مراكز القرار وكجزئية بسيطة ما يتقاضاه أولئك المشائخ من مبالغ طائلة من عائدات القات والضرائب والاسواق الاخرى والقيام باستثمار عائدات المديرية وتحويلها لارصدتهم الخاصة لا لميزانية الدولة , فهناك لا صوت يعلو فوق صوت الشيخ ولا قانون سائد غير العرف القبلي للشيخ ولأعوانه، ومن الظواهر والقضايا التي لمسناها في عبس تحول الأمن اما الى مرافق مع الشيخ أو شيخ آخر خول نفسه لاتخاذ قرارات مصيرية بحق الناس وان تخلى عن مهمته الحقيقية وجميع القوانين المطالب والمكلف بها , كما أن ضابط الأمن قد يصبح قاضيا يصدر أحكاما بحق الناس ومحاميا يدافع عن الذي تتوفر معه المصلحة , هذا كله ليس من المبالغات وانما حقائق , كما لا يعني أن سلطة الشيخ ونفوذه في شفر وعبس وقراهم الأخرى تحمل كل هذا الطابع السلبي, بل إن هناك سلطة شيخ تحمل كل قيم المروءة والإنسانية والانتصار لحقوق الناس إلا أنها نادرة.
عن وضع المهمشين (الطبقة الأكثر فقرا الضمان الاجتماعي)
تشكل نسبة المهمشين في مديرية عبس الرقم الاكبر من تعداد سكان المديرية بكافة شرائحها وطبقاتها حيث تقسم تلك الطبقة وتوزع على أربعة اصناف ( مجاربة – عبيد – مهمشين – أخدام) والتي تختلف حياة كل طبقة وفئة منها حسب الظروف البيئية والاجتماعية والحياتية التي تعيشها كل فئة أو طبقة وتنتشر تلك الفئات من الناس بشكل اكبر كثافة في المناطق والقرى الواقعة خارج المديرية كما تمثل هذه الفئة المسحوقة من اجمالي سكان عبس مايزيد عن 20 % من اجمالي عدد السكان ، حيث تعيش الغالبية من تلك الطبقات بمختلف تصنيفاتهم أدنى حالات الخنوع والانهزام والانقياد نتيجة لعوامل كثيرة أهمها ما صرح به ووضحه الشيخ/ علي صوعان أحد أعيان مديرية عبس ورئيس لجنة الشئون الاجتماعية واحد ابرز الذين عايشوا عن كثب اوضاع فئة المهمشين بقوله: بالنسبة لقضايا المهمشين بمديرية عبس وشفر بمختلف مناطقها وقراها فلا نقول عن هؤلاء انهم فئة مهمشة بل بامكانك القول ( الطبقة الاكثر فقرا) واعتقد ان ما جعلك تصفهم بهذا اللفظ أي المهمشين فنظرا لتدني وضعهم الحياتي والاجتماعي العام والذي جعلهم لايستطيعون الوصول او الحصول على ابسط احتياجاتهم في الحياه كالتعليم والذي لانعدامه خيم وسيطر عليهم الجهل بصورة شبه كاملة خصوصا في القرى مما جعلهم يفقدون القدرة في طريقة التعامل مع المجتمع والمحيط الذي يعيشون فيه والذي لايزال خصوصا في عبس بعاداته وتقاليده القديمة التي من الصعب تغييرها أو بإمكانيات المجتمع ومستوى ثقافتة المتدنية . وأضاف بشيء من التفاؤل : إلا أن هنالك امكانيات خاصة قد توجد معالجات وان كانت جزئية لمثل هذه الحالات أهمها: إلمام الجميع وعملهم بمقتضيات الشريعة الاسلامية التي دعت إلى المساواة بين جميع الناس ونبذ التفرقة العنصرية العمياء ، اضافة الى اننا نأمل الكثير من الدولة مستقبلا في النظر الى ما وصل إليه المجتمع من حالات الفقر وتحديدا هذه الفئة من الناس في أن تقوم بالتعاون مع المنظمات الاجتماعية والانسانية والدولية بتبني مجموعة من المشاريع التنموية لإيجاد فرص عمل مناسبة لهم وايجاد مشاريع صغيرة تستثمر طاقاتهم وتجعل منهم اشخاصا يقدمون دورا لخدمة انفسهم وخدمة المجتمع ، كما أكد صوعان في قضية الضمان الاجتماعي : ومن جانبنا فإننا قد رصدنا فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي للأسر الفقيرة والمعدمة حوالي 15 ألف حالة لعبس وقراها تتقاضى من هذا العدد ما يقارب 11 الف أسرة بشكل مستمر مبلغ 12 ألف ريال كحد اعلى و 6 آلاف ريال كحد ادنى بالنسبة للبقية سنقوم بمساواتهم بغيرهم في خطتنا القادمة إن شاء الله كما أن هناك حالات لم تبحث بالمديرية وحالات انتظار إضافة إلى أن بعض الحالات لم تستلم إلا مرة واحدة. واضاف: نتقدم بالشكر الجزيل لكم ولكل المخلصين والشرفاء الذين يعملون بصدق وضمير في سبيل خدمة هذا الوطن وقضاياه كما نتقدم بشكر خاص إلى منظمة يمن عطاء التي لم تتوان ولم تقصر أبدا في التفاعل مع خدمة الانسانية خصوصا مديرية عبس التي قدمت لها ومازالت تقدم لها الكثير.
مديرية حرض والشريط الحدودي ...
رقعة منسية لا نصيب لها من الوطن سوى العلم!
بخصوص الأوضاع القائمة والسابقة التي عاناها ويعانيها سكان الشريط الحدودي لمديرية حرض أكد الدكتور علي مجدلي أحد أبناء ذلك الشريط المنسي طوال عقود من الزمن عانى الشريط الحدودي خاصة كل اشكال الحرمان والتهميش والتناسي لا النسيان اضافة الى غياب الاعلام المطلوب في تسليط الضوء على ذلك الشريط وعلى قضاياه , لقد تم التعامل مع الشريط الحدودي بصورة مشوهة تحمل الكثير من الظلم والحقائق الملموسة والمرة من الواقع مما أثر على تركيبة الفرد والمجتمع وحول الإنسان فيها إلى فرد عاجز متخبط ومحبط غير قادر على اتخاذ القرار او امتلاك الثقة بالنفس أو امكانية الحصول على بعض مقومات العيش الشريف.
اما الدولة فلم يكن لها غير السيادة عليه ولم تترك أي بصمة من بصمات التنمية في حرض وشريطها الحدودي أو توجه هذه العجلة أي التنمية نحو هذا الشريط الحدودي للسعودية فكان حجم التنمية مخيبا للآمال ولا يتناسب مع ابسط رؤى الدولة وبقيت هذه المنطقة تعتمد على السعودية بشكل اساسي مصدرا لتلبية احتياجاتها وتأمين فرص العمل الوحيد لأهلها, وبسبب قلة الوعي والنضج ... الفقر والجوع والمرض والجهل والعجز واليأس فشل هذا المجتمع في الوصول الي حقوقه من صناع القرار لتأمين حياة كريمة ومستقبل افضل فظلت عبارة: في رحم سكاني الانسان مدفون كذرات الغبار التي تحيط به واسترسل مجدلي مضيفا : اليوم لم يختلف الوضع كثيراً عن السابق بل تفاقمت المأساة اضعافا مضاعفة خصوصاً بعد ترسيم الحدود فقد فقدت هذه الفئة الساكنة على الشريط الحدودي والمغلوب على أمرها مصدر عملها الوحيد مع السعودية لتواجه كارثة حقيقية متمثلة في غياب التنمية كما أشرنا سابقا كبديل حقيقي للحالة التي وصلت اليها .
مديرية حرض تعاني من تجاهل الدولة وسطوة وعبثية القائمين عليها
التنمية ... وفرص العمل البديلة
واضاف مجدلي فيما يتعلق بقضية التنمية والعمل والحياة عامة : لا يتعدى الموظفون من ابناء الشريط الحدودي في الدولة وعلى مستوى الجمهورية ال 5 أشخاص بجميع قطاعات ومرافق الدولة. إضافة إلى مستجدات طرأت وفرضت نفسها كخطر على الشريط الحدودي وهو زحف كميات كبيرة من المهجرين الأفارقة وتكدسهم في هذه المناطق, الأمر الذي أوجد أوضاعا غريبة على تركيبة وأخلاق وسلوكيات أبنائها كظهور وانتشار العصابات والسطو المسلح والتقطع وعمليات الاغتصاب وانتشار الاحواش التي تعج بالمئات من تلك الفئات التي قد تكون الغالبية منها حاملة لمجموعة من الأمراض الخطيرة, والتي مع غياب القانون تفاقمت وقد تتفاقم اكثر هذه الظواهر والاختلالات وتؤدي إلى بعد لن يستطيع احد التكهن بمخاطره المستقبلية , كما اكد : كنت تتخيل مجتمع يزيد سكانه عن ستة آلاف نسمة بين عشية وضحاها اصبحوا بلا عمل ولم يستطيعوا تكوين أي مدخرات او موارد بديلة في السابق لمواجهة مثل هذا الوضع الطارئ , اما البدائل المتاحة كالزراعة مثلا والقروض والتسهيلات في ظل انعدام مراكز الارشاد الزراعي والبيطري والجمعيات التعاونية السدود ومشاريع المياه فتبدو معادلاتها فاشلة اما الثروة الحيوانية كبديل اخر يحتاج الي الاستثمار والتنمية حيث ان تلك الثروة لا تقل سخاءً عن مجال الزراعة في توفير الموارد متمثلة في: ايجاد مراكز فرص بيطرية قادرة على التعامل مع الامراض والاوبئة الحيوانية والكوارث بشكل فعال وسليم لتصبح معهم هذه الثروة بما ستحظى به من دعم واستثمار محلي ودولي وفقا لإيجاد فرص عمل بديلة وحقيقية , وعن موضوع التعليم أشار إلى أن التعليم يكرر نفس الأخطاء السابقة قبل الثورة وبعدها فحتى لو التجأ مثلا ابناء الشريط الى التعليم فالعقبات التي تقف امامهم كبيرة لا تتحمل أعباء وتكاليف العملية التعليمية فإذا كان الطالب بعد السادسة لا يستطيع إكمال دراسته فكيف بالفتاة التي تعاني وضعاً أسوأ مما هو عليه بكثير، ناهيك عن العادات والتقاليد المتبعة التي تقف أمامها حائلاً لعدم وجود الوعي الكافي من المجتمع من ناحية ومن قبل الاسرة والبيئة من ناحية أخرى , ويختتم مجدلي قائلاً: ان الشريط الحدودي في مديرية حرض يفتقر ويفتقد كغيره من المدن والمديريات والقرى المترامية الأطراف من حجة شمالاً حتى حدود السعودية شرقاً إلى أبسط مقومات الحياة بكافة مستوياتها , ولكن حرض وهذا الشريط الحدودي تحديداً يعيش في اعتقادي وكما تؤكد الأدلة الواضحة أسوأ حالات تجاهل الدولة وسطوة وعبثية القائمين ونحن إذ نشكر كثيراً صحيفة الجمهورية لنزولها إلى هذا المكان المعزول والمهمل الذي لا نصيب له من الوطن غير العلم لتسليطها الضوء على ما يعانيه ابناء هذه المديرية وهذا الشريط الحدودي متمنياً من هذه الصحيفة الغراء النابضة بالصدق والوفاء وكل الذي يهم الجميع أن تفرد لنا مساحة معينة في أعدادها القادمة لنقل أهم وأبرز قضايا وهموم هذا الشريط الحدودي المظلوم من خلال الطرح الموضوعي لمشاكله ووضع البدائل الفعلية والحلول الناجعة.
قبائل حزبية ..أم أحزاب قبائل!؟
إن من المعروف والمسلم به عن حجة خصوصاً في فترة ما قبل الثورة اليمنية التي تعاقبت وتوسطت ربيع الثورات العربية أنه ورغم أن أكثر من ثلث سكانها كما اشرنا في سياق الاستطلاع لم يؤمنوا بشيء اسمه نظام جمهوري الا في وقت قريب ينتمي الغالبية من سكان حجة، لا سيما منهم أصحاب النفوذ والسطوة والمصالح سياسية كانت أم تجارية أم قبلية الى حزب المؤتمر الشعبي الحاكم سابقاً الذين بدورهم ولامتلاكهم زمام الامور فيها استطاعوا اخضاع غالبية سكان المحافظة الي سيادة ذلك الحزب ونفوذه , والذي لا يزال يشكل داخلها ثقلاً قبلياً كبيراً رغم تغير الوضع الحزبي وبروز احزاب وقوى اخرى في المعادلة السياسية اكثر قوة امامه شكلت حالة كبيرة من التوازن والتنافس الفعلي انعكاساً لحالة الثورة وارهاصاتها وما تخلق نتيجتها من وعي وتغيرات في الثوابت والقناعات والمواقف وعلى وجه الخصوص ذلك البروز القوي لأحزاب اليسار التي عانت فترة طويلة أسوأ حالات التهميش والاقصاء لتحضر وبقوة كمعادل موضوعي متوازن مع ذلك الحزب الذي هيمن لوقت طويل قبلياً وسياسياً في محافظة حجة , اضافة الى ذلك الانفجار المفاجئ للطاقات الناصرية والاشتراكية الحاملة للوعي والثقافة المدنية شكلاً ومضموناً رغم الحالة والملمح القبلي السائد والمسيطر لدى الجميع .
والسؤال الذي يطرح نفسه :هل في ظل الصراع القائم بين الاصلاح والحوثيين في حجة الذي يتفاقم ويتطور بصور متسارعة وحذرة في مزيج بين مذهبية الحزبية والحزبية القبلية قد تستطيع التعايش مع القوى الأخرى والمكونات الحزبية الاكثر مدنية وانفتاحاً مع معطيات واحتياجات المستقبل؟ أم سيسود ويستمر الصراع وتتحول الاطراف المسيطرة ... إلى قبائل حزبية أو أحزاب قبائل.
25 ألف طالب وطالبة ب 550 مدرساً في قرية القسوم نموذجاً مدرسة من مدرس واحد
تعاني مديرية حرض مأساة وكارثة تعليمية شبيهة بالأرقام القياسية في معدلات الطلاب واعداد طلاب المديرية وقراها الواقعة على الشريط الحدودي حيث صرح الأخ عبده طارش مدير مكتب تربية حرض: إن عدد الطلاب الذين يتوزعون على مدارس المديرية وقراها الأخرى يصلون الى اكثر من 25 الف طالب وطالبة تقريباً بينما لا تمتلك المديرية من الكادر التعليمي سوى 550 معلما فقط وهذه نسبة لا يقبلها المنطق في إدارة وتسيير العملية التعليمية المطلوبة بكل معايير ومقاييس المنطق اضف الى ذلك العبء عدداً ما لا يقل عن 6 طلاب وطالبات من النازحين من مناطق صعدة وعاهم الى المنطقة من النسبة الاجمالية السابقة مضيفا: ان من المشاكل الاخرى التي يعاني منها التعليم في المديرية بعد العجز الكبير في توفير الكادر التعليمي عدم وجود الكادر النسائي لتعليم البنات مما يضاعف نسبة الامية لدى البنات خصوصا في القرى البعيدة عن المديرية والارتفاع الكبير بمعدلات عمالة الاطفال .
وبعد النزول المباشر وزيارة بعض القرى الواقعة خارج حرض والواقعة بمحاذاة الشريط الحدودي كانت قرية القسوم أسوأ نماذج تدني المستوى التعليمي والمعيشي معاً . تلك القرية المجاورة لثلاث قرى صغيرة لا تقل عنها في حجم المعاناة البالغ عدد سكانها 2000 نسمة التي لا يزيد دخل الفرد الواحد من سكانها عن 300 ريال ومدرسة لا تنطبق عليها تسمية مدرسة او حتى معلامة قديمة من سنوات الامام تحوي 120 طالباً 20 منهم من النازحين ومدرساً واحداً ومجموعة محدودة من المتطوعين في ظل غياب وتجاهلاً كاملاً لهذه القرية وغيرها من قرى الشريط من قبل المنظمات الانسانية والمجلس المحلي الذي احتكر وبشكل كامل امكانيات وموارد تلك المنظمات لتلبية مصالحه ومشاريعه الوهمية.
ظواهر التهريب .. الاغتصاب .. غياب وتواطؤ الأمن ..
أما عن الظواهر الأكثر خطورة على الإطلاق التي تعيشها مديرية حرض وشريطها الحدودي وباتت من الظواهر الاشد تهديداً للمديرية الآن ومستقبلاً ظواهر التهريب والتقطع والاختطافات والاغتصاب المتكرر مع موجة الزحف الجنوني للصوماليين والأحبوش للمديرية واطرافها، وحين تم الالتقاء بمجموعة من ابناء تلك المناطق الاكثر تضرراً من هذه الظواهر المهددة لسكان هذه الانحاء المعزولة افادوا أن هناك العشرات من الأحواش الكبيرة التي يقوم اصحابها بإيواء اعداد قياسية من الصوماليين والاحبوش الوافدين عبر مديرية اللحية وميدي الى حرض يتم تهريبهم الى السعودية مقابل مبالغ كبيرة من المال أو تتم ضدهم ممارسة أسوأ وأبشع اشكال التعذيب الجسدي والنفسي والاغتصاب للنساء مما يؤدي الى تحولهم جراء ذلك الى جماعات من قطاع الطرق وتجار للمخدرات والحشيش لتوفير تكاليف ايوائهم في تلك الاحواش أو لدفع مبالغ كبيره لأصحاب الاحواش مقابل تهريبهم الى السعودية .
وصرح الشيخ حسين ابو عقه شيخ منطقة الغرزة الواقعة على الشريط الحدودي عن هذه الظواهر وعن نتائجها وتبعاتها: وقد كان أبناء الشريط الحدودي حتى وقت قصير يعتمدون كلياً على الحدود من خلال تنقلاتهم الى المملكة لطلب المعيشة بنسبة 95 في المئة وكانت اوضاعهم حينها ميسرة حتى تم وضع السياج العازل بين السعودية وشريط حرض الحدودي مما ادى الى تفاقم وسوء الوضع المعيشي عندهم وبطريقة صادمة جداً خصوصاً في ظل عدم وجود البديل المناسب لتوفير وتأمين احتياجاتهم المعيشية وادنى مطالبهم الاساسية ، مما أدى بهم الى اتباع نفس الطرق والاساليب التي يستخدمها الصومال والاحبوش اما ضد الاحبوش انفسهم كما اشرنا واحتجازهم داخل احواش معزولة يقومون فيها بتعذيبهم وابتزازهم او التعامل معهم بطريقة مباشرة ليصبحوا مع جماعات من المنحرفين وعبئاً اضافياً على المجتمع ، وأضاف مؤكداً عن الانفلات والتواطؤ الامني: لقد قمنا بإيصال اكثر من حالة انحراف وصلت الينا من الحالات التي تمت داخل تلك الاحواش من الاحبوش والصومال رجالاً ونساءً ولمرات عديده وحاولنا ايصالها الى الجهات الامنية لاتخاذ ما يلزم دون ان تتخذ ضدهم تلك الجهات أي اجراء رادع ودون ان تطبق معهم أي قانون ، ويتم الافراج عنهم من قبل الامن مقابل حفنة من المال مما زاد وضاعف من تمادي هذه الفئات في ارتكاب مالا يخطر على بال.
لهذا اناشد الجهات العليا وعلى رأسها وزارة الداخلية وضع حد حقيقي وفاعل لما يجري خلف كواليس هذا الشريط وما قد يترتب عليه من نتائج لا يحمد عقباها وإرسال لجان وتعزيزات أمنية للتقصي والتحقق من هذه الظواهر والممارسات واتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي تفاقم هذه الكارثة وختم: إن التغاضي واللام مبالاة من قبل القانون والجهات المختصة حول ما يجري في مديرية حرض وأطرافها بدأت مؤشراته تنبئ عن نشوء القاعدة.
التعليم الفني ..
معاهد وتأهيل ومؤهلات ومخرجات عمل وطاقات عاطلة!
لقد حظيت محافظة حجة دون غيرها من المحافظات الأخرى والأكبر منها في المساحة والكثافة السكانية بالنصيب الأكبر من حيث أعداد معاهد التدريب الفني والتدريب المهني والبالغة 11 معهداً أربعة منها قيد العمل والباقية قيد الإنشاء.
وحين التقينا بمدير فرع التدريب الفني والتعليم المهني بالمحافظة مهندس عبدالله صبرة وسألناه عن اسباب ارتفاع وزيادة اعداد تلك المعاهد وعن الوضع التعليمي لمعاهد التدريب الفني والمهني افاد: ان نصيب حجة كبير من حيث زيادة عدد المعاهد فإنه بموجب الاستراتيجية الخاصة بالتعليم الفني والتدريب المهني للفترة 2003-2013 ، والتعداد السكاني الكبير للمحافظة كان سبباً رئيسياً لتلك الزيادة ناهيك عن عدد مخرجات التعليم الاساسي ومخرجات التعليم الثانوي ولكي يتم استيعاب ما لا يقل عن 15 % من هذه المخرجات فقد تحدد العدد ب 11 معهداً، كما أننا مسبقاً بذلنا جهداً اكبر واستطعنا الوصول إلى هذا العدد حيث راعينا في توزيعها الكثافة السكانية ونسبة المخرجات في المحافظة ومديرياتها وطبيعة المنطقة واحتياجاتها بالإضافة الى احتياجات سوق العمل ، مع العلم اننا شملنا التخصصات التي تمثل البيئة الاساسية للتعليم الفني والمهني في مجالات التعليم والتدريب الصناعي والتجاري والزراعي والبيطري والتعدين والمعدات الثقيلة ونسعى لإيجاد التعليم البحري . وحين سألناه عن أبرز الصعوبات والتحديات الراهنة التي تواجه تلك المعاهد وضح: ان ابرز الصعوبات والمعوقات التي تواجه العمل تتمثل في .
- هناك بعض البنود لا يتم رصد موازنة تشغيلية لها محلياً وتظل مركزية مثل الدراسات والبحوث والتدريب التعاوني والدورات القصيرة والتأهيل الداخلي .
- تأخر التجهيز للمعاهد كثيراً، وقد كنا اقترحنا ومازلنا نقترح وضع موازنة المعهد متكاملة من البداية (بناء وتشييد – تجهيز وتأثيث ) كما نتمنى أن يتجاوب الاخ الوزير الدكتور عبدالحافظ نعمان في التوجيه باعتماد وتجهيز المرحلة الثانية من معهد عبس التقني والصناعي على حساب صندوق ابو ظبي للتنمية .
- صعوبة توصيل الخدمات المتمثلة بالكهرباء والماء الى معظم المشاريع نظرا للتكلفة العالية او عدم توفر المياه ، وعندما قمنا بالتطرق معه الى معهد عبس التقني والصناعي للأهمية الكبيرة له دون غيره من المعاهد من حيث اهمال القائمين عليه وعن جانب حالة التأهيل فيه قال: لسنا على رضاً كامل على القائمين في ادارة وتسيير عمل هذا المعهد الحساس والهام ولكن اذا تحدثنا بشكل منطقي وموضوعي مقارنة بسابقيهم يؤدون دوراً جيداً والى حد كبير ويظل طموحنا اكبر . وبعد ان قمنا بزيارة تلك المعاهد وجدنا مؤهلات حقيقية ومخرجات عمل ولكن المؤسف هو تلك الطاقات المؤهلة والعاطلة التي تتخرج الغالبية منها بعد سنوات وجهود مضنية دون ان تجد فرص عمل حقيقية تتناسب مع تخصصاتها ومؤهلاتها خصوصاً منها ذوي الظروف الصعبة الذين لا يمتلكون المال الكافي لإنشاء محلات وورش حرفية وهذا ليس على مستوى محافظة حجة وانما في غالبية انحاء اليمن.
كهرباء حجة وفوضى المولدات
يسيطر على مدينة حجة بعد منتصف الليل ظلام دامس وهدوء مخيف يجعل منها اقل من مسمى قرية واكثر من مدينة اشباح ، هذا الظلام الذي زاد في الآونة الاخيرة وبشكل لا يطاق خصوصاً مدينة حجة المكتظة بكثافة سكانية كبيرة، ناهيك عن احتياجاتها الكبيرة للكهرباء نتيجة كثرة المرافق والادارات الحيوية الهامة بالمدينة وما يزيد من حجم مشكلة وقضية الكهرباء مديرياتها البعيدة عن المدينة كعبس وحرض الواقعتين على الضفاف التهامية الحارة جداً وعدم وجود البدائل الكافية لتغطية العجز سوى مجموعة من المواطير وبقايا المولدات الصغيرة المتهالكة ورغم تفاعل المنظمات وتزويد المحافظة بمجموعة من المولدات لتغطية العجز الكهربائي الا ان الوضع لم يتغير حتى 5 % ، إما نتيجة تكديس تلك المولدات من قبل المجالس المحلية وعدم تشغيلها أو عدم توفير الملحقات الخاصة بتلك المولدات ثم تم الالتقاء بمدير كهرباء حجة مهندس محمد عبدالقدوس واستفسرنا منه حول اسباب العجز القائم وقضية المولدات فأجاب: ان الالتزامات المترتبة علينا كبيرة خصوصاً بعد الثورة وما احدثتها من خسائر وصعوبات وعجز لا نستطيع ابداً من خلال عائداتنا من مبيع الطاقة للأهالي تغطية اقل ما يمكن من هذا العجز ،حيث كان مبيع الطاقة قبل الثورة يصل من 55 إلى 65 مليون ريال والاستهلاك الحكومي من 25 الى 30 مليون تقريباً وبدأ التدني بصورة كبيرة بعد الثورة الى ما نسبته 35 % ، وأكد قائلاً: لقد تم الرفع بكل مشاكلنا التي نعاني منها الى المؤسسة العامة للكهرباء وعن العجز الذي نعانيه ولكن وللأسف لم يتم النظر فيه ولم يتم توفير ادنى احتياجاتنا ، أما عن قضية المولدات فأشار : ان التغذية الرئيسية المطلوبة للمدينة فقط من حجم الطاقة تصل الى 6 ميجا وقد تم اعتماد 2 مولدات بقدرة استيعابية تبلغ 2 ميجا وبقيمة تصل الى 588 ألف دولار إلا أننا لم نستطع تشغيلها حتى الآن لعدم توفر الأجهزة الملحقة بها من محولات وكابلات ومولدات وملحقات اضافية تصل قيمتها الى 30 مليون و700 ألف ريال تقريباً وهذا ما أدى إلى وصول المحافظة إلى هذا الوضع المؤسف لكن أملنا كبير بعد الله في المؤسسة العامة للكهرباء بتوفير تلك الملحقات قبل الحديث عن أي شيء آخر لنتجاوز أهم الصعوبات القائمة.
ثقافة وإعلام خارج الذاكرة ومثقفون وإعلاميون في الهامش !
إن من المنطقي والطبيعي إذا أردنا الحديث عن أي مجتمع .. عن همومه وطموحاته.. مآسيه وأمانيه .. عاداته وتقاليده .. نجاحاته واخفاقاته .. كيف يعيش .. كيف يعاني .. وماهي أسباب معاناته ومما يعاني ..عن قضاياه؟ من هو ومن يريد أن يكون . كل ذلك الحديث هل بإمكاننا معرفته وبحقيقة وجعل المجتمعات الأخرى والمجتمع نفسه .. المواطن والمسؤول أن يعرفه أو ان يصل اليه بلا منابر اعلامية ومثقفين! هل بإمكان صوت أي مجتمع أن يصل إذا كان بلا صدى؟! إن من الموجع والمؤسف أن تجد في محافظة حجة من المثقفين والاعلاميين ما لا يستطيع وصفه قلم، ففي حجة تنوع وثراء وابداع ولكنه مات وفي نفسه شيء من لو ، إعلاميون ومثقفون وابداع كبير ولكنه في الهامش وثقافة وإعلام خارج الذاكرة تكاد لا تذكر وان ذكرت ففي المواسم والاعياد الوطنية إذا كان للمسؤول حاجة بها لا حاجة الإنسان والمكان هذا الواقع وضع أمامنا أكثر من ألف علامة استفهام وتعجب ؟؟؟؟؟!!!!!
ختاماً
أكد الإعلامي والناشط الحقوقي عبدالسلام خالد الأعور موظف بمكتب الثقافة بالمحافظة حول هذا الموضوع قائلاً: لدينا في محافظة حجة طاقات إبداعية متفجرة ومتميزة ثقافياً وفنياً واعلامياً لكنها ومع الأسف خارج دائرة الاهتمام الرسمي كما شهدت جوانب الثقافة والاعلام في المحافظة تراجعاً شديداً ومخيفاً إن لم يكن قد مات وخصوصاً خلال الفترة الراهنة وما سبقها وتعود أسباب ذلك إلى جانبين هامين هما: التهميش المتعمد للمثقف والإعلامي وافتقار المبدع في حجة لأبسط مقومات العمل الثقافي والإعلامي وتحول دور الثقافة والإعلام من دور مهم وفعال على مدار العام إلى (نشاط موسمي) ، وختم الأعور بتحدٍ وطموح وأمل تخلله تراجع عن دور الإعلام في حجة: لقد كان لنا تجربة إعلامية من خلال الانترنت حيث قمت ومعي مجموعة من الشباب بإنشاء (إذاعة الرواد) والتي تبث برامجها عبر شبكة الانترنت لكافة أنحاء العالم شكلت إضافة نوعية للإعلام في محافظة حجة وبجهود ذاتية بسيطة جداً وكان لها جمهور واسع وخصوصاً المغتربين والطلبة اليمنيين خارج الوطن ولكنها توقفت بسبب أزمة الكهرباء التي مازلنا نعاني منها حتى اللحظة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.