نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    تعيين شاب "يمني" قائدا للشرطة في مدينة أمريكية    الوية العمالقة توجه رسالة نارية لمقاتلي الحوثي    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    التفاؤل رغم كآبة الواقع    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    انهيار وشيك للبنوك التجارية في صنعاء.. وخبير اقتصادي يحذر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإرادة السياسية القوية لفرض سلطة الدولة وهيبة القانون تعد أهم متطلب لتحقيق النجاح
الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الواحد العفوري ل (الجمهورية ):
نشر في الجمهورية يوم 23 - 09 - 2012

قال الدكتور عبد الواحد العفوري أستاذ الاقتصاد الدولي بجامعة تعز بأن مؤتمر المانحين بالرياض خرج بحصيلة كافية لمعالجة الأوضاع الراهنة وتجاوزها.. وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن قرار إلغاء اتفاقية ميناء عدن أوقف نزيف الخسائر المستمر على الاقتصاد اليمني واصفا إياه بالقرار الحكيم.. كما أكد أن الحكومات السابقة هي التي أوصلت الاقتصاد اليمني إلى حافة الهاوية والبلد إلى حافة الانهيار .. مؤكدا أن أحداث 2011م فاقمت إلى حدما الأوضاع الاقتصادية؛ لكنها لم تكن مسئولة عما آلت إليه الأوضاع ..
^^.. كيف تقيمون مؤتمر المانحين في الرياض وما خرج به من نتائج؟ وهل كانت خطة حكومة الوفاق المقدمة مستوعبة للقضايا الاقتصادية بالبلد في هذه المرحلة؟
بداية لابد من الإشارة إلى أن المعلومات التي أدلى بها المسؤولون الحكوميون حول الإعداد لمؤتمر المانحين المنعقد مؤخراً في الرياض وكذلك حول النتائج التي تمخضت عنه حملت قدرا من التضارب وكانت أيضاً غير كافية ولا تعكس التحسن الذي كان مرجوا في التقيد بنهج الشفافية بالمقارنة مع ما كان في السابق، وبالعودة للإجابة على السؤال وبحسب المعلومات المتاحة فإن تقديرات الحكومة المقدمة إلى مؤتمر المانحين فيما يتصل بحاجتها من المساعدات الخارجية اللازمة لتغطية فجوة الموارد المحلية لتنفيذ البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية للفترة 2012-2014بلغت حوالي (11.9) مليار دولار، حيث تم تفصيل البرنامج المذكور على مرحلتين أو من مكونين بحيث يختص المكون الأول بفجوة الموارد المحلية المطلوبة لمواجهة المرحلة الأولى وهي تتعلق بالمرحلة الطارئة وبالمتطلبات المستعجلة وقدرة الفجوة التمويلية لها بحوالي (4.6) مليار دولار بينما بلغت التقديرات الخاصة بفجوة الموارد المحلية للبرنامج الاستثماري للمدى المتوسط حوالي (7,3) مليار دولار مليار دولار، وبالتالي فإن مبلغ التزامات المانحين المنعقدة في مؤتمر الرياض والمقدرة بحوالي (6.4) مليار دولار تشكل ما نسبته (54 %) تقريبا من إجمالي المبلغ المطلوب من قبل الحكومة الأمر الذي يجعلنا ننظر إلى ما تحقق في اجتماع الرياض على كونه نجاحا متواضعا فنحن نتحدث عن فارق ما بين المبلغ المطلوب والمبلغ الملتزم به يصل إلى النصف تقريبا وهذه فجوة تؤشر إما إلى عدم قناعة المانحين بمبررات وسلامة ودقة هذه التقديرات وهذا الاحتمال الأول، أو أن الأمر يعود إلى أن المانحين وجدوا أنفسهم يتعاملون مع نفس العقلية والأسا ليب التي كانت تتعامل بها الحكومات السابقة وهذا هو الاحتمال الثاني خصوصا وأن العبرة هنا ليست بتغيير الأشخاص، ولكن بتغيير عقلية وأساليب التعامل ومنهجيات العمل. أما تصريحات المسؤولين الحكوميين اليمنيين التي تحدثت عن التزامات أخرى ينتظر أن يعلن عنها أثناء انعقاد اجتماع مجموعة أصدقاء اليمن في نيويورك أواخر الشهر الحالي فيمكن فهمها بطريقتين الأولى قد تشير إلى قصور في التحضير لاجتماع الرياض بحيث لم يتح لجميع المانحين الذين أبدوا رغبتهم الحضور القدر الكافي من المعلومات حتى يتمكنوا من استكمال تصوراتهم واتخاذ قراراتهم النهائية بشأن حجم التزاماتهم التي سيعلنونها أثناء الاجتماع، وأما الثانية فقد تشير إلى نية الحكومة العودة إلى الدول العشر الراعية لعملية التسوية السياسية في اليمن يتطلب منها ممارسة المزيد من التأثير السياسي على الجهات والدول المانحة إما لرفع سقف التزاماتها أو لإعلان التزامات بمبالغ محددة إن كانت قد امتنعت عن ذلك خلال مؤتمر الرياض.
شخصيا كنت أحبذ أن تقتصر خطة الحكومة لإقناع المانحين بالحصول على التمويلات الخارجية المبينة لتغطية فجوة الموارد المحلية التي تواجهها الحكومة لتنفيذ البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية للفترة 2012-2014 كبرنامج يتكون من مرحلة واحدة ومكون واحد واضح ومحدد, باعتباره أي البرنامج يتحدث بصورة أو بأخرى عن خطة إنقاذ عاجلة لبلد وصل إلى حافة الانهيار وهو حاليا يجتاز مرحلة انتقالية استثنائية حتى لو أن سنوات هذا البرنامج هي ثلاث سنوات بحيث يشمل هذا الوضع إعادة العمل إلى المشاريع المتوقفة، وتحريك الالتزامات السابقة القائمة من مؤتمر المانحين في مؤتمر لندن2006، فالأوضاع الحالية لا تتلاءم مع الحديث وبصورة موازية عن فجوة موارد محلية لبرنامج استثماري للمدى المتوسط وكأن المقصود هنا هو بلد يعيش في ظل ظروف اعتيادية وهذا في تصوري أدى إلى بروز تناقض ملحوظ في سلوك الحكومة وعقد مهمتها في إقناع المانحين من ناحية ومن ناحية أخرى افترض أنه تسبب في نشوء قدر من سوء الفهم والتشويش لدى المانحين المشاركين في المؤتمر وربما ما هو أبعد من هذا وعلى كل حال فما تبقى الآن من فترة البرنامج المرحلي هو أقل من سنة ونصف كما عدلتها الحكومة مؤخرا فبدلا مما كانت عليه في السابق 20122014 تم تعديلها في التصريحات الأخيرة إلى2012 2013 وأعتقد أن ال (6.4) مليارات التي تم الالتزام بها والتي تتجاوز ما طلبته الحكومة لمواجهة مرحلة نقل السلطة والتي من المفترض ان تنتهي في فبراير 2014 كافيه لتجاوز المرحلة الراهنة وتصحيح المسار الاقتصادي بالحدود المقبولة، لكن سواء تمت إضافة التزامات جديدة في اجتماع نيويورك القادم أولم يتم فإن النجاح في تحقيق البرنامج المرحلي يظل مرهون بالإرادة السياسية القوية للسلطة الانتقالية في التصدي للفساد وشد مناطق الارتخاء والتسيب الذي استفحل في مفاصل الإدارة الحكومية المدنية والعسكرية مع التركيز الكبير على الادارات المسؤولة عن تنفيذ مشروعات البرنامج المرحلي مع الالتزام بأقصى درجة ممكنة من الشفافية والافصاح تجاه كلا من الداخل والخارج (المانحين) وفوق هذا وذاك يرتبط النجاح في تحقيق أهداف البرنامج بالحزم والحرص التام على تعبئة الموارد المحلية المرصودة لتنفيذ البرنامج.
^^.. رئيس الوزراء “باسندوة” في مؤتمر المانحين دعا إلى إقامة استثمارات خارجية في اليمن.. ما مدى نجاح هذه الخطوة في هذه المرحلة؟
من المتوقع أن لا تلقي دعوة الأخ رئيس الوزراء للاستثمارات الخارجية بالقدوم والاستثمار في اليمن في ظل الظروف الراهنة، غير أن هذا لا يعني أن توجيهها كان أمرا لا مبرر له، على العكس حيث يمكن النظر إليها كدليل على صدق توجه الحكومة للمضي بالتغيير حتى تحقيق أهدافه المتمثلة بتجفيف منابع الفساد وتحقيق الاستقرار الأمني وترسيخ دور القضاء كسلطة مستقلة بما يفضي إلى التحرك صوب تهيئة مناخ استثماري جاذب سواء للاستثمارات الوطنية المهاجرة أو الخارجية، لكن لا ننسى أن هذه الدعوة موجهة في الظروف الراهنة للمانحين بدرجة أساسية فالمكون الرئيس للمساعدات التنموية الخارجية يعد شكلا من أشكال الاستثمارات الخارجية غير المباشرة المتدفقة إلى البلدان الفقيرة كاليمن التي لا تستطيع الاقتراض مباشرة من أسواق السندات السيادية الدولية لأسباب تتعلق بهشاشة اقتصاداتها وضعف ملاءتها الائتمانية، بالإضافة إلى أهمية هذه الدعوة للاستثمارات طويلة الأجل التي تتجاوز في تقييمها للمناخ الاستثماري الظروف الطارئة وتتخذ قراراتها بناء على النظرة البعيدة الثاقبة للمستقبل واليمن في أمس الحاجة لهذا النوع من الاستثمارات الخاصة المباشرة التي تأتي للعمل في القطاعات الإنتاجية الاساسية الواعدة كالصناعة والتعدين والإنشاءات ومشروعات رأس المال الاجتماعي العملاقة وهي بالتالي لا تنخرط في المنافسة المباشرة مع المشروعات الخاصة المحلية المحدودة القدرات، هذا بالإضافة الى اهميتها التطويرية لاقتصاد البلد المضيف حيث تجلب معها رصيدها المتراكم من الخبرات والتكنولوجيات المتطورة وتسهم في تشغيل أعداد كبيرة من العمالة وغير ذلك من المزايا والفوائد و بصورة عامة فإن المانحين والمستثمرين محليين وخارجيين يريدون أن يروا أفعالا يلمسون نتائجها في الواقع لا أن يسمعوا أقوالا سرعان ما تتبخر في الهواء دون أن تترك لها أثرا يذكر.
^^.. الصراعات الفكرية والطائفية.. النزاعات السياسية والحزبية.. ارتفاع نسبة الفقر والبطالة.. هل ستتمكن حكومة الوفاق من اجتياز ذلك وعمل معالجات لها في فترتها الحالية؟
الظواهر التي أشرت إليها في سؤالك تمثل تعقيدات جوهرية وتحديات حقيقية أمام حكومة الوفاق لإنجاح البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية، طبعا بالنسبة للخلافات وما تفضي إليه من انقسامات وصراعات ونزاعات أمر لا يخلو منه أي مجتمع، لكن المشكلة لدينا أن بعض هذه النزاعات والصراعات اتخذت منحى عنيفا، بل ومسلحا أحيانا حدث هذا عندما بدأت أطراف معينة في هذه النزاعات تعول على منطق القوة لحسم النزاع مع الخصم بعد أن تأكد لها ضعف قوة القانون نتيجة غياب الدولة، وفي تصوري الشخصي فإن السلطة الانتقالية القائمة بما تحظى به من دعم وطني وإقليمي ودولي يجعلها قادرة على أن تكون أكثر حزما وجدية في ما يتصل بمعالجة هذه الظاهرة مما هي عليه الآن فالإرادة السياسية القوية لفرض سلطة الدولة وهيبة القانون تعد أهم متطلب لتحقيق النجاح في هذا المسعى وبهذا الصدد أعتقد أن التحديات التي تنتصب أمامنا في كل مرحلة تخلق لنا في نفس الوقت فرصا، علينا أن نحسن البحث عنها واستخدامها ومن الفرص التي تقدمها لنا هذه المرحلة الصعبة والشائكة أن الظرف مهيأ لأن تلتزم جميع القوى والأطراف والأحزاب وأن تسلم بصورة لا رجعة عنها بأن الحوار هو الوسيلة الوحيدة الملائمة والمقبولة لحل الخلافات أيا كانت، ومن بعد ذلك يكون القانون والدستور والقضاء هو الفيصل، الآن الفرصة مواتية لعزل وتفكيك أي طرف لا يؤمن بالحوار ولا ينبذ العنف قولا وعملا ولا ينصاع لحكم القانون، على الأخ الرئيس وحكومة الوفاق ألّا يفوتوا على الشعب والبلد الاستفادة من الفرص المتاحة وإلا فإنهم سيتحملون مسؤولية إهدارها لأن استشراء النزاعات العنيفة والمسلحة يؤدي إلى هدر كبير لموارد المجتمع وطاقاته وبالتالي فإنه يفضي إلى مفاقمة ظاهرتي الفقر والبطالة وذلك باضعاف ما تتسبب به “السياسات” الاقتصادية الرديئة، وفي الحالة اليمنية اجتمع العسران فانتشار النزاعات ترافق مع تردي “السياسات” والممارسات الاقتصادية والتنموية عامة حتى وصلت الأمور إلى حافة الانهيار.
أما بالنسبة لمطالبة حكومة الوفاق بوضع حلول جذرية في ما يتعلق بظاهرتي البطالة والفقر التي وصلت إلى معدلات كارثية فأعتقد أن الأمر يفوق طاقتها والفترة الزمنية المحددة لها، لكن هناك الكثير مما يمكن أن تعمله حكومة الوفاق بهذا الشأن وأول الخطوات الممكنة هو التركيز وبصورة سريعة على التوسع في الإنفاق الاستثماري على مشروعات الأشغال العامة المتنوعة مع أهمية توزيع هذه المشروعات على كافة المحافظات بحسب الكثافة السكانية وهناك أيضا الإنفاق على إعادة تأهيل البنى التحتية ومنشآت الخدمات العامة التي تضررت في السابق وكذلك فتح باب التوسع لهذه المشروعات بما يتلاءم وحجم التمويلات المتاحة من المصادر المحلية، بالإضافة إلى الإسراع في تخصيص التمويلات الخارجية وتوجيهاها نحو المشروعات كثيفة العمالة فإذا ما تم هذا الإنفاق “الاستثماري” المتعدد والموجه وفقا لمصفوفة زمنية مدروسة ومنسقة سيكون له أثر ملموس وسريع على تراجع معدلات البطالة ومن ثم معدلات الفقر وأعداد الفقراء، على أن تتزامن هذه الخطوات مع وضع معالجات حاسمة في ما يتعلق بتحسين وضع المالية العامة وخصوصا ما يتصل بتعزيز الإيرادات العامة وكذلك في جانب الممارسات الرشيدة في ما يتعلق بالإنفاق العام، يجب العمل على إحداث تغيير هيكلي جذري في بنية الموازنة العامة بما يرسخ هيمنة الإنفاق الاستثماري ومحاصرة كل أنواع الإنفاق الجاري غير الضروري وغير المبوب وهذا الأمر مرتبط بانتهاج سياسات مناهضة للفساد والعبث بالمال العام بصورة حاسمة وهنا يجب النظر إلى هذا التوجه كفرصة أخرى تتيحها لنا الظروف الراهنة فالمجتمع الآن مهيا بصورة لم يسيق لها مثيل لأن يساند بلاحدود كل التوجهات والسياسات المناهضة للفساد والعبث بالمال العام بكافة مظاهره واشكاله، وفي هذا الجانب أستطيع التأكيد بقوة على ان اهم ضمانة لنجاح حكومة الوفاق في الاسراع بتحقيق تعافي الاقتصاد والانتفال به إلى عتبة الانتعاش والنمو تكمن في ابتعاد الحكومة عن الممارسات النخبوية المتشامخة والمنغلقة والانفتاح على مكونات المجتمع المختلفة وتعزيز روح المشاركة الواسعة في صناعة السياسات واتخاذ القرارات الاقتصادية، وخصوصا ذات الآثار العامة الشاملة.
^^.. يقال إن اليمن أغلب سكانها يعيشون تحت خط الفقر.. وإنها مقابل ذلك غنية وقادرة أن تصنع من نفسها دولة متقدمة.. كيف تفسر هذه المفارقة؟
تبين التجربة التاريخية أن تحقيق التقدم العلمي والاقتصادي والاجتماعي وفي مختلف مجالات الحياة أمر متاح لأي شعب في أي بلد غير أن النجاح في بلوغ هذه الدرجة من التطور له شروطه ومتطلباته التي يرتبط توفيرها بصورة أساسية للإنسان كالمعرفة والاختراع والابتكار والإرادة والإدارة وغيرها، ولهذا السبب اعتبرت التنمية البشرية هي محور الارتكاز لعملية التنمية والنهوض الشامل بالمجتمع، وعندما نأتي إلى حالة اليمن فإننا نجد أن رصيدها من رأس المال البشري متواضع وفقير للغاية، فلو عرفنا مثلا كم متوسط الإنفاق السنوي على الطالب في التعليم الأساسي أو الثانوي أو الجامعي لأدركنا الوضع المزري للتعليم في اليمن، وهذه المتوسطات كثيرة جدا وهي تشمل كافة مجالات الحياة من التعليم إلى الصحة إلى كافة مقومات الحياة الأخرى في مؤشر التنمية البشرية، وهو عبارة عن مؤشر يقيس بصورة شاملة ويقارن كيفية بناء الإنسان بين دول العالم المختلفة وتصدره الأمم المتحدة سنويا جاء ترتيب اليمن في القائمة التي تتكون من 187 دولة في المرتبة 154 وذلك للعام 2010 وهذا يقدم إجابة شافية لسؤالك.
^^..ما أهمية مضيق باب المندب من الناحية الاقتصادية؟
مضيق باب المندب واحد من اهم المضايق الواقعة على خطوط الملاحة البحرية الدولية ويمر خلاله يوميا اكثر من ثلاثة ملايين برميل من صادرات النفط الخام مرشحة للزيادة مع كل موجة انتعاش للاقتصاد العالمي طبعا بالإضافة الى مختلف السلع التجارية، وقد تضاعفت الاهمية الدولية لباب المندب وبالطبع لليمن والاقتصاد اليمني بعد شق قناة السويس في مصر الشقيقة، وقد رأينا كيف ارتفعت تكلفة النقل البحري وتكلفة التأمين على البضائع عندما انتشرت أعمال القرصنة الصومالية قبالة الشواطئ اليمنية فاضطرت السفن التجارية في بعض حالات إلى أن تستبدل عبور باب المندب بطريق رأس الرجاء الصالح، وقد انعكس هذا على الاقتصاد اليمني حيث ضعفت حركة تجارة الترانزيت في الموانئ اليمنية وكذلك التزود بالخدمات وارتفعت اسعار السلع المستوردة وغير ذلك من الاثار السلبية على الاقتصاد اليمني، وتمثل عودة حركة التبادلات التجارية الدولية عبر باب المندب إلى معدلاتها الطبيعية احد اهم مصادر انتعاش النشاط الاقتصادي اليمني وخصوصا لقطاعات النقل والموانئ والخدمات والتجارة والسياحة وغيرها.
^^.. ماذا يعني للاقتصاد الوطني إلغاء اتفاقية ميناء عدن؟
تعرضت هذه الاتفاقية للنقد منذ وقت مبكر لتوقيعها، وكان من الواضح أن إجحافا كبيرا بحق المصالح اليمنية قد تسببت به هذه الاتفاقية، هذا بالإضافة إلى كونها قد تجاهلت مانع تضارب المصالح القائم بين الشركة المطورة والمشغلة للميناء - شركة موانئ دبي العالمية التي تمتلك ميناء جبل علي في دبي المنافس لميناء عدن وتدير موانئ اخرى منافسة له، وبين ميناء عدن الطرف اليمني، ويعد هذا التجاهل لوحده كاف لإظهار الانتهاك الذي تعرضت له حقوق الطرف اليمني؛ إذ كيف يمكن أن تكون الشركة المتضررة من أي توسيع وتطوير لنشاط ميناء عدن هي نفسها التي من المفترض أن تتولى القيام بهذه المهمة ؟؟!! . لذلك فإن السنوات التي مرت من عمر هذه الاتفاقية مثلت بالنسبة للطرف اليمني خسارة صافية وبالتالي فإن قرار الإلغاء أوقف نزيف الخسائر المستمر على الاقتصاد اليمني منذ تاريخ التوقيع وحتى لحظة اتخاذ قرار الإلغاء الحكيم الذي تأخر كثيرا.
^^.. البعض يقول بأن الأزمة الاقتصادية التي مرت بها البلد في الأحداث الماضية خلال الثورة كان سببها التراكمات الاقتصادية السابقة للبلد وأنها ستؤثر على مستقبل المسار الاقتصادي، كيف تفسر ذلك؟
هذا الكلام صحيح إلى حد بعيد فمع أن أحداث العام 2011 فاقمت إلى حد ما الأوضاع الاقتصادية المتردية، لكنها بالتأكيد لم تكن مسؤولة عما آلت إليه هذه الأوضاع، فالحكومات السابقة هي التي أوصلت الاقتصاد إلى حافة الهاوية، بل والبلد برمته إلى حافة الانهيار وهي التي تتحمل المسؤولية الرئيسية عن هذا الوضع، ولابد من التأكيد بهذا الصدد على أن أي معالجات أو رؤى أو حلول سيتم تبنيها في المستقبل لا تنطلق من تقييم أمين للماضي يستند إلى منهجيات علمية رصينة ويقوم على مواجهة الحقائق كما هي لا من خلال تزويقها أو القفز عليها، لن تعني سوى الاستمرار في تضييع البوصلة والدخول في جولة اخرى من إعادة الإنتاج الموسعة والمعمقة لحالة التخبط والعجز والفشل التي نعيشها وعشناها خلال العقود الماضية وأسفرت عن هذا الكم الهائل من الارتباكات والتشوهات والبؤس وهذه المعدلات الكارثية من البطالة والجوع والفقر والمرض.
^^..كيف تقيم إدارة النظام السابق في تقديرها للموارد؟ وعملها في مسار التنمية؟
أدخلت اليمن العام 1971 إلى قائمة البلدان الأقل نموا وذلك بموجب قرار الأمم المتحدة رقم (2768)، بغرض أن تحظى بالدعم والرعاية الاستثنائيين من قبل المجتمع الدولي لمساعدتها على الخروج من دائرة التخلف والفقر والأوضاع الاقتصادية والتنموية المزرية “حينذاك”، واليوم وبعد ما يزيد عن أربعة عقود متتالية لايزال اليمن “مستلقيا “ بأريحية بالغة في “بطن” تلك القائمة المشؤمة، ولايزال سلوك الاعتماد على ما تجود به “ اليد العليا “ للشقيق “ الغني” والصديق “القادر” هو المهيمن على سلوك الحكومات المتعاقبة، كما أن التنمية لم تكن يوما أولوية لأي من هذه الحكومات، كما لم تمتلك أي منها خلال العقود الماضية ولم تعمل على امتلاك مشروع استراتيجي وطني شامل للتنمية منبثق من الحاجات التنموية الحقيقية للمجتمع اليمني ومنجز بمشاركته ويحظى بتأييده ودعمه ويرتكز في تحققه بصورة جوهرية على الموارد والممكنات المحلية الوطنية، ولست بحاجة الى سرد الادلة والبراهين على ما ذكرت فالحقائق الصادمة تملا الأفق، وحتى عندما قام المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة في قمتها الشهيرة في سبتمبر2000 بوضع ما يمكن أن يطلق عليه خارطة طريق عالمية للتنمية تشكل إطارا عالميا مرشدا للمساعدات التنموية لمجتمع المانحين الموجهة نحو انتشال البلدان الفقيرة منخفضة الدخل ومنها اليمن من حالة الشلل التنموي الذي تعاني منه وهو ما عرف بالأهداف الإنمائية للألفية.. وهكذا نجد أن الحكومة اليمنية فشلت أيضا في تحقيق التقدم المطلوب أو القريب من المطلوب على الأقل بالنسبة لهذه الاهداف التي من المفترض أن تتحقق كما هو مخطط لها مع بلوغ العام 2015 وذلك على الرغم من كافة صنوف الدعم والمساندة التي التزم المجتمع الدولي بإتاحتها للحكومة لهذا الغرض.
^^.. نظام اقتصاد “اشتراكي، رأسمالي، إسلامي “كخبير اقتصادي أي من هذه الأنواع يتناسب لقيام دولة مدنية حديثة وفق واقعنا اليمني؟
العالم يعيش الآن مرحلة ما بعد الحداثة، وهذا يعني من بين الكثير مما يعنيه أن أنساق التفكير المغلقة أي الايديولوجيات الشمولية بالمفهوم التقليدي الحداثي بمكوناتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية قد أفل نجمها وولى زمانها والمفروض أنها قد غادرت مسرح الفكر الإنساني وأخلته للأفكار الجديدة المعاصرة، صحيح أن هناك من لايزال يتمسك بهذه الايدولوجيات بهيئتها الصنمية وصحيح أيضا أن الحرب الباردة و”الفكر الاقتصادي “ كأحد أهم ساحاتها لاتزال قائمة في الكثير من تجلياتها وآثارها وخصوصا في طريقة تعامل مراكز الاقتصاد العالمي ومؤسساته مع بلداننا النامية والفقيرة وفي إطار هذه البلدان نفسها التي لم تتعاف بعد من آثار ومخلفات هذه الحقبة لأسباب تتعلق بهشاشة بناها الفكرية والثقافية؛ لكن من الناحية الفعلية فقد شهد الفكر الاقتصادي خلال العقود الثلاثة الأخيرة تطورات كثيرة ونوعية والأكثر من هذا هو ما شهده فكر التنمية لنفس هذه الفترة من تطورات جوهرية وأقصد هنا الأفكار والنظريات التي نشأت بصورة مستقلة نسبيا واتجهت للاشتغال على خصائص ومشكلات النمو والتنمية في البلدان النامية وهوما يكتسب أهمية خاصة بالنسبة لنا في اليمن، ومن بين هذه التطورات الجوهرية ترسيخ حقيقة أن نجاح عملية التنمية الشاملة مرهون بدرجة محورية بالتنمية البشرية فتنمية وبناء الإنسان وما يطلق عليه تراكميا برأس المال البشري القابل للقياس على هيئة أصول قائمة ومتاحة بات يشكل العامل المركزي الحاسم لتحقيق هذا النجاح كما أفضت جهود الباحثين المشتغلين على قضايا التنمية خلال السنوات الأخيرة الى كشف وبلورة علاقة واضحة وقوية بين التنمية والحرية والمقصود هنا الحرية الحقيقية باعتبارها مرادفا ومعادلا فعليا لتوسع القدرات الموضوعية للناس فلا جدوى مثلا من الحديث عن حرية العمل والإنتاج ولا معنى لها إن لم تترجم إلى قدرة أي إلى استطاعة حقيقية لممارسة العمل والإنتاج وهكذا. بالإضافة إلى إثبات علاقة الارتباط العضوية بين صور الحرية المتعددة وكيف أنها تغذي بعضها بعضا سواء في حالة تحققها أو الحرمان منها، فالحرمان مثلا من الحريات السياسية يقود إلى الحرمان من الحريات الاقتصادية والحرمان من هذه الأخيرة يقود إلى الحرمان أو إلى افتقاد الحريات الاجتماعية والعكس صحيح أيضا وبصورة عامة أجد أننا مدعوون في الظروف الراهنة في اليمن ألى تغيير نظرتنا إلى الأمور فالمحاكاة النظرية العمياء لأي نسق أيديولوجي مغلق لن تجدي نفعا في حل مشاكلنا الاقتصادية بشكل عام وقد جربنا هذا الطريق مرارا وتكرارا ورأينا كيف كنا ننتهي في كل مرة الى الفشل وعلينا من الان فصاعدا ان نعمل بجدية على انتاج فكر تنموي وطني ولا اقصد بالتأكيد ان يكون مقطوع الصلة بالفكر الانساني ولكن ما اقصده بالفكر التنموي الوطني هو أن يستوعب بدقة خصائص مجتمعنا واقتصادنا وأن يعمل على تلبية حاجاتنا التنموية وأن يقدم افضل الخيارات والطرق المتاحة لتلبيتها ومن هذا المنطلق اتصور ان رسم الخطوط الرئيسية لرؤية استراتيجية جديدة للتنمية الشاملة يجب ان تكون واحدة من المهام الاساسية لمؤتمر الحوار الوطني المرتقب؛ لأننا إذا لم ننجح في إنجاز هذه المهمة فسنظل ندور في حلقة مفرغة من الوهم والفشل لأن هذا يعني الاستمرار في انتظار وتلقف الحلول المعلبة القادمة من الخارج والتي تصنعها جهات لا تهتم بأمرنا إلا بالقدر الذي يخدم ويلبي مصالحها، إضافة إلى كونها أبعد ما يكون عن فهم واستيعاب واقعنا الاقتصادي الاجتماعي شديد التعقيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.