في اطار العلاقات الثنائية المتميزة بين بلادنا وجمهورية الصين الشعبية نظمت الحكومة الصينية خلال الفترة من 3 - 23ديسمبر 2012م برنامجاً تدريبياً حول الادارة الاقتصادية للدول العربية «التجارة والاستثمار» للمسئولين اليمنيين بمقاطعة فوجيان . شارك في البرنامج 19 مشاركاً يمثلون عدداً من الجهات المعنية وقد كان لي شرف المشاركة في هذا البرنامج الذي قدم من خلاله عدد من المسؤولين والخبراء الصينيين خلاصة شاملة للتجربة الرائدة للصين في مجال ادارة الاقتصاد والشؤون العامة في هذا البلد الكبير والمتنوع والذي تنامى دوره يوماً بعد يوم حتى اصبح ثاني اكبر اقصاد في العالم . سأحاول من خلال هذه السطور تقديم عرض موجز لاهم محتويات ومضمون التجربة الصينية والخطوات التي انتهجتها الصين في ادارة الاقتصاد والانفتاح على الخارج . بدأ انفتاح الصين على الخارج منذ العام 1978م وكانت مرحلة التحول من سياسات الاقتصاد المخطط الى اقتصاد السوق تماشياً مع المتطلبات التي وجهتها الصين بسبب التزايد الكبير في عدد السكان والسعي لتلبية احتياجاتهم ورفع مستواهم المعيشي وقد تمت عملية الاصلاح والانفتاح على الخارج من خلال خمس مراحل في اطار « الاشتراكية ذات الخصائص الصينية» تمثلت المرحلة الاولى الفترة من 1987م - 1984م والتي تم فيها اعطاء صلاحيات للمؤسسات حيث لم يكن لهذه المؤسسات صلاحيات في السابق وكانت كميات الانتاج والاسعار تحددها الدولة . فيما المرحلة الثانية خلال الفترة من 1985م - 1990م تم خلالها تعميم نظام المسؤولية على المؤسسات في الريف , وتمثلت المرحلة الثالثة خلال الفترة من 1990م - 1993م سعت الحكومة الى تغيير النظام الاقتصادي واستخدام المساهمة في تشجيع المؤسسات على المنافسة الداخلية والخارجية . اما المرحلة الرابعة خلال الفترة من 1994م – 2002م تم السعي نحو تحديد الانظمة الحديثة للمؤسسات العامة , والمرحلة الخامسة منذ العام 2002م وحتى الان وفيها تم تحديد نظام المساهمة لكل المؤسسات العامة والخاصة وتطورت المؤسسات الخاصة تطوراً كبيراً واسهمت بأكثر من 70 %من الناتج المحلي واكثر من 60 %من الضرائب . خلال فترة الاصلاح والانفتاح تم فتح بعض المناطق الاقتصادية الخاصة في المناطق الساحلية حيث تم البدء بفتح اربع مناطق اقتصادية خاصة في المناطق الساحلية في كل من هونج كونج ،ماكو، تونجو، شنجن – وتم الاهتمام بهذه المناطق بشكل كبير من جانب الحكومة المركزية ومن خلال الاهتمام بتلك المناطق والعناية بها تم تحويل العديد من القرى الى مدن نتيجة للتنمية التي حدثت فيها ،وشهدت الفترة بعد عام 1984م فتح 14 منطقة اقتصادية اخرى وقد نتج عن هذه السياسات ان اصبحت القوة الوطنية الشاملة اكثر قوة مما مضى وساهمت في الحفاظ على نسبة نمو10 %كما تم تحويل الصين من دولة زراعية متخلفة الى دولة صناعية. اهم المشاكل التي تواجهها الصين. تكمن اهم المشكلات التي تواجه الصين حاليا في الفجوة الكبيرة بين الاغنياء والفقراء , والفجوة الكبيرة بين المدن والارياف , وعدم اكتمال نظام الضمان الاجتماعي , بالاضافة الى الوضع الراهن للتشغيل والتوظيف والذي يفرض توفير 800 مليون فرصة عمل, وكذلك الضغوط المتعلقة بعلاقات الانسان بالبيئة ونقص الموارد الطبيعية , وعدم التطور في مجالات التنمية الاجتماعية كالصحة وغيرها . التجارة الالكترونية الصينية نموذج للتطور المتسارع بدأت الصين في استخدام التجارة الالكترونية من العام 1998م وتم تطبيقها في الصين بعد العام 2006م حيث قطعت شوطاً كبيراً ولقيت التجارة الالكترونية اقبالاً لدى المؤسسات والمستهلكين والتجارة الإلكترونية تمثل 5 %من حجم التجارة في الصين. تجربة المجمعات الصناعية المنفتحة تطورت المجتمعات الصناعية وفقاً للتوجهات التي تبنتها الحكومة الصينية في مجال الإصلاح ولانفتاح وانشأت الحكومة الصينية المجمعات الصناعية بهدف تحقيق التنمية حيث تعمل هذه المجمعات على تعزيز التنافسية, التخصص في الانتاج , التوصل القوي بين المؤسسات , انتقال التقنية بين المؤسسات العاملة بشكل سريع وتعميمها على المؤسسات المماثلة , الدعم المقدم من المجمعات ضمن السياسة التفضيلية, اتساع الاسواق , تطوير مراحل الانتاج وتحقيق السمعة والشهرة الجيدة للمنتجات وانشأ اسماء وعلامات تجارية خاصة بها , وخفض تكاليف الانتاج وزيادة الجودة . وقد تم تحديد مجموعة من الوسائل لتحقيق الهدف من انشاء هذه المجمعات .كما اهتمت الصين بالصناعات الناشئة ولهذا الغرض حددت نقاط هامة للتطوير تتمثل ب: • وضع خطط معقولة وتحديد عدة أهداف هامة. • السعي إلى توسيع الطلب في السوق لإتاحة مناخ التطوير للصناعات الناشئة. • تعزيز العلاقة بين البحث العلمي والإنتاج لتحويل التكنولوجيا إلى القوة الإنتاجية الحقيقية. • تسريع بناء وتحسين نظام الاستثمار لخدمة الصناعات الناشئة. • وضع سياسة تفضيلية ازاء الصناعات الناشئة. المهارات في المفاوضات التجارية التجربة الصينية في مجال المفاوضات التجارية متقدمة وهي ترتكز على موضوعين اساسين أولهما التخطيط لعملية التفاوض , وثانيا السعر, حيث تم التأكيد على اهمية الاستعداد الجيد لعملية المفاوضات كما تم استعراض النقاط الهامة لعملية التخطيط للمفاوضات واستراتيجيات وتكتيكات التفاوض . الصين كأكبر دولة لجذب الاستثمارات عالميا تم انفتاح الصين على الخارج مما ادى الى جعل الصين اكبر دولة لجذب الاستثمارات من خلال وضع قوانين وسياسات تفضيلية للمشاريع الاستثمارية , انشاء مناطق صناعية خاصة , انشاء هيئات تشجيع الاستثمارات المتعددة المستويات وغيرها من الاجراءات .. وتم اجراء عملية التشجيع للاستثمار بشكل مرحلي حيث تم خلال الفترة من 1979م-1990م عملية الاستكشاف للفرص والمجالات الاستثمارية ومن ثم مرحلة التنمية التي تمت خلال الفترة من 1990 - 2000م وانتهاء بمرحلة النضج التي بدأت من 2001م - 2012 م والتي من خلالها تم الاهتمام بجوانب البيئة. كما تم انشاء وحدة من قبل الحكومة للمناطق الخاصة تم من خلالها التعاون مع الدول الاجنبية لأنشاء هذه المناطق والتي منها سنغافورا وهي اول دولة قامت بأنشاء هذه المدن . هذا وتتمثل اهم العوامل لتحقيق الاستثمارات الواعدة في الصين متمثلة بالاستقرار السياسي , النمو الاقتصادي القوي ,الاستمرار في تحسين القوانين واللوائح ,والسعي الى بناء مجتمع متناغم. الاستثمارات الدولية في الصين أصبحت الصين أكبر الدول النامية جذباً للاستثمار المباشر، حيث زاد الاستثمار الأجنبي المباشر من 46.9 مليار دولار في عام 2001 إلى 105.7 مليار دولار في عام 2010، مثلت الزيادة ب 2.3 أضعاف خلال عشر سنوات. فقد بلغ هذا الاستثمار 116 مليار دولار في عام 2011، بزيادة قدرها 9.7 ٪. والاستثمار الأجنبي التراكمي الفعلي هو 1.2 تريليون دولار. وفي مقاطعة فوجيان 80 مليار دولار. (وكان الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي في عام 2011 هو 1.5 تريليون دولار، بزيادة قدرها 17 ٪) من الملاحظ ان الاستثمار الصيني إلى الخارج يزداد بسرعة فائقة فقد بلغ 60 مليار دولار في عام 2011 بزيادة قدرها 1.8 ٪. وتوقعت لجنة الدولة للتنمية والإصلاح في الصين أن الاستثمار الصيني المباشر إلى الخارج في عام 2012 سيصل إلى 66 مليار دولار. تجارة المواد الزراعية في ظل تحرير التجارة في عام 2000م كان التصدير في الصين اعلى من الاستيراد فضلاً ان حجم التصدير كان أعلى من حجم الانتاج ، واحتلت الصين المرتبة السادسة في تجارة المنتجات الزراعية في مجال الاستيراد والمرتبة 12 في مجال التصدير لها وفقاً لإحصائية العام 2004م والتي تم الاخذ بها نظراً لعدم حدوث تغيير جذري في حجم السكان . بناء المناطق التنموية سعت الحكومة لبناء وتطوير مناطق تنموية بهدف تنمية المجمعات الصناعية وتنويع الصناعات في المناطق التنموية والاسهام في توفير الموارد المتاحة من خلال الاستخدام الامثل وتعزيز التنمية والتطوير في المقاطعات وتقديم ظروف معيشية افضل واعتبارها نافذه للانفتاح على الخارج ،حيث أصبحت هذه المناطق قاعدة هامة ورئيسة لجذب الاستثمار من رأس المال الأجنبي بالإضافة الى تعزيز الصادرات من تلك المناطق والتي تعتبر اكبر مصدر دخل للدولة. تعتبر مقاطعة فوجيان الواقعة جنوب شرق الصين من أوائل المقاطعات التي بدأت بالانفتاح وتأسيس المناطق التنموية في الصين، وبعد الموافقة من مجلس الدولة، تأسست منطقة شيامن الإقتصادية الخاصة في عام1980م ، وأقامت منطقة فوتشو للتنمية الإقتصاد والتكنولوجية في عام1984م، وحتى وقت الحاضر، يبلغ عدد مناطق التنمية الخاصة المختلفة في مقاطعة فوجيان إلى 87 منطقة. المبادئ الصينية للسياسة الخارجية فتحت الصين ابوابها للعالم وفقاً لسياسة الاصلاح والانفتاح منذ العام 1978م وذلك وفقاً للمبادئ التي تم تبنيها من قبل الحكومة الصينية للسياسة الخارجية والمتمثلة في التنمية السلمية, السعي لتحيق النجاح المشترك والمصالح المشتركة مع دول العالم , والسعي لبناء عالم متناغم. وتم اضافة نقاط جديدة من خلال الدورة 18 لمؤتمر الحزب الاشتراكي تتعلق باحترام الشراكة الاقتصادية وتنظيم علاقة الصين وفقاً للمبادئ الخمسة للتعايش السلمي والاهتمام بالثقة المتبادلة والاحترام المتبادل في العلاقات السياسية والاهتمام بالمصالح المشتركة والتوازن في الجانب الاقتصادي والسعي لتحقيق الثقة المتبادلة بين الدول في مجال الامن اما في الجانب الثقافي فيمكن تعلم الدول من بعضها البعض هذا ويتم ايلاء جانب العلاقات مع الدول اهتماما كبيرا والسعي نحو تطويرها ، بالإضافة الى المعلومات التي تم استعراضها حول تاريخ الصين وحضارتها والذي يرجع الى خمسة الف سنة والاليات التي تم استخدامها خلال مرحلة الاصلاح والانفتاح على العالم وتحسين الاقتصاد والمعيشة للشعب ومنها جذب الاستثمارات في مجال تكنولوجيا الانظمة المتقدمة من خلال ايجاد مناخ استثماري جيد وتحسين البنية التحتية “بناء العديد من الموانئ والمطارات والمحطات الكهربائية ، بناء العديد محطات التزود بالمياه ، بناء الطرق السريعة والسكك الحديدية ..الخ وتطبيق سياسات الافضليات واعطاء المشاريع الاستثمارية ميزات لتشجيع اقامتها والذي نتج عنها تدفق الاستثمارات الى الصين بفضل صوابية التوجه جعلها من اكبر الدول التي تجذب الاستثمارات في العالم حيث اصبحت الصين مصنع العالم هذا بالإضافة الى انشاء المناطق الاقتصادية التي ساهمت في تعزيز وتنمية المجتمع والتي تمثل محور الاستراتيجية الاقتصادية الصينية خلال فترة الاصلاح والانفتاح بالإضافة الى التوجه للانضمام الى منظمة التجارة العالمية . العلاقات اليمنيةالصينية في إطار التفاعل بين الثقافات الإنسانية تربط الصينباليمن علاقات تاريخية وثقافية قديمة، ويرجع تاريخ الصداقة والتجارة بين البلدين إلى القرن السادس، عندما اتصل البلدان ببعضهما اتصالاً تجارياً عن طريق الحرير البحري الذي ربط بين دول العالم القديم في ذلك العهد القديم من التاريخ. ودخلت بفضله الصناعات الحريرية والخزفية الصينية إلى اليمن ودخل البخور والعطور والأدوية اليمنية الى الصين. وبعد تأسيس الصين الجديدة تم إقامة علاقات دبلوماسية مع اليمن، منذ العام 1956م، وتبنت الشركات الصينية الحكومية إقامة ثلاثة من أهم مشاريع البنية التحتية في اليمن، بالإضافة إلى تأسيس أول مصنع للغزل والنسيج في البلاد أواخر عقد الخمسينيات وأوائل عقد الستينيات من القرن الماضي، وتسارعت وتيرة التبادلات التجارية منذ انطلاقها في خمسينيات القرن الماضي، لتصل وفقاً بحسب إحصائيات للجمرك الصيني، عند النصف الأول من عام 2012م إلى أكثر من ملياري دولار. مدير عام حماية المستهلك بوزارة الصناعة والتجارة