من ينتمي للوطن، أرضاً وإنساناً.. ويهيم في وديانه وسهوله وجباله يعزف أجمل القصائد والأشعار.. ممجداً الأرض والزراعة ..حاثاً على رعايتها، منافحاً عن الوطن من أعدائه.. من ينتمي لهذا الوطن لا يمكن إلا أن يكون عاشقاً متعبداً في محراب حب الأرض والوطن. ذلكم هو الشاعر عثمان أبو ماهر المخلافي.. الثائر .. والعسكري الذي دافع عن ثورة 26 سبتمبر مطارداً فلول الملكيين من موقعه حينها في حرض والقاص والشاعر، الذي أبدع لنا روائع شعرية وطنية أو عاطفية.. عشقه للزراعة وحبه للأرض والوطن، ليس له حدود.. فهو عاشق للأرض حد الذوبان فيه، فنراه يقول على لسان بنت اليمن في قصيدته (بنت اليمن) واصفاً سقوط الأبطال على أرض المعركة كأنه تقبيل لها واحتضانها: فكم من شهيد تغنى به وضم التراب بتقبيله وأقسم إما حياة الكرام وإما مماتاً لتخليده لا يوجد شاعر سواه أعطى عصارة فكره وروائع شعره وسخرها لخدمة الأرض والزراعة والإنسان.. قدس الزراعة وعشقها وأعطاها بعداً وطنياً خالداً لا يمحى على مر السنين والأيام.. فالأعمال الخالدة التي خلفها لنا الشاعر عثمان أبو ماهر من الأغاني الزراعية حين نسمعها تأخذنا إلى روابي الحقول والسهول والوديان، ونعيش مع الأرض قصة إبداع وتوحد حد الذوبان في الأرض.. فدرر مثل “ألامعين- شبابة الساقية- هيامات العراب” ولحن الحقول البالة” لا يمكن أن تنسى من ذاكراتنا، وهي مطبوعة في قلوبنا بصوت الفنان أيوب طارش، الذي أضفى عليها جمالاً، وأبدع في تلحينها أيما إبداع.. فلقد أسهمت هذه الأغاني بالاعتناء بالأرض والاهتمام بالزراعة.. فكانت أشعاره الزراعية أشبه بسيمفونيات خالدة، ترتسم في أذهان الفلاح والمزارع اليمني.. يرددها ويشدو بها في الحقول والسهول والجبال عند البذور أو الحصاد.. ولأنه عاشق للأرض فقد ساهم هو والفنان أيوب طارش في البحث عن التراث والموروث الثقافي والفلكلور الشعبي، وإبرازه وإخراجه إلينا في قالب غنائي رائع.. فالأرض عنده معبودته ومعشوقته التي يهيم بها: سحرك يا أرضي فريد دانة ليلك وليلبه فيك هنا العيش الرغيد دانة ليلك وليلبه أنت معشوقي الوحيد دانة ليلك وليلبه # # # شبابة الساقية في ظل وادي بنا هناك أعطي التراب الحب خلي وأنا # # # أرضي أنا يا ابتسام الحب في كل جيل يا أرض نشوان يا تاريخ شعبي الأصيل الأرض والزراعة عند شاعرنا عثمان أبو ماهر محبوبته الوحيدة.. حيث شكلت الزراعة هاجساً كبيراً في أشعاره.. فجاءت عبقة ندية برائحة الفل والكاذي والجهيش وعرف السبول والمحاجين.. ولا يقل عشقه ووفاؤه للأرض شأناً عن عشقه وحبه للوطن.. كيف لا وهو السبتمبري الثائر، للذي سكب ضوءه وابتسامته عابقة كالأزهار.. أشعاره دافعت عن الثورة، وكانت زاداً ومعيناً للثوار، بل وغرست في نفوس الأجيال حب الوطن والانتماء والولاء الوطني.. فجاء ديوانه “النغم الثائر” مليئاً بالفداء والتضحية وحب الوطن.. ومن روائع أشعاره الوطنية : “يا نسيماً عابقاً”: يا نسيماً عابقاً كالزهر طيب الأنفاس عند السحر يا جلال الحق صوت القدر يا وثوب الشعب في سبتمبر اسقني عدلاً وغذ عمري بسلام الثائر المنتصر بدمي سجلت تاريخي وفجري فاخضبي يا أم يا خضراء يا سطوراً من دماء الشهداء يا ضياء في طريق الأوفياء.. واليوم يرحل عنا شاعرنا عثمان أبو ماهر رحمه الله بصمت وهدوء كعادة العظماء في البلدان، التي لا تعرف حقيقتهم.. ولا تفيهم حقهم في حياتهم أو حتى بعد مماتهم.. رحل عنا آخر عاشق الوطن.. وآخر ناسك متعبد في محراب الأرض والزراعة.. رحل عملاق الكلمة الصادقة، وفارس “النغم الثائر” حزيناً كعادة شعراء وأدباء وفناني وطني.. رحل شاعر الأرض نسيماً كالزهر.. عبقاً كالأرض..