تزايدت في هذه الآونة التصريحات المعززة بالتسريبات حول تقسيمات افتراضية للدولة في ستة أقاليم أو خمسة أقاليم في إطار طرح الفيدرالية كشكل للدولة في المستقبل.. وتماشياً مع الاتفاق على أن الوحدة بصيغتها الحالية لا تستوعب حاجات الناس وتطلعاتهم. التزايد على هذا النحو لمثل هذا التناول وفي وقت يسبق الحوار العملي لفرق مؤتمر الحوار حول القضايا الرئيسية يشير بصورة أكيدة إلى أن ثمة ترتيباً جاريًا خارج إطار مؤتمر الحوار واللجنة الفنية وصل للقناعة بأنه من غير المجدي والمفيد مناقشة القضايا المختلفة في ظل عدم الاتفاق على شكل الدولة أولاً. ورغم أن الجميع كان يتفق ويردد على أن القضية الجنوبية هي الأهم وهي المتكأ الذي على أساسه ستنبني الحلول لمختلف القضايا الأخرى إلا أنه لم يذهب إلى ترجمة هذه القناعة بإخضاع مسألة شكل الدولة قبيل الدخول في المحاور الأخرى للنقاش. الإدراك قد يكون متأخراً لكن وصوله افضل على أي حال.. فهناك اليوم من ينادي علناً بفك الارتباط، ومن يمثلون الحراك دخلوا المؤتمر بضمانات دولية أعطتهم الحق في طرح ما يشاؤون والمطالبة بما يشاؤون والعبرة في الاتفاق أكان انفصالاً أو فيدرالية، المهم أن هذه العملية تعني أن القفز في نقاش المحاور الأخرى اقتصاد اجتماع ثقافة سيكون عبثياً مع عدم العلم على أي أساس سيتم مناقشة هذه المحاور هل على أساس دولة أو دولتين.. فيدرالية بإقليمين أو ثلاثة أو عشرة؟ هي واحدة من المهمات التي أتصور أنه لم يكن من الرجاحة اتهام بعض الأكاديميين وهم يطرحون فكرة البدء بتحديد شكل الدولة.. وهو ذات الأمر الذي كان البعض يرى أن الدكتور عبدالملك المتوكل يغرد خارج السرب وهو يؤكد البدء في الحوار من هذا الموضوع. هاهو الأمر يبدو مختلفاً اليوم وقد سبق طرح الفيدرالية في الحوار الفعلي الذي يبدأ مع نقاش فرق العمل وليس الجلسات العامة المخصصة أصلاً للتشكيلات والترتيبات وتوزيع الفرق وأماكن حوارها.. وما أظن هذا التسريبات إلا تمهيدًا لاتفاق بحيث تدخل فرق العمل للحوار في موضوعاتها وهي على بينة من أمرها. يبقى هنا التساؤل: كيف سيتم تمرير هذا الشكل مع ظهور من يخالفه أو من لا يتفق مع هذا الطرح الفيدرالي، مفضلاً بدلاً عن ذلك الشكل المركزي للحكم؟ [email protected]