منذ ظهور الحراك الجنوبي السلمي ككيان واحد على يد العميد نصر النوبة، والهدف يحمله الجميع، ليمثل الحراك حاملاً لقضية ويقف وراءه أنصاره.. لتتحول الأمور فجأة إلى كيانات وفصائل وزعامات شتت الرأي الجمعي حد الانقسام، هذا يؤيد هذه وهذا يؤيد ذاك. نعم ظلت القضية هم الجميع، مع تفاوت ارتفاع السقف، إلا أن تفرق الزعامات جعل التعاطي مع الحراك أمراً فيه نوع من الصعوبة خصوصاً وأن البعض يشكك في مآلات ما يدعو إليه الفصيل الآخر. وفي المعطيات الحاصلة اليوم كان الخطاب الدولي يوجه لحراك متعدد الرؤى.. ليحاول كل من هذه الفصائل ادعاء حق تمثيل الجنوب أو بأنه الحامل للقضية الجنوبية. مراقبون ومحللون أكدوا بأنه كان من الأجدى للحراك بمكوناته وتياراته أن يتحد، وأن تكون القيادة واحدة أو على الأقل تتفق في رؤاها؛ فالاختلاف هنا لا يخدم القضية، كما أن تيارات تنشأ على أساس الولاءات مسألة لا تستقيم مع رغبة تعزيز قوة المطالبة بحل القضية إذا ما اعتبرنا أنها تعني فقط الحراك، وهو ما يخالف الواقع. في لقاء موسع أكد القيادي في الحراك محمد علي أحمد بأنه على الجميع تجاوز الولاءات الضيقة حتى تخرج القضية الجنوبية وحاملها الشرعي الحراك الجنوبي السلمي من الحلقة المفرغة والركود والسير المخالف في الطريق الخطأ والمظلم حسب تعبيره.. مشيراً إلى أن عودة الولاءات الشخصية والحزبية يمهد الطريق بوعي أو بدون وعي أمام أعداء القضية الجنوبية ووحدة صف أبناء الجنوب لتسويق مؤامراتهم التفريخية؛ وذلك بتعدد المكونات وتعميق شرخ الصف وتقسيم المقسم، واستنساخ المؤتمرات والمسميات والشعارات، وصناعة التجمعات والمنظمات تحت مسميات مختلفة، مستخدمين شخصيات جنوبية ارتضت بأن تقوم بدور التآمر وضرب القضية الجنوبية من داخلها، وتوفرت لها كل الإمكانيات المادية والإعلامية من قبل الصحف التي صنعت للترويج وخدمة الأعداء حد ما ورد عنه. وكان الأمين العام المساعد لحزب جبهة التحرير المهندس علي المصعبي الأسبوع الماضي طالب «القيادات الجنوبية أن توحد صفها؛ فأبناء الجنوب سئموا الانتظار لإيجاد حامل جاد لقضيتهم التي تعتبر من أعدل القضايا في تاريخ النضال السياسي للشعوب» حسب تعبيره. ودعا شباب مؤسسة الشباب الديمقراطي في منتصف الشهر إلى إدراك أهمية قيام حوار جنوبي جنوبي لتوحيد صف القوى والجهود كضرورة حتمية لتحديد الحامل السياسي للقضية الجنوبية. على ساحة الحوار في مؤتمر الحوار هناك من هو حاضر من الحراك، لكنه يبدو لدى البعض مبتوراً لعدم مشاركة بعض قادة الحراك، من أبرزهم علي سالم البيض وعلي ناصر محمد وحيدر العطاس وعبدالرحمن الجفري وحسن باعوم. ويعتبر الناشط الحقوقي المحامي خالد الآنسي مضي الحوار بغياب شخصيات فاعلة ومؤثرة في المشهد الجنوبي يكشف عن أن الحوار مشروع يراد له أن ينجز على توقيت ونحو معين ولم يقصد به أن يكون حواراً حقيقياً. في الوقت الذي أكد عضو مؤتمر الحوار الوطني الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني لشعب الجنوب أحمد صالح القمع، بأن المؤتمر الوطني لشعب الجنوب هو الذي يمثل «الحراك الجنوبي» في مؤتمر الحوار الوطني، وقال: «هذا كيان سياسي وتكتل سياسي كبير من أكبر التكتلات في الجنوب أسس في الفترة الأخيرة وانخرط فيه عدد كبير من أعضاء وأنصار الحراك, وعندما نقول حراكاً؛ فالحراك هو حركة شعبية واسعة ليس حزباً سياسياً أو كياناً سياسياً، وبالنسبة للمكونات الأخرى كالمجلس الأعلى للحراك السلمي بشقيه طرف حسن باعوم وطرف علي سالم البيض هم لم يعلنوا قبولهم بالحوار, ولكن الجماهير الموجودة في الجنوب هي جماهير الجنوب وليست جماهير تيار بعينه، ليست جماهير المجلس الأعلى ولا جماهير التكتل، بل هي جماهير الجنوب بشكل عام». وفيما تؤكد بعض المكونات الحراكية غير المشاركة بمؤتمر الحوار بأن المشاركين في مؤتمر الحوار لا يمثلون القضية الجنوبية ولا يمثلون الحراك يوضح الدكتور نزار عبدالله باصهيب - أحد ممثلي الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار - بأن لكل مكون من الحراك رأيه، منوهاً إلى أن تباين الآراء داخل مكونات الحراك تصب في مصلحة القضية الجنوبية. وخاطب المكونات الرافضة للمشاركة بالحوار، بأن عليهم أن يثقوا بأن من شاركوا بالحوار حريصون على أن تناقش القضية الجنوبية كتفاوض، وأن الحوار سينقل إلى دولة خارجية. أبلغ رد ورغم أن رئيس الدائرة السياسية في المجلس الأعلى للحراك الجنوبي السلمي علي هيثم الغريب، نوه بالطرح الذي تتبناه بعض الشخصيات المشاركة في مؤتمر الحوار، والذي تطالب من خلاله بفك الارتباط, إلا أنه أيضاً أكد بأنهم لا يمثلون الحراك الجنوبي.. مشيراً إلى أن المشاركين في الحوار من الشخصيات الجنوبية هم ممثلون عن الأحزاب ولا ينتمون إلى الحراك الجنوبي, لافتاً إلى أن الحراك لا يعنيه ما سيطرحونه؛ كونه لا يقدم أو يؤخر. ليظهر أمين عام مؤتمر الحوار الوطني الشامل الدكتور أحمد عوض بن مبارك مؤكداً بأن الجنوب قضية وليست أشخاصاً، ولا يمكن لأي شخص أن يحتكر أو يدّعي أنه الوحيد من يمثل قضية الجنوب.. موضحاً أن ما حملته الكلمات والنقاشات والمداخلات التي ألقيت في جلسات المؤتمر ابتداء من جلسة الافتتاح بما في ذلك ما جاء في كلمة الحراك الجنوبي السلمي والتي ألقاها «خالد بامدهف» بأن ذلك أبلغ رد على كل من يقول إنهم لا يمثلون الشارع الجنوبي.. وقال: لكن لا يمكن القبول بأي طرح يرى بأن من يشاركون حالياً في المؤتمر من بقية قوى الحراك السلمي والذين استمعنا إلى كلماتهم ومداخلاتهم بأنهم لا يعبرون عن الشارع الجنوبي.. مشيراً إلى أن المؤتمر مفتوح، ومازال هناك مجال لممثلي كل أبناء اليمن بأن يشاركوا في أعماله. إلا أن القيادي في «الحراك» حسين زيد بن يحيى ذهب بعيداً في التعبير عن الموقف إزاء المشاركين الحراكيين في مؤتمر الحوار وقال:إن الجنوبيين الموجودين في صنعاء للمشاركة في الحوار لا يمثلون الحراك الجنوبي, ولن يسمح لهم بالعودة إلى المحافظات الجنوبية، وسيبقون في صنعاء ماداموا اختاروا هذا الطريق، وسيتم رميهم بالحجارة إذا عادوا، وسيتم طردهم من الجنوب؛ لأنهم باعوا القضية الجنوبية. وخاطب بن عمر في مؤتمر صحفي الحراك فقال: رسالتنا لجميع الأطراف في الحراك واحدة، إنه على جميع الأطراف نبذ العنف كوسيلة لبلوغ أهداف سياسية، وإنه على جميع الأطراف الالتزام بمبدأ الحوار من أجل حل القضية الجنوبية عبر الحوار، فليس هناك حل آخر إلا عن طريق الحوار. وفيما أشار الكاتب والمحلل السياسي محمد علي محسن إلى أن تأثير الحوار على القضية الجنوبية وعلى القادة الجنوبيين المشاركين فيه سيتم تحديده من خلال نتائج الحوار، فإذا أظهرت النتائج أموراً إيجابية لمعالجة القضية الجنوبية فإن ذلك سيعطي القادة المشاركين مكاسب كبيرة وشعبية واسعة، وسيسحبون البساط من القادة المقاطعين للحوار، والعكس صحيح. أوضح عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي د. محمد حيدرة مسدوس في وقت سابق بأنه من حق أي مكون أو طرف أن يمثل القضية الجنوبية في الحوار على أن تخضع النتيجة للاستفتاء الشعبي في الجنوب، وله أن يقبلها أو يرفضها. تمثيل القضية يؤكد القيادي في المشترك عبده غالب العديني ل «يوميات الحوار» أن القضية الجنوبية لم تعد الآن قضية إخواننا في الحراك فقط، ولكن أصبحت قضية كل المكونات المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني. من جهته أكد الناشط الحقوقي المحامي خالد الآنسي بأنه ليس من حق أي شخص ادعاء تمثيل الجنوب حتى لو كان علي سالم البيض أو علي ناصر محمد أو العطاس أو غيره، واعتبر من يدّعي تمثيل الجنوب دون أن يتم ترشيحه من أبناء المحافظات الجنوبية بأنه يحاول الاستيلاء على القضية الجنوبية. مشيراً إلى أن كثيراً ممن يتحدثون عن تحرير الجنوب كانوا من أركان نظام علي عبدالله صالح، واستفادوا منه وتعايشوا معه وجسدوا معه علاقتهم الشخصية، وصاروا اليوم يتحدثون عن نهب الجنوب واحتلال الجنوب، وهم كانوا جزءًا ممن نهبوا وتفيدوا الأراضي بعد 94م التي شاركوا بها حسب الآنسي.. وأكد الناشط الحقوقي المحامي خالد الآنسي بأن الآليات الديمقراطية هي من تحدد الممثلين وليس عن طريق دعم بعض المجاميع مالياً لترفع صور شخص ما يكون هو ممثل للجنوب والجنوب بريء من تلك الشخصيات التي كانت سبب مأساته.