في العدد قبل الماضي من صفحتي:( إلى من يهمه الأمر) الأسبوعيتين نشرنا تحقيقاً مصوراً اتسعت مساحته ل9 من المصابين بالأمراض النفسية والعصبية من بين العشرات ممن احتوتهم عدسة الزميل الصحفي محمود الباروت من شوارع وأرصفة مدينة تعز , ولعل تجاهل أمن المحافظة لنشرنا صور التحقيق ومن بينهم (حسونة) في الجحملية, بسرواله المقطوع ! وحتى لا نلعن كل الماضي, يجدر الثناء على أمن المحافظة قبل عامين من الثورة الشبابية, عند نقلهم لحسونة من حي الجحملية إلى المصحة النفسية بتعز على أحد الأطقم العسكرية في صبيحة نشر ملحق الإنسان لصورة مموهة للباس حسونة الذي كان ومازال يزعج الجميع. وبعد أن أمضى حسونة 4 أشهر عاد إلى الحي وكأنه شخص آخر, بلباس نظيف وحياة طبيعية , لكن الأيام توالت على المسكين ولم يجد مصدر قوت ثابت فغادر منزل أسرته مجدداً واستأنف هرولته صعوداً ونزولاً من أعلى المدينة إلى أسفلها مروراً ببوابة إدارة أمن المحافظة وأقسام الشرطة , وزادت حالته سوءاً , وقبل أسابيع انقض على إحدى فتيات حي الجحملية وكاد يلتهمها بالقبلات , فانتزعها منه شباب الحي بصعوبة, وما تزال الصغيرة تعاني من نوبات الفزع وكوابيس النوم واليقظة من فاجعة حسونة حتى اليوم , هكذا قال أحدهم, وزاد عاقل الحارة عبدالله الغذيفي بمناشدة مدير أمن المحافظة بعد أن عجز حد قوله من إقناع قسم شرطة الجحملية بإعادة حسونة إلى المشفى . وبهذا صار حسونة وقوداً لهذا التحقيق ودافعاً لانتقالنا إلى مشفى الأمراض النفسية والعصبية بتعز, لمعرفة من يتحمل مسئولية ترك أولئك المرضى في شوارع( عاصمة الثقافة ), وما يترتب على ذلك من تفاقم لمآسيهم, وإضرار لمن حولهم, لاسيما الفتيات وأطفال المدارس، أما أثرهم السلبي على المظهر الحضاري والثقافي والسياحي للمحافظة , فلم يعد سوى ترف لا نطمح إلى بلوغه منذ العامين الماضيين في تعز والبلد برمته ! أما الشق الآخر من نزولنا الميداني إلى المشفى , فهو معرفة وكشف حال مرضاه النزلاء ومقارنتهم بالمرضى في الخارج, فكانت الصدمة بالغة الأثر! لا مما شاهدناه بأنفسنا , بل مما كشفه لنا مدير عام المشفى بكل شجاعة ومسئولية الدكتور طالب غشام استشاري الأمراض النفسية والعصبية , ورئيس المجلس الثوري بمحافظة تعز .