الاحتلال يواصل توغله برفح وجباليا والمقاومة تكبده خسائر فادحة    صعقة كهربائية تنهي حياة عامل وسط اليمن.. ووساطات تفضي للتنازل عن قضيته    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    انهيار جنوني للريال اليمني وارتفاع خيالي لأسعار الدولار والريال السعودي وعمولة الحوالات من عدن إلى صنعاء    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    "استحملت اللى مفيش جبل يستحمله".. نجمة مسلسل جعفر العمدة "جورى بكر" تعلن انفصالها    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة الشباب ستقيم دولة النظام والقانون والمستقبل هو دستور يعيد الحق إلى أصحابه
الباحث الأكاديمي الدكتور علي مهيوب العسلي:
نشر في الجمهورية يوم 02 - 05 - 2013

يستقرئ المشهد الراهن بمنهجية الباحث الأكاديمي ، والمتتبع أو المهتم السياسي المتجرد من قيود الأيديولوجية القومية التي تخلى عنها تنظيمياً منقطعاً إلى دراسته في الاقتصاد الزراعي.. إنه الدكتور علي مهيوب العسلي أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة صنعاء .. ما فتئ يقرأ مجمل معطيات اللحظة الراهنة على نحو خليق بها أن تنال حقها من الوصول إلى الشارع الوطني.
استقراء تشخيصي للمحددات الرئيسة للمشكلة الوطنية بتشعباتها المتناهية التعقيد، وممكنات الحل لها علَ المنشغلين هذه الأثناء بتفكيك بعض جذور إشكالية القضية اليمنية يجدون في ثنايات أطروحاته بعضاً مما يبحثون عنه لصياغة ملامح قادم الوطن أمام حتمية الاستحقاق في الانتقال من دائرة الصراع إلى دائرة التفاهم ، ومن هذه الحيرة إلى دائرة التعايش والشراكة الوطنية.. على هامش تدشين المنتدى الأسبوعي بمركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية جاء هذا الحوار :
د. علي العسلي كأستاذ جامعي يجمع بين العمل الاكاديمي وممارسة الكتابة السياسية التي اتجهت ناحيتها لقراءة المشهد السياسي قراءات تنم عن إدراك واع للمتغيرات الحاصلة .. دعنا نبدأ معك هذا الحوار من المستقبل.. اليمن إلى أين؟!!
بداية اسمح لي أن أقدم شكري من خلالك إلى صحيفة الجمهورية ممثلةً برئيس تحريرها ومدير التحرير وكل العاملين في الصحيفة ومن خلالهم إلى كافة القراء الكرام.
وتالياً يصعب على بيوت الخبرة الدولية المتخصصة في دراسة الأزمات أن تستقرئ قادم اليمن ..لا يستطيع السياسي المدرب أن يقول جازماً: إن صورة اليمن عام 2013م ستكون على هذا الشكل أو ذاك.. سؤالك : اليمن إلى أين يسير؟!! سؤال على رغم أهميته لا تمتلك كل القوى السياسية والأطراف المعنية بالمسألة اليمنية أن تحدد الصورة التي سنكون عليها.
لكن على ضوء المعطيات المادية المتبلورة في أجندة مؤتمر الحوار الوطني هناك سيناريوهات ثلاثة ستترتب على مخرجات أو نتائج مؤتمر الحوار الوطني.
السيناريو الأول هو سيناريو المتشائمين الذي سيفضي إلى فرض خيارات متعددة ليس على صعيد المحافظات الجنوبية فحسب، بل والمحافظات الشمالية، وما سيترتب على هذه الخيارات من تشظٍ للنسيج الاجتماعي اليمني.
السيناريو الثاني هو سيناريو المتفائلين الذي سيفضي إلى حل كل الأزمات الوطنية، والانتقال باليمن من متواليات حالات الصراعات السياسية إلى حالة الدولة المدنية المستقرة اجتماعيا والمتطورة اقتصادياً وتنموياً .
السيناريو الثالث هو سيناريو المتشائلين فهو لا متفائل ولا متشائم .. يقف موقفاً وسطاً بين الأول والثاني.. تقوم رؤيته على أن نتائج مؤتمر الحوار الوطني حتى وإن لم تفضِ إلى حل كل الأزمات الوطنية إلا أنها ستضع اليمنيين أمام خيارات ثورية جديدة ستكشف عورة الأطراف التي عملت على إفشال مؤتمر الحوار ، صحيح قد تكون الكلفة الثورية في مواجهة تلك الأطراف كبيرة لكنها ستضع حداً لمصير تلك الأطراف في المشهد الوطني برمته.
ومع ذلك تظل كل هذه السيناريوهات غير دقيقة، وكما قلت لك يصعب التكهن بما سيكون عليه اليمن غداً كون التحديات التي تواجه مؤتمر الحوار كبيرة، وخطيرة، لكن إن توفرت الإرادة الوطنية الصادقة فالحلول ليست مستحيلة ، قد تكون صعبة لكنها ممكنة وليست مستحيلة.
في تقديرك أين تكمن المحددات الرئيسية للأزمات الوطنية؟
أولاً اسمح لي كتصحيح فقط للمفاهيم أن أختلف معك حول التوصيف للمآلات التي صرنا إليها ب “ الأزمات الوطنية “.. في تقديري أن التوصيف الدقيق لها هو “ الإشكاليات “ إشكاليات تداعت نتيجة طبيعة نظام حكم دام ثلاثة وثلاثين سنة أفرز كل هذه الإشكاليات إفرازاً لا حصر له، أما اذا كنت تقصد بالأزمات الوطنية أزمة الأحزاب السياسية الوطنية، فأنا مع هذا التوصيف.
عفواً دكتور لا أقصد أزمة الأحزاب السياسية الوطنية، فهذا موضوع آخر، ما أقصده بالأزمات هو كما ذهبت المحددات الرئيسة لمجمل الإشكاليات الوطنية؟
هذه الأزمات أو الإشكاليات .. لكن لم تكن أزمات مجتمعية إلا بعد حرب 94م ، وتفاقمت المشاكل وزادت المظالم وسيطر الحزب الواحد، وأقصى شريك الوحدة أولاً ، ومن ثم حليفه الإصلاح أثناء الحرب وبعده، وتحديداً تمت عملية إقصاء الإصلاح في 1997م ، بعدها انضم الإصلاح إلى التكتل الوطني للمعارضة.
ويعزى الفضل في هذا التحول لتجمع الإصلاح إلى القدرات الفائقة التي كان يتمتع بها الزعيم الوطني الشهيد جار الله عمر المهندس الأول للقاء المشترك حيث قرب بشكل كبير بين اليساريين والإسلاميين وأزيلت كثير من المفاهيم التي تراكمت بفعل السنين حول اتهامات كل طرف للآخر، وكانت التجربة المؤسسية الجيدة ، وربما الوحيدة هي انتخابات الرئاسة، حيث قدم المشترك عام 2006 مرشحا رئاسيا هو المناضل الجسور فيصل بن شملان الذي بحسب المراقبين مثل بداية الانطلاق للنظام وحكمه من قبل أحزاب المشترك.
إن انتخابات العام 2006م هي نقطة البداية للعد التنازلي لتغيير النظام العائلي نتيجة لقيام النظام بتزوير الانتخابات ، وتوطين أسرته في السلطة والمال والجيش ، ونتيجة التطور الحاصل في اليمن كثورة الحراك السلمي الجنوبي ، ومن خلال انطلاق ثورات الربيع العربي، وخروج أبناء اليمن من أجل بناء الدولة المدنية الحديثة في 11فبراير 2011م إلى مختلف الساحات والميادين.
لقد مثلت ثورة 11 فبراير في جوهرها حاملاً للمشروع الوطني الكبير المغيب، وفي سبيل فرضه كخيار لحل كل الأزمات اليمنية المتراكمة، والطارئة قدم اليمنيون تضحيات كبيرة في مختلف ساحات الثورة شهداء وجرحى .. ذكوراً وإناثاً، وبمقاييس ومراتب كمية ، وكيفية لا ترقى إليها أية ثورة أخرى.. غير أن المسارات السياسية قد أعاقت المد الثوري عن أن يبلغ نهايته ، ويجد ضالته، وليت الأمر كان توقف عند هذا فحسب فقد أفرزت أحداث الثورة مظاهر جديدة قديمة لأنواع العنف والتعسف السلطوي والإرهاب الأسود فرضت على أبناء اليمن أن يفاجئوا الجميع بمبادرة خليجية وآليات تنفيذية ،ومن ثم ما نحن بصدده: الحوار الوطني.
عفواً دكتور هذه نتائج وليست محددات وسنأتي عليها لاحقاً؟
في تقديري أن المحددات كانت محددات سياسية في 94 ثم أضيفت إليها محددات جغرافية واقتصادية، ثم أضيفت إليها محددات مجتمعية شاملة مع تداخلها أحيانا بمحددات مذهبية كقضية صعدة وحروبها الست، والحوار الوطني معني بدراسة الجذور التاريخية لتلك المحددات والوصول بحوار توافقي لحل مظاهر تلك المحددات والتي تتمثل ب:
1 العودة إلى روح 22مايو وبناء جسور الثقة بين المواطنين واحترام الخصوصيات والتراث الثقافي والفلكلوري الخاص بكل منطقة وتنميته.
2 الوقوف بصدق أمام الحرب الظالمة في 94م وتحديد الطرف المتسبب فيها،ورد الاعتبار لمن أسيء اليهم بسببها وإلغاء الأحكام السياسية الصادرة وقتئذ.
3 إنهاء كل ما ترتب على حرب 94م من إقصاءات ومصادرة الأراضي وغير ذلك من الممارسات التي أحدثت شروخا نفسية عند إخواننا في المحافظات الجنوبية.
4 تبني ما يمكن تبنيه من وثيقة العهد والاتفاق مثل إخراج كافة المعسكرات من كافة المدن اليمنية وغير ذلك من الفقرات التي مازالت قابلة للتطبيق ولم يتجاوزها الزمن والأحداث.
5 إعادة هيكلة الجيش اليمني الحالي بحسب الكفاءات والتخصصات كمقدمة لبناء جيش وطني غير خاضع البتة للقيادات السياسية والأحزاب ،وإلغاء وتجريم الميليشيات المسلحة وسحب الأسلحة منها ،بمعنى استعادة هيبة الدولة على اكمل وجه.
6 الاستمرار في تفكيك مفاصل حكم الأسرة وفي كافة مرافق الدولة وبخاصة في المؤسسة العسكرية والمؤسسات الإيرادية.
7 حصر وتوثيق المشاريع التي أنجزت وقيمتها المادية والتنموية لكل منطقة وما كان يجب وما تحقق وتعويض المناطق التي حرمت في التنمية الشاملة عند بناء اليمن الجديد تتحملها الدولة خارج حصص المناطق المقررة في الموازنات العامة السنوية من كل عام.
8 وما ينطبق على الخدمات والبنى التحتية ينطبق أيضاً على الموارد البشرية وتعويضهم تعويضا عادلا وتأهيلهم في الفترات الزمنية القادمة حتى تتساوى الفرص لكل اليمنيين.
9 حل قضية صعدة حلاً عادلاً بحيث يؤدي إلى الاعتراف بمعتقداتهم الفكرية والإسراع في بناء ما دمرته الحرب وما كان على الدولة أن تقوم به من مشاريع في سنوات الحرب الظالمة.
10 التزام كافة المتحاورين في تبني كافة مطالب وأهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية.
- أين تكمن الإشكالية في الأسباب الذاتية لهذه المحددات أم أسبابها الموضوعية؟
حقيقة المشكلات اليمنية تعد من المشكلات المعقدة والشديدة التداخل والتشابك ، أي يتداخل الذاتي في الموضوعي ، فالذاتي أن ثورة ال14 من أكتوبر قد وحدت ما يزيد عن 22 سلطنة في الجنوب، وحددت ضمن أهدافها الوحدة اليمنية ، وناضل الحزب الاشتراكي في سبيل تحقيق ذلك، وكل أدبيات الحزب الاشتراكي تؤكد على أولويات الوحدة اليمنية.
كذلك من الذاتي أيضاً أن نظام الحكم في الجنوب قبل الوحدة قد قام على أساس اشتراكي أي الاعتماد على العدالة الاجتماعية وعدم التمييز بين المواطنين وتطبيق القانون على الجميع وهذا ما كان يفتقد في الجانب الآخر من اليمن بعد ثورة ال26 من سبتمبر والتي صحيح أن من أهدافها أيضاً إعادة تحقيق الوحدة اليمنية لكن الثورة والجمهورية في الشمال تعرضت لسرقة كبرى من القوى التقليدية التي تجمهرت شكلاً لكنها في المضمون حافظت على استمرار الحكم بعقلية النظام الملكي، فحورب الثوار واغتيل الكثيرون منهم ، بمعنى أن ثورة سبتمبر فرِّغت من محتواها وبدعم من قوى خارجية التي تعد لاعباً بارزاً فيما آلت إليه الأوضاع في الجمهورية العربية اليمنية سابقاً.
لقد مورس على الجمهوريين أصناف شتى من عملية التهميش والإقصاء واستبعاد مناطق معينة من الدخول في الجيش وتولي القيادة فيه.
تقصد أن محددات الإشكاليات تكمن في الأسباب الموضوعية؟
هذا صحيح، وإذا عدنا إلى الخلف وتحديداً إلى فترة النضال في الستينيات ستجد أن تعز وعدن ظلتا على الدوام بحق معبرتين عن الوحدة اليمنية، وأن الحركة الوطنية نمت في كلا المدينتين.
تشكلت في تعز الحركة الوطنية لدعم الثوار في الجنوب لمقارعة الاستعمار، بل إن أول مؤتمر للجبهة القومية انعقد في تعز عام 1965م ، وقبل ذلك بوقت طويل تشكلت في عدن أول نواة للحركة الوطنية واستمرت تناضل إلى أن قامت ثورة سبتمبر فكانت عدن الداعم الأول للثوار للتخلص من الإمامة، وامتزج دم أبناء ردفان مع دم أبناء تعز مع دم أبناء إب لحماية وحراسة الثورة.
فلم تكن توجد إشكالية فيما يخص الهوية الوطنية اليمنية في الجنوب تحديداً الذين تميزوا في تمكين العديد من أبناء تعز في الوصول إلى أعلى المناصب في قيادة الجنوب.
غير أن واقع ما بعد حرب 94م والممارسات التي شابتها هي التي انتجت الأسباب الذاتية لكافة الإشكاليات القائمة.
الناس التي كانت تحلم بدولة مدنية حديثة ستأتي بها الوحدة اصطدمت بنظام قمعي.
لقد تم استدعاء كثير من المواقف التاريخية التي ظلت تتعرض لها الحركة الوطنية حتى بدت في الخطاب الرسمي وحلفائه ، وكأنها مشاريع صغيرة في الوقت الذي تكون هذه التعبيرات الاحتجاجية سوى تعبير إتاحة هامش معين لاستنكار حالات التجريف لثقافتها ، وتراثها ، ومناضليها ، وتزوير الحقائق التاريخية ، وإقصاء كثير من مكونات العمل السياسي بحجة الحزبية والانتماءات الفكرية والسياسية .. هذه من الأسباب الموضوعية.
إعدام الكثير من المناضلين وممارسة الإخفاء القسري للكثير منهم من الأسباب الموضوعية.
المؤامرة على المشايخ الوطنيين في تعز وإعطاء المجال لمشايخ شمال الشمال للمشاركة في الحكم، بل أصبحت هي الفاعل الرئيسي في تحديد من يحكم، ولحسابها، ومشروعها الذي غالباً ما كان مرتبطا ارتباطا عضويا بمشاريع خارجية لدرجة التدخل في تحديد وتعيين الوزراء والسفراء والقادة العسكريين الذين يحققون مصالح تلك الدول على حساب المشروع الوطني الجامع .. هذه أسباب موضوعية.
كل تلك الأسباب وغيرها الكثير أدى إلى غياب المشروع الوطني الكبير،وتغييب الدولة في معظم الأوقات وفي كثير من المناطق وحضورها الفاعل في المناطق المتمدنة ولكن بأسلوب همجي جبايي، فالحيتان الكبار لم يصبحوا أثرياء إلا في المناطق التي تحترم القانون وتطبقه كتعز مثلاً .. صارت الوظيفة فيها فرصة لتحويل الموظف إلى متنفذ ومالك للأرض والإنسان مع الإذعان الكامل والولاء التام للحاكم الذي عينه ..كل هذا القهر والتفريق بين المناطق قد خلق حالات من الاحتقان والتذمر من الحاكم ومقاومته ثقافيا وفكريا دون أن يصل إلى الجرأة في مقاومته بالسلاح إلا في محطات قليلة ومعروفة ،وتلك المحطات القليلة استفاد منها الحاكم في تفتيت القبائل ونسيجها المتماسك عبر التخلص ممن يملكون رصيدا نضاليا وينالون الاحترام من قبل مواطني تلك المناطق واستبدالهم بأناس مغمورين لا وزن لهم ولا قيمة إلا بالاستقواء بالحاكم وصار كل شخص في هذه المناطق متوجسا من قريبه أو أبناء منطقته بسبب تجسس كثير من الناس على المؤثرين والمناضلين والإبلاغ بهم ومن ثم تقوم السلطات بمؤذاتهم وهذا في تقديري أهم الأسباب الموضوعية التي جعلت الأزمة الوطنية بالغة التعقيد خاصة في المحافظات الجنوبية حيث اعتمد النظام السابق، وحلفاؤه قبل ، وبعد حرب 94م في إدارة الدولة الجديدة التي تحولت من مشروع وطني كبير لكل اليمنيين إلى مشروع صغير فردي أسرى عصبوي مركزي استبدادي اعتمد سياسات موضوعية أبرزها تدمير التراث السياسي والإداري للجنوب وتدمير الخبرات المكتسبة بل وإلغائها عبر تسريح الموظفين المدنيين ( التقديرات تقول اكثر من 75000 فرداً في الجهاز المدني) و تسييس الوظيفة الذي أدى إلى حرمان الآلاف من الشباب والخريجين من حق الحصول على فرص عمل أو درجات وظيفية، ومن الترقيات المستحقة قانونا للموظفين منهم .. وإقصاء متدرج ومتسارع لمن وصل إلى درجة مدير ومدير عام من أبناء هذه المحافظات واستبدالهم بآخرين من القبيلة أو من الحزب الحاكم أو من محافظات أخرى دون مراعاة الشروط والمعايير الوظيفية السارية .. وممارسة هذا الجور والحرمان والتمييز مدنياً وأمنياً وعسكرياً لنسبة تتجاوز 90 % من سكان المحافظات الجنوبية وعلى مدى 20سنة مضت،عبر تسريح ما يقارب ال( 130000) فرد من قادة وضباط وصف وجنود دون مراعاة الحد الأدنى لحقوقهم الوظيفية المكتسبة والمشروعة ناهيك عن خصخصة وبيع حوالي 66 مؤسسة ومنشأة اقتصادية وصناعية وزراعية في نطاق محافظة عدن وضواحيها من مؤسسات القطاع العام من خلال عمليات النهب الفاسدة لمشائخ وقادة عسكريين ومسؤولين وسماسرة وموالين وبثمن بخس لا يساوي 10 %من القيمة الحقيقية . وقذف لآلاف العمال من تلك المنشآت إلى سوق البطالة دون حقوقهم المشروعة ودون تعويضات ، وناهيك عن طرد الفلاحين ، ومصادرة مزارع الدولة ونهب أراضي وممتلكات خاصة بأعداد كبيرة من المواطنين ،وانتهاج سياسة تتعارض مع إعلان عدن: العاصمة الاقتصادية والتجارية لدولة الوحدة وافتعال المعوقات التي تحول دون جعلها منطقة حرة، إلى جانب أن تعديل المسمى من مؤسسة موانئ عدن إلى موانئ خليج عدن يشير إلى مخطط تهميشي للميناء ذي الأهمية الاستراتيجية الإقليمية والدولية.
والاستنزاف المفرط للثروات البترولية والمعدنية المستخرجة من أراضي المحافظات الجنوبية وحرمان المحافظات وأبنائها من نصيب عادل من عائدات وفوائض تلك الثروات ولعل أقسى صور الحرمان تتمثل في عدم الاكتراث بتشغيل الأكفاء والقادرين من أبناء هذه المحافظات في أعمال وأنشطة الاستكشاف والتنقيب والاستخراج، وكذا في عدم التفكير بإقامة مشاريع إنتاجية وخدماتية من عائد هذه الثروات لتشغيل الأيدي العاملة وتوفير فرص العمل لأبناء هذه المحافظات والمحافظات الأخرى وتقسيم النفوذ والمنافع للأقارب و الموالين، وحرمان لمحافظة الإنتاج وأبنائها من فرص وحقوق تلك الثروات وعلى مدى العقدين الماضيين.
الإفراط في ممارسة المركزية الشديدة، وممارسة السلطات ضد الحراك الجنوبي السلمي منذ انطلاقته في السابع من يوليو 2007م كافة أشكال العدوان، وإلحاق الإصابات بالآلاف ممن صاروا جرحى ومعاقين دونما يتم حتى معالجتهم ،ومطاردات مناضليه، وملاحقتهم، واعتقالهم ، ومحاكماتهم في محاكم خاصة وكأنهم مجرمون ، وحبسهم في سجون ودهاليز وأقبية السجون العلنية والسرية...الخ ذلك من الجرائم التي طالت إخواننا الجنوبيين .. كل هذه الممارسات في مجملها هي أسباب موضوعية، وبزوالها، وبالاعتذار منها ستزول المشاكل على نحو غير متوقع.
هذا تشخيص موضوعي لأسباب الإشكاليات في تقديرك، ما التشخيص الموضوعي لإنتاج النظام السابق كل هذه الأسباب .. طالما أنها خاطئة سيكون هو أول من يدفع ثمنها؟
أزمة الحاكم العربي ومأساته من زين العابدين إلى مبارك فالقذافي فصالح فالأسد والبقية سيأتي عليهم الدور لاحقاً ... أزمة الجميع حلت عليهم بعد أن خلقت أجيال متنورة انفلتت من عقال إعلامهم وأفاقت من التنويم المغناطيسي الذي أدخلتهم فيه بطاناتهم الفاسدة.
وجدت هذه الأجيال الشابة نفسها تحيا في عالم من التناقضات الصارخة ووعت ما تعرضت له بلدانها على مر السنوات من سلب ونهب وكبت أنفاس. هذه الأجيال التي التقطت نسيم الحرية العابر للقارات لم تعد تؤمن بألوهية الحاكم ولا بعظمته الأسطورية ولا حتى بأهليته للحكم فقررت الثورة عليه ، مزقت قاموس تبجيل الحاكم القادم من العصور الوسطى واستبدلته بمعجم جديد.
وأتذكر مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة عبد الرحيم شلقم كيف لخص المنطق السياسي الذي كان يحكم سياسة الرئيس الليبي بقوله: "إن القذافي اليوم يقول لليبيين إما أن أحكمكم أو أقتلكم".
وطبعاً عبد الرحيم شلقم دبلوماسي مخضرم ورفيق درب القذافي منذ 1969م وبالتالي الكلام لم يصدر عن شخص عادي ،وإنما من شخص خبر القذافي وتعرف عليه عن قرب على أسلوبه في الحكم وعايشه لفترة طويلة. وهو بهذا الوصف لا يختصر كنه الفلسفة التي تحرك السلوك السياسي للقذافي فحسب وإنما الحاكم العربي بصفة عامة.
وصالح فرد أحاطت به أسرة تحميها عصابة، وإجمالاً الذي كان يحكم البلاد نظام فردي أسري عصبوي مركزي استبدادي، وبمعنى بسيط نظام متنفذين لا يعملون أو يجيدون سوى التفنن في الإيذاء والاستهتار بأقوات الناس وحريتهم.
يا أخي إن العطايا لبعض الأسر المشاركة بالحكم قد مكنها من الاستحواذ على السلطة والمال على حساب بقية الشعب ، وعلى حساب تجريف النسيج الاجتماعي الوطني التعاوني على مستوى كل المناطق بحيث أصبحت المواطنة لها درجات بحسب استخدام القوة وتغذية الصراعات القبلية وتمويل وتسليح حروب القبائل فيما بينها لإشغال الكثير منها من التفكير بالمشاركة بالسلطة، كل ذلك بلغ مداه عام 2011م فتفجرت ثورة الشباب التي سرعان ما أحاطت بها وسيطرت عليها القوى التقليدية ممثلةً بالأحزاب المتحالفة مع بعض القبائل والتي كانت السبب الرئيسي في إعاقة التقدم في المراحل السابقة.
كل هذه القضايا تحتل الأولوية داخل أجندة الحوار الوطني ! هل تتصور أن النتائج التي سيخرج بها الحوار الوطني سوف يرقى إلى مستوى المسئولية التي ستقنع كل الأطراف المعنية بها؟ وهل ستقبل بها الأطراف التي كانت الصانع الموضوعي لتلك الإشكاليات؟
في اعتقادي أن كل اليمنيين نتيجة للأخطاء والممارسات وعدم قيام حوارات سابقة على ارض الواقع ناجحة أو لعدم الالتزام بها أدبياً وأخلاقياً والتي كان للنظام السابق النصيب الأكبر من النكوث بتعهداته واتفاقاته مع الأحزاب إلى ان أتت ثورة الشباب التي جعلت العالم ينظر إلى خريطة هذا البلد ومدنيته وحلمه السلمي في تحقيق دولة النظام والقانون ،دولة الحرية والعدالة الاجتماعية ،دولة الحكم الرشيد ، فهب هذا العالم بضغوط الشعوب الحرة على أنظمتها من تقديم يد العون والمساعدة لهذا الشعب المسالم الذي أذهلهم بثورة سلمية رغم توفر السلاح وبكميات مهولة لدى مواطنيه، لكنه تحمل كل إجرام النظام واستخدام القوة المفرطة بصدور عارية ،أنتجت تلك السلمية احترام العالم لهذا الشعب العظيم. إن القضايا المطروحة على طاولة الحوار الوطني في اعتقادي هي مظاهر للازمة الوطنية وحلها وفقاً لذلك سيكون بمثابة تسويات وصفقات مالم تحل جذور تلك المشاكل وإعادة الثقة لدى المواطنين وإشراكهم في اتخاذ القرارات التي تنهي الأزمات السابقة وتمنع ظهورها مستقبلا ، ولن يتأتى ذلك إلا بجملة من القرارات التي تعيد الحق المنهوب والكرامة المهدورة والمحاسبة والمساءلة ثم العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية ،وأظن ان المخرجات ستكون إيجابية فيما لو كان الضامنون الدوليون صادقين في استقرار اليمن وتطوره والحفاظ على وحدته ،وبالتأكيد من خلال المرحلة السابقة ومحاولة إعاقة الحوار الوطني والتهديد والتلويح بالعقوبات من المجموعة الدولية قد أجبرت الأطراف التي صنعت تلك الأزمات على الإذعان والتسليم وما هيكلة الجيش وأبعاد المتنفذين عن مراكز صنع القرار إلا خير دليل على ما ذهبنا إليه!
إلى أي مدى يمكننا القول: إن الصراع المذهبي اليوم قد احتسبت فيه مقاييس الرشد الذي يعبر عنه كمياً بمقياس الربح والخسارة؟
الصراع المذهبي قبل انطلاق ثورة الشباب كان يمارس عبر قوى متنفذة إما قبلية أو عسكرية أو حزبية ،ولم تكن واضحة بالشكل الذي أعقب ثورة الشباب حيث تقاطعت المذهبيات مع مصالح قوى إقليمية معروفة ،فتعقدت بتعقد ملفات أخرى فإذا ما حلت تلك الملفات فسيهدأ تأثير الطائفية على الدولة المدنية الاتحادية المأمول قيامها ،أما اذا بقيت ملفات المنطقة الأخرى على حالها فستكون اليمن مهددة بالتقسيم والتمزق وربما الحرب الأهلية بحسب سخونة الأوضاع ومن المسيطر والمتحكم بمفاتيح اللعبة في تلك الملفات!
هل الأشهر ال6 كافية للحوار الوطني؟
مما شاهدناه حتى الآن في جلسات مؤتمر الحوار الوطني سواء بجلسته العامة أو من خلال تشكيل اللجان التسع وخططها فيبدو ان البرنامج المعتمد يسمح بالمرونة لامتصاص الاحتقانات وتدريب المتحاورين على خلق الثقة فيما بينهم وتقريب وجهة النظر في اللجان المختلفة هو مقدمة لأن يتم ذلك على مستوى الشعب وهذا يتطلب بالضرورة الوقت الكافي لتغيير أمزجة الرأي العام المحتقن في الوقت الحالي والذي يتبنى مواقف وسقوف عالية بحسب المناطق والظلم الذي مورس والذي يختلف من منطقة لأخرى، ولذلك فإن الفترة المحددة للحوار لا تكفي في الوضع الطبيعي فما بالك في أحوال اليمن والتأزيم القائم من خلال القضايا المطروحة وتعقيداتها المختلفة كمواضيع وتعقيداتها من حيث المشاركين في الحوار والتسبب في الإعاقة في بعض الأوقات لتثقيل موازين المكونات الآتين منها ،والبعض الآخر متعمد استجابة لمصالح دول إقليمية، وعليه فإن التمديد قابل تماماً للتطبيق فيما اذا توفرت لدى الأطراف حسن النية للخروج باليمن من أزماته، وأراها متوفرة على الأقل لدى كافة الأطراف المشاركة في الحوار الوطني.
في تقديرك ماهي الطريقة الناجعة لحل القضية الجنوبية؟
هذا السؤال هو الأصعب داخل أروقة مؤتمر الحوار لكن أجازف بالقول: إنه نظراً لعدم تنفيذ النقاط العشرين خلال الفترة الماضية أرى أن يتم التدرج في تنفيذ النقاط بحيث تؤجل النقاط التي تتطلب حوارات شاقة، ووقتاً كبيراً في الوقت الذي يتم فيه تنفيذ النقاط العملية الأخرى من خلال:
تنفيذ أولاً النقاط العشر الخاصة ب (إعادة الموظفين المدنيين والعسكريين والموقوفين والمحالين قسراً إلى التقاعد والنازحين في الخارج جراء حرب صيف 94، إلى أعمالهم فوراً، ودفع مستحقاتهم القانونية، وبمعالجة الأوضاع الوظيفية والمالية لمن فقدوا وظائفهم نتيجة لخصخصة المؤسسات العامة بشكل غير سليم بعد حرب صيف 94م وبإعادة الممتلكات والأموال التي تم الاستيلاء عليها بعد حرب صيف 94، سواء كانت خاصة بالأفراد أو الأحزاب أو النقابات أو الدولة، ووقف إجراءات البسط والاستيلاء على الأراضي، واستعادة ما صرف منها بدون وجه حق، و إحالة المتسببين في ذلك للمساءلة القانونية ، وإعطاء الأولوية في الانتفاع من الأراضي لأبناء المحافظات الجنوبية، وبإعادة الأراضي الزراعية التي كانت مملوكة للدولة أو حصل عليها الفلاحون بموجب قانون الإصلاح الزراعي في الجنوب و تم نهبها أو الاستيلاء عليها بعد حرب صيف 94 من قبل أي جهة كانت, مع مراعاة حقوق الملكية الفردية للأراضي الزراعية و الممتلكات الأخرى وتعويض أصحابها ، وبإطلاق سراح كافة المعتقلين على ذمة الحراك السلمي الجنوبي ومعاملة كافة ضحايا حرب 94 والحراك السلمي الجنوبي كشهداء ومعالجة الجرحى ودعم وتكريم أسرهم، وبسرعة إلغاء ثقافة تمجيد الحروب الأهلية والدعوة إلى الثأر والانتقام السياسي سواء في مناهج التعليم ، ومنابر الإعلام والثقافة، وإزالة مظاهر الغبن والانتقاص والإقصاء الموجهة ضد التراث الثقافي والفني والاجتماعي للمناطق الجنوبية والتي تعرضت للطمس والإلغاء, و على وجه الخصوص بعد حرب صيف 94م ، وسرعة معالجة قضية صحيفة الأيام، وبضرورة تغيير القيادات الإدارية في المؤسسات والمكاتب الحكومية في المحافظات الجنوبية وفي كل مؤسسات الدولة ممن ثبت فسادهم وسوء إدارتهم وذلك للمساعدة على خلق مزاج إيجابي في الجنوب، وفي تعيين موظفين من أبناء الجنوب في المؤسسات المركزية ودواوين الوزارات في صنعاء وبما يلبي شروط الشراكة الوطنية.
وثانياً : أن تقوم الوزارة أو المؤسسة المؤقتة بتنفيذ النقاط التي أشرنا إليها عبر آلية عملية تتضمن قرارات إعادة الممتلكات والأراضي المنهوبة والمصادر سواء الخاصة أو العامة وخلال فترة محدودة في الفترة الانتقالية، وقرارات تشكيل لجان على مستوى كل محافظة من المحافظات الجنوبية تتسم بالحيادية والكفاءة تتولى جمع معلومات كاملة وشاملة عن ملف الأراضي والممتلكات المنهوبة وتقديم تقرير حول كافة الممتلكات المنهوبة والمصادرة للأشخاص أو للدولة بعد التأكد من استلام كافة الدعاوى والمستندات المؤيدة لها. واتخاذ قرار ملزم بعودة الممتلكات لأصحابها، وإطلاق سراح المعتقلين، وإعلان حقيقة منصفة للمخفين قبل وبعد 1994م.
أما ثالثاً : فخلال قيام مؤتمر الحوار بإنجاز المحاور الباقية ك (حقوق المرأة وحرياتها ومشاركتها السياسية ، القضايا الاقتصادية الخاص بالتنمية الشاملة (المستدامة) ، والاجتماعية والبيئية والخاصة، الحقوق والحريات، والعدالة الانتقالية بالتوافق بين مكونات العملية السياسية ومنظمات المجتمع المدني ذات العلاقة، وبما يتوافق مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمعايير الدولية للعدالة الانتقالية، والشباب،والحكم الرشيد، ومحاور الدستور وبناء الدولة ، وأسس بناء الجيش لتسريع هيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية على أسس مهنية ووطنية.
خلال إنجاز هذه المحاور ستكون الصورة قد اتضحت أمام الشارع الجنوبي ، وكذلك صعدة لمستقبل المرحلة القادمة لاسيما إن تم (توجيه اعتذار رسمي للجنوب من قبل الأطراف التي شاركت في حرب صيف 94 و اعتبار تلك الحرب خطأ تاريخيا لا يجوز تكراره).
خلال إنجاز هذه المحاور زائداً الاعتذار سيكون حتماً المزاج لدى كافة مكونات الحراك السلمي الجنوبي في الداخل والخارج قد تهيئ هذا جانب، وجانب آخر يتم تفعيل الأوراق السياسية الداخلية والخارجية مع قادات الحراك الجنوبي خاصة المهيمنين على المشهد في المحافظات الجنوبية بما يستفيد من ذلك المزاج الذي سيفاضل بين الذهاب إلى مزاج الانفصال الموازي لمزاج الوحدة عام 1990م ، وبين مزاج العودة إلى دائرة الوحدة على أسس صحيحة الموازي لمزاج بناء الدولة الحقيقية التي ضحى لها ومن أجلها كل أبناء المحافظات الجنوبية.
فهل تتوقع بناء على هذا الطرح أن تنتهي الفترة الانتقالية وقد استكملت كافة الإجراءات اللازمة للانتقال لمرحلة ما بعد الفترة الانتقالية؟
أرى التمديد للفترة الانتقالية يسير على قدم وساق نظراً لعدم التمكن من إنجاز بقية المراحل في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة في المدة المتبقية، وهذا شيء طبيعي من أجل إنجاح مؤتمر الحوار الوطني إذا ما أردنا الولوج إلى المستقبل بيمن جديد بدستور توافقي يحل كل القضايا ويعالج العور الكبير في الدساتير السابقة ويرسي قواعد لا تسمح بالتجاوز في كافة القضايا المطروحة وغيرها من المشكلات التي قد تحدث مستقبلاً، دستور يعيد الحق إلى أصحابه أي حكم الشعب نفسه بنفسه بدولة اتحادية فيدرالية تقوم على أسس علمية لا عاطفية ولا مذهبية ولا يخدم أحزاباً بعينها، بل دستور يعطي الفرص المتساوية للأحزاب الحالية والتي ستنشأ مستقبلاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.