تعتبر معظم المصادر ترجيحاً أن « ابن فليته» أول من ابتدع «الحميني» وهو من مواليد مدينة «زبيد» في النصف الثاني من القرن السابع الهجري، واسمه أحمد بن أحمد بن محمد بن علي بن فليته الحكمي، ويلقب بالقاضي شهاب الدين، يكنى بأبي العباس وأسرة «الحكمي» من الأسر الشهيرة في تهامة في المنطقة المنخفضة الساحلية من الغرب. وكان ابن فليته كاتباً للإنشاء في الدولة الرسولية في زبيد على زمن الملك المجاهد علي بن يوسف بن رسول ثالث ملوك الرسوليين واستمر في كتابة الدولة ما يقرب من ثلث قرن. وإن كانت المصادر لا تتحدث عن نشأته أو دراسته إلا أنه من المرجح أن يكون قد تلقى علومه بجامع « الأشاعر» في «الحصيب» زبيد، وفي هذه المدينة كانت نشأته وحياته. ولابن فليته ديوان مخطوط محفوظ بمكتبة الجامع الكبير بصنعاء برقم 35 أدب وهذه النسخة من الديوان مبتورة وهناك صورة منها بدار الكتب المصرية. أما ديوان ابن فليته الذي لم يُعثر عليه فيقع في مجلدين ضخمين، المجلد الأول خاص بالشعر الفصيح، والثاني خصصه للحميني الذي جمع منه أنواعاً كثيرة كالبال بال، والساحلي والدوبيت .. ويسمى هذا القسم «سوق الفواكه وزهر المتفاكه»، وهذا الديوان بعنوان «تحفة المطالع وبغية المخالع» جمع فيه سبعة أنواع من شعره «فصيح، دوبيت ، حلاوي ، موشحات، بال بال ، ساحليات ، وحمينيات». ويذكر مقدم ديوان ابن فليته المخطوط أن القاضي شهاب الدين أبو محمد أحمد بن محمد بن فليته «ممن سبق الأوائل، وزاد في محاسن ألفاظه على سحبان وائل، وذهب في الشعر كل مذهب، فأبدع في نظمه وأعرب، وسلك في بعض أشعاره طريق المجون والخلاعة، وكان مع ذلك يكثر من استغفاره وصلاته في ما بين الله سبحانه وعمله، يقول «و كل ميسر لما خلق له». وتجدر الإشارة هنا إلى أن الكثير من قصائد ابن فليته فُقدت ولم تدون، أما المشهور من قصائده فهو قليل وتعود شهرتها لارتباطها بلحن ولكثرة ما تردد من قبل المنشدين والمغنين. ويقسم د. عبدالعزيز المقالح في كتابه «شعر العامية في اليمن» أشعار ابن فليته إلى ثلاثة أقسام هي : أشعار المديح أشعار الحب أشعار الطبيعة أما أشعار المديح عند ابن فليته فيخص بها السلطان المجاهد علي بن داوود وهذا نجده في قوله : لا عاشق إلا ما يكون مفهود ظامي البدن ولا ملك إلا علي بن داود ملك اليمن ذاك الذي عم الأنام بالجود وإلا فمن ؟ من هو كمثل الملك المؤيد يقول أنا ؟! وقوله : اسقني كاسك وكاسي مورد ثم جس العود عنه وأنشد مدح داود الهزبر الأسد مالك الدنيا وسلطان البشر عجمها والعرب فهو لاشك الإمام المنتظر ظاهر بعد النبي والسلطان المجاهد علي بن داود من ملوك بني رسول حكم من عام 721 إلى 764 ه. ومن أشعار الحب عند ابن فليته ما نجده في قصيدته الشهيرة « لي في ربا حاجر» كقوله : يا مسلمين شاموت أنا وشاخمدْ من الضنى شاموت ولا يعلم بقصتي أحَدْ إلا أنا وقوله : عذب فؤادي اسقمه أذابُهْ هوى الملاح لو زاد في سقمه وفي عذابه ما قلت آح قلبي رضى بالحب واستطابه ماله براح عهده على ما كان يُعهدْ ما أنثنى وغالباً ما يستخدم ابن فليته مطالع عاطفية لقصائد المديح وقصيدته الشهيرة « لي في ربا حاجر» هي في الأصل قصيدة مديح لعلي بن داود.. وله قصائد أخرى غرامية مستقلة عن المديح وقد توفي ابن فليته عام 730ه.
