ذات يوم ركبتُ دراجة نارية كان يقودها شاب متهور، وعندما ركبتُ خلفه انطلق بسرعة جنونية، وبسرعة أيضاً دخل الخوف إلى نفسي، وأحسستُ أن الصحة ستفارقني إذا لم تفارقني الحياة. كنا نخترق الرياح.. الرياح التي اخترقت خيالي لأشاهد ماذا سيحصل ، تخيلتُ أشياءً كثيرة وكأني أشاهد الناس ملتفين حولنا والدماء أصبحت فراشاً لنا. زاد السائق الشاب المتهور السرعة، أغمضت عيناي، ولساني تنطق الشهادة، وعقلي يحسب دقات قلبي، وما هي إلا لحظات وبعدها لم أعد أسمع ذاك الصوت المزعج للدراجة النارية، ولم أعد أحس بالرياح المخترقة، كذالك لم أشعر بالسقوط أو الانقلاب، ما الذي حصل؟!.. فتحت عيناي ببطء، وهي ترتعش خوفاً، لأرى أننا قد توقفنا، نزلت من الدراجة النارية ، وأخرجت نفس عميقاً وابتسمت، وحمدت الله على وصولي بالسلامة، وعاد سائق الدراجة النارية من حيث أتينا، عاد ذاك الشاب المتهور بمفرده وبنفس السرعة.. تسألتُ هل سيرجع بالسلامة كما أتينا بالسلامة، رغم التهور والسرعة الجنونية ؟!.. جاءني الجواب بعد أسبوع واحد، والخبر كان كالتالي : لقد رجع ذلك اليوم بالسلامة، ولكنه في آخر الأسبوع توفي بحادثة طمست ملامح وجهه، وضربة في رأسه، وكسرت يده ورجله، وأسعف للمستشفى واستمر في غيبوبة وما هي إلا ساعات وجاء نبأ وفاته، وكما أخبروني أن الحادث كان بسبب سرعته المتهور.. تعجبتُ على مثل هؤلاء وهم كُثر، يستعجلون على نهايتهم، ويسرعون في طريق الحياة ليصلوا إلى الموت..