يرى البعض ضرورة قيام الحياة الزوجية على الصراحة المتناهية, بينما نادت آراء أخرى بتجنبها في بعض الأمور التي من الممكن أن تسبب كثيرا من الخلافات الزوجية. والسؤال هنا: هل ما يتردد عن الصراحة المطلقة بين الزوجين وهم لا حقيقة له في الواقع؟. يوكد أطباء علم النفس أن الصراحة أحد الأسس التي يقوم عليها الزواج, لكنه اشترط فيها أن تمتزج بالعبارة النبوية التي تقول المؤمن كيس فطن حيث إن العلاقة الزوجية علاقة بشرية في المقام الأول والأخير, فهي تقوم بين رجل وامرأة, قد تجمعهما الظروف كأصدقاء في العمل وما إلى ذلك, وأي علاقة بشرية يرجى منها النجاح, تتطلب وجود الثقة بين طرفيها, والثقة تبنى على الصراحة والصدق في التعامل. لكن علينا أن نفرق بين الصراحة والصدق, وبين الثرثرة وقلة الفطنة التي قد تدفع في بعض الأحيان إلى البوح بتفاصيل لا تساهم إلا في سوء العلاقة.. فلكل شيء حدود, وعلى كل زوج وزوجة أن يمتلكا المقياس الذي تقدر به عدد من الأمور, مثل ماذا يقول, ومتي وكيف. فإن الحديث بصراحة مطلقة عن علاقتهما بأصدقائهما أو أسرتيهما من الأمور الخاطئة, فالأهل والأصدقاء لهم أسرارهم الخاصة التي يجب الحرص عليها وعدم إفشائها. كما أن الإعلان عنها لن يفيد أي طرف على العكس قد يسبب بعض الضرر. كما أنها قد تكون في ذهن الطرف المستمع سواء كان للزوج أو للزوجة صورة ذهنية معينة عن الطرف الآخر مثل كونه لا يحفظ الأسرار أو لا يحسن التصرف في بعض الأمور. هناك أيضا علاقات الطرفين السابقة للزواج من الممكن الحديث عنها بشكل عابر لكن من دون الدخول في التفاصيل.. فيجب أن تكون هناك حدود للصراحة وليست مطلقة وإلا تحولت إلى نقمة وليست نعمة تؤدي إلى تدمير العلاقة الزوجية, خاصة إذا كان الزوجان ليسا على درجة كافية من التفهم والوعي والثقة المتبادلة.. ويرون أن نسبة من يتعاملون بالصراحة قليلة للغاية سواء من جانب الزوج أو الزوجة.. فبعض الرجال يعتقدون أن حديثهم بصراحة مع زوجاتهم يفقدهم بعضا من هيبتهم, وهي ظاهرة ترتبط بشدة بثقافة المجتمع الشرقي, التي تشدد على قوة الرجل ومنزلته لدى زوجته, فيخفي عنها حتى مشاعره نحوها خوفا من تدللها عليه وفقدانه السيطرة عليها.. كذلك نجد بعض الزوجات يرفضن مصارحة أزواجهن بحقيقة دخلهن إن كن عاملات, بدعوى تأمين حياتهن, وهو أمر يؤثر في الثقة بين الزوجين.. ويؤكد أساتذة الاجتماع أهمية الصراحة في الحياة الزوجية وهي العمود الفقري في إقامة دعائم حياة أسرية سليمة خالية من الشكوك واذا ارتكزت الحياة الزوجية عليها كانت حياة هادئة, أما إذا أقيمت على عدم المصارحة فإنها تكون حياة تعيسة يفقد خلالها كلا الزوجين ثقته في الآخر, حيث أوضحت إحدى الدراسات البريطانية أن المصارحة بين الزوجين تؤدي إلي شعور كل منهما بالآخر وبآلامه, لدرجة أن الشخص الذي يحب شريكه يعاني من الآلام والأحزان التي تصيب الطرف الآخر. كما أجمع العلماء على أن المصارحة والتعبير للطرف الآخر عن كل ما يضايقه منه هو الطريقة الوحيدة لحياة صحية ولصحة نفسية سليمة وحياة أقل توترا.