تعرض الانسان للاعتداء يكشف أنه مازال يعيش في العراء بلا غطاء سياسي يمنحه الأمان تماما كما الانسان الاول الذي قتل بفتح القاف دون رادع خارجي وقتل بضمها دون مدافع ... كل الغطاءات التي توفرت في البيئات البدائية لم تكن على مقاس الانسان كجهة انتماء فلابد ان تضيف صفة بجواره لتعرف غطاءه الذي يلوذ به حال داهمه الخطر وهنا يمكن ان تسرد ما شئت من الانتماءات بعد كلمة الانسان ( الحاشدي والمذحجي والبكيلي والشافعي والزيدي و...) في الحقيقة هي ليست إلا قيوداً وضعت على رقاب اصحابها خدمة للكبراء. صحيح ان هذه الاغطية قد توفر ملاذا لصاحبها لكنه الملاذ الذي يحرمه خاصية التعامل مع الآخرين على قاعدة الانتساب للإنسان الاول آدم وتفرض عليه حدودها الصغيرة ماديا ونفسيا ... يحتاجها حين ينتهك حرمة الانسان قتلا للنفس أو هتكا للعرض أو نهبا للمال وهي بدورها توفر له الحماية من نداء الانسانية داخلية وتمنحه الرضى الذاتي وتحول دون ان تؤتي اعتراض الانسانية المحتجة في داخله اثرها في ردعه ... تبقى وظيفتها توفير الغطاء للإساءات التي تصدر منها وضد الانسانية ... قد يصبح مرعى الغنم الواقع بين قبيلتين اقدس من الانسان نفسه الذي يتم حصده من اجل حصاد زرع تقتات منه الاغنام وقد يصبح مكاناً العبادة الموطن الذي يتوحد الناس فيه ساحة لإنتاج تباعدات بين الانسان واخيه بطريقة تغضب رب السماء لكنها ترضى الارباب الصغار في الارض .. الانسان اليمني يحتاج الى غطاء سياسي لا يسأل الناس هوياتهم العرقية ولا المذهبية ويفتح لهم فرص العيش المشترك دون تمييز لا نجبر معه الى استدعاء المناطقية والمذهبية ولا القبلية لأجل الحصول على الحق أو استرداده ... هي الدولة التي نطالب بها فوق كل الانتماءات ننتمي اليها ولا يكون للبشر فيها سلطان معنوي علينا فلا سلطان إلا سلطة الخير العام الذي آمنا به ونسعى لتعزيزه والالتزام به وحينها لا طاعة للأشخاص بل لهذا الخير الذي كان وراء تصرفهم وان كانوا في موقع السلطة فلا طاعة لهم إلا بقدر التزامهم بالمصالح التي حددناها نحن جميعا قبل ان يصلوا الى مواقعهم لأجل تنفيذها وهذا يتطابق مع العبارة التي لا طاعة للمخلوق (الذي تتحكم به رغباته وتأسره دائرة ولائه الصغير التي جاء منها )في معصية الخالق (الذي امر بالمساواة وحرم الظلم الذي ينتج من التمايزات ) ... الانتماءات الصغيرة تخضعنا للأشخاص وتفرض لهم امتيازات خاصة فيما الدولة التي نطلبها لا تضطرنا لأي خضوع آخر غير الخضوع لفكرة القانون الذي يعكسنا مصالحنا المعنوية والمادية الروحية والجسدية. قد يقال انها غير متوفرة في الحاضر فنقول وبسبب انها غير متوفرة نحن نناضل من اجلها نناضل لأجل ان نأتي بالمستقبل ونصرف عن انفسنا الماضي السلبي.