أقام المنتدى الاقتصادي التابع لمركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية بصنعاء ندوة لمناقشة أطروحة الدكتور عامر عبدالحافظ، رئيس قسم الاقتصاد الزراعي بجامعة صنعاء حول “جذور القضية الاقتصادية الجنوبية”. وفي الندوة قال الدكتور عامر عبدالحافظ: إنه من غير الممكن الحديث عن بناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة قبل الاتفاق على رؤية لحل القضية الجنوبية, وإن نجاحنا في إيجاد تلك الرؤية سيكون المدخل لتحقيق اهداف الثورة اليمنية السلمية.. وما يطرح حتى الآن من قبل القوى السياسية حول القضية الجنوبية من قبل جميع الاطراف المهيمنة على القرار السياسي في اليمن ربما يتعمد التغطية على الجوهر الحقيقي للقضية، فمنهم لا يريد تسليط الضوء على مسئوليته الكبيرةِ عما ترتب على دخوله في وحدة غير محسوبة العواقب, وبدون أخذ مصلحة المواطن الجنوبي في الاعتبار بنقله فجأة من دولة ذات نظام اقتصادي واجتماعي مختلف جذرياً عن الشمال, تعتمد على نظام الاقتصاد الاشتراكي الموجه والملكية العامة وما يترتب على ذلك من غياب القطاع الخاص والمشروع الفردي واعتماد المواطن على الدولة في ادارة الانشطة الاقتصادية إنتاجاً واستهلاكاً وفي الاستثمار وتوزيع الدخل, الأمر الذي جعل المواطن في المحافظات الجنوبية لا يمتلك رأس المال ولا الخبرة للمنافسة في النظام الاقتصادي الحر الذي تم تبنيه في اتفاقية ودستور الوحدة. وأضاف: أما الطرف الآخر فليس من مصلحته الاعتراف بهذا الخلل في اتفاقية الوحدة لأن اعترافه سيترتب عليه إعادة جميع حقوق الشعب في المحافظات الجنوبية التي لم يشر إليها في اتفاقية الوحدة وما بعدها, لأن الشعب الجنوبي عندما أبرمت تلك الاتفاقية كان من حقه أن يتحصل على أمرين هامين: الأمر الأول: حقه في الملكية العامة للدولة الجنوبية كون تلك الملكية هي كل ممتلكات الشعب ارضاً وموارد ومؤسسات ومزارع ومصانع فكل شيء كان ملك الدولة لذلك كان لا بد من إعادة توزيع جزء من الملكية العامة بحيث تتقارب نسبة الملكية العامة الى الملكية الخاصة في الشطرين. الامر الثاني: أنه وخلال اكثر من عشرين عاما عاش المواطن الجنوبي بعيداً عن نظام السوق والمشروعات الخاصة وبالتالي فإنه إضافة الى افتقاده لرأس المال اللازم لإقامة المشروعات يفتقد الخبرة قي إنشاء وإدارة المشروعات الفردية وهذا ليس انتقاصاً من قدراته بل لأن الظروف الموضوعية اجبرته على ذلك, هذا من حق المواطن في المحافظات الجنوبية الحصول على فترة من الحماية وإعادة التأهيل للخوض في اقتصاد السوق.. ويتضح من هذا أن صاحب قرار الوحدة في الجنوب قد دخل الوحدة في حقيقة الامر مغامراً بكل شيء فسلم أملاك الدولة وأملاك الشعب معاً الى الدولة الجديدة بينما دخل الشمال وملكية الدولة منفصلة عن املاك الشعب الخاصة. وأكد الأستاذ الجامعي أنه لم يرد في اتفاقية الوحدة أي آلية لحل قضية توزيع املاك الدولة الجنوبية إما بتعويض الجنوبيين عنها في صورة رعاية وحماية مؤقتة وإعادة تأهيل.. او اقتراح آلية لتوزيعها وتمليكها للمواطنين وجعل النسبة بين الملكية العامة للدولة والملكية الخاصة متقاربة في الشطرين. واختتم محاضرته قائلاً: إن تشخيص القضية الحنوبية التشخيص الدقيق يفتح امامنا آفاقا واسعة لحلها حلاً واقعياً وإنه وبغض النظر عن استمرار الوحدة او الانفصال فستبقى القضية الجنوبية موجودة مالم تعد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين في المحافظات الجنوبية. وفي مداخله للباحث الاقتصادي وائل المقرمي قال: المشكلة تكمن في استحواذ الاراضي والثروات في الجنوب من قبل بعض المتنفذين في الشمال مما يؤدي إلى شعور المواطن الجنوبي بالغبن والحقد ضد المواطن الشمالي وهذا يولد النزعات المناطقية. من جانبه قال الدكتور علي العسلي أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة صنعاء: إن توضيح المشكلة كما هي للخوة الجنوبين هي الحل الامثل كون الجنوبي أصبح يرى الشمالي كمحتل، بعدها سنعرف حجم المشكلة والحلول التي ستتناسب معها. وتخللت الندوة عدة مداخلات ونقاشات من قبل الحاضرين، واختتم الندوة الدكتور عدنان الصنوي أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء – رئيس مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية قائلاً: إن المركز سيعقد سلسلة من الندوات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بشكل دائم ومستمر خصوصاً فيما يتعلق بالقضية الجنوبية.