لاتزال الأراضي المزروعة بغرسة القات وأوراقها الخبيثة في محافظة إب وفي معظم مديرياتها المشهورة بزراعة تلك الشجرة تشهد وقوع وارتكاب العديد من جرائم القتل فتارة يقتل فيها أشخاص حاولوا سرقة أوراق القات من جربة ما وتارة أخرى يقتل بداخلها أصحابها وحراسها وبكلا الحالتين لا يشاركهم فيها طرف ثالث فهما طرفين اثنين وتتوزع أدوارهما ما بين قاتل وقتيل هذا ما يحدث داخل أراضي القات الديكتاتور الأخضر كما يسميه الزميل المبدع عبدالسلام الشريحي في برنامجه الأسبوعي الرائع “أسرار مكشوفة” على قناة السعيدة وسنسلط الضوء هذا الأسبوع على جريمة قتل راح ضحيتها المجني عليه/ علي محمد عبدالله غُبار 45عاماً الذي دفع حياته ثمناً لحماية أرضه المزروعة بشجرة القات حينما كشف الأشخاص الذين أرادوا سرقة أوراق قاته الذين أردوه قتيلاً رمياً بالرصاص..هذه الجريمة حدثت في إحدى قرى مديرية حبيش وكانت تفاصيل حدوثها مجهولة وخلال 24ساعة من البلاغ استطاع رجال أمن المديرية كشفها وضبط الجناة والمتهمين فيها فإلى التفاصيل الشيقة للجريمة.. الأسبوع قبل الماضي كان يوم خميس من منتصف شهر مارس من العام الجاري وكان الوقت مساءً، تلقت إدارة أمن مديرية حبيش بلاغاً من أحد المواطنين مضمونه وجود المجني عليه علي غُبار مقتولاً بداخل قاته...تم على الفور تحرك و انتقال مدير أمن المديرية شخصياً العقيد أحمد مشرح وبجانبه رئيس قسم البحث الجنائي الرائد عبدالله العبادي إلى مكان الجثة كما جاء في البلاغ الذي بلغ به أولياً لعمليات أمن المحافظة بموجبه تم توجيه خبراء الأدلة الجنائية بسرعة الانتقال من قبل العقيد أنورعبدالحميد حاتم مدير البحث الجنائي بالمحافظة عقب وصول رجال أمن مديرية حبيش للمكان كان اللحاق بهم ووصول الخبراء الفنيين وهم الرائد عبدربه فرحان العنسي على طقم الأدلة الجنائية “المعمل المتنقل” بقيادة السائق والخبير فهد الفلاحي اللذين شرعا في اتخاذ إجراءاتهم الفنية بتصوير الجثة ومكان الحادث بإشراف من مدير الأدلة الجنائية الرائد/ محيي الدين عباس الفلاحي أتضح أن المجني عليه قتل ومصاب بعدة طلقات نارية...ولكن من القاتل؟ .. تم نقل الجثة إلى ثلاجة المستشفى بعاصمة المحافظة.. مع استمرار إجراءات التحري وجمع الاستدلال والتحري التي كان قد بدأ فيها العقيد أحمد مشرح مدير أمن المديرية ورئيس قسم البحث الرائد عبدالله العبادي وتم تكثيفها بشكل أكثر بغية الوصول لأقرب الخيوط التي ستوصلهم للجاني وربما الجناة..لا سيما وأن العميد ناصر عبدالله الطهيف مدير عام أمن محافظة إب شدد على ضرورة وسرعة كشف ملابسات الجريمة وإن لا تظل مجهولة كما هي لمزيد من الوقت.. كانت إجراءات التحري قد شملت جمع معلومات عن آخر الأشخاص الذين شاهدوا المجني عليه في مزرعته “جربة القات” من ظهر ذلك اليوم حتى الليل وحصلوا على أسماء مختلفة وكثيرة...مع تواصل جمع المعلومات كانت هناك معلومة أكثر أهمية كان يحملها ابن المجني عليه وهو لا يدري أهميتها بالنسبة لرجال الأمن القائمين على إجراءات قضية مقتل والده ما كان يحمله الابن في جعبته هو إنه في ظهر يوم مقتل أبيه جاءه مجموعة أشخاص أثناء ما كان يعمل مع والده في جربة القات وطلبوا من أبيه أن يبيع لهم قاتاً فلم يوافق والده على أن يبيع لهم فتلفظوا بكلمات عابرة لم يفهمها...تعامل العقيد أحمد مشرح والرائد عبدالله العبادي مع ما قاله ابن المجني عليه وأضافوا إلى ما قد تحصلوا عليه من معلومات فقاموا سريعاً باستدعاء هؤلاء الأشخاص وعددهم ستة وإيصالهم ومباشرة اخذ محاضر جمع استدلال معهم إضافة إلى استدعاء أشخاص آخرين على علاقة بمن تم طلبهم والتحقيق معهم والذي من خلال ما أدلوا به من أقوال جميعاً وجد فيها تناقضاً في كلامهم وأقوالهم بشأن تحركاتهم يوم الحادثة كل على حدة والأوقات التي شهدت التقائهم معاً في أماكن مختلفة. التناقض والاختلاف رافقه الارتباك ومما أثار الشك حولهم فبدأ مدير أمن حبيش ورئيس قسم البحث لديه في الوصول إلى الخيط الأول لكشف ملابسات القضية حتى تمكنوا من الإيقاع بأحدهم عند إعادة المحضر معه وبدأت اعترافاتهم تظهر رويداً رويدا وتتساقط أقنعة النكران والإخفاء للحقيقة تسقط قناعاً بعد قناع....في الوقت الذي كان العميد ناصر الطهيف مدير أمن المحافظة في انتظار النتائج الأخيرة في القضية قيل إنه كان سيوجه بإحالتها إدارة البحث الجنائي للنظر فيها إذا ما استمرت مجهولة والشيء ذاته كان في انتظاره العقيد أنورعبدالحميد حاتم مدير البحث الجنائي إلا أن الخبر السار كان قادماً من بين نور ظلمة يفيد بمحتواه كشف القضية والوصول للجناة الذين اعترفوا، فيا ترى بماذا اعترفوا؟ من المؤكد أنهم اقروا قتلهم للمجني عليه علي غُبار ولكن كيف تم هذا؟.. من خلال ما اعترفوا به سأقدم لكم أعزائي وأحبابي قراء وقارئات ملحق الإنسان تفاصيل الواقعة والجريمة...في ظهر يوم الأربعاء وأثناء ما كان كل من وعددهم ستة أشخاص يعملون في نقل مخلفات (الأبقار) ويعرف ب(الدمل) من منزل أحد الأهالي ونقله لأرضه كان مرورهم من على جوار جربة المجني عليه المزروعة بشجرة القات فطلبوا منه وكان هو وابنه يعملان فيها أن يبيع لهم قاتاً فرد عليهم بعدم وجود قات فردوا عليه بقولهم (انه قد كبر رأسه) وبعدها كل ذهب بعد حاله...وفي المساء من نفس اليوم التقى ال”6” الأشخاص أنفسهم وانضم إليهم اثنان آخران وقرروا أن يقوموا بسرقة قات المجني عليه فمنهم من وافق والبعض رفض وكان عدد من وافق على تنفيذ العملية “4” أشخاص أحدهم مسلّح بسلاح آلي بينما تم تسليم سلاح أحد الرافضين للفكرة وإعطاءه لأحد الأشخاص الأربعة الذين سيقومون بالسرقة....وبالفعل تحركوا صوب جربة قات المجني عليه الذي كان متواجداً فيها ليلاً باشر اثنان من المتهمين برمي الأحجار إلى وسط الجربة المنخفضة من مكان تواجدهم بهدف إبعاد صاحبها منها ويخلو الجو لهم للسرقة...فأحس المجني عليه بهم ومن رميهم له بالأحجار فالتف بهدوء من مكان آخر ليفاجئهم منه بوجوده من خلفهم فحاولوا إخافته بتعمير أسلحتهم فما كان منه إلا اللجوء لمسدسه وتعميره وإطلاق النار فرد عليه اثنان منهم (ن ش) و(خ أ ح) بإطلاق النار عليه من الأسلحة الآلية وحاول المجني عليه النفاذ بجلده منهم والهروب إلا أنهم استمروا بإطلاق الأعيرة النارية التي أصابته وأسقطته أرضاً وسمعوا صراخه وأيقنوا أنه أصيب وفروا هاربين مخلفين وراءهم قتيلاً ولم يستطيعوا تنفيذ عمليتهم بسرقة القات التي تطورت إلى قتل.. كان قد تم ضبط عدد بندقيتين آلية وهما المستخدمتان من قبل المتهمين في قضية القتل وتم إرسالهما إلى المعمل الجنائي بإدارة البحث الجنائي لفحصهما مع الظروف الفارغة التي تم تحريزها ورفعها من مكان الحادث عند معاينته من قبل الخبراء في الأدلة الجنائية مع استمرار حجز المتهمين بالقضية وإحالتها إلى النيابة العامة للاستكمال فيها طبقاً للقانون.إذاً فتلك هي واحدة من مآسي شجرة القات التي نسأل الله عزوجل أن يجنبنا منها ومن أوراقها للأبد والله من وراء القصد.