أليس من حقك كمواطن ينتمي لدولة كاملة السيادة أن تكف عن ترديد تلك الأغنية الموغلة في القهر: قطعوا علينا الكهرباء .. والمياه وأنت غايبة أم أن عليك أن تدفع ثمن أخطاء سياسيين ناسين أو متناسين حقيقة أن الزمار يموت وأصابعه تلعب الوطن ذلك السقاء ذو الشق المائل لم يزل حالما بصباح يستطيع فيه المرور ببيوت مواطنيه دون أن تثقل كاهله الثعابين كيف يبسم ونصف وجهه مشلول كيف يشبع ونصف رغيفه متعفن كيف يهدأ ونصف أغانيه تباع نصف عقله للكوابيس نصف حلمه للخفافيش قلبه الآن يخفق بين مخالب ذئب عينه الآن تكبر في جحر أفعى كيف تركوه هكذا هشا كعصفور مفتوحا كجرح السياسيون حتما الجدد ليسوا أنبياء كيف إذن سيقنعوننا بأن الوطن لم يكن غنيمة حرب وسط هذا السرطان الذي بدأ يستعيد عافيته ونشاطه كيف سنصدق بأن الانتصار لم يكن استراحة بين حربين بل هو حقيقي زمارنا نحن لايختلف كثيرا غير أن مقدرته العجيبة على التزمير بطريقة تجعل الأفاعي الأفاعي كلها بدلا من أن ترقص تعض مذهلة للغاية الجميع يتذكرون براعته في تكحيل عين الوطن برماد بشري وتفننه في رسم خرائط جديدة للدم وإضافته قرون طويلة للدين أقنعة كثيرة للحقيقة وأخيرا إقناعه الشيطان بضرورة فتح كلتا عينيه: عين على الدين وعين على القبيلة . ليس هذا بالمستغرب من رجل باع روحه فقط.. مقابل امتلاكه سوط راعي بقر. صورته ككائن مختل إنسانيا ومشوه عقليا ستبقى.. ولنكون طبيعيين نحتاج إلى أن نلقن كل طفل يولد أغنية سارق النار لم يقتبس من تلك الحقيقة عدا وجهها المظلم. هو الآن ينبش جثة شهيد ،يخرج من جوفه أغنية يوقظ غول التطرف كما اعتاد يقول لبطانته : كل قبيلة مشروع قتل. يداه المبقعتين.. قادرتان على حرق شعب بأسره . كلماته ..البارود يحجب وجه هذه المدينة. تاجر البندقية .. عاد من أحلام نيرون ليحل في ذاكرة ميكافللي جحيم سابع وناب ثامن وليل تاسع وذيل حيواني يغري الذباب بالاحتفاظ بعناده أمام دم كل شهيد مسخ مرتين وكوافد من عالم الأموات كان يتتبع ذاكرا في كل مرة ترشده إلى أصابعه المحطمة. أمام بوابة الحياة يعض أنامله يشتهي استبدال وجهه بوجه فلاح . المنذور لعين الليل سعادته في استعادته روح الوطن ليزهقها ثانية وفي عينيه تأريخ موغل في الدم شجرة من الموت في الكتب المدرسية يحرر اليابسة من مياهها يلطخ بالدم راية الوطن يفوح باروتا يهمي نفطا يكبر ليلا ويهدي كل طفل استطاع أن يلفظ تحية العلم رصاصة . الشهوة الأولى لقاتل والقبلة الأخرى لتاجر مسكين هو هذا الوطن لا أحد من أبنائه قادر على نزع الناب الأزرق ذلك المغروس في موضع القلب حية رقطاء.. تحوط سائر مدنه صلصلته.. تنذر الناس بطوفان من الدم مأرب من مدينة تتجول بين جنباتها أرواح الأجداد ويفوح منها عبق التأريخ إلى آلة للقمع صعدة من جنة كرمها يسكر بمجرد رؤيته وسكانها يحبون الأغاني والورود إلى شوكة تغرس كل يوم في حلق الوطن تعز وجهها يطمس الآن تتحول ذاكرتها إلى مقابر جماعية عدن.. من ضحكة طفولية إلى صرخة مقهور صنعاء من عاصمة للضوء إلى مدينة للخفافيش من يقطع يد الزمار هذا ..؟! من يحافظ على أرواحنا طازجة كأغاني فيروز..؟!