"وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ" سورة الأنبياء الآية: 88] في كل عصر، وزمان، ومكان، ونظام دولة متخلفة، أو دولة قمعية، أو ديمقراطية، بزمن الرخاء أو الشدة، أو بالحرب، أو بالسلم: "وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِين" سورة الأنبياء الآية: 88] قانون! أيها الإخوة، لو لم يوجد في الكتاب إلا هذه الآية لكفت، هذا قانون، ليس الأمر متعلق بيونس عليه السلام، لأن الله عز وجل أنهى القصة، وأعقبها بقانون، يجب أن تملأ نفوس المؤمنين بالأمل والتفاؤل، ولو رأينا الخطر محدقا بنا، والعالم كله يحاربنا، ولو كان الفرق بيننا وبين الطرف الآخر فرقًا حضاريًا كبيرًا جداً, ومع ذلك: "وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ" سورة الأنبياء الآية: 88] أن تثق بالله، وتعتمد، وتتوكل عليه، هذا هو الإيمان، وترى أن الله لن يضيعك؛ لأن الله شكور، شكر الله لك أنك إذا خطبت وده خطب ودك، وإذا خدمت عباده سخر من يخدمك، وإذا أحسنت إلى خلقه أحسن إليك، وإذا خطوت نحوه خطوة أتى نحوك خطوات، وإذا أتيته تمشي فهو يهرول. اعقد الصلح مع الله تر ما يسرك: إخواننا الكرام, استجابة الله للمؤمن عجيبة، لمجرد أن تعقد معه الصلح، وتقول: يا رب تبت إليك, يقول: يا عبدي وأنا قد قبلت، في أية لحظة تقبل على الله: ((إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري ِإلى العباد نازل، وشرهم إلي صاعد، أتحبب إليهم بنعمي، وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إلي بالمعاصي، وهم أفقر شيء إلي، من أقبل علي منهم تلقيته من بعيد، ومن أعر عني منهم ناديته من قريب، أهل ذكري أهل مودتي، أهل شكري أهل زيادتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي)). إذا قال العبد: يا رب وهو راكع, قال الله له: لبيك يا عبدي، فإذا قال العبد: يا رب وهو ساجد, قال الله له: لبيك يا عبدي، وإذا قال العبد: يا رب وهو عاص, قال الله له: لبيك ثم لبيك ثم لبيك. ورد في بعض الآثار القدسية: ((أن يا داود, لو يعلم المعرضون انتظاري لهم وشوقي لترك معاصيهم, لتقطعت أوصالهم من حبي، ولماتوا شوقاً إلي، هذه إرادتي بالمعرضين، فكيف بي بالمقبلين؟)). "اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى" سورة طه الآية: 43] فرعون الذي قال: أنا ربكم الأعلى، وما علمت لكم من إله غيري، والذي قتل أبناء بني إسرائيل، واستحيا نسائهم، فرعون الجبار: "اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى" سورة طه الآية: 43] "فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً" -ليناً مع فرعون الجبار الطاغية-: لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى?[سورة طه الآية: 44] رجل كان يناجي ربه قال: يا رب إذا كانت رحمتك بمن قال: أنا ربكم الأعلى, فكيف رحمتك بمن قال: "سبحان ربي الأعلى" وإن كانت رحمتك بمن قال: ما علمت لكم من إله غيري, فكيف رحمتك بمن قال: لا إله إلا الله". ((إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، الحسنة عندي بعشرة أمثالها، والسيئة بمثلها، وأعفو، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها)).