عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: م"َنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّه". فالآن صار في عندنا معنين: إن اعتززت بِمخلوقٍ دونَ اللهِ عزّ وجل سيكونُ هذا المخلوقُ سببَ إيذاءٍ يَقَعُ بِكَ لِحكمةٍ أرادَها الله، فأنتَ أول ضحاياه إن اعتززتَ بِهِ أو إن أعنتَهُ على ظُلمِهِ. في معنى يعني كثير دقيق قلّما ينتبه لَهُ الإنسان: في شخص يؤذي إيذاء غير طبيعي، عندما أنت تؤذي لا سمح الله ويأتيك نفع من الأذى يعني تقريباً في شيء مقبول، إنسان جاهل بعيد عن الدين أوقع الأذى بإنسان وانتفع من الأذى، يعني أيام تدُل على بِضاعة تأخذ ثُلث المُصالحة مبلغ ضخم فأنتَ عندما قُمت بالدلالة أخذت مبلغ، هذا يعني بِمنطق الجاهل، بِمنطق الكافر، بِمنطق الفاجر مقبول إلى حدٍ ما أنّهُ ضرَّ إنسان وانتفع هوَ، أما في حالة صعب أن نفهَمَها شخص يُؤذي ولا ينتفع، يُؤذي ولا ينتفع أبداً ما تفسيرُها، حالات كثيرة جداً، يُدمّر أسرة أحياناً يُدمّر إنسان نهائياً ولم ينتفع بشيء، كأنّهُ يُحِب الأذى، هذا تفسيرُها: « أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً (83)» (سورة مريم) يتحرّك بتوجيه الشيطان، يُوقع الأذى بتوجيه الشيطان، دونَ أن يشعُر ودونَ أن ينتفع، إذا انتفعت نقول تقريباً أنَّ هذا الإنسان بِكُفرِهِ وبُعدِهِ عن الله وجهلِهِ وَجَدَ المنفعة بهذهِ الإخبارية فَكَتَبَها وأخذ ثُلُث المُصالحة، أما عندما يُؤذي دونَ أن ينتفع هذهِ حالة نادرة جداً أو حالة غريبة جداً هذهِ تفسيرُها: أَلَمْ تَرَى أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا، آخر آية: « إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً (96)» (سورة مريم) لِهذهِ الآيةِ معنيان، المعنى الأول: من علامة المؤمنين وُدٌ لا حُدودَ لَهُ بينَهُم، واللهِ هذا الوِد خالِصٌ للمؤمنين الكُفّار: «تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى» (سورة الحشر الآية 14) أمّا المؤمنون شيء عجيب، في وِد بينَهُم لا يعلَمُهُ إلا الله، وكُلما أنتَ كانَ إيمانُكَ أقوى ومحبَتُكَ للهِ أشد تشعُر بِوُد نحوَ أخيك وِد غير طبيعي، كأنك أنتَ وإياهُ واحد، يُؤلِمُكَ ما يُؤلِمُهُ، يُسعِدُكَ ما يُسعِدُهُ، إذا أقل شيء أصابَهُ تَهُبُ لِنجدَتِهِ، هذهِ الحياة اللطيفة التي فيها وِد ومحبة وتعاون وتناصر وتضحية وإيثار هذهِ من ثِمار الإيمان، إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدًّا، هذا الوِد من علاماتِ الإيمان الصادق في الطرفين. الآن بالمقابل كُلما كانَ هُناكَ حسد وتنافُر وبغضاء وطعن وتصغير واحتقار بينَ المؤمنين دليل ضعف الإيمان بل هبوطُهُ عن الخط الأحمر، فالمُؤشر المُسعد الحُب بينَ المؤمنين والتعاون والوِد والإيثار والتضحية، ومُؤشر مُقلق أن ترى حزازات، قلوب ممُتلِئة بالحسد، الغيظ والانتقاد، الطعن، هذهِ علامة مُقلِقة فيما بينَ المؤمنين، ولا يُحِبُنا الله إلا بِتعاوُنِنا وتناصُرِنا وتراحُمِنا وتواضُعِنا لِبعضِنا بعضاً، وحينما نحتكم إلى غير المؤمنين في خِلافاتِنا، يعني شيء مُؤلِم جداً طلاق حَصل في بِلاد الغرب يحتكِمون لِقاضي أمريكي لا لِقاضي مُسلِم لأنّ القاضي الآخر يُعطي نِصف الدخل للزوجة، الزوجة ترفُضُ شرعَ اللهِ عزّ وجل فإذا طلَّقَها زوجُها ترفَعُ القضية إلى محكمة مدنيّة كي تأخُذَ نِصفَ ثروةِ زوجِها أمّا لو رَفَعَتها إلى محكمة شرعيّة تأخُذُ مهرَهَا فقط، فصارَ هُناكَ أُناس هويتَهُم إسلامية يرفضونَ حُكمَ اللهِ عزّ وجل هذا شيء واقع، هذا المعنى الأول إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدًّا بالمقابل المعنى الثاني: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدًّا، فيما بينهم وبينهُ، أعتقد في وِد بالكون أعظم من هذا الوِد، الواحد إذا كانَ لَهُ علاقة طيبة مع شخص قوي تجدهُ نائم مُطمئن يقولُ لَكَ معي رقم هاتِفِهِ أي إنسان قامَ بإزعاجي أُخبِرُهُ.. مثلاً.. إذا واحد لَهُ صِلة مع إنسان قوي وقد يكون عبد ضعيف لكن في مقياس المجتمع قوي يشعُر بِطُمأنينة عجيبة أو باعتزاز عجيب فكيفَ لو كانَ لَكَ وِد مع خالِق السماوات والأرض إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدًّا، فالمؤمن بالتعبير الدارج “غالي على الله كثير”.. وحياتُهُ مُقدّسة ومصالِحُهُ مُؤمّنة ولَهُ معاملة خاصّة ولَهُ عناية خاصّة بل إنَّ بعضَ العلماء قال: “ حتى الآيات التي هي في حقِ النبي للمُؤمِنِ مِنها نصيب “: "فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا" ( سورة الطور الآية 48) يعني وكذلِكَ المؤمن بِقدرِ استقامته وإخلاصِهِ هوَ في عينِ اللهِ عزّ وجل.