شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    التصعيد العسكري بين الهند وباكستان يثير مخاوف دول المنطقة    التصعيد العسكري بين الهند وباكستان يثير مخاوف دول المنطقة    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    استشهاد امرأة وطفلها بقصف مرتزقة العدوان في الحديدة    الحكومة: الحوثيون دمّروا الطائرات عمدًا بعد رفضهم نقلها إلى مطار آمن    مجزرة مروعة.. 25 شهيدًا بقصف مطعم وسوق شعبي بمدينة غزة    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    صنعاء تكشف قرب إعادة تشغيل مطار صنعاء    وزير النقل : نعمل على إعادة جاهزية مطار صنعاء وميناء الحديدة    بيان مهم للقوات المسلحة عن عدد من العمليات العسكرية    سيول الأمطار تغمر مدرسة وعددًا من المنازل في مدينة إب    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    الاتحاد الأوروبي يجدد دعوته لرفع الحصار عن قطاع غزة    الصاروخ PL-15 كل ما تريد معرفته عن هدية التنين الصيني لباكستان    صنعاء .. هيئة التأمينات والمعاشات تعلن صرف النصف الأول من معاش فبراير 2021 للمتقاعدين المدنيين    صنعاء .. الصحة تعلن حصيلة جديدة لضحايا استهداف الغارات على ثلاث محافظات    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    الزمالك المصري يفسخ عقد مدربه البرتغالي بيسيرو    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    الجنوب.. معاناة إنسانية في ظل ازمة اقتصادية وهروب المسئولين    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الاربعاء 7 مايو/آيار2025    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    عشرات القتلى والجرحى بقصف متبادل وباكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    إقالة بن مبارك تستوجب دستوريا تشكيل حكومة جديدة    مكون التغيير والتحرير يعمل على تفعيل لجانه في حضرموت    في الدوري السعودي:"كلاسيكو" مفترق طرق يجمع النصر والاتحاد .. والرائد "يتربص" بالهلال    بذكريات سيميوني.. رونالدو يضع بنزيما في دائرة الانتقام    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القات «ثلاثية متلازمة»: إقبال.. توسع.. استنزاف موارد !!!
يراه البعض رمزاً للتفاعل الاجتماعي ومحصولاً نقدياً يحقق أرباحاً سريعة، ويتفق الجميع بأنه يُحدث نتائج سلبية على الإنسان والمياه والبيئة
نشر في الجمهورية يوم 20 - 08 - 2013

تشير كثير من الأدبيات أن بلادنا عرفت شجرة القات منذ مطلع القرن الخامس الميلادي وظل لفترة طويلة سلعة تتناولها نخبة من المجتمع اليمني محدودة العدد ومع تنامي النشاط الإنساني بفعل توليفة التحضر التي مر بها اليمن خلال النصف الثاني من عقد السبعينيات من القرن المنصرم والذي تميز بالارتفاع التدريجي لمعدل النمو السكاني المترافق مع تغير الميول الاقتصادية والاجتماعية منها إقبال شريحة واسعة على نبتة القات فتوسعت مساحة زراعته 21 مرة في الفترات الماضية مزيحة المواد القابلة للتصدير كالبن والفواكه والخضروات والذرة والمواد الغذائية الأخرى. و ازدادت الحاجة أمامه لري الأراضي المستحدثة لزراعته وبالتالي التوسع في حفر آبار المياه الجوفية بالتزامن مع شحة مصادر تجددها فهو ينطق عن مفارقة واقعية تجمع ما بين السبب (الإقبال والتوسع) والنتيجة (استنزاف الموارد) كصورة لراهن الإنسان اليمني ومستقبل أجياله بعد أن أصبح سلعة لها سوق رائجة وطلب متزايد كماً ونوعاً من مختلف الفئات الاجتماعية والعمرية ذكوراً وإناثاً ومن مختلف المهن والمستويات تعليماً ووظيفة.
إقبال متزايد
كثيرة هي تلك العوامل والعناصر المتضافرة مع بعضها التي أدت إلى زيادة الإقبال على تعاطي شجرة القات بدأت مشوارها الأول منذ بداية الثلث الأخير من القرن الماضي بفعل توليفة التحضر على المستوى المعيشي ومدخلات الزراعة المتمثلة في المكنة الزراعية والآبار الأنبوبية وربط عدد من مناطق الريف والحضر ببعضها بواسطة شبكة الطرق التي تمر من خلالها سلسلة متصلة من النشاطات الإنسانية وزيادة معدل النمو السكاني هذا كله بالتزامن مع تنامي البحث عن الوظيفة في المدن وما رافقه من هجرة داخلية أفرزت جزءاً كبيراً من الوقت غير المستثمر وزادت من معدلات أوقات الفراغ اضف كون القات يعتبر عاملاً مساعداً في إنجاز الأعمال سواء كانت يدوية أو بدنية باعتباره يحتوي على مكونات منشطة تساعد في التغلب على الإرهاق والتعب والسهر في الليل ومواصلة العمل لساعات أطول إلى جانب ذلك يعد القات عنصراً أساسياً لحضور المجالس العامة والأعراس والعزاء واجتماع الأصدقاء وحلقات النقاش والاجتماعات الرسمية والحزبية والثقافية ويسهم في ترابط العلاقات العامة باختلاف طبيعتها المكونة للمصالح الاجتماعية كما يعد ملاذاً مقبولاً لدى شريحة واسعة من الشباب في ظل ضعف الطاقة الإنتاجية والأعمال المهنية ومع تزايد معدلات البطالة في هذه الشريحة وقلة إعداد النوادي الرياضية والثقافية والمتنفسات والحدائق العامة .
توسع متنامٍ
كما هو معلوم أن الأسباب التي ساعدت على الإقبال المتزايد لتعاطي القات خلقت ظروف عرض ارتبطت مع ظروف الطلب وفق آلية السوق هذه الظروف تنامت بشكل خطي ساعد في امتدادها إدخال وتوفر كثير من العناصر المرتبطة بالزراعة كالآلات والمعدات المختلفة في الزراعة وحفر الآبار الجوفية والتي امتلكها المزارع ساعدت على زيادة محصول القات الذي يزرع في ظروف مساعدة مرتبطة بالمناخ والبيئة فزيادة معدل ارتفاع الحرارة في السنوات الماضية ساعد على التوسع في زراعة القات في مناطق مختلفة كانت فيما سبق لا يُزرع فيها القات إلى جانب استصلاح أراض هامشية كانت غير مستخدمة للجوانب الزراعية و ارتبط هذا التوسع بتوفر نسبي لمصادر الري وبالذات في المناطق التي يقل الهطول المطري فيها كما يتمتع القات بتحمله ظروفاً مناخية اكثر من غيره من المحاصيل خاصة النقدية منها ولا يحتاج لمدخلات وأيد عاملة كثيرة مقارنة بغيره من المحاصيل ومن جانب آخر ساعدت شبكة الطرق المتوفرة والسيارات الحديثة على إيجاد نظام تسويقي قل أن تجد له مثيلاً من بين السلع الأخرى فزادت عدد الأسواق في طول اليمن وعرضها وبما أن تركيبة المجتمع في غالبيتها ريفية فالقات يوفر مصدر دخل مناسب لمعظم الأسر الريفية ويعمل على تشغيل الأيادي العاملة في الإنتاج والتسويق والبيع والتي هي أياد عاملة لم تكمل تعليمها في الغالب . كما ساعدت الهجرة الداخلية في إضافة قيمة طلب على شجرة القات من نواحٍ كثيرة خلقت بدورها ظروف عرض مناسبة ومن جهة أخرى يرى المهتمون بهذا الشأن أن غياب دور المؤسسات والهيئات الزراعية في متابعة هموم ومشاكل المزارعين وارتفاع أسعار المدخلات الزراعية وقطع الغيار والديزل , إلى جانب تأثر المزارعين بانخفاض أسعار المنتجات الزراعية من الخضار وغيرها في ظل غياب السياسات التسويقية المؤسسية لبقية المحاصيل الزراعية من تسويق وتخزين والآلات وإمكانيات تساعد المزارع على تصريف محاصيله الأخرى كل هذه في مجملها ساعدت على التوسع في زراعة القات .
الربح السريع
وبما أن القات محصول نقدي يتم قطفه مرات عديدة في السنة ويتحمل ظروفاً مناخية متنوعة ولا يحتاج لأيد عاملة كثيرة ويمكن تصريفه وبيعه باستمرار وبشكل يومي في ظل زيادة الطلب عليه إلى جانب ما ذُكر من عوامل مجتمعة أو منفردة دفعت بالمزارع اليمني إلى تركيز اهتمامه بهذه النبتة والتخلي عن كثير من المحاصيل ذات العائد السنوي والنصف سنوي التي لا تحقق له أرباحاً سريعة بعكس القات الذي تفوق على بقية المحاصيل من حيث الجدوى المالية على مدار العام فالمزارع اليوم لا يعاني كثيراً من تدبير مصروفه اليومي واحتياجات عائلته وذلك من خلال قيامه بالتوجه إلى قطعة أرضه المزروعة بالقات أياماً كثيرة من الأسبوع يقوم بقطف جزء من المساحة المزروعة وبيعها بشكل سريع وبربح سريع و أوقات سريعة بعكس محصول البطاطس أو العائلات الباذنجانية الأخرى أو بعض المحاصيل النقدية من غير القات أو أنواع الفواكه التي تحتاج لرعاية وأيد عاملة وبذور محسنة ومدخلات زراعية الآلات ومعدات وقطع غيار وديزل في ظل ارتفاعها مع غياب السياسات التسويقية ودور القطاع الخاص كداعم للمزارع ومنتجاته الزراعية . فالوقت المنتظر والجهد والمال المبذولان والعائد الربحي للمحاصيل الأخرى لا يسعف المزارع اليوم من حمى الأرباح السريعة لمحصول القات وما يحققه من تميز عن بقية المحاصيل الأخرى لتكون المحصلة ما بين الأرقام القياسية للطلب في ظل الإقبال المتزايد والعرض في ظل التوسع المتنامي نتائج كارثية على الإنسان والمياه والبيئة وتدهور الموارد بكل أشكالها.
أرقام قياسية ما بين الإقبال والتوسع
تتفق الإحصائيات الرسمية وغير الرسمية أن نسبة متناولي القات تصل إلى 70 % من الذين تجاوزوا سن البلوغ من إجمالي السكان ويتعاطى القات حوالي (73 %) من الذكور البالغين (46 %) من الإناث. بينما يتعاطى القات ما بين (15 % إلى 20 %) من الفئة العمرية الأقل من 12 سنة وبالنسبة للمساحة المزروعة حسب كل محصول من المحاصيل النقدية للفترة (2007 - 2011) فقد جاء محصول القات وفقاً للإحصائيات الرسمية في صدارة المحاصيل النقدية من حيث متوسط المساحة المزروعة سنويا والبالغة (152,748) هكتاراً في المتوسط فيما ارتفعت خلال العام 2012 إلى 167 الفاً و682 هكتاراً. وبحسب ما أكده المهتمون بهذا الشأن أن مساحة القات زادت خلال العقود الأربعة الماضية بحوالي 21 مرة وأن عدد المحافظات التي يزرع فيها القات 18 محافظة من إجمالي عدد المحافظات في الجمهورية والبالغ عددها 21 محافظة بينما تتركز زراعته في 6 محافظات.
يستنزف المياه
صنّفت اليمن مؤخّراً كأحد أربع دول هي الأشدّ فقراً في الموارد المائية و تشير معظم الدراسات والتقارير أن اليمن يواجه تحديات مائية باعتباره مناخاً شبه جاف حيث يصل معدل استهلاك الفرد من المياه في العام 135 متراً مكعباً وهو من اقل المعدلات في العالم.
وبحسب ما نشرته الجهات الرسمية والتقارير والمؤتمرات المهتمة بهذا الشأن تبلغ كمية المياه المتجددة في بلادنا حوالي 2.5 مليار متر مكعب سنوياً، وبالمقابل فإن نسبة المياه المسحوبة من المياه المتجددة في اليمن تبلغ ما نسبته 136 % أما الاستخدامات المختلفة للمياه فتبلغ كميتها حوالي 3,6 مليار متر مكعب سنوياً يستخدم منها ما نسبته 93 % فلزراعة ري القات يشكل اكثر من 30 % من الاستخدامات المائية و يستأثر بأكثر من 800 مليون متر مكعب من المياه سنوياً والباقي 7 % للاستخدام البيئي والصناعي الأمر الذي يحدث فجوة عجز بين كمية المياه المتجددة وكمية المياه المستخدمة تقدر بحوالي مليار متر مكعب في السنة .وادى استخدام وتطبيق التقنية الحديثة لحفر الآبار الإفراط في التنقيب عن المياه الجوفية والضخ الزائد لها دون أن يتم تطويعها وتطويرها بما يتناسب مع الظروف المحلية السائدة مع تزايد المساحات المزروعة بالقات لتعلن بذلك ارتفاع معدلات نضوب العديد من الآبار والاتجاه نحو قرب نفاد عدد من الأحواض المائية.
اكثر من مائة الف بئر
تشير الإحصائيات أن عدد آبار المياه الجوفية اكثر من مائة الف بئر في عموم المحافظات الذي زاد سحب المياه الجائر منها من مستوى تعميق الآبار وبالتالي ظهور عدد من الإشكاليات الجيولوجية الجوفية زادت من غور المياه . وبالإضافة إلى هذه العوامل يعتبر تدنّي كفاءة الري والري بالغمر وسوء الاستخدام والإدارة وعدم تطبيق القوانين إلى جانب تأثير التغيّر المناخي وتدني مستوى الوعي وتحول الزراعة إلى الزراعة من اجل السوق أسباب زادت من تدهور الوضع المائي في بلادنا كل ذلك في ظل زيادة عدد النمو السكاني و الإقبال الذي رافقه التوسع في زراعة القات.
تراجع إنتاجية المحاصيل
إن التوسع المخيف لشجرة القات أثر بشكل مباشر في الإنتاج الزراعي وذلك بانخفاض إنتاجية المنتجات الزراعية من محاصيل نقدية وغيرها حيث أشار التقرير الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء إلى أن المساحات المزروعة بالحبوب والفواكه والأعلاف والخضروات تراجعت خلال العام 2011 عما كانت عليه في العام 2010 بينما حافظت مساحة القات على توسعها مما أدى إلى انخفاض مستويات الاكتفاء الذاتي من السلع الزراعية وزيادة الاعتماد على الإمدادات الخارجية والاستيراد الذي يقدر ب 90 % من استيراد الحبوب وما نسبته 75 % من الاستيراد الغذائي وفقاً لإحصائيات رسمية والتي عادة ما تتأثر بها أيضاً كثير من فروع وقطاعات الاقتصاد الوطني.
تدهور الأراضي الزراعية
كما أن غور المياه الجوفية نتيجة الاستنزاف الجائر اعلن عن تدهور عدد من الأراضي الزراعية وأصبحت غير ذي نفع هذا من جانب ومن جانب آخر أدى الاستخدام المفرط غير المقنن للمبيدات التي تستخدم في القات الذي يتجاوز استهلاكه من المبيدات والأسمدة 70 % من إجمالي ما يستورد منها إلى تدهور خصوبة الأرض وأصبحت عناصر التربة في عدد من الأراضي المزروعة بالقات غير ملائمة لزراعة محاصيل أخرى . ناهيك عن الأضرار الصحية وغيرها كثير.
استنزاف للدخل
يصل معدل الإنفاق على القات ما نسبته 35 %من دخل الأسرة بحسب ما تؤكده دراسات فهو يمثل حيزاً كبيراً في حياة الأسرة اليمنية حيث يتم الإنفاق عليه على حساب السلع الضرورية حيث يقدر انفاق اليمنيين من متعاطي القات ب400مليار ريال في السنة . ولتفصيل أكثر يقدر إنفاق 2 مليون يمني على المياه المعدنية والمشروبات الغازية يومياً والتي تتطلبها طقوس جلسة القات ويتم شربها في مائدته إلى 100 مليون ريال أي 36 مليار و400 مليون ريال سنوياً. حيث تنتج المصانع المحلية أكثر من 3 ملايين قنينة مياه بشكل يومي وتستورد اليمن 146 ألفاً و 506 آلاف طن من المياه المعدنية والمشروبات الغازية سنوياً من 25 بلداً تصل قيمتها حوالي 11 مليار ريال.
يهدر عنصر العمل
بينما يتفق الجميع أن القات يستهلك جزءاً كبيراً من دخل الأسرة يرى كثير من المهتمين بهذا الشأن انه يستهلك أيضاً الجزء الأكبر من عنصر العمل حيث يعمل في زراعة القات وحراسته وتسويقه والإتجار به كثير من الشرائح الاجتماعية ومعظم القوى العاملة التي تعمل في قطاع الزراعة غير أنها تعمل في إنتاج سلعة لا تضيف أي قيمة حقيقية للإنتاج والدخل الوطني باستثناء جزء غير مقنن من عائدات الضرائب . كما أن عدداً ليس قليلاً من متعاطي القات يتوقفون عن العمل لمدة تصل ما بين (4 - 6) ساعات في اليوم أي أن (المولعي) يضيع ما يقارب من 150 ساعة في الشهر و (1800) ساعة في السنة للفرد الواحد ليكون الفاقد من ساعات العمل على اليمنيين أكثر من 6 مليار ساعة عمل خلال العام .
عدو مبين للادخار
ويرى مختصو سياسات التنمية والاستثمار والتخطيط الاقتصادي أن القات عدو مبين للادخار وخاصة المحلي ولا يمكن اعتماد التنمية التي تتطلب مصادر تمويل محلي وخارجي ولو بجزء من مصادر التمويل المحلي (الادخار) حيث يرون أن القات لا يساعد على تعبئة المدخرات الحقيقية اللازمة لتنفيذ برامج التنمية في القطاعات الإنتاجية وبخاصة القطاع الصناعي وتحفيز الاستثمارات المنتجة في الصناعات لإحلال الواردات وهو بذلك يحدث جزءاً من الفجوة في التمويل المحلي تولد فجوات أخرى تتمثل في ضعف الاستثمار والإنتاج ويتبع ذلك انخفاض وتيرة تطور الدخل الوطني عن النسب المطلوبة الكفيلة بمنع انخفاض حصة الفرد منه الذي يذهب معظمه إلى القات وهكذا تقفل الدائرة مرة أخرى . في ظل محدودية الموارد الطبيعية الزراعية و عدم كفاية طرق الإنتاج ومعدل النمو السكاني المرتفع.
القات و رأس المال البشري علاقة غير خطية
أوضحت دراسة عن السكان والتنمية في اليمن وتحديات المستقبل صدرت عن الأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان نشرت في العام 2012م أن بلادنا قد دخلت مرحلة جديدة في النمو والحراك السكاني منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي تميز بالارتفاع التدريجي لمعدل النمو السكاني فقد ارتفع معدل النمو السكاني السنوي من حوالي 2 % في بداية السبعينيات ليبلغ هذا المعدل أعلى مستوى له في منتصف التسعينيات بلغ 3.7 % حسب نتائج التعداد السكاني الذي أجري عام 1994م . بينما أوضح تقرير التنمية البشرية، الرابع والصادر في شهر إبريل من العام الحالي عن تراجع معدلات النمو السكاني في اليمن من 3.5 % كمتوسط سنوي خلال الفترة من 1988م - 1994م، إلى 3 % في الفترة 1994 – 2004م. وبحكم أن تركيبة المجتمع في غالبيتها ريفية فالقات يوفر مصدر دخل مناسب لمعظم الأسر الريفية التي تدفع معظم أبنائها في إنتاج وحراسة وتسويق وبيع القات لتسهم هذه العناصر في إبعاد الأولاد عن إكمال التعليم وتسربهم حتى من المراحل الأولى منه وفي الجانب الآخر من المعادلة فإن الزيادة النسبية لإعداد الشباب الخريجين من الجامعات والمعاهد الذين هم غالباً من أبناء المناطق الحضرية لا تلبي كثيراً من مخرجاتهم التعليمية سوق العمل الذي يتطلب أعمالاً مهنية وتخصصات نوعية في الغالب مع غياب استثمار هذه القدرات وتنميتها كرأس مال بشري زاد من معدلات البطالة بكافة أشكالها تزايد معها معدل أوقات الفراغ كطرف ثالث من المعادلة الذي يجد أصحابه أن القات والإقبال عليه يمثل ملاذاً آمناً في الهروب من الواقع الذي ينطق به حالهم ليعيشوا ساعات من ذروة الكيف الذي تعززه الروابط الاجتماعية واجتماع الأصدقاء والأصحاب . لتصبح العلاقة بين القات والنمو السكاني غير المستثمر علاقة غير خطية كرافعة للنموّ والتنمية بكافة اتجاهاتها .
أكياس القات قنابل بيئية
تزايد استخدام الأكياس البلاستيكية اليوم اكثر من أي وقت مضى بسبب الإقبال المتنامي لمتعاطي شجرة القات وانتشار أسواق بيعه في طول وعرض اليمن . ومع وجود الطلب والعرض المتزايدين على القات ازداد أمامها الاستهلاك الصاروخي للأكياس البلاستيكية . حيث يصل حجم الاستهلاك السنوي للأكياس البلاستيكية في اليمن أكثر من 60 ألف طن طبقاً لإحدى التقديرات. وبحسب وزارة الصناعة تقدر الكميات المستوردة من الأكياس البلاستيكية محلياً بحوالي 60 % من إجمالي الأكياس المتداولة في السوق اليمني في حين تغطي المصانع المحلية إنتاج ال40 % من كمية الأكياس المباعة في السوق المحلي. وبحسب بعض التقديرات الصحفية أن عدد أكياس البلاستيك التي يستخدمها متعاطي القات قد يصل في السنة إلى(أربعة مليارات وثلاثمائة وثمانين كيساً سنوياً) على اعتبار أن الذين يقومون بشراء القات بشكل يومي يصل إلى حوالي 12.000.000شخص يحتاجون إلى(اثني عشر مليون كيس بلاستيكي يومياً). بمعدل يصل إلى 360.000.000 مليون كيس في الشهر. فيكفي من يمشي في احد الطرق الرئيسية أو الفرعية هنا أو هناك ما يراه من أمواج الأكياس البلاستيكية وهي تتمايل في قارعة الطرق وتداعب أغصان الأشجار. كأحد المظاهر التي لا تخطئها العين وأثرها في خدش المنظر الجمالي هذا ناهيك عن الأضرار المخيفة التي تنتشر بفعل هذا الاستخدام الجائر للأكياس البلاستيكية والتي لا توجد أرقام ومؤشرات واضحة بشأن حجم الضرر البيئي والصحي على الإنسان والكائنات الحية البرية منها والبحرية في ظل الدور الخجول للجهات التشريعية ومؤسسات حماية البيئة الحكومية والأهلية ومنظمات المجتمع المدني وضعف التوعوية الشعبية والرسمية الإعلامية المشتركة المتضمنة التوعية بالمخاطر البيئية والصحية وأثر البلاستيك على الحياة بشكل عام .
كسر قوس الثلاثية
يرى كثير انه يظل من الصعب الحديث عن الحدَ من زراعة القات وإيجاد البدائل له ما لم تتخذ الإجراءات الكافية والكفيلة للحدَ من استهلاكه خاصة وأن أعداد متناولي القات في زيادة مستمرة مع تزايد النمو السكاني ودخول مستهلكين من الفئات العمرية الصغيرة وبالتالي التوسع في زراعته وزيادة إنتاجيته رأسيًا وأفقيًا. ليفرز تدهور واستنزاف كثير من الموارد الطبيعية والبشرية .
ولكسر هذه الحلقات ذات التناسب الطردي يؤكد المهتمون بهذا الشأن أن الحد من الإقبال والتوسع لزراعة القات يتطلب تضافر كل الجهود الرسمية والشعبية لإحداث معالجات متعددة الجوانب في المدى الطويل من خلال تطبيق فعلي لسياسات اقتصادية محفزة واجتماعية مساعدة وقرارات ملزمة وقوانين زجرية تُحدث تخفيضاً في مستوى الطلب والاستهلاك والتوسع و تمكن المزارع من التوجه إلى زراعة المحاصيل الزراعية ذات المردود الاقتصادي المستدام وبما يخفف من أعبائه ومتطلباته الزراعية ورفع مستوى الوعي لديه بأهمية الحفاظ على المخزون المائي والأراضي الزراعية الصالحة . كل ذلك بالتزامن مع التفعيل النوعي للدور الهام لوسائل الإعلام المختلفة وتوعية كل شرائح المجتمع من خلال مؤسسات التنشئة و الخطباء والمرشدين ومنابر الفكر والأدب والمثقفين ومنظمات المجتمع المدني لإحداث استجابة توعوية شاملة تسهم في ادارك مخاطر القات على المجتمع اليمني حاضره ومستقبله. ومع كل ذلك تظل ثلاثية القات تمتلك كل الخيارات المفتوحة ما بين الإقبال والتوسع على حساب الإنسان اليمني وموارده وما بين الإرادة السياسية والشعبية للحد من استهلاكه حفاظاً على ما تبقى من موارد للأجيال القادمة باعتبارنا مطالبين بحقهم لعيش حياة كريمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.