أشعر باليأس، وأشعر بكل ما حولي يشاركني ذلك؛ مع احتفاظ تلك الأشياء بالعجز عن مساعدتي، الستائر الكحلية، كوب الماء الفارغ، ساعتي المعطلة؛ حتى ذلك «الجاكت» الشتوي يقف عاجزاً عن إهدائي لحظة خلاص من شتاء المواجع؛ جميع ما حولي لا يمتلك القدرة ولا أنا. أرى أن كل ما في الغرفة أعمق وأشد عجزاً من الآخر؛ ليصل بنا التشابه إلى التماثل، وتلك الشمعة المحترقة التي تعجز عن إطفاء لهيبها؛ تسعى جاهدة إلى استحالة جزئها العلوي إلى بركةٍ مذابة؛ علّ تلك الذبالة تغرق فيها فتنطفئ؛ إلا أن جهدها يذهب نحو الاحتراق والغياب. قبل أن يطفئها الظلام تعجز أيضاً عن درء الشبهة عن نفسها من كونها تحترق لإنارة الآخرين، وحدها تدرك أنها تحترق دون امتلاكها القدرة لإطفائها والمحافظة على ما تبقّى من جذعها. أنا كذلك أحترق من الداخل بسبب إشعال الآخرين حرائقهم في صدري، لا أريد أن أكون بائساً وعاجزاً كتلك الشمعة، ولا أريد أن أحترق مهدياً الآخرين ومضة توهُّج في غيابي. لن أتمثّل «الماسوشية» لإرضاء ساديتهم، ولن أنطفئ للتكفير عن سوادهم، ولا أريد أن أكون كغابة تعجز أياديها عن الإمساك بأصبع طفل يعبث بعود ثقاب وترحل. سأنتزع إحساسي إن كان تلك الذبالة، وسأطفئ شوقي إن كان ذلك اللهب، سأتناول ذلك الكوب الفارغ وأملأه صلاةً وأملاً. أنا وحدي تلك القدرة للبقاء، لست قلقاً من الظلام كونه التعريف الأمثل للنجوم، لقد اكتشفها قبل امتلاكنا قدرة النظر إلى السماء. لا داعي للمباهاة في دحره، فوحده من تضحكه سذاجتنا، سأشاركه صدى قهقاته، فأنا لست إلهاً كي أعبث بموازين الكون؛ كذلك الطفل الذي يشعل الغابة في لحظة لهو. سأتحرّى اليأس في هذه اللحظات، سأحثه على الاكتمال بي للوصول إلى لحظة وداع أتمكن خلالها من الوميض. لا تبقى الحياة مكتملة وإن ساورنا الظن، سيظل يقينها الأبدي ب«النسبية» وسيظل يقيننا المطلق بكمال الإله وعجزنا.