لاشك أن التغيير الذي يسمو بالبشرية ويبني مجد هذه الأمه هو ذاك التغير الذي تدفعه مشاعر الإنسانية وتقوده مبادئ الحق والعدل والضمير لا تضخه محطات المصالح الذاتية أو الحزبية تسعى إلى دنياه عقول بناءة ترشدها أفكار عظيمة بأهدافها الراقية الرامية إلى اجتثاث البؤس والشقاء المناهضة للعنف والتخريب والتبعية التواقة للنهوض والتطوير والبناء وبكل الوسائل الممكنة وبنور العزم والهمة تجعل من تلك الأشقياء والمهمشين والبؤساء موارد بشرية عظيمة يموت على أيديهم الشقاء وتثمر بأفكارهم الدنيا. فالتغيير الأسمى هو ذاك التغيير الذي يعشق رواده مبدأ الارتقاء بالإنسان ومن رحمه يولد ربان عظماء بأفكار تقدس العدل والسلام وتحطم أوكار الأطماع والأنانية والاحتكار وتبدد الفرقة والانقسام وبقلوب تنبض بالخير والحب والإيمان عامرة بأرقى صور النبل والكمال تتزاحم في مرافئها خمائل الحب والجمال ومشاعل الرقي والسلام والإحساس بالآخر من عامة الناس والرغبة الجياشة بالارتقاء بهم والسمو بابن الوطن وترى قيمة الحياة ولذتها على أحضان الأمن والاستقرار والرخاء والعدل والوئام وبكل سخاء تجود بمناصرة كل الناس لا يعترض مسارها سوى سيوف الحق وحده وعلى عرش تلك القلوب يتربع سلطان عظيم وفارس حكيم يذهل بمنجزاته كل الناظرين يصول ويجول في كل الميادين تنقيباً عن الفساد إينما وجد ويقذف بدنسه إلى توابيت الفناء وينحني للعدل ويعتنق مبادئه والعقيدة وما يهدأ له بال وما تقر له عين ولا يطيب له مقام إلا بمقاومة الظلم وإنصاف الضعفاء, يرافقه الدرب فكر عظيم يعمل بلا كلل يسابق الزمن من أجل خدمة الإنسانية والارتقاء بها وتحقيق الرفاهية للجميع وإخراج وطن تنبهر بمنجزاته الأمم يعانقه المجد بل ويفخر به المجد انتساباً لا نلتمس على أرضه الأثر لتشرد الأماني وتبعثر الطموح وصدى الأفكار وضياع الأحلام في خنادق الفساد ومدافن الفقر وبطون الصحارى ولاوجود فيه لظلم يتراقص أصحابه على دماء الضحية والعبور وسط بحوره والسباق وبلا وجل عبر جسوره للوصول إلى المبتغى ولا مكان فيه لتلك الأنات المكتومة التي تجوب بالأعماق وتعبث بكل شيء هناك... فالتغيير يفقد هدفه وبريقه والأثر إذا انطلق بعيداًَ عن الدوافع الإنسانية الخالية من الربح والمكسب والمصلحة والمنصب فحينها سيكتفي قاداته بمجرد شعارات تهتف وحماس مزيف يتقد ونظريات تطلق وصولاً إلى مناصب لطالما ظلت تراودهم وبعد الوصول ستخرس الألسن وسترحل القلوب وستموت الضمائر. فما أجمل أن نرى تغييراً يسمو بنا يحاكي آلامنا والمعاناة, ينتشل الوطن من أكواخ الفقر والبطالة, ينهمر كغيث يطهر الأرض من كل صور التمييز وكافة أشكال الفساد ,وبرواده العظماء ينهي رحلة الضياع والتخبط والشقاء, يفتش في كل الأرجاء عن كل الأشياء التي ترتقي بنا جميعاً وبميزان العدل ووهج الضمير ونور الحق ومبدأ المساواه يكفل لكل ذي حق حقه وبكل عزم واقتدار يزيح عنا العناء وبقوة الحب والتعاون والإخلاص والرغبة العارمة في الانتصار نحتفل معاً بفرحة التحقيق وعظمة الفكر والإنجاز. فهل يا ترى سنرى يوماً تغييراً أسمى يسمو بنا؟.