كأي امرأة مقعدة في الأربعين من العمر كانت جالسة على كرسيها المتحرك, وبدلاً من أن تحيك الصوف, بدأت تقلب صفحات دفتر مذكراتها... خلال ساعات اختصرت عشرات السنين من عمرها وكأنها ترى فيلماً سينمائي لو عرض لحصد الكثير من الجوائز.. رأت من بين السطور بريق عينيها.. طغيان أنوثتها الذي تحطم عنده أعتى الرجال.. لم تجد من يستحقها لذا فقد قررت أن تبقى وحيدة منتظرة اليوم الذي ستجد فيه فارسها المنتظر.. تقدم لخطبتها الكثيرون وفي كل مرة لم يكن هو.. سمعت ملح دمها يصرخ وهي تقضم شفتيها بقوة مما أعادها إلى الواقع.. أرادت قضاء حاجتها فضغطت على الزر المثبت بكرسيها عدة مرات.. بعد دقائق دخلت الممرضة ممتعضة, وهي تنظر إليها بنظرات كفيلة بجعلها تتمنى لو أنها بللت كرسيها عوضا عن ضغط ذلك الزر اللعين.. سالت دمعة محرقة من إحدى عينيها.. أغمضتهما لوهلة, وهي تتمنى لو أن تلك الممرضة المخيفة تتبدل بمجرد أن تفتح عينيها إلى ابنة محبة.. ولد بار.. زوج مخلص.. بابتسامة يائسة فتحت عينيها بتردد, لكن أحداً منهم لم يكن موجوداً.. فقط بعض ما استطاعت فهمه من شتائم بربرية كانت بادية بعيني تلك الممرضة ولو لم تنطق!!.