صانع بصمتنا اليوم هو من مواليد الحشاء محافظة الضالع، تربّي في تعز ويعمل فيها، حصل مؤخراً على درجة الماجستير من جامعة تعز في العام 2013م، وهو ابراهيم علي المسلمي.. انخرط في التدريب في العام 2010م، وقد أسهم الصندوق الاجتماعي للتنمية بفروعه المختلفة بدور كبير في وصوله إلى هذا المستوى.. ولأن لكل واحد ذكريات؛ فإن المسلمي يتذكّر أول دورة تدريبية فيقول: في العام 2010م لم أستطع الوقوف أمام المتدرّبين، وكان الخوف يتملكني، وكان الصوت يتحشرج والعرق يتصبّب، وهي حالة طبيعية كوني أول مرة أقف فيها أمام متدربين؛ لكن ساندني كثيراً المدرب محمد المداني الذي كان بجانبي في أول دورة تدريبية واستمر يشجعني كثيراً، حيث كنت أمتلك المعارف والمهارات بالإضافة إلى وقفة مدير فرع الصندوق الاجتماعي للتنمية في تعز المهندس مروان المقطري, وأيضاً ضباط المشاريع في الإدارة العامة للصندوق وفرع تعز فقد شجعوني كثيراً وأتاحوا لي الفرصة، وبعدها انطلقت للتدريب في الصندوق وخارج الصندوق، ويقول إبراهيم إنه يجد متعة وراحة نفسية في التدريب الذي أكسبه معارف ومهارات وسلوكيات وجعله يقرأ كثيراً. ويؤكد: تأثرت باثنين من أروع المدربين الذين تدربت على أيديهما وأعتز بهما وتعلمت منهما ما لم أتخيله وأتعلمه من أحد قبلهما سواء كانت معارف أم مهارات أو اتجاهات أولهم الأستاذ محمد المداني وهو مدرب معروف بمعارفه الغزيرة ومهاراته التي يشهد لها الجميع.. والآخر الأستاذ حمود حنظل وهو مدرب دولي مشهود له بالكفاءة التدريبية، فعلى يديهما تعلمت المعارف والمهارات وأكسباني اتجاهات لم تكن موجودة لدي من قبل. إبراهيم يرى أن التدريب رسالة سامية ورسالة تنوير للمجتمع، وينبغي أن تعطي حقها فيقول: قبل أن نفكر بالمقابل المادي نفكر بالمخرجات التدريبية، ولا نكتفي عند المخرجات، بل نفكر بالنتائج النهائية، حيث إن بناء الإنسان وتغيير اتجاهاته وتقويم الاعوجاج هو محور بل جوهر التنمية المستدامة، حيث تشير الدراسات والأبحاث إلى أن الاستثمار في البشر له نتائج إيجابية كبيرة تنعكس على إحداث تنمية شاملة بين أوساط المجتمعات وتترك أثراً إيجابياً، وهذه هي الرسالة التي ينبغي أن ننطلق منها، وهي رسالتي التي أحاول دائماً أن أنطلق من خلالها في 1825 ساعة تدريبية قدّمتها لجهات وفئات مختلفة، طبعاً ما سبق لا يمنع أن تأخذ ما تستحقه من مقابل مادي؛ لكن المهم هو أن تقدّم شيئاً جديداً ومختلفة بكيفية وكفاءة عالية. ويقول المسلمي إن بصمته تظهر من خلال مخرجات ونتائج التدريبات التي يقدّمها ومن خلال الاتجاهات التي يكتسبها المتدرّبون وأيضاً من خلال ما يلحظه من تغييرات إيجابية سواء على المستوى الشخصي أم في مجال العمل لكثير من الشباب الذين درّبهم، ويقول: هي بصمة أعتز بها، ويكفي أن يكون هناك شخص غير سوي أصبح بعد التدريب سوياً ونجح في مقر عمله وآخر نجح في حياته الشخصية. ويواصل المسلمي حديثه حول التدريب وما أعطاه فيقول: مسألة التدريب ليست مسألة أخذ وعطاء، فاليمن مازال فيها التدريب يعاني من قصور كبير ولايزال مفهوم التدريب قاصراً على الجانب المادي أكثر منه على الجانب الآخر، ونحن هنا من يُفترض أن نعطي التدريب في اليمن طابعاً خاصاً ونقدّمه بطريقة خاصة بحيث نقدّم أفضل ما لدينا من معارف ومهارات ونحدث تغييراً إيجابياً بين أوساط من نقوم باستهدافهم، لكن في نفس الوقت التدريب أعطانا مساحة أكبر للتفكير والعلاقات وتبادل الخبرات والمهارات. المسلمي كمدرب له طموحه فيقول: هناك طموحات شخصية متعدّدة منها أن أصبح خبيراً تنموياً ومدرّباً دولياً وتكون لي بصمتي للإسهام في إحداث تنمية مجتمعية شاملة، أما الطموح العام فهو أيضاً طموح مرتبط بالطموح الشخصي وهو إحداث نقلة نوعية وتنمية مجتمعية شاملة من خلال التدريب. وهو يرى أن مشاركة المرأة في التدريب مهمة فيقول: بالتأكيد لا فرق بين الرجل والمرأة، فهي شريكة للرجل في التدريب وفي مجالات التنمية المختلفة، وهناك نساء رائدات ولهن بصمة واضحة في ذلك. وعن رؤيته للتدريب في اليمن بعد خمس سنوات يقول: هناك ضبابية في تحديد رؤية مستقبل التدريب في اليمن بعد خمس سنوات، وهذا يعتمد على ما يقدّمه المدرّبون والجهات التي تقوم بتنفيذ التدريب، فإذا تم تغليب مبدأ الكفاءة التدريبية والجودة على الجانب المادي سيكون التدريب في المستقبل القريب ذا طابع مختلف ويسهم في بناء الإنسان اليمني، أما إذا تم تغليب المصالح الشخصية والجانب المادي على الجودة والكفاءة فسيكون الوضع مختلفاً ويقود إلى مزيد من التدهور. وعن منافسة المدرّب اليمني لغيره قال: هناك مدربون بكفاءات عالية تفوق كفاءات الكثير من المدربين المحليين والدوليين؛ لكن هذه الكفاءات لم تُتح لها الفرصة للظهور أو انشغالهم في وظائف لدى جهات محدّدة، وهذه الجهات لا تسمح لهم بالتدريب خارج إطار المؤسسات التي يعملون فيها. وحول التهافت على المدرّبين الخارجيين أكثر من المحليين، يقول: مجالات التنمية متعدّدة، ومجالات التدريب أيضاً متعدّدة، والمدرب اليمني بحاجة إلى مزيد من المعارف والمهارات والاطلاع على كل جديد, وهناك موضوعات في مجالات العلوم المختلفة تحتاج إلى مدربين متخصّصين فيها، واليمن تفتقد مثل هذه التخصصات، فتجد أحياناً مدرّباً في مجال التخطيط الاستراتيجي وليست لديه خطة استراتيجية، أو مدرباً في مجال البحث العلمي وهو لا يمتلك مهارات البحث العلمي، وهكذا وهو ما أدّى إلى فقدان الثقة بكثير من المدربين المحلّيين من هذا النوع. وعن التدريب التطوعي من قبله يقول: هناك العديد من التدريبات الطوعية التي قدّمتها ومازلت أُقدمها سواء للأفراد أم لجهات مختلفة، وأيضاً قدمت أبحاثاً ودراسات، وقمت بتصميم العديد من الخطط الاستراتيجية لجهات متعدّدة بشكل طوعي, وأيضاً من خلال الاستشارات التي أُقدمها للأفراد والجهات. ويقول المسلمي إنه لا يفكر أن يكون التدريب له مصدر رزق وإنما ينطلق من قول الإمام علي ابن أبي طالب، كرّم الله وجهه: “لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً؛ خير لك من حُمر النعم” أن أُحدث تغييراً إيجابياً في شخص واحد سنوياً؛ خير لي من ألف دولار. وبما أن التدريب سبب شهرة الكثيرين؛ فهو يرى أن الشهرة لا تهمّه فيقول: المسألة ليست مسألة أن تكون مشهوراً، فأحياناً تكون الشهرة على حساب الجودة والكفاءة وبناء الإنسان، فهناك كثير من المدربين نجد ضجة إعلامية حولهم لكنهم لا يقدّمون شيئاً جديداً، وهناك العكس من ذلك, وأنا شخصياً لا أهتم بمسألة الشهرة وإنما أؤدي واجبي على أكمل وجه في التدريب، وإلى جانب التدريب لدي مجموعة من الأبحاث والدراسات. وعن الرسالة التي يوصلها إلى المجتمع من خلال التدريب يقول: التدريب وسيلة مهمة لبناء الإنسان وتغيير اتجاهاته، وهو ما ينعكس على إحداث تنمية بين أوساط المجتمعات المحلية، ويعتمد ذلك على تجويد العملية التدريبية، وعلى المجتمع أن يقوم بدور الرقيب على ذلك. وعن أبرز المعوّقات التي تواجه المدرّبين اليوم؛ يتناولها إبراهيم من وجهة نظره بقوله: أبرز المعوّقات التي تواجه المدرّبين اليوم هي ندرة وجود المراجع الحديثة، وندرة وجود بيئة ملائمة للاطلاع والبحث العلمي, وأيضاً كثرة عدد المدرّبين الغث والسمين والذين تنقصهم الخبرة والكفاءة التدريبية؛ بل أصبح المدرّب الواحد خبيراً في كل المجالات «مدرّب أبوفأس» ما أدّى إلى فقدان الثقة بالمدرّبين. إبراهيم المسلمي يتمنّى أن يصبح المدرّب اليمني نموذجاً ينافس بقوة على صدارة التنمية البشرية على المستوى المحلّي والإقليمي والدولي، وأن ينعكس ذلك على تحسين وتغيير حياة الإنسان إلى الأفضل على وجه الأرض. [email protected]