نحو 50 ألف قصبة من أراضي الوقف في مديرية المسراخ بمحافظة تعز تقاسمها المعتدون من أبنائها وعلى رأسهم المنتسبون من قريب أو بعيد لذرية الأسلاف الواقفين , وكما باقي أراضي الوقف في البلد لا يتورع نظراء الوقف في المديريات والمشائخ والمتنفذين من اقتسام ( الفيد ) في ضل تراخي الأجهزة الأمنية والقضائية المعول عليها مؤازرة مكاتب الأوقاف في المحافظات والمديريات. وفي مديرية المسراخ المتخمة بكل ما سلف ذكره بزغ شاب فيها ثلاثيني العمر منذ أكثر من 4 أعوام مجنداً نفسه لإخراج الوقفيات المغيبة منذ نصف قرن مضى , مستنداً بأصول قديمة ووثائق ورثها عن والده المتوفى , وقد استطاع الشاب المدعو مهدي قاسم عبدالغني خلال السنتين الماضيتين من استرجاع 3000 ألف قصبة عشاري من أراضي الوقف ليرغم من توارثوا الاستيلاء عليها على الاستئجار من الوقف أو التخلي عنها , وحد قوله : أن ذلك لم يكن ليتسنى له لولا نزاهة وصرامة رئيس محكمة المسراخ فضيلة القاضي خالد أحمد صالح العكر, الذي فاجأ المغتصبين بسرعة إصدار عدد من الأحكام القضائية في حق المغتصبين لأراضي الوقف دون الرضوخ لإملاءات وإغراءات وتهديدات ناهبي الوقف ..يقول المحتسب مهدي قاسم : الحمد لله أني لست من أصحاب الكروش الكبيرة لأتقاسم مع النهابة ما تبقى من أراضي أوقاف المسراخ , فأنا رجل فقير وأكسب لقمة أطفالي بالشقاء حجر وطين لكن الله يجعل سره في أضعف خلقه كما يقولون , فعندما بدأت أشِب وتوفي والدي وجدت تركة من البصائر تمتد إلى خارج المديرية كلها تعود للأوقاف , فما كان مني إلا أن نذرت نفسي محتسباً في مكاتب الأوقاف والنيابة والمحاكم والأمن حتى تمكنت بفضل الله وقاضي المسراخ العكر استعادة 3000 قصبة عشاري , ولا أطمع من وراء ذلك إلا الأجر في تحمل أمانة الأصول الوقفية التي بحوزتي , ثم أطمح براتب يسير من مكتب الأوقاف يعينني على إكمال ما بدأت به لانتزاع نحو 50 ألف قصبة ما تزال بيد الغاصبين , الذين لا آمن مكرهم وبطشهم بي في أية لحظة وحينها سيجد أطفالي أنفسهم بلا عائل . يتطابق كلام مهدي قاسم مع مضمون عشرات الوثائق والتوجيهات من وكيل المحافظة الشيخ عبدالله أحمد أمير ومن مدير عام مديرية المسراخ الموجهة إلى مكتب الأوقاف بالمحافظة لاعتماد درجة وظيفية للمذكور كونه من أجدر المستحقين للتوظيف في الأوقاف نظير نشاطه ومشقة احتسابه عن الوقف طيلة سنوات مضت وخلال قادم الأيام , لاسيما وليس لديه مصدر معيشي يعول به أطفاله , يقول أحد موظفي مكتب الأوقاف في تعز : ذات زيارة لمكتبنا قبل أشهر قام بها وكيل وزارة الأوقاف المساعد , فاجأنا الأخ مهدي وفاجأ الوكيل باصطحابه شوالة تحوي رفات أحد الموتى التي نبشت قبورهم في المسراخ أثناء حفر أساسات منازل أحد ناهبي أراضي المقابر الوقفية في المسراخ , كما اطلع الوكيل يومها على الأحكام القضائية التي حصل عليها المحتسب ضد ناهبي الوقف باسترجاع 3000 قصبة , غادر بعدها وكيل الوزارة وكلنا توقعنا أن المحتسب سيحصل على وظيفة بعد أسابيع , لكن الأشهر تمضي والراجل ما يزال ( يبرطع ) في المكتب والمحاكم لاسترجاع أراضي الوقف , ولا يجد حق اللقمة ولا أجر التنقل من المسراخ إلى تعز , وحالة المسكين ضنكاً ( أغبر أدبر) في حين العشرات من المحسوبين على أوقاف تعز لا نلمح حتى صورهم إلا يوم استلام الراتب , لا لإنشغالهم في حماية الوقف بل لنهبه مع عصابات الأراضي والفيد والمشيخة !.. يختتم المحتسب مهدي قاسم عبدالغني : لم آت إلى الصحيفة لأبلغ المعنيين في تعز ووزارة الأوقاف بهمي وعوزي للحصول على راتب والله شاهد بل لألقي بالمسؤولية على عاتقهم لاتخاذ كل ما من شأنه الاستفادة من الأصول الوقفية التي بحوزتي لاستخراج باقي الأراضي المنهوبة , خاصة والعامين الماضيين يشهدان حمى غير مسبوقة لنهب أراضي أوقاف المسراخ وفي مقدمتها المقابر التي تسيل لعاب المعتدين لقربها من القرى والمناطق السكنية , كما هو حل مقبرة الكدرة التي يستمر العدوان على رفات أمواتها يومياً لطمس معالمها ومن ثم بيعها أملاكاً حرة ! , حتى أن أحداً من أولئك الغاصبين لم يترك لموتانا حرمة ولم يخشى عواقب العدوان على أملاك الجبار , ولم تردعه أحكام قضائية , بسبب هشاشة أمن مديرية المسراخ .