أدان مجلس الأمن الدولي الممارسات التي يقوم بها الساعون إلى تعطيل وتأخير وعرقلة المرحلة الانتقالية في اليمن وتقويض جهود الحكومة اليمنية.. مبدياً في ذات الوقت استعداده للنظر في مسألة تبني تدابير إضافية رداً على أي أعمال يقوم بها أفراد أو أطراف بهدف عرقلة المرحلة الانتقالية في اليمن. جاء ذلك في بيان أصدره مجلس الأمن مساء أمس في ختام جلسة المشاورات المغلقة التي عقدها برئاسة الرئيس الدوري للمجلس مندوب الصين الدائم لدى الأممالمتحدة السفير ليو جيه يي، في اطار جلساته الدورية المكرسة لمتابعة تطورات الأوضاع في اليمن والاستماع الى تقرير مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الى اليمن جمال بن عمر حول تقييمه للخطوات المنجزة على صعيد العملية الانتقالية السلمية. وأعرب أعضاء مجلس الأمن في البيان عن قلقهم إزاء التقارير المتواصلة التي تشير إلى تدخل أولئك الساعين إلى تعطيل وتأخير وعرقلة المرحلة الانتقالية وتقويض جهود الحكومة اليمنية.. معلنين إدانة أعضاء مجلس الأمن لمثل هذه الممارسات سواء على أيدي عناصر النظام السابق أو الانتهازيين السياسيين خاصة عبر مقاطعة المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني أو التهديد بالمقاطعة أو من خلال الوقوف أمام مسار التوافق لإنهاء الحوار الوطني. ورحب أعضاء مجلس الأمن الدولي، وفق ما نقلته وكالة «سبأ»، بالتقدم الذي احرزته المرحلة الانتقالية السياسية في اليمن حتى الآن وكذا بجهود الحكومة اليمنية الرامية إلى إعادة بناء الاقتصاد وتعزيز الأمن وبنجاحات مؤتمر الحوار الوطني الذي أنتج حواراً سليماً شاملاً وهادفاً حول مستقبل البلاد في ظل تنوع الأطراف الفاعلة التي تشمل الشباب والمرأة وممثلي المجتمع المدني ومكوني الحوثي والحراك الجنوبي.. وإذ أعرب أعضاء مجلس الأمن في البيان عن قلقهم ازاء المخاطر المترتبة على تأخر اختتام اعمال مؤتمر الحوار الوطني عن موعده المحدد.. شددوا في ذات الوقت على ضرورة إنهاء مؤتمر الحوار الوطني في أقرب وقت ممكن بهدف الانتقال إلى مرحلة صياغة الدستور والإعداد للانتخابات وهي الخطوات القادمة في المرحلة الإنتقالية. ودعوا كل الأطراف إلى المشاركة بفاعلية وبصورة بناءة وبروح التوافق في معالجة ما تبقى من القضايا العالقة اللازمة لإنهاء الحوار لاسيما القضايا المتعلقة بمسألة الجنوب وهيكل الدولة. وحث أعضاء مجلس الأمن كافة الأطراف اليمنية على الالتزام بالمبادئ والنصوص التوجيهية لمبادرة دول مجلس التعاون الخليجي والآلية التنفيذية المزمنة للمرحلة الانتقالية. وفي حين جدد أعضاء مجلس الأمن الدولي دعمهم للحكومة اليمنية لتعزيز الأمن والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والدفع بالإصلاحات في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.. أكدوا في ذات الوقت التزامهم بمتابعة المرحلة الانتقالية السياسية السلمية في اليمن عن كثب. وشددوا أن اختتام المرحلة الانتقالية السياسية يجب أن تعتمد على الانتهاء من الخطوات الواردة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. وأشار أعضاء مجلس الأمن إلى تطلعات الشعب اليمني في أن يؤدي مؤتمر الحوار والمرحلة الانتقالية إلى مخرجات وتحركات من شأنها تحسين الأوضاع الأمنية وتؤسس للحكم الرشيد وتوفر الخدمات الأساسية لليمنيين ككل. وأثنى أعضاء مجلس الأمن الدولي على المساعي الحميدة لمكتب الأمين العام للأمم المتحدة وجددوا دعمهم لجهود مبعوثه الخاص جمال بن عمر.. مشيدين في ذات الإطار بجهود مجموعة السفراء العشرة للدول الراعية للمبادرة الخليجية والتي تتواصل في صنعاء مع جهود بقية الشركاء الدوليين الداعمين للتحول الذي يشهده اليمن في الوقت الراهن. هذا وقد أعرب الرئيس الدوري لمجلس الأمن مندوب الصين الدائم لدى الأممالمتحدة السفير ليو جيه يي عقب قراءته للبيان أمام وسائل الإعلام في ختام الجلسة عن أمله في أن يحرك بيان مجلس الأمن الأمور في اليمن.. وقال: “اللقاء اليوم ركز على مؤتمر الحوار الوطني في اليمن وبيان مجلس الأمن صدر أمس بالإجماع وهو بيان واضح لدعم اليمن”.. وأضاف: “وبالنسبة لمؤتمر الحوار نريد دعم كافة الأطراف في اليمن وندعو كل الأطراف الى دعم المرحلة الانتقالية.. وشدد السفير الصيني أن رسالة مجلس الأمن واضحة، وتؤكد بأن مجلس الأمن يدعم وحدة اراضي اليمن.. وكان مجلس الأمن استمع خلال الجلسة المغلقة حول اليمن الى تقرير قدمه مساعد أمين عام الأممالمتحدة ومستشاره الخاص لشؤون اليمن جمال بن عمر حول تطورات الوضع في اليمن والتحديات التي تحول دون اختتام أعمال مؤتمر الحوار الوطني.. وقال بن عمر في تصريحات ادلى بها الى وسائل الإعلام عقب الجلسة: “يسعدني أن أرى مجلس الأمن يتحدث مجدداً بصوت واحد دعماً لعملية الانتقال السلمي في اليمن، ويحذر المفسدين والمعرقلين وبأنه سيتخذ إجراءات إذا استمرت مساعيهم.. موضحاً أن مجلس الأمن أبدى “قلقه إزاء تقارير مستمرة حول تدخل أولئك الذين ينوون إعاقة عملية الانتقال السياسي وتأخيرها وعرقلتها وتقويض الحكومة اليمنية”.. كما “أدان أية محاولات، سواء من جانب أفراد من النظام السابق أو من انتهازيين سياسيين”. وأشار الى أنّ مجلس الأمن “شدّد على أنّ نهاية الانتقال السياسي يجب أن تستند إلى إنجاز الخطوات المنصوص عليها في المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية”، لا على جدول زمني تقديري. وعبر مساعد أمين عام الأممالمتحدة ومستشاره الخاص لشؤون اليمن عن الشكر لمجلس الأمن على ترحيبه بالمساعي الحميدة التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة، وتحديداً تجديد دعمه لمبعوثه الخاص الى اليمن. واستطرد بن عمر قائلاً: “عدت صباح أمس من زيارتي الخامسة والعشرين إلى اليمن، ويمكنني القول: إن العملية السياسية تواصل التقدم بشكل ملحوظ رغم التحديات”. وقال: “أسفر الحوار الوطني الشامل عن مخرجات واعدة حتى الآن، وأرسى خارطة طريق لعملية تحوّل ديموقراطي جذري. وهذا إنجاز كبير”. وأضاف: “يسعى اليمن إلى تحقيق تحوّل ديموقراطي جذري في غضون أشهر، وقد تطلبت هذه العملية سنوات في بلدان أخرى، والأولوية هي تحقيق المهام المنصوص عليها في اتفاق نقل السلطة (المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية)، لا الالتزام بجدول زمني تقديري”. وكشف المبعوث الأممي أن دور المعرقلين في الحياة السياسية في اليمن مازال يساهم في زعزعة الاستقرار، منبها من أن هذا الدور يهدّد الانتقال السياسي. وأردف قائلاً: “يرى معظم أعضاء مؤتمر الحوار الوطني أنه لا يمكن للمعرقلين أن يتمتعوا بالحصانة وأن يواصلوا تقويض العملية الانتقالية في الوقت نفسه”. ومضى بن عمر قائلاً: “من المهم أن نذكر أن القانون الدولي يحظر منح العفو والحصانة لمرتكبي الإبادة وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والجرائم المرتبطة بالعنف الجنسي وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”. وتابع: “يعتقد بعض عناصر النظام السابق أنه في إمكانهم إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وقد أطلقت حملة ممنهجة مستعرة وواسعة ضد الرئيس عبدربه منصور هادي سعياً إلى تشويه سمعته والإساءة إلى العملية الانتقالية، وذلك عبر تضليل الرأي العام بأن ولايته تنتهي في فبراير 2014 ومحاولة العودة إلى ما قبل العملية الانتقالية”.. وأوضح المبعوث الأممي أن اتفاق نقل السلطة ينص بوضوح أنّ الرئيس المنتخب يبقى في السلطة حتى تسليمها إلى رئيس جديد وأن الولاية الرئاسية تحدد عبر إنجاز المهام المنصوص عليها في اتفاق نقل السلطة، أي أن الولاية غير محدّدة بزمن معين بل مرتبطة بإنجاز المهام. واستطرد بن عمر قائلاً: «قلت لمجلس الأمن إننا بدأنا ندرك الآن، أكثر ما كنا نتصوّر، طبيعة ومدى التمييز في حق الجنوبيين، وحجم النهب الممنهج لموارد الجنوب، وشعور الجنوبيين بالإهانة على يد مسؤولي النظام السابق وإنه تم إطلاق صندوق ائتماني بمساهمة دولة قطر بمبلغ 350 مليون دولار كخطوة مهمة في هذا الاتجاه، ونأمل أن تتبعه إجراءات أخرى لبناء الثقة”. وقال: “وما يزال الدعم البنّاء من المجتمع الدولي، بما فيه مجلس الأمن ومجلس التعاون لدول الخليج العربية وسواهما أساسياً من أجل المساعدة في تقدّم الانتقال السلمي في اليمن، الذي يقترب حالياً من تقاطع طرق ولايزال خطر انزلاقه وارداً”.. واختتم المبعوث الأممي تصريحه لوسائل الإعلام قائلاً: “كما أبلغت مجلس الأمن بجهود الرئيس هادي المضنية وشجاعته في قيادة العملية الانتقالية، التي تستحق الدعم الكامل”.