يا مزهري الحزين من يرعش الحنين؟ إلى ملاعب الصبا.. وحبنا الدفين؟ هناك.. حيث رفرفت على جناح لهونا اعذب ساعات السنين... يا مزهري الحزين الذكريات.. الذكريات تعيدني في موكب الأحلام للحياة لنشوة الضياء في مواسم الزهور يستل من شفاهها الرحيق والعطور ... وبعد هذا كله.. في صحوة الحقيقة ينتفض الواقع في دقيقة يهزني.. يشد أوتادي إلى آباري العميقة يشدها.. يجذب منها ثورتي العريقة ويغرق الأوهام من مشاعري الرقيقة ويخلق الإنسان مني وثبة وقدره عواصفاً.. وثورة هنا.. هنا إذ زمجرت رياحنا الحمراء تقتلع القصور من منابت الثراء وتزرع الضياء وتغدق الغذاء.. والكساء.. والدواء على الذين آمنوا بأنهم أحياء وخيرة الأحياء في الحقل.. في المصنع.. في كل بناء.. يا مزهري الحزين يا مزهري الضعيف ما عاد شعبي ينسج الأوهام في لحن سخيف عن «قيس ليلى».. «روميو جوليت».. أسماء كثيرة دبت دبيب النمل في أسفارنا المثيرة دبت بنا بحمولة الأفيون في سفن خطيرة كي توهم الدنيا بأنا أمة الوهم الحقيرة لكننا.. يا مزهري المحزون.. يا ضعيف نبني.. نحيلك أنت من وتر حريري رهيف مستضعف باك.. إلى وثب.. إلى ضرب عنيف كي يشهد المستعمرون بأننا حقاً نخيف لا أن نخاف أو أن نموت مع الضعاف! اسمع اذاً مني.. ووقع لحن قصتي الجديد وأبعث به في مركب الشمس العتيدة للخلود اسمع.. أنا من قبل قرن أو يزيد قرن وربع القرن بل اكثر من عمري المديد كانت بلادي هذه ملكي أنا.. ملكي أنا خيراتها مني.. ومن خيراتها أحيا أنا كانت.. ومازالت.. وهذي قصتي.. فانصت لنا: في ليلة مسعورة.. موتورة الظلماء أوفت إلى شواطئي مراكب الأعداء يقودها القبطان «هنس».. إنجليزي حقير يقرصن البحر شهى.. وجيفة من الضمير هذا الحقير ارسى هنا.. ومد عينيه إلينا في اشتهاء ونسج المزاعم النكراء في دهاء مدعياً أن جدودي هاجموا سفائنه ونهبوا خزائنه.. واننا بكلمة غريبة: قراصنة.! تصوروا.. نحن اذاً قراصنة! وهكذا انداح له الغزو إلى اقصى الحدود ودنس البلاد بالجنود.. والنقود وبذر القلاقل وفرق القبائل ولملم الدجى على أطرافه.. يصول يمد من أطماعه مخالب المغول! لكننا على المدى.. منذ احتلال أرضنا كنا يدا.. يداً تصافح الرفيق في الكفاح.. لا العدا وقطعة الرغيف والمبدأ الشريف زادان.. كانا كافيين للبقاء فنحن شعب لا ينال الضيم منا ما يشاء هاماتنا فيها من الشمس بريق الكبرياء لا نعرف الدموع إلا أن نحيلها دماء تعلو على ضفافها بواسق الآباء .. وكلما مرت بناء أعوامنا الطويلة نغرس من ثورتنا بذورنا الأصيلة في كل جيل صاعد يؤمن بالضياء بالأرض.. بالمعول.. بالسلاح.. بالبناء.. ومن هناك تصلّبت عقيدة السلاح ونحن منذ خلقنا نعرف ما معنى السلاح نعرفه.. ونرضع الأطفال منه للكفاح ونصنع الرصاص من مرارة الألم وننتشي نرتقب الفجر الجديد في شمم حتى بيوتنا التي طلاؤها الغبار حيث عم ترمي على سيمائنا ظلالها.. وتبتسم ..... وانتفض الزمان.. دق الساعة الأخيرة فاندفعت جموعنا غفيرة.. غفيرة تهز معجزاتها في روعة المسيرة وجلجلت ثورتنا تهيب بالأبطال: الزحف يا رجال.. الزحف والنضال.. فكلنا حرية نحن للقتال.. وهكذا تفجر البركان في «ردفان» ورددت هديره الجبال في «شمسان» وانطلقت ثورتنا ماردة النيران تضيء من شرارها حرية الأوطان وتقصف العروش في معاقل الطغيان وتدفع الجياع في مسيرة الإنسان يشدهم للشمس نصر يبهر الزمان!! وهكذا تبدّداً عهد من الطغيان لن يُجدَّدا وحلَّقت على المدى ثورتنا.. تهتف فينا أبدأ يا عيدنا المخلدا غرِّد.. فإن الكون من حولي طليقاً غردا غرِّد على الأفنان في ملاعب الجنان الشعب لن يُستعبدا قد نال حريته بالدم والنيران وقتل القرصان