الضمير الإنساني وصحوته واليقظة هو الأساس المتين للمجد والارتقاء وضياء الكون وحضارة الدنيا. فعندما تشرق واحات الكيان البشري بفجر الضمير الإنساني ونوره والعطاء وثرائه والضياء تغادره كل مكونات الفساد وبواعثها والأهداف ودواعيها والأسباب وعلى الفور تحزم أمتعتها وتهجر دنيا الوجود البشري خوفاً ورهبه من تلك الرقابة الربانية التي وضعها الإله على أفياء الضمير البشري والتي تفوق وتفوق أدق الأجهزة الأدمية العالمية المتطورة صنعاً وجوده وإبداعا وإحكاماَ وإدارة فترتقي به النفوس عالياً وتسمو بنا الأفكار وتسعى معاً لإخراج وإنتاج مجتمع حضاري يحترم الآخر ويقدس الحق والواجب وبتلك السلوكيات التي يديرها الضمير وبكل صدق وحرص وأمانة يشق سبلاً معبده إلى قلب الازدهار وتلك الحضارة وفي سجلنا الحياتي توثق بوهج النور تلك السلوكيات والأفعال العظيمة التي ينعكس إثرها الوضاء على صفحات التطور والنمو والارتقاء. فغياب الضمير هو المسؤول الأول عن ذاك الفساد الذي ينخر في فكر الأمة ويوقف النمو ويتصدى للإبداع ويخطف منها مسيرة التقدم ويهدي شعوبها قسراً للتخلف والضياع والإفلاس والتقزم وبيقظته يصرخ هو بكل جرءه في وجه الظلم والتوحش والغطرسة والأنانية والتسلط رافعاً إشارات الطرد والإخلاء والترحيل وأقسى عبارات الإهانة والإذلال والتحقير وبواسطة محكمته الموقرة يصدر أحكامه القضائية العادلة التي تقضي بالحبس المؤبد والإعدام والنهاية لأشباح العنف والاستغلال والرشوة والغش والاحتيال والتقصير والتخاذل والإهمال. فتنسحب كل قوى الشر ويترك الفساد كل البقاع بواسطة أجهزته الرقابية البديعة التي تفيض عدلاً ورسوخاً ونزاهة والتي لا تخضع لذاك التسلل المعتاد في تلك الأجهزة الرقابية البشرية وذاك التحايل والعبث الكبير بالقوانين الوضعية وأحكام البراءة والإدانة وأدوات الحقيقة ونتائج التتبع والبراهين والأدلة. فما أجمل أن نسير معاً وفقاً لتلك الخطوط العريضة التي يرسمها لنا الضمير الإنساني ويبعث فيها روح الثبات والقوه والأبي والمقاومة لكل انحراف أو ميل أو تقهقر يحيد بنا عن تلك الخطوط المضيئة ويحول دون ارتقاء الأمه. ويالروعة أن تسير خطانا وفقاً لتلك الخطوط التي تشع بوهج الارتقاء والنماء والنهوض. وما أروعك أيها الضمير وأنت تقف في وجه البشر منقباً عن تلك الأخطاء والعمل على محاربتها والتنكيل وأيضاً معالجتها والتصحيح عند الوقوع فيها والتحصين منها إذ لم نقع بعد. وما أروع شموخك وإصرارك والصمود حين تفتش في حنايا الروح عن تلك الزلات المحملة بالظلم وتكبل وقعها والضرر ومفعولها والأثر فأنت حقاً كصخرة عنيدة يتحطم فوقها جبروت الفساد وسلطان الأنانية والطمع والأحقاد, ويا لبهاء حضورك الدائم في تلك الأوكار الخفية, المحصنة, البعيدة عن نظر العيان وأجهزة الحساب والرقابة الآدمية وفي تلك الأشياء التي تقطن هناك في الباطن مع تلك الأسرار المكنونة في العمق فيا لروعتك وأنت تغربل في أوراقها بحثاً عن هفوة قلم أو تصرف ماء سرق حقاً وخلّف وجعاً وألما واغتصب حلماً وأملا و قطف عمراً ووأده ظلماَ وبسيوف التوبيخ والردع والتأنيب تقتص للمظلوم منهم وللحق تستعيد وبك أنت يعقد الفرد عزمه على ألا يعود كي لا يحترق بنار التأنيب وذاك السعير وضراوته والجحيم. فهل يا ترى ستشرق أيامنا وسيأتي زمن الضمير الذي سنعمل فيه جميعاً بضمير وسنتعامل بضمير وسنخاطب بعضنا بلغة الضمير وسنحتفي معاً على أحضان وطن راق.. رائع.. جميل؟