عندما يجمع الإنسان مهارات متعدّدة فإنه بذلك يؤكد قدرته على التأقلم والتفاعل مع كل ما هو محيط به، فتجده فرداً بألف فرد؛ لا يعجز عن التعاطي مع كل ما حوله من أحداث ووقائع، وكلامنا هذا ليس تشجيعاً لأن يكون المرء “بتاع كله” لكن صانع بصمتنا اليوم المدرب عصام قاسم العديني “36 عاماً” رغم أنه تربّى في محاضن التعليم التي تشبّع منها الكثير من المعارف والمهارات وخاصة مهارة المسرح والإنشاد، فله بصمة كبيرة في توعية المجتمع من خلال المسرح، ولأنه عمل في الإدارة لإحدى منظمات المجتمع المدني فاستطاع أن يثبت تواجده في الإدارة، ومع ذلك كان التدريب في المجال الذي اختاره همّه وتوجهه لأن يكون في التدريب الذي من خلاله يجد نفسه متواجداً بين الناس.. وبالرغم من ارتباطه بالتدريب منذ أربع سنوات إلا انه ومن خلال المجال الذي اختاره وجد نفسه اكثر التصاقاً بقضايا العائلة ومشاكلها، فعمل من خلال التدريب ومن خلال الإرشاد العائلي على تصحيح كثير من المفاهيم المغلوطة عن الزواج والأسرة. عصام يتذكر أول دورة إجبارية درب فيها كانت - حسب قوله - للمعلمين حيث لفتت انتباهي إلى أسلوب جديد لإكساب المهارة ممتع وشيق وتشاركي لا يعتمد على طرف ملقي وآخر مستمع، كما يحصل في التدريس العقيم الذي يعيشه طلابنا اليوم في الجامعات والمدارس. وعن أهم ما دفعه إلى ممارسة التدريب يقول: كانت ثقتي بأني أمتلك من القدرات والثقافة والاطلاع والتجارب الإنسانية والخبرة في مواجهة الجمهور والقدرة على التأثير أكثر مما يمتلك العديد من العاملين في التدريب، ولكن تنقصني المهارة في تصميم خطة الدورة بمراحلها المحددة والقدرة على تحويل الأفكار إلى أنشطة ومهارات ينفذها المتدربون. ويؤكد أن هناك العديد من المدربين ممن تأثر بهم فيقول: إن من أثر فيّ كمدرب يأتي في مقدمتهم الرائعتان: وفاء وعائشة الصلاحي في المجال الأسري، والدكتور فؤاد الصبري، والدكتور محمد اسماعيل في الجانب الإداري، والشيخ الدكتور جاسم المطوع على المستوى الدولي. عصام قاسم له نصيب من التطوع، حيث يقول: أكثر من 60 % من الأشخاص الذين دربتهم كانت دوراتي لهم تطوعية، ولذلك فيؤكد أن من دربهم هي البصمة له حيث يقول: أعتقد أن العلاقات الإنسانية القائمة على الحب والتقدير التي يلاحقني معظم من دربتهم هي البصمة والوسام الأروع في مسيرتي التدريبية. وعن مواصفات المدرب الناجح من وجهة نظره يراها: الصدق - الثقافة - الملاحظة الدقيقة - القدرة على التأثير - الإبداع والابتكار وقبل هذا وذاك النية الخالصة. ولم يخفِ عصام معيقات التدريب في اليمن والتي تتمثل في: غياب الحرية في الحصول على المعلومة، وشحة مراكز البحوث ونمطية الموجود منها، بالإضافة إلى غياب التغذية الراجعة بعد التدريب، وغلبة الشخصنة على المؤسسية وغياب البرامج التدريبية طويلة المدى، وشحة المهرجانات التدريبي والمسابقات التدريبية، وكذا ثقافة العيب التي تخفي كثيراً من التشوهات المجتمعية، وندرة حضور رب الأسرة «الرجل» إلى البرامج التدريبية وبالتالي فالعملية مشلولة كوننا ندرّب طرفاً واحداً غالباً وكثيراً ما يكون الطرف الأضعف. وعن نظرته للتدريب اليوم ومقارنته في السابق يقول: كانت محاولات خجولة لكنها رائعة ومؤثرة اليوم أصبح سوقاً وربما تقليعة تجد فيه الغث وتجد فيه السمين حتى بعض الموضوعات التدريبية تكاد تكون شعوذة. وعن وجهة نظره في التدريب هل هو مكسب مادي أم خدمات إنسانية فيقول: شيء من هذا وذاك فهو في مواضع مكسب مادي مقابل خدمة للجهات والشركات والمشاريع الممولة وهو خدمة في مواطن أخرى كثيرة جداً، خصوصاً في مجتمعنا اليمني الذي يعاني على جميع الأصعدة.. ولذلك فهو يوجه أهم رسالة - حسب قوله - يمكن أن نقدمها للمجتمع من خلال التدريب هي أن حياتنا ليست قدراً لا يمكننا تغييره أو تطويره وان الله وهبنا من القدرات والإمكانات ما يمكننا أن نغير بها حياتنا ومجتمعنا ودولتنا إلى الأحسن، وهو ينصح الشباب المتحمس للتدريب بقوله: لا تقلد أحداً كن أنت لتنمو، فالعالم لم يعد بحاجة إلى نسخ مقلده. عصام قاسم يقدم برامج تدريبية في مجالات متعددة لكنه يرى انه اكثر إبداعاً في تدريب الشباب القادمين على الزواج وفي العلاقات الزوجية وفي علاقات الاتصال والتواصل وإدارة الذات. لكنه يكشف إنه في كثير من البرامج – حسب قوله - يدرب طرفاً دون آخر وهذا يسبب نجاحاً مشلولاً، فنحن قبل الزواج ندرّب الأزواج فقط وبعد الزواج غالباً ندرب الزوجات فقط، ولذلك أعتقد أننا بحاجة إلى بحوث ودراسات في المجال الأسري فالمحاكم فيها الكثير من القضايا التي تشيب الرؤوس ومدارس الثانويات بنينها والبنات ودور الأيتام وأطفال الشوارع والسجون لكن ثقافة العيب وسياسة المؤسسات الرسمية التي تتعامل مع ذلك وكأنها أسرار عسكرية تجعلنا نخفي قنابل موقوتة مالم نتنبه لها، ويقول: ماليزيا ترفض أن يعقد قران إلا بالرخصة الأسرية وهي شهادة برنامج تدريبي.