حُبّ التدريب مسألة مهمة، فمن أحبّ حرفة أو مهنة أبدع فيها واستطاع أن يقدِّم الكثير للآخرين، لأنه ينطلق من قاعدة حب الخير للجميع، ولذلك فإننا لا نشك في حب ضيف عمودنا هذا الأسبوع المدرّب: معاذ الصوفي لمهنة التدريب في مجال التنمية البشرية (مدرّب في التنمية البشرية وحقوق الإنسان، ونائب رئيس المنظمة الوطنية لتنمية المجتمع)، وهو مدرّب متمكّن من العطاء أمام أية فئة يقف لتدريبها ويتميّز بمهارات الابتكار وإيجاد التدريب المصحوب بالتطبيقات العملية والتمارين التحفيزية لمن يدرّبهم. يروي لنا الصوفي البدايات الأولى للتدريب والتي كانت في العام 2002م فيقول: بعد أخذ دورة تدريب مدربين (TOT) عبر ملتقى المرأة للدراسات والتدريب والمركز العربي للقانون في القاهرة، حيث أشاد القائمون على التدريب بالأداء الذي قدّمته أثناء التدريب فتم اختياري لخوض أول تجربة في التدريب وكان موضوع الاتصال الفعال في قرية المعافر حينها، وبعدها انطلقت للتدريب في أماكن ومؤسسات مختلفة. معاذ الصوفي يؤكد إن ابرز المحفّزات له لاحتراف التدريب هو انه يرى نفسه من الأشخاص الذين يعتبرون التدريب من أقوى الأنشطة التي تعزّز السلوك الإيجابي لدى المجتمع، وعليه – والكلام له - فقد انطلقت للتدريب حاملاً همّ تعزيز السلوكيات الإيجابية للآخرين، إضافة إلى أنني كنت وما زلت قبل التدريب أمارس الخطابة في المسجد والمنتديات المختلفة فاعتبرت التدريب جزءاً من الرسالة التي أحملها للنهوض بالمجتمع ولتعزيز القيم الإيجابية فيه، ومن أهم المحفّزات إنك حين ترى شخصاً ما تغيّرت حياته أو قيمه أو أفكاره بسبب دورة تدريبية حضرها لك فهذا ربما من أعظم المحفّزات. وهو من المدرّبين الذين تأثروا بالآخرين في مجال التدريب حيث يؤكد أن من أبرز الشخصيات التي جعلته يحب التدريب ويتأثر به، شخصية الأستاذ شوقي القاضي والذي أثّر فيّ منذ دراستي طالباً صغيراً في الصف الرابع ابتدائي. ولأن التدريب اتخذه البعض مصدر جنى المال والربح السريع وقلّ أن تجد من يهتم بالتدريب التطوعي وبالنسبة للصوفي فهو يعتبر التدريب التطوعي من أهم ركائز التدريب، ومثلما توجد زكاة للمال توجد زكاة للعلم وللتدريب أيضاً، ولهذا الاعتبار فلقد درّبت كثيراً تطوعياً بل ولا يزال جزء من وقتي في التدريب إلى الآن طوعياً والعمل التطوعي مهم جداً في المجتمعات المدنية..ويقول الصوفي: أعتقد أن المدرّبين في كل مكان يضعون بصمات كثيرة، وما عمل التدريب سوى وضع بصمات في المجتمع وتغيير حياة الناس إلى الأفضل، ومن البصمات التي أتذكرها وأشعر بالفخر إزاءها تدريب كثير من الشباب الذين أصبحوا الآن يقودون مؤسسات ومنظمات مجتمع مدني ومن هؤلاء (صنّاع الحياة مثلاً وغيرهم) كما أشعر بالفخر إزاء تدريب عدد كبير من متفوقي محافظة تعز على المهارات القيادية والحياتية والحقوقية. ويرى المدرب الصوفي: إن المدرّب الناجح من وجهة نظره: هو ذلك المدرب الذي يمتاز بصفات كثيرة أهمها مؤهل كفء يدرّب في المجالات التي يتقنها ويجيدها ويمتلك المعلومات والمهارات فيها، الذي يؤثر في المجتمع ويكون له بصمات مختلفة من خلال التدريب، لا يقلّد في كل شيء وتكون له ابتكارات تدريبية، ويهتم بتطوير نفسه دوماً. ولم يتحرّج الصوفي من ذكر المعيقات التي تواجه التدريب ومنها حسب رأيه مايلي: قلة الوعي بأهمية التدريب وتأثيره، وكثرة العاملين في مجال التدريب من غير المتخصصين فيه، وعقدة المدرب الأجنبي والذي يقلّل من شأن المدرّب المحلي. ولذلك يكشف الصوفي عن وجهة نظره في التدريب اليوم فيقول :التدريب اليوم أكثر تطوراً في استخدام التقنيات لكنه أقل في نوعية المخرجات وربما قبل سنين كان يُهتم بالمخرجات أكثر من الوسائل والأدوات، ولكن هذا لا يعني أن هناك تطوراً كيفياً ونوعياً في التدريب اليوم وغداً، والتدريب من وجهة نظري هو أولاً رسالة وخدمة إنسانية، لكن هذا لا يعني أن فيه مكسباً مادياً خصوصاً لمن تفرّغ للتدريب وأصبح مهنةً له. ولذلك فإنه يوجّه رسالته للمجتمع من خلال التدريب: «تنمية الإنسان وتعزيز الحقوق والحريات». ويؤكد الصوفي: انه يشعر بالإبداع حينما يبدع في مجال التدريب وحينما يجد تفاعلاً كبيراً من المشاركين وتواصلاً مستمراً بعد التدريب، كذلك حينما أجد أن التدريب الذي قدّمته لم يذهب سدى وأن المجتمع استفاد من البرامج التي قدّمتها. ويوجّه نصيحته للمدربين الجدد اليوم بقوله: أولاً: درّب ثم درّب ثم درّب وخصّص مساحة من تدريبك طوعياً، ابدأ متخصصاً في موضوع واحد حتى تُعرف به ثم انطلق لبقية المواضيع، لا تدرّب إلا فيما تبدع فيه وتتقنه، طوّر نفسك كثيراً بالقراءة والاطلاع وحضور مزيد من الدورات واستفد من كل وسائل التواصل الإعلامي والعلمي والاجتماعي. ملاحظة: مشروع «بصمة حياة» المتخصّص في نشر ثقافة الإنجاز والذي أسّسه الدكتور ناصر الأسد بدأ من العدد الماضي بتكريم المدرّبين الذين نعرض بصماتهم في هذا العمود. [email protected]