بشرى الغيلي راهبهٌ في صومعةِ الرحيل... المدينة غائمة... ومعالمها غرقت تحت أضواء الغروب الشاحبة... إليكِ وحدكِ دون سواكِ ... وأنتِ في العتمةِ ومنحدر الرحيل... وبقايا ذكرياتِ عجولة... منحتك إياها سخافات القدر... إليكِ وأنتِ في صومعةِ الزهدِ عن تفاهاتِ البشر... هل ستواصلين تلك الترنيمة... و«أغنية الأرض الحزينة» ؟! وتظلين تقتاتين من تلك «الصدمة» التي وخزت أشواكها قلبكِ الطيب ؟! أم أنكِ ستشرعين قلبك للصبح وللعصافير... وتترنمي مع الحقل والجدول... وغيوم قصائدك الجذلى التي تحتشد على شرفتك كل مساء... ومع رعشات التلال وهي ترنو لأحلام السنابل من سريرِ حروفكِ الضامئة لابتسامات الفجر المثقل بأنداء الشروق، لماذا تقفلين شرفتكِ في وجه العاصفة التي تحمل معها التوحد بنور الروح وفيوضات الإله؟! أتظلين مصلوبة القدمين في صومعتك التي رفضت كل دفقة ضوء ... تحمل معها السفر إلى مملكة الشمس والندى ؟! أتستعذبين الألم وأوجاع الرحيل... والطعنة الغادرة؟!! ياراهبةً تستعذبي المرارة والرحيل... في مدينةٍ تبيع الصدق على أرصفتها مجاناً... ياراحلة بلا وطن وبلا وجهة محددة المعالم والدروب... إلى أين ؟!! والوردة الأفلاطونية تحتضر بين أصابعكِ المرتعشة من الخوف ... وبرد المساءآت الكئيبة... المرتعشة من صقيع الروح والقلب... وثلجها المتساقط على قصائدك الحرّى. إلى الباء والشين والراء والألف المقصورة... وهي تلقي تلويحة الوداع من على تلال الصمت والحزن الذي يلبّد سماءَ مشاعرها المكلومة... فمتى تشرق أيها الصبح على أجواء مملكتي .......؟! التي أصابتها الشيخوخة المبكرة ولبدت آفاقها أضواء «الغروب» الشاحبة .. فهل هي فداحة «الطعنة الخائنة» التي هزت أركان عرشها الأسطوري؟! أم أنك أيها الفرح سرعان ماتخلف مواعيدك مع عشاقك المسجونين في لحظتك الهاربة من بين جنبات أرواحهم المتبتلة بحب المثالية التي لاوجود لها سوى في كتب العظماء... إيه... ياصخرة الواقع كم هو صعب ترويضك وتكسير جلمودك أمام رعشات الحالمين... فدعيني يابقايا رعشة سكنت روحي... أمحوك من ذاكرة الروح... وأخلّصها من قيد عذابات الحروف وأغمس قلبي بين قدسية الطبيعة السخية وأطلقه كفراشةٍ محلقة في سماواتها الملونة بحب الفضيلة... ناقشة بناي غاباتها كنوز روحي الغالية لتبقى سطوراً خالدة في دفتر الزمان.... فدعيني ياصومعتي أرحل فيك مدى الحياة... كراهبةٍ متبتلةٍ هجرت كل شهوات الدنيا ومغرياتها... معلقة على صدري لافتة لغيداء المنفى نخلتان على صدرها والعيون مطر... أربط الأمتعة... فأين الموانئ ؟! أين المحطات ؟!... والطرق الآن ضائعة... والمدينة قديسة تنتحر!!... فحين المجرات تسقط في الوحل... حين الصغيرات يصبحن بعثاً رديء المذاق... حين المليحات يغرقن في الماء... يرقصن في الماء... يعشقن تحت الخباء البريء... فلاشيء سيدتي... يستحق الرثاء. جلال الأحمدي لأنّني أحبّكِ أمسحُ زجاج النّافذة بكمّي مبتعداً عن طريقكِ وأنا أنظر في اتجاهٍ آخرٍ تماماً سيكون من السّهل عليكِ فهم هذا الأمر في اللّحظة التي تسمعين بها “وداعاً” من حبيبكِ القادم حينها ستدركين كم تأخر الوقت علي محاولةٍ أخيرةٍ لتصحيح ما حدث وأنّه من الأفضل أن تُبقي على ذاكرتكِ ملطّخةً باَخرين ..ما أردتِ الاستمرار خصوصاً وأنّ أكمامكِ القصيرة جداً لن تضيفَ لكِ سوى المزيد من الفوضى!