كارثة وشيكة ستجتاح اليمن خلال شهرين.. تحذيرات عاجلة لمنظمة أممية    تعز تشهد المباراة الحبية للاعب شعب حضرموت بامحيمود    وفاة امرأة عقب تعرضها لطعنات قاتلة على يد زوجها شمالي اليمن    عاجل..وفد الحوثيين يفشل مفاوضات اطلاق الاسرى في الأردن ويختلق ذرائع واشتراطات    مليشيا الحوثي تعمم صورة المطلوب (رقم 1) في صنعاء بعد اصطياد قيادي بارز    انتحار نجل قيادي بارز في حزب المؤتمر نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة (صورة)    إعلان عدن التاريخي.. بذرة العمل السياسي ونقطة التحول من إطار الثورة    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    "مشرف حوثي يطرد المرضى من مستشفى ذمار ويفرض جباية لإعادة فتحه"    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    "القصاص" ينهي فاجعة قتل مواطن بإعدام قاتله رمياً بالرصاص    "قلوب تنبض بالأمل: جمعية "البلسم السعودية" تُنير دروب اليمن ب 113 عملية جراحية قلب مفتوح وقسطرة."    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النقاب.. عَادة أم عِبادة أو عِقاب..؟!
أسهم في تفشّي الجريمة وأصبح بشكله الحالي عامل إغواء أكثر منه عامل التزام وحشمة
نشر في الجمهورية يوم 26 - 12 - 2013

12 مليون «لُثمة» تتوزّع بمساواة مطلقة على النصف الناعم لسكان اليمن، وعلى نحو غير مسبوق, وبات من المؤكد أن الناس هنا قد يختلفون حول قضايا كثيرة، إلا أنهم يتفقون حول قضية واحدة هي قضية النقاب، مساواة لن يكون بمقدورك أمامها التفريق بين المتعلمات وغير المتعلمات، المثقفات وغير المثقفات، الصغيرات والمسنّات, المديرات والفراشات, الملتزمات وغير الملتزمات.. لا شيء في الصورة غير لون واحد ونساء مختلفات..!!
خروج عن المألوف
«النقاب» مصطلح ينطوي على جدل ديني وفكري واجتماعي واسع، والتناول الإعلامي له على ندرته يضع صاحبه في دائرة مجتمعية تلصقه بتهمة الخروج عن أعراف المجتمع؛ بل ربما عن دائرة الدين؛ ومع ذلك نحن لا نناقش قضية النقاب بذاتها كظاهرة مثار جدل فقهي وفكري واجتماعي وسياسي، وإنما سنتطرق إلى علاقة النقاب بزوايا كثيرة منها ما يعتبره البعض أنه يكسب المرأة مزيداً من الشرف والعفاف والأخلاق والستر، أو ما يعتبره البعض الآخر وسيلة للغواية والفتنة والإغراء والجريمة المستترة.ويبقى التساؤل: النقاب عادة أم عبادة، وكيف انتشر من صعدة وحتى المهرة؛ ولماذا تساوى أمامه الماركسي والإسلامي والقومي؛ وهل المنقبات أكثر عرضة للتحرش، وإلى أي مدى يسهم النقاب في تفشّي الجريمة, وهل أصبح بشكله الحالي عامل إغواء أكثر منه عامل التزام وحشمة؛ وهل يعيق النقاب أو يحد من مشاركة المرأة في المناشط المختلفة، وما علاقته بظاهرة العنوسة..؟!.
من لا وجه له لا وجود له
لم يتبدل شيء، لم يتغيّر شيء، المرأة هي هي، والنقاب هو هو.. لكن ثمة شيئاً قد تغيّر؛ عدد المنظمات والجمعيات النسوية العاملة في اليمن بلغت أكثر من 600 جمعية, وتبقى قضية النقاب من وجهة نظر بعض قيادات منظمات المجتمع المدني الفاعلة عبارة عن شعار سياسي يراد به خلق رأي عام من ناحية, واستخدام الظاهرة عند الحاجة من ناحية أخرى.
الدكتورة سعاد القدسي «ناشطة حقوقية» تؤكد أن النساء يتمسكن بالنقاب لأنه يُفرض وتُدرّب على ارتدائه الطفلة منذ الصغر, ويُعطى له الطابع الديني، والقاعدة والمبدأ أن يختار الفرد بحرية لبسه وغذاءه وطريقة حياته وفكره، ما لم يختاره الفرد بحرية فهو إلزام يقوم به كارهاً أو طائعاً أو راضياً؛ فالأمر سيان.
كما أن النقاب حسب القدسي يمحى الشخصية, فمن لا وجه له لا وجود له؛ فالنقاب يفرض على المنقبة طريقة حياة محددة محاصرة بدءاً من مكان تجلس فيه المنقبة «في المكان العام» إلى حدود المشاركة، مروراً بنبرات الصوت وحركات العيون والصمت، واعتبار النقاب «فرض عين» على النساء المسلمات قد أخرجهن من الاختلافات في الفكر ومستوى الثقافة والسلوك والمكانة الاعتبارية والاجتماعية، وأصبحت النساء المنقبات كأنهن نسخة من امرأة واحدة, وهذا أعطى حقاً للآخر اعتبار النساء جميعاً مثل بعض، وبالتالي نلاحظ ظاهرة تفشّي المضايقات والتحرشات والتوقعات والحكم المسبق ضد النساء جميعاً.
ظاهرة خطيرة وموضة
نورية الجرموزي، ترى من جانبها أن النقاب بصورته تلك ظاهرة خطيرة جداً ومرفوضة وتؤثر في موضوع الغش الفكري والجدل الديني، وتعتقد أن النقاب ليس فريضة وليس له أساس من الدين في شيء، فهو ملبس وزي، وتبدي الجرموزي دهشتها من وجود محل تجاري في صنعاء يبع النقاب بسعر عشرة آلاف ريال بحجة أنه ماركة ممتازة.
الكاتبة الصحافية كراون علي، تؤكد أن النقاب أصبح موضة، فهناك بعض الفتيات ولنقل الكثيرات منهن يلبسن النقاب دون التزام بشروط لبسه مثل عدم إبراز العينين بشكل لافت؛ وذلك بوضع المكياج حتى لا يكون النقاب مغرياً، وبدأت اليوم تظهر البراقع القصيرة والمزركشة وتُلبس بطريقة لافتة، وتعتقد أن النقاب عادة اجتماعية لبعض النساء والتزام ديني للبعض الآخر، مشيرة إلى أن النقاب مفروض من الآباء والأبناء على بناتهم وأخواتهم, وترى أن النقاب بشكل عام معيق لمسيرة المرأة في الحياة والعمل.
قوانين المجتمع
ذكرى الإبي «ناشطة حقوقية» تقول إن بعض الفتيات يرفضن خلع النقاب خوفاً من قوانين المجتمع التي ليست من الدين على حد تعبيرها والنقاب من وجهة نظر الإبي لا يعيق عمل المرأة إلا في خصوصية التعامل مع الشخصيات، نظراً لأن النقاب لا يكشف عن هويتك خاصة في المجتمع العربي, وترى أن الرجل اليمني هو صاحب القرار في النقاب، وإذا تحرّر الرجل من هذه المفاهيم البالية سينعكس ذلك على المرأة، فالنساء على حد قولها كثير منهن راضخات لما يُرغمهن الرجال به.
وعن تجربتها مع النقاب تقول: أعتقد أن النقاب مريح في بعض الأحيان لكنه ليس وسيلة لوقوف حريتي أو طموحاتي.
سحر الأسودي «إعلامية» ترى أن النقاب عبادة قبل أن يكون عادة, مبدية أسفها من أن يتحوّل هذا اللباس عند بعض الفتيات إلى وسيلة يحقّقن من خلالها مرادهن، أو بالأصح أحلامهن ولو على حساب الآخرين، ويلجأن إلى تحقيق ذلك لممارسة أشياء مخلّة بالتعاليم الإسلامية والآداب العامة، وهو وسيلة من خلالها نحافظ على هذه الجوهرة الثمينة المرأة.
وتخلص إلى القول: إن الفتاة وأدبها وتربيتها يظهران عليها سواء كانت بنقاب أو من غير نقاب، لأننا بصراحة قد نجد فتاة منقبة ولكن تعاملها وأخلاقها سيئة، والعكس صحيح.
وتقول ماجدة العريقي «ناشطة مجتمعية» إن النقاب قد يحد فعلاً من التواصل الفعال، فهو في أغلب الأحيان قد يعيق المنقبة عن إيصال الرسائل إلى المستقبلين بشكل صحيح وخاصة إذا تنوّعت البيئة في العمل, كما قد يحدُّ فعلاً من طموحها الشخصي، وهو أيضاً في معظم الأحيان قد يكون عائقاً كبيراً نحو التقدم للأمام، إضافة إلى أنه يضفي خجلاً زائداً على المرأة، الأمر الذي يحد أيضاً من فاعليتها في المجتمع، وترى أن النقاب ليس شرطاً أساسياً في قضية العنوسة لدى الفتيات, في الوقت نفسه تشير إلى أن النقاب قد يحول دون معرفة الرجل للمرأة بشكل حقيقي، وتعتقد أن النقاب بشكله الحالي قد يكون مصدر إغراء للشباب حسب طريقة لبسه.
منال الزبيري «ناشطة حقوقية» هي الأخرى ترى أن ظاهرة النقاب اجتاحت كل الأعمار بمن فيهم الأطفال في برامج الفضائيات، وتساوى أمامها كافة النساء من كافة الأحزاب، كما تعتقد أن النقاب لا يعد معيقاً للمرأة العاملة؛ ولكن هناك أماكن من الضروري خلع النقاب فيها مثل المستشفيات والمدارس.
«أتحداك تلحقني»..!!
نساء بمستويات اجتماعية وسياسية وثقافية وتعليمية وفكرية مختلفة هدفهن واحد، لون واحد, وخمار واحد, يتابعن ما خرجت به محلات الخياطة والتطريز في عالم الخمار من أشكال وأسماء وتصاميم, فهناك («فُكَّ لي شاطير أتحداك تلحقني اتبعني» وهناك «أبو فتحة» و«أبو فتحتين» و«أبو طبقة» و«أبو طبقتين» وهناك الشفاف وهناك المعتم، وهناك ما يسمح بنفاذ الضوء، وهناك من يكتم النفس، فلا يدع مجالاً لاستنشاق الهواء..!!.
في سوق الخمار بتعز يقف عبدالله عبده الشرعبي – 30 عاماً – أب لثلاثة أطفال منادياً على زبائنه: «لثمة الشامل، لثمة الياقوت, خمار الفراشة» يقول الشرعبي: هذه المهنة غير مربحة في السنوات الأخيرة بعد تزايد انتشار المحجبات «الكاشفات» في المدينة، وأنه يبيع في اليوم الواحد من 15 - 16 خماراً، وعن تفضيل النساء للون الأسود استدل بقول الشاعر:
قولوا لذات الخمار الأسود ... ماذا فعلت بناسك متعبّد
وأضاف: إن بعض السيّاح يشترون النقاب للذكرى، وبعض السائحات يلبسن الخمار لدقائق من أجل التصوير فقط.
اللون الأسود.. لماذا..؟!
فيما تراجعت الجنبية كزي تقليدي يمني يلبسه الرجال، زحف النقاب الأسود بقوة كزي غير تقليدي دخيل تلبسه النساء اليمنيات، وفي سطوة ذكورية كاسحة تسلّل النقاب الأسود في الأوساط الرياضية النسوية، وصولاً إلى عالم الأطفال، وفي اليمن الذي قد يختلف الناس فيها حول قضايا كثيرة بحكم مساحة الحرية المتوافرة في البلد؛ إلا أنه من المؤكد أنهم يتفقون حول قضية واحدة هي قضية النقاب أو النقاب الأسود.
يقول عدد من أصحاب محلات الخياطة النسائية في شارع 26 سبتمبر بتعز: إن الفتيات والنساء في اليمن لا يرغبن ولا يقبلن على شراء ألوان أخرى غير اللون الأسود، ويعتبر نبيل هلال، ومحمد عبده علي يملكان محلين لبيع وخياطة البالطوهات النسائية أن ذلك راجع إلى طبيعة المجتمع الذي تأثّر بالثقافة الخليجية، وأن المرأة العربية المقيمة في اليمن هي فقط من تطلب ألواناً أخرى.
الدكتورة سعاد القدسي تؤكد في هذا الجانب من جهتها أن النقاب وفرض لون وزي معيّن وموحد هو حتماً ضد طبيعة البشر وضد مبدأ الاختلاف وضد الجمال الذي يستمدهالناس مفهومه من طبيعة الخلق بألوانه الجميلة والمتعدّدة، في حين ترى الباحثة الاجتماعية تيسير عقلان أن النقاب الأسود «عادة» فرض اجتماعي مغلّف بأمر ديني, فالباحث في تراث اليمن وملبوساته الشعبية على مر الأزمان لن يجد للنقاب وجوداً؛ وبالذات في شكله الحديث ولونه الداكن, حيث إن الحضارة اليمنية قائمة في مجتمع زراعي تعبر ألوان أزيائه عن المواسم الزراعية والمحاصيل الملوّنة؛ إذا من أين جاء كل هذا السواد، وكل هذه النمطية؟!.
ترد عقلان: أعتقد أن الباحثين وجدوا أن الشرشف النسائي خصوصاً بلونه الأسود ظهر فترة الحكم العثماني للدول العربية، ومنه انتقل إلى اليمن وتم نشره بين النساء في فترة الحكم الإمامي أكثر, وصارت النساء صغاراً وكباراً تلتحف السواد دون أن تعلم لماذا, وهل هو حقاً لون وشكل للحشمة والستر الذي أمر به ربنا في كتابه الحكيم، أم هو سواد من سواد القلوب الذكورية التي تسعى إلى إشباع رغباتها في التسلُّط والتحكم وإخفاء ملامح الشريكة؟!.
ويعتبر عبدالرحمن الجعفري، كاتب وصحافي أن اللون الأسود في النقاب يدل على واقع أسود، وبالتالي فهو علامة سوداء مرفوضة تدل على بؤس المجتمع الذي ترتدي فيه النساء هذا اللون.
ويدعو الجعفري الشباب والمجتمع إلى مراجعة هذا اللون الطاغي على الواقع والعمل على خلق بادرة أمل جديدة عبر الاستبدال لهذا اللون المقيت من عمق الجامعة، باعتبار الجامعة مرتكز الأمل والتغيير، فلو بدأت فتيات الجامعة باستحداث لون جديد للنقاب أو الحجاب فإن المجتمع سيندفع في هذا الاتجاه نحو التغيير بلون آخر يعطي لنا الأمل في الحياة.
نقاب في فصل الصيف
هي مطلوب منها في الفصول الأربعة أن تكون ذلك الكائن المطلوب منه المزيد من الصبر والمزيد من الصمت, ورغم الرخصة الدينية في أن تزيح المرأة عن وجهها قطعة القماش الأسود؛ إلا أنها فيما يبدو استمرأت العادة فأصبحت محبّبة ومقربة إلى النفس والروح، حتى وإن كان ذلك تحت درجة 45م؛ لسنا هنا بصدد مناقشة الحلال والحرام في قضية النقاب، ولكننا بصدد معرفة كيف تواجه المرأة المنقبة درجة الحرارة، هل تستخدم المرأة رخصة الشرع في كشف غطاء الوجه خاصة مع قيض الصيف، أم أن سطوة العادات ستظل هي الحاكم الأول والمستبد في حياتنا اليومية ومنها قضايا المرأة..؟!.
- سميرة البريهي - 25 سنة - تعمل مدرّسة في إحدى مدارس محافظة عدن، ترى أن النقاب وسط درجة حرارة 45م، يصبح قاسياً جداً على المرأة خاصة أولئك اللاتي يخرجن أثناء النهار للعمل والتسوّق، وتضيف: ما يخفّف الأمر أن هناك نسبة كبيرة من الناس تفضّل الخروج ليلاً للتنزه، فعادة ما يكون الجو في الليل مقبولاً ولطيفاً.
وتشعر أمل الدبعي أن النقاب كعادة اجتماعية دخيلة على المجتمع المدني؛ أصبح ظاهرة اجتماعية طاغية على نساء الحضر والريف, أما في موضوع النقاب ودرجة الحرارة فتقول الدبعي: إذا كان الرجل لا يستطيع تحمُّل شدة الحرارة ويلبس الخفيف، فتصوّر حال النساء في ظل هذا الزمهرير من الحرارة الخانقة.
أما الكاتبة ياسمين العثمان، فتعتقد أن الأمر سواء بالنسبة لمعشر النساء المنقبات؛ إذ يزيد النقاب الأسود الحال سوءاً أيام الصيف وارتفاع درجة الحرارة، لذا تجد إحدانا تعاني تحسساً جلدياً جرّاء الاحتكاك المتكرّر للنقاب بوجهها طوال النهار في هذا الجو الحار، وأخرى مصابة بتحسُّس في الجهاز التنفسي ما يسبّب لها ضيقاً في التنفس، وثالثة مصابة بهبوط في الضغط تنشد معه التهوية المستمرة حتى لا تقع في براثن الإغماء المتكرّر، ورابعة، وخامسة!.
التسوّل والنقاب
فتيات يافعات يتم الدفع بهن إلى عالم التسوّل لأول مرة، ويتعرّضن لشتى أنواع الاستغلال والتحرش الجنسي، فيما بعضهن بارعات في استجداء عواطف المارة؛ عيونهن تنطق بالعوز، وتتربص بكل من يمر في الجوار؛ والبعض منهن لا يجدن مفرّاً للتشبث بك، ولا يدعنك تذهب إلى حال سبيلك قبل أن تضع ما تيسّر في يد كل واحدة منهن، الكثير منهن لم يبلغن العشر سنوات بعد؛ تراهن قد اتشحن بالسواد، إلاّ أن حول العيون ما ينبئ بإسراف واضح في وضع مساحيق التجميل؛ فهؤلاء وجدن في النقاب ملاذاً آمناً يمنحهن مزيداً من الجمال وكثيراً من قلة الحياء..!.
- تقول تغريد، ابنة الثانية عشرة التي ترتدي النقاب: إن كثيراً من الشباب عندما يعطونها «عشرة ريالات» صدقة يضع يده في يدها بقصد التحرُّش، وبعضهم يدخل معها في حديث طويل وأسئلة فارغة القصد منها التسلية فقط؛ وعندما سألتها عن سبب ارتدائها النقاب وهي مازالت طفلة صغيرة، قالت: السبب هو أن النقاب يحميها من أشياء كثيرة، وأول حاجة أن أهل الحارة لن يتمكنوا من معرفتها حتى لا تتعرّض للإحراج.
وتقول زميلتها التي بالغت في وضع مساحيق التجميل الواضحة حول عينيها: إن التزيُّن بوضع مساحيق التجميل وارتداء النقاب يظهر الجمال أكثر وبالتالي يُكسبهن تقبل الناس لهن، وتؤكد أن المنقبات يكسبن في اليوم الواحد مبالغ كبيرة أكثر من الكاشفات.
التحرُّش
فيما كانت أروى تمضي في طريقها مرتدية النقاب؛ إذ بشاب مستهتر يعترض طريقها ويقذف في وجهها سيلاً من الكلمات البذيئة يعفُّ اللسان عن ذكرها, ليس ذلك فحسب، بل بلغت به الجرأة أن وضع يده على يدها محاولاً إيقافها، أروى لم تجد بدّاً من إطلاق صراخها مستغيثة بالمارة علّ أحدهم تسعفه شهامته في وقف ذئب بشري يحاول بوقاحة النيل من عرضها وتدنيس سمعتها، تلك واحدة من مئات الوقائع اليومية التي تحدث في شوارعنا بسبب معاكسة الفتيات، فهل المنقبات أكثر عرضة للتحرش..؟!.
تقول الدكتورة سعاد القدسي: المنقبات أكثر عرضة للتحرش من المحجبات؛ ذلك أن أثر النقاب يكون قد فعل فعله عليهن في الجانب الشخصي والنفس والاجتماعي، مما قلّل قدرتهن على التصدي لما يتعرضن له، وتؤكد: نعم , نعم , نعم .. أقولها ثلاثاً؛ المنقبات معرضات أكثر للتحرش والإيذاء, بسبب أن ردود أفعالهن تجاه التحرش الواقع عليهن غير مرئي, وغير مستحب من المجتمع.
وللباحثة تيسير عقلان رأي مختلف، حيث تعتقد أن المحجبات يتعرّضن للمعاكسات أكثر من المنقبات رغم أن النقاب لا يمنع أصحاب النفوس المريضة من التحرش بالمرأة ولو لبست ساتراً من حديد.
أنسيه محمد «علم نفس - سنة ثانية» تقول: عائلتي هي السبب في لبسي الحجاب ولم تفرض عليّ يوماً لبس النقاب، وأنا أجد راحتي في الحجاب ولا أتعرّض للتحرش عكس زميلاتي المنقبات.
وعن تجربتها مع الحجاب والنقاب وتعرُّضها للتحرش في الشوارع والأماكن العامة، تقول ماجدة العريقي: نعم فأنا شخصياً إذا تلثمت «أعاكس» أكثر، وذلك يعود إلى ثقافة مزروعة في أوساط المجتمع؛ إذ تمثّل المنقبة للشاب إغراء أكثر من المحجّبة كونها تخفي تحت النقاب مفاتن يزعمون أنها يجب أن تُرى، وبالتالي تتعرّض للتحرشات أكثر في حين هذا الأمر يقل لدى المحجبة كون وجهها مفتوحاً، وبالتالي الخيارات تكون أكثر وأسهل.
الجريمة والنقاب
ولكن إلى مدى يسهم النقاب في تفشّي الجريمة مثل «الغش في الامتحان، جرائم الإرهاب، الشرف» تقول الدكتورة سعاد القدسي: تنتشر أية جريمة في الظلام والخفاء، والنقاب يوفر لأنواع مختلفة من الجرائم في وضح النهار, بالإضافة إلى ما ذكرته في سؤالك يمكنك أن ترصد عدد المجرمين والمعارضين سياسياً, وتجار التهريب والإرهاب والجنس قد استفادوا من نقاب الفتيات في التخفّي والهروب.
فيما تعتبر ماجدة العريقي: أن النقاب يسهّل إلى مدى بعيد ارتكاب الجريمة كالسرقة والتزوير، وخاصة أن للمرأة احتراماً في المجتمع، فيضطر الرجال إلى لبس النقاب وتهريب الأسلحة، فهو يساعد على تشويش الهوية والهروب بطريقة سهلة، بالإضافة إلى حوادث الغش والتي تسيء إلى التعليم ويُخاف أن تتحوّل إلى ظاهرة..وتذهب الباحثة تيسير عقلان إلى القول إن للنقاب أيضاً أضراراً اجتماعية وأمنية يمكن أن نلمسها في نشرات الأخبار عندما نسمع عن الرجال الذين يتخفّون تحت الستار الأسود ليحملوا الموت لبلاد المسلمين، وظاهرة غريبة سمعت عنها وأرعبتني كثيراً هي دخول الفنادق باستخدام عقود الزواج لانتحال شخصية الزوجة دون التأكد من هوية المنتحلة، وذلك يدعو إلى انتشار الدعارة واستخدام النقاب لتسهيل هذا الأمر، وتشدّد على ضرورة التحقق من هوية المستخدمين للفنادق عن طريق إبراز البطاقة الشخصية، وعدم قبول أي مشتركين لغرفة واحدة دون حملهما البطائق الشخصية، ويا حبذا لو كانت هناك عاملات يتأكدن من هوية النساء ومطابقة صورهن مع صور البطاقة الشخصية أو أي وثيقة أخرى, أو ممكن أن يكون العقد حاوياً لصورتي الزوجين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.