بعد أن حُصر العمل الفني في إطار ضيق بدأ يدخل مرحلة حرجة لا يستطيع تفاديها بسهولة, لأن الفن أصبح محصورا في أشخاص مخصصين لا يعرفون من الفن إلا اسمه, لذلك تجد العاملين في القنوات التلفزيونية لهم طابع خاص يميزهم عن غيرهم وكذلك العمل الفني الذي تعرضه القناة له علامة خاصة, أما المبدع الحقيقي الذي له خبرة عالية ويتميز بعبقرية نموذجية يصبح في سلة المهملات حتى وإن كانت أعماله الفنية تضاهي أعمال هوليود أو أعمال الدراما التركية لا يلقى لها أي اهتمام, فالقنوات اليمنية لا تهتم بأي عمل للفنان إلا بوساطة أو أنتماء حزبي ,إذا أنت لا تملك هذه البنود فاذهب إلى المنفى فهو خير من يهتم بمهاراتك الإبداعية. فعندما يواجه المبدع هذه الإعاقات يذهب لشراء عربة دفع وينزل الشارع لبيع بعض المثلجات فهي أفضل من أن يهتم بأية مهارات فنية ,لذلك أصبحت الدراما في اليمن موسمية كما لو أنها فاكهة لا نراها إلا في موسمها الذي يتم جنيها فيه وتنزل السوق لتباع بأرخص الأثمان ,إذن هذا هو بالنسبة لحال الدراما اليمنية التي لا نشاهدها إلا مرة واحدة في العام وتحديداً في شهر رمضان فهو موسم حصاد الدراما في القنوات اليمنية ,وهذا هو نتيجة عدم الاهتمام بأصحاب الخبرات الإبداعية وإقصائهم من العمل في القنوات التلفزيونية ,فهناك مبدعون في مجال الإخراج لهم القدرة على إخراج أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية يتم تهميش ما لديهم من مواهب وتجارب إبداعية مما يولّد لديهم الشيطنة وعدم الرغبة النفسية في ممارسة عملهم ومهنتهم الذاتية فنفقد مبدعا طالما انتظرناه بفارغ الصبر. وهناك ممثلون وفنانون إما أن يفتك بهم المرض أو يموتون على كرسي الإنعاش دون عناية وتتلاشى أعمالهم في لمح البصر ,فالفن حصر في إطار ضيق متخط كل الحواجز التي يمر من فوقها بل وسوف يحاول تضييق نفسه أكثر وأكثر إذا لم يوجد من يهتم به ويصحح مساره حتى يلائم الواقع الذي يعيشه ,فالمواهب بلا حدود ,والوساطة فوق الفن ,والخبرة الإبداعية في كفن الموت بانتظار من يحملها إلى مقبرة المواهب ,لذلك مات الإبداع الذي لم يقتله الإصرار والعزيمة الفنية بل اغتالته يد المحسوبية والوساطة التي لا تقبل إلا من ينتمي إليها.