أعتقد أن مشكلة الكرة اليمنية وتدحرجها المتواصل في سلم التصنيف الدولي الذي وصل إلى الرقم 180 عالمياً مرده إلى عدم وجود قواعد الأساس التي تُبنى عليها رياضتنا. وإذا كنت استهليت حديثي عن الكرة اليمنية، فإن الرياضة في عمومها تعاني، بسبب بسيط هو عدم الاهتمام بالفئات العمرية. فلا نجد مدارس أو (أكاديميات) للبراعم والناشئين في أنديتنا، ولا حتى دوريات منتظمة يفرضها الاتحاد العام، ولهذا نحن نفتقد المواهب والنجوم، ولم نعد نرى أبطالاً حقيقيين في أية لعبة كانت وليس كرة القدم فقط. هذه الجزئية الهامة انتبهت لها أندية العالم الكبرى، فلا ترى في أي بلد يهتم بالرياضة إلا وفيه أكاديمية ومدرسة تكوين تُعنى ب(صناعة) النجوم منذ نعومة أظافرهم، لدرجة أن صارت عدد من دول أوروبا وأنديتها متخصصة في مجال (تفريخ) النجوم وتكوينها وبالتالي تصديرها إلى الأندية الأخرى، كما هو حال نادي أيكس أمستردام الهولندي الذي يعتبر نادياً تكوينياً أكثر منه نادٍ يسعى للتتويج أو الانتصارات، ومن مثله في إسبانيا نادي فالنسيا، الذي يعتبر النادي المُنشئ للنجوم والمواهب الكروية. حتى إن بعض الدول العربية انتهجت هذا النهج ومضت في هذا الدرب، حتى أمسى نادياً مثل الإسماعيلي المصري أكثر أندية مصر تصديراً للاعبين إلى قطبي الكرة هناك الأهلي والزمالك، وليس كل ذلك بمنأى عن دوريات منتظمة تحفز الأندية على الاهتمام بالفئات العمرية وإيلائها الأولوية القصوى، نظراً لأهميتها على المستوى الفني والمادي حتى، ذلك أن المواهب المتخرجة من مثل تلك المدارس والأكاديميات الكروية تعود بالنفع المادي للأندية التي تعمل على تكوينها، وهي سياسة اقتصادية انتهجتها منذ عقود معظم أندية أوروبا. فحتى لو لم يكن لدينا دوريات للناشئين والشباب، وحتى لو لم نهتم بالرياضة المدرسية، فعلى الأقل تبادر الأندية بشكل ذاتي في تكوين المواهب الكروية وبيعها للأندية القادرة على الشراء، باعتبار ذلك أحد الحلول التي توفر لها ميزانيات وأموال تصرف على أنشطتها الأخرى، خاصة في ظل مشاكل تعانيها بعض الأندية. إذاً مشكلتنا تكمن في عدم وجود مؤسسات رياضية متخصصة في إعداد المواهب، لذلك نفتقد النجوم ونشتاق دائماً إلى الأزمنة القديمة التي كانت حبلى بالنجوم والقدوات الكروية. وإذا كانت تلك هي المشكلة، فإن الحل من وجهة نظري يكمن في إقامة مسابقات للدوري والكأس للبراعم والناشئين والشباب، يفرض على كل أندية اليمن المشاركة فيها، الأمر الذي سيوفر قاعدة واسعة لكل الأندية من المواهب التي تستحق الرعاية والاهتمام حتى يتم تصعيدها إلى مصاف الفرق الأولى والمنتخبات الوطنية، وبرأيي أن مثل هذه الدوريات للمواهب الصغيرة أهم من دوريات الكبار التي ينفق عليها ببذخ دون أن يكون هناك مردود فني في المستوى العام للكرة اليمنية التي تتهاوى كل شهر في تصنيف (الفيفا). [email protected]