سجّل البن والقهوة اليمنية الشهيرة حضوراً لافتاً ضمن جناح اليمن في معرض «اي . تي. بي» السياحي الدولي المقام حالياً في العاصمة الالمانية برلين والمختتم لفعالياته اليوم الأحد. وبدا من خلال الإقبال اللافت على تذوّق القليل من البن والقهوة اليمنية التي راح يقدمها للزوار عبد الله عاطف في ركن من أركان الجناح وهو يرتدي الزي الشعبي التقليدي، أن بن اليمن لا يزال يحتفظ بمكانته ذائعة الصيت والتي عُرف بها دولياً لدرجة أصبح معها علامة تجارية يشار من خلالها بالبنان إلى اليمن لمن يجهل أو يتجاهل هذا البلد التليد. «Mocca Coffee..موكا كوفي» بهذه التسمية التجارية عرف البن اليمني عالمياً، وذلك نسبة إلى ميناء المخا التجاري قديماً، في حين عرف أن النواة الرئيسية لهذه الثمرة تمثل البن، وعرفت القشرة الخارجية لها بالقهوة، وهي حسب المصادر التسمية الرئيسية للقهوة العربية الأصيلة. يقول عاطف الذي بدا ماهراً في صناعة البن والقهوة اليمنية من خلال معرفته المتقنة بالمقادير وضبطها حسب رغبه وأذواق الزبائن والزوار، بينما تبدو عليه علامات الحسرة والأسى:« يزور الجناح عدد من الزوار اليمنيين، لكن الكثير للأسف لا يعرف الكثير عن تاريخ هذه السلعة التجارية التي لا تقل أهمية عن البخور وغيرها من السلع التاريخية المقدسة عبر التاريخ والتي عرف بها اليمن كما يعرف عن ذلك الأجانب». عبد الله عاطف الذي يؤكد حصوله على العديد من شهادات اتقان مهارات فنون الطبخ والطهي المختلفة وخاصة الطعام اليمني التقليدي، يقول: للأسف رغم الأهمية التي احتلها البن اليمني سواءً على الصعيد المحلي أو الدولي، إلا أن التوسع في زراعة نبتة القات في اليمن ساهم إلى حد كبير في التقليل من المساحات الزراعية الخاصة بالبن والتقليل أيضاً من الاهتمام لدى اليمنيين بمراسم جني هذه الثمرة التي عادة ما كانت تتم في ظل طقوس معينة، وهي طقوس مقدسة لدى اليمنيين تماماً كما هو الحال بطقوس ومراسم تجفيفه وتحميصه والتنافس على أداء كل ذلك وفق أعلى تقنيات وتقديرات الجودة العالمية والتي راحت تتسع من مستوى البيوت في القرى إلى القرى ومن ثم إلى المناطق المعروفة بزراعة البن. يهمس عبد الله عاطف في أذني: «هناك تاجر مغمور في صنعاء، لكن الجميل أن لديه جهازاً لفحص جودة البن، في إشارة إلى معرفته بالبن الجيد وانتشار البن بكثرة في اليمن حسب الدرجات، بالاضافة إلى انتشار البن متدني الجودة في الأسواق، ومدى إضراره بسمعة البن اليمني الأصلي واستغلال بعض التجار الجشعين إلى سمعة البن اليمني في التسويق للبن التجاري متدني الجودة. لتعريف العالم بهذا التراث الشيق والتقاليد المختلفة المتعلقة بالبن اليمني من التحميص والمزج وإعداد القهوة ذات المذاق اللذيذ الذي تترسخ في الذهن لدرجة يصعب على متذوقيها نسيانها على الاطلاق، وتكمن الجودة في نكهة البن اليمني الفريدة والمميزة ومذاقه الراقي تماماً كما هو حال القهوة التي لا يوجد مثيل لمثليهما في أي بن أو قهوة آخرى في أي مكان من العالم، وهذا ربما هو سبب شهرته عالمياً من قديم الزمان. إلى جانب تسمية «MOCHA COFFEE» يعرف البعض البن اليمني باسم البن العربي، كالقهوة العربية، وهو أجود أنواع البن وتوجد أسماء كثيرة للبن اليمني وغالبها تنسب إلى المناطق التي يزرع فيها في اليمن والتي حسبها يتم تصنيفه إلى درجات من حيث الجودة، مثل البن المطري والحمادي والحيمي والبرعي والحرازي والعديني. مثل هذا البن صنّف بحسب جودته ومناطقة إلى ثلاثة أصناف يحتل معها البن المطري والإسماعيلي المركز الأول، في حين يحتل البن الصنعاني المركز الثاني و يتمثل ب: «البن الحيمي ، البن الحرازي، البن الآنسي، البن المسوري وغيره». كما يحتل البن الريمي المركز الثالث ويتمثل ب: «البن الريمي ، البن الحفاشي، البن الملحاني، البن البرعي وغيره». تقول زائرة ألمانية للجناح بدت عليها علامات الاستمتاع، بينما كانت تقف مع صديقتها إلى جانب عبد الله حاملة كأساً من الفخار المعروف ب «الحيسي» وهو من الأواني الفخارية: أنا سعيده بارتشاف القليل من البن اليمني في المعرض في برلين.. سبق أن زرت اليمن في 2004م وحرصت خلال الزيارة على المرور عبر ميناء المخا مصدر البن اليمني الشهير..كانت رحلة مدهشة، حيث مكثنا في أحد فنادق صنعاء الشعبية القديمة.. وتعرب الزائرة الألمانية نيكولا عن أملها في تكرار الزيارة متى ما استقرت الأوضاع الأمنية على حد تعبيرها. من المؤسف كما تقول نيكولا استغلال بعض الشركات الأجنبية لهذا الاسم «MOCHA» في تسويق منتجاتهم من البن غير اليمني، وتتساءل عن دور القضاء اليمني والشركات اليمنية الاستثمارية الكبيرة المستثمرة في هذا الخصوص في مقاضاة تلك الشركات وإيقاف المساس بسمعة البن اليمني الأصيل «موكا» الذي تقول إنها كانت تستمتع بارتشافه مع مرشدها السياحي صباحاً طيلة أيام مكوثها في صنعاء التاريخية في«سمسرة وردة».