الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    قيادات الجنوب تعاملت بسذاجة مع خداع ومكر قادة صنعاء    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    عناصر الانتقالي تقتحم مخبزا خيريا وتختطف موظفا في العاصمة الموقتة عدن    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    على طريقة الاحتلال الإسرائيلي.. جرف وهدم عشرات المنازل في صنعاء    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    18 محافظة على موعد مع الأمطار خلال الساعات القادمة.. وتحذيرات مهمة للأرصاد والإنذار المبكر    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    خطر يتهدد مستقبل اليمن: تصاعد «مخيف» لمؤشرات الأطفال خارج المدرسة    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    اسباب اعتقال ميليشيا الحوثي للناشط "العراسي" وصلتهم باتفاقية سرية للتبادل التجاري مع إسرائيل    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    الحوثيون يلزمون صالات الأعراس في عمران بفتح الاهازيج والزوامل بدلا من الأغاني    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اعتراف أمريكي جريء يفضح المسرحية: هذا ما يجري بيننا وبين الحوثيين!!    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عنف غير مبرّر..!
غالباً ما يتصف الوالدان بالحرمان المادّي والعاطفيّ، وضعف الوازع الديني، والافتقار إلى مهارات الأبوّة
نشر في الجمهورية يوم 02 - 04 - 2014

لا يمكن تبرير أي عنف ضد الأطفال وخصوصاً حينما يكون في إطار الأسرة، فالطفل يعتمد في سنوات نموه الأولى على أبويه وعلى من حوله من أفراد الأسرة في تأمين احتياجاته الضرورية سواء المادية أو النفسية أو العاطفية، فبقدر ما يحتاج الطفل إلى الغذاء والكساء والمأوى، يحتاج أيضاً إلى الحب والعطف والحنان والحماية والرعاية المناسبة، وتختلف أساليب التنشئة الوالدية باختلاف الظروف والمجتمعات والثقافات، ومن الملاحظ تزايد العنف بشكل عام والعنف الأسري والعنف ضد الأطفال بشكل خاص.. فهل يمكن تفسير هذه الظاهرة التي تشكّل خطراً على تماسك المجتمع؟ وما هو رأي المختصين في علم الاجتماع.. والمسئولين في الجهات الضبطية والقضائية والإرشادية تجاه هذا الموضوع؟.. هذا ما نستطلعه تالياً:
ظاهرة اجتماعية
د. عادل الشرجبي- أستاذ علم الاجتماع قال: الأسرة أو العائلة – رغم طابعها الخاص – كغيرها من المؤسسات الاجتماعية تقوم بين أفرادها تفاعلات اجتماعية، وتسودها عمليات اجتماعية متعددة كالتعاون والتنافس والصراع..الخ، وبالتالي فإن العنف المنزلي ظاهرة ممكنة الحدوث في أي مجتمع وفي أية فترة تاريخية، والعنف المنزلي قد يكون موجهاً ضد النساء وقد يكون موجهاً ضد كبار السن و ضد الأطفال أو حتى ضد الرجال، ويتوقف ذلك على عدد من العوامل، أهمها: طبيعة الخصائص السيكولوجية للأفراد ومستوياتهم التعليمية وأوضاعهم الاجتماعية الاقتصادية، ويمكن أن نطلق على هذا النوع من العنف مصطلح «العنف الفردي أو العنف السلوكي» ويختلف جذرياً عما يمكن أن نسميه بالعنف الجماعي أو العنف الموجّه توجهاً ثقافياً، ومعظم مظاهر وأشكال هذا النوع الأخير من العنف مقبولة اجتماعياً ولا تصنّف من قبل ممارسيها والممارسة ضدهم باعتبارها عنفاً، وتمثّل النساء الفئة السكانية الأكثر تعرضاً لهذا العنف.. منوهاً إلى أن العنف العائلي في اليمن أقل أشكال العنف خضوعاً للدراسة والتحليل، وذلك بسبب طابع العلاقات العائلية غير الرسمية والتي غالباً ما يحتكم الأفراد حولها إلى الأطر والمرجعيات الثقافية وليس إلى الأطر القانونية، ونادراً ما يقبلون الحديث عنها أو يفصحون عنها للأغراب.
خصائص ومظاهر
من جانبه يؤكد الباحث الاجتماعي محمد هزاع سيف صعوبة الكشف عن كل مظاهر العنف الأسري الموجه ضد الأطفال.. موضحاً عوامل سوء المعاملة الأسرية وصفات مرتكبيها قائلاً: يكون الكشف عن إساءة معاملة الطفل صعباً للغاية في المجتمعات التي تنظر إلى تربية الأطفال باعتبارها مسألة شخصية لا تشغل الرأي العام، فقد لا يكون للأطفال أنفسهم مرجعاً يلجأون إليه ولا يدركون أن ما يتعرضون له هو أمر غير طبيعي.. ومن غير الممكن إعطاء تأكيد حاسم بشأن العوامل التي تكمن خلف السلوك المسيء تجاه الأطفال، لكنّ هناك توافقاً عاماً على أن سوء المعاملة ناتج عن تفاعل معقد بين ثلاثة عوامل مختلفة تتعلق بالخصائص الخاصة بالوالدين (أو الرعاة الآخرين)؛ والصفات الخاصّة بالطفل كفرد ونمط المحيط الخاص والضغوط الاجتماعية.. وتفيد البحوث التي أجريت في المجتمعات الغربيّة بأن الوالدين المسيئين غالباً ما يتصفان بالخصائص التالية الحرمان المادي والعاطفي؛ وضعف الوازع الديني وضعف آليات المعالجة وقابلية التعرض العالية للكرب والإجهاد؛ والافتقار إلى مهارات الأبوة؛ والعيش وفق نمط حياة غير منظم؛ وعدم النضج الشخصي الذي يتّسم في الغالب بالاندفاع وضعف تحمل الإحباط إلخ؛ وتوقعات عالية غير واقعية من الأطفال ومواقف متعتة تجاه سلوكهم؛ وإساءة استعمال المخدرات أو الكحول أو رداءة الصحة؛ وانخفاض احترام النفس أو الاكتئاب؛ وتشير البحوث إلى أن الوالدان الوحيدان يكونان في بعض الأوضاع أكثر نزوعاً إلى إساءة معاملة الأطفال أو إهمالهم بسبب ارتفاع الكرب والإجهاد مثلاً، وتدي الدخل.. لكن مع كل ذلك يجب التشديد على أنه رغم وجود بعض العوامل في الغالب بين الأسر التي تحدث فيها إساءة المعاملة، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن وجود هذه العوامل يؤّي دائماً إلى إساءة المعاملة والإهمال، فما يمكن أن يكون سبباً في أسرة ما لن يكون سبباً في أسرة أخرى.
منبع العنف الأسري
أما العقيد محمد الصباري فيرى أن الحياة في زحام المدينة واشتداد المنافسة على فرص العمل وازدياد الاستهلاك مع ضعف الموارد وانخفاض الدخول وتراكم الديون على الأفراد وعجزهم عن تلبية متطلباتهم الأساسية وضعف الروابط الأسرية، كلها مجتمعة تعد المنبع لنهر العنف الأسري.. والعنف داخل الأسرة هو واحد من أشكال العنف التي توجه نحو واحد من أفراد الأسرة وإيقاع الأذى عليه بطريقة غير شرعية، ويتباين العنف الأسري في درجة الإيذاء النفسي والبدني ويراوح ما بين البسيط الذي يؤدي إلى غضب الضحية والشديد الذي قد يودي بها.. كما يعتقد الصباري أنه من الضروري تقديم استشارات نفسية واجتماعية وأسرية للأفراد الذين ينتمون إلى الأسر التي ينتشر فيها العنف، إضافة إلى وجوب تدخل الدولة في أمر نزع الولاية من الشخص المكلف بها في الأسرة إذا ثبت عدم كفاءته للقيام بذلك وإعطائها إلى قريب آخر مع إلزامه بدفع النفقة، وإذا تعذر ذلك يمكن إيجاد ما يسمى الأسر البديلة التي تتولى رعاية الأطفال الذين يقعون ضحايا للعنف الأسري. ويبين الصباري أن من الحلول التي تساهم في التخفيف من العنف الأسري في المجتمعات وجود صلة بين الضحايا وبين الجهات الاستشارية المتاحة وذلك عن طريق إيجاد خطوط ساخنة لهذه الجهات يمكنها تقديم الاستشارات والمساعدة إذا لزم الأمر.
حقوق دستورية وقانونية
القاضي زيد حنش عبد الله - عضو المحكمة العليا وفي بحث له بعنوان إسهام القضاء في إرساء دعائم الأمن الاجتماعي في مجال الأسرة أكد فيه أن تشريعاتنا الوطنية اليمنية الأخرى قد كفلت رعاية وحماية حقوق الإنسان عامة وحقوق الطفل خاصة، بما فيها العيش والاستقرار في كنف الأسرة. حيث يقول: لقد كفل الدستور والقوانين والتشريعات اليمنية رعاية وحماية حقوق الإنسان عامة وحقوق الطفل خاصة، في عيش واستقرار الطفل في الأسرة.. ولقد صدرت العديد من القوانين اليمنية ومنها قانون الطفل عام 2002م نصت مواده على أن حق الطفل في الحياة حق أصيل لا يجوز المساس به إطلاقاً، ومراعاة مصلحته في القرارات والإجراءات، وحق التمتع بكل حقوقه الشرعية في الحصول على الاسم والجنسية وثبوت النسب والرضاعة والحضانة والنفقة والرؤية والحق في التنشئة، والاعتزاز بالشريعة والعقيدة الإسلامية، وحق الوطن والولاء... ولقد صادقت بلادنا على اتفاقية حقوق الطفل في 1 مايو 1991م، وصادقت على معظم الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.. ويؤكد ذلك نص المادة (6) من الدستور الوطني لبلادنا، والتي تضمنت الالتزام بالاتفاقيات الدولية والمصادقة عليها، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين بخصوص الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاتفاقيات الأخرى.
اختلالات تشريعية
وأكد القاضي حنش أن الاهتمام الوطني المحلي بتطوير منظومة التشريعات المتعلقة بحماية الطفولة موجود ولكنه يسير، إذ لا تزال بحاجة إلى مزيد من التقييم واكتشاف اختلالاتها والعمل على إصلاحها.. حيث قال: يجب الاهتمام بالمساعدة والتطوير واكتشاف الاختلالات والمحاولات بتسويتها.. وكذلك الاختلالات التشريعية حول سن الطفل.. حيث أتت أهمية التقييم باستمرار وللمساعدة والتطوير ورفع مستوى التطبيق واكتشاف الاختلالات أياً كان اتجاهها أو مصدرها ومحاولة إصلاحها.. ومن ذلك الاختلالات التشريعية، واستدراكها بالتعديل، أو تقديم مشاريع قوانين جديدة.. حيث توجد الفجوة التشريعية في تحديد عمر الطفل بخمسة عشر عاماً خلافاً للاتفاقية الدولية والمحدد فيها سن الطفل بثمانية عشر عاماً، واحتمال أن يوجد تعديل جديد قريباً لقانون رعاية الأحداث.. إن كل هذه الأهداف صعبة ولا يمكن أن تتحقق إلا عبر أزمان وبقناعات الدول والحكومات، وبإيمان صادق وراسخ من المجتمعات بضرورتها وبجهود من الدول والحكومات والمجتمعات المختلفة، وبإمكانيات لتأسيس وتأهيل التشريعات الوطنية والتي تتضمن ضمانات لتحقيق تلك الأهداف البناءة وبوعي مجتمعي، وقد أدرك المجتمع الدولي أهمية الحماية القانونية لكل متطلبات العمل مع الأطفال.. وأول المبادئ الأساسية لحقوق الطفل – حماية من الاستغلال – وإنشاء قضاء خاص وتشريعات خاصة وتأخذ بمبدأ الخصوصية، في مبدأ الإرادة والإدراك والتكوين النفسي والقدرات البدنية عنده.
ضمانات اجتماعية
وحول موقع الطفولة والأسرة ككل في منظومة التشريعات اليمنية قال: “لقد تضمّن القانون اليمني للأسرة (قانون الأحوال الشخصية رقم 20/ 1992م) بأن الأسرة هي أساس المجتمع، وأوجب حماية القانون لها وتقويتها وأن قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، وتهتم الدولة بأساس المجتمع، وتحمي الأمومة والطفولة، فالأطفال هم شباب المستقبل، وتكفل الدولة توفير الضمانات الاجتماعية لكافة المواطنين، كما جاء في الدستور اليمني.. فقد نص الدستور في مادته (26) (على أن الأسرة هي أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، ويحافظ القانون على كيانها، ويقوي أواصرها).
كما نصت المادة (30) منه على: (أن تحمي الدولة الأمومة والطفولة وترعى النشء والشباب وهناك العديد من القوانين، منها قانون حقوق الطفل عام 2002م، تضمنت حق الطفل في الحياة حق أصيل، لا يجوز المساس به إطلاقاً، ومراعاة مصلحته الفضلى في القرارات والإجراءات وحق التمتع بجميع حقوقه الشرعية في الحصول على الاسم والجنسية وثبوت النسب والرضاعة والحضانة والنفقة، ورؤية الوالدين، وأيضاً الحق في التنشئة والاعتزاز بالعقيدة الإسلامية وحب الوطن والولاء).
أدوار هامة
مضيفاً عن أهمية دور الأسرة في حماية الطفل ودور العوامل الأخرى المتعلقة بالتنشئة الاجتماعية: “إن الطفل قليل الخبرة، وهو في أمسّ الحاجة إلى دليل يرشده وتوفير حاجياته لفهم محيطه وبيئته، ولعل الأسرة هي خير ما تقوم بهذا الدور وهنا يتّضح لنا دور الأسرة في رعاية وحماية حقوق الطفل في الكثير من أمور الحياة في كل مراحل حياته، منها: التنشئة الاجتماعية، وحمايته من الانحراف، والحماية من الأخطار، وكشف المواهب، وتوجيهه وإرشاده.. وإن الطفولة هي من أهم المراحل تأثيراً في حياة الإنسان التي تبدأ بعد الولادة وحتى البلوغ والاستقلال عن الأسرة وتوجد العديد من العوامل والأسباب تلعب دوراً في التنشئة الاجتماعية للطفل إلى جانب دور الأسرة، منها الرفقاء، الشارع، المدرسة، وسائل الإعلام ويكون دورها إما سلبياً وإما إيجابياً”.
موقف الدين
الوعظ والإرشاد الديني جانب مهم لحماية المجتمع من مشاكل العنف الأسري، الشيخ أيوب مهيوب مرشد وواعظ تحدث عن موقف الإسلام من العنف الأسري وحرصه الشديد على العناية والاهتمام بالأطفال قائلا: نظراً لكون الأسرة نواة المجتمع فإن أي تهديد سيوجه نحوها - من خلال العنف الأسري- سيقود بالنهاية، إلى تهديد كيان المجتمع بأسره فإن الإسلام شدد على نبذ العنف ضد الأطفال في العائلة، ومن الأحاديث التي تروى في هذا المجال حديث الرسول (ص): (عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش)، وحديث: (علموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف). وحديث: (إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه).. مؤكداً أن معاملة الأطفال في الإسلام تمتاز بالرقة والحنان والشفقة والعناية والتوجيه.. وأن التربية والتوجيه لا تقتصر على حب الأبناء الذكور، ولكن تتعداه إلى حب البنات وعدم التضجر من ولادتهن، وقد حث النبي (ص)على تربية البنات والإحسان إليهن وجعل من يحسن إلى اثنتين أو ثلاث منهن رفيقه في الجنة، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله (ص) قال: ( من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين . وضمّ أصبعيه.. مضيفاً: “إن الدين الإسلامي هو الدين الذي ينبذ العنف بكافة أنواعه، وعلى جميع الأصعدة، وخصوصاً على صعيد الأسرة، هذه المؤسسة التي حرص الدين الإسلامي أشد الحرص على حمايتها من الانهيار وذلك منذ كونها مشروعاً قيد الدرس، إلى حين صيرورتها كياناً قائماً.. كما أن تعاليم الدين الإسلامي توضح أهمية التراحم والترابط الأسري، وهناك العديد من النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة التي تظهر منها أهمية ذلك الأمر منها قول الرسول عليه الصلاة والسلام: “ليس منّا من لا يرحم صغيرنا ولا يوقر كبيرنا”.
العنف الأسري.. مشكلة عالمية حقائق مؤسفة
تظل مشكلة العنف الأسري ضد الأطفال مشكلة عالمية ومنتشرة في مختلف المجتمعات ولكن بنسب متفاوتة.. ورغم الجهود الأممية المبذولة في احتوائها ومعالجتها، إلا أن الحقائق بشأنها تظل مذهلة ومؤسفة.. إذ يقدر عدد الأطفال الذين يتعرضون للعنف الأسري سنوياً على نطاق العالم بما يتراوح بين 133مليون طفل و 275 مليون طفل.. وفي هذا الإطار نتناول بعضاً من تلك الحقائق وفق الدراسات التي أجرتها المنظمات الدولية:
خصوصية
تمثل الأسرة الوحدة الجماعية الطبيعية الأساسية للمجتمعات، حسبما تنص المادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمادة 23 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويذهب أحد الافتراضات الأساسية لاتفاقية حقوق الطفل، حسبما جاء في مقدمتها، إلى أن الأسرة تشكل البيئة الطبيعية لنمو ورفاه جميع أفرادها - وبخاصة الأطفال- مما يعتبر اعترافاً بأن الأسر تملك القدر الأكبر من إمكانية توفير الحماية للأطفال، والوفاء بمتطلبات سلامتهم الجسدية والعاطفية، وتعتبر خصوصية الأسرة واستقلالها من القيم المصونة في جميع المجتمعات، وتكفل الصكوك الدولية لحقوق الإنسان الحق في الحصول على الخصوصية والحياة الأسرية والمأوى والتوافق الاجتماعي. وربما يشكل القضاء على العنف ضد الأطفال واتخاذ إجراءات بشأنه أكبر التحديات في سياق الأسرة، إذ يعتبره معظم الناس الأمر الأشد ”خصوصية“ داخل نطاقات الخصوصية، غير أن حق الأطفال في الحياة والبقاء والنماء والكرامة والسلامة الجسدية لا تقف كفالته على أعتاب منزل الأسرة، ولا عند حدود التزامات الدولة المتعلقة بكفالة حقوق الأطفال.
تدابير ملزمة
ونصت المادة (19) من اتفاقية حقوق الطفل على أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية، وهو في رعاية الوالد (الوالدين) أو الوصي القانوني (الأوصياء القانونيين) عليه، أو أي شخص آخر يتعهد الطفل برعايته.. وأنه ينبغي أن تشمل هذه التدابير الوقائية، حسب الاقتضاء، إجراءات فعالة لوضع برامج اجتماعية لتوفير الدعم اللازم للطفل ولأولئك الذين يتعهدون الطفل برعايتهم، وكذلك للأشكال الأخرى من الوقاية، ولتحديد حالات إساءة معاملة الطفل المذكورة حتى الآن والإبلاغ عنها والإحالة بشأنها والتحقيق فيها ومعالجتها ومتابعتها وكذلك لتدخل القضاء حسب الاقتضاء.
الرضيع المخضوض
ورغم ذلك يقدر عدد الأطفال الذين يتعرضون للعنف الأسري، سنوياً على نطاق العالم، بما يتراوح بين 133 مليون طفل و 275 مليون طفل.. وأشارت دراسة للأمم المتحدة إلى أنه قد يكون لتعرض الأطفال للعنف بشكل متكرر في منازلهم، وهو ما يحدث عادة أثناء المشاجرات بين الوالدين أو بين الأم وشريك حياتها تأثير بالغ على رفاههم ونمائهم الشخصي ونوعهم الاجتماعي، في مرحلة الطفولة وسن الرشد، ويزيد عنف العشير الحميم أيضاً مخاطر تعرض الأطفال للعنف داخل الأسرة، حيث دلت دراسات من جنوب أفريقيا والفلبين وكولومبيا ومصر والمكسيك على وجود علاقة وثيقة بين العنف ضد المرأة والعنف ضد الطفل وخلصت دراسة من الهند إلى أن العنف الأسري في المنزل يضاعف مخاطر تعرض الأطفال للعنف.. وقالت دراسة الأمم المتحدة أنه تم في العقود الأخيرة التسليم بانتشار ممارسة العنف ضد الأطفال - العنف الجسدي والجنسي والنفسي، علاوة على الإهمال المتعمد - بواسطة الوالدين وأفراد الأسرة الأقربين الآخرين، ويكون الأطفال ابتداءً من طفولتهم الباكرة وحتى سن 18 سنة، عرضة لأشكال مختلفة من العنف داخل منازلهم، ويختلف مرتكبو هذا العنف باختلاف المرحلة العمرية، ووفقاً لدرجة النضج لدى الضحية، وهم يشملون الوالدين، وأزواج الوالدين، والوالدين بالتبني، والأخوة والأخوات، وأفراد الأسرة، والقائمين بالرعاية.. معظم حالات العنف الذي يمارس ضد الأطفال في الأسرة غير مميتة، ولا تسبب إعاقات جسدية دائمة أو خطيرة أو ظاهرة للعيان، إلا أن بعض أشكال العنف الذي يمارس في الأسرة ضد الأطفال ذوي الأعمار الصغيرة جداً، تؤدي إلى حدوث أضرار دائمة، أو حتى تفضي إلى الموت، بالرغم من أن هدف مرتكبيها قد لا يكون هو تسبيب هذ ا النوع من الضرر، وتشير أبحاث أجريت في بلدان مختلفة إلى أن ”ظاهرة الرضيع المخضوض“ - إساءة معاملة الأطفال عن طريق الخض - ترتبط في حالات عديدة بحدوث إصابات في الرأس وإلحاق ضرر جسيم بالدماغ.
معاملات فظة
مشيرة إلى أنه قد يحدث العنف الذي يمارس ضد الأطفال في الأسرة في سياق التأديب في كثير من الحالات، ويتخذ شكل العقاب البدني أو العقوبة القاسية أو المهينة، وتنتشر المعاملة الفظة والعقاب الشديد داخل الأسرة في كل من البلدان الصناعية والنامية معاً، وألقى بعض الأطفال الضوء، حسب ما جاء في الدراسات أو في أحاديثهم الشخصية، أثناء عملية المشاورات المحلية المتعلقة بالدراسات، على الأضرار الجسدية والنفسية التي يعانوها نتيجة لهذه الأشكال من المعاملة، واقترحوا بدائل إيجابية فعالة لطرائق التأديب.. وكثيراً ما يكون العنف الجسدي مصحوباً بعنف نفسي. فالإهانات والسباب والعزل والصد والتهديد وعدم الاكتراث العاطفي والتحقير، كلها من أشكال العنف الذي قد يؤثر بشكل حاسم على نمو الطفل النفسي ورفاهه - وبخاصة حينما تأتي من شخصية جديرة بالاحترام كأحد الوالدين، ومن الأهمية بمكان أن يتم تشجيع الوالدين على الاقتصار على استخدام وسائل تأديبية خالية من العنف.. ويساهم الإهمال بما في ذلك عدم استيفاء احتياجات الأطفال المادية والعاطفية وحمايتهم من الخطر وتوفير الخدمات الطبية وغير الطبية لهم عند الحاجة، في حدوث وفيات وأمراض الأطفال الصغار، ويشير اختلال التوازن في النسبة بين الجنسين، وسط البنات والأولاد في بعض المناطق، إلى أن تصبح البنات معرضات بشكل خاص لمخاطر الإهمال، وكذلك العنف، وتزيد الإعاقة أيضاً من مخاطر التعرض للإهمال، فقد ينبذ الأطفال المعاقون وهي ممارسة ربما تعتبر في مناطق عديدة مقبولة أو تشجع في بعض الأحيان.
اعترافات متزايدة
وقالت الدراسة أنه يتزايد الاعتراف بحدوث العنف الجنسي في المنزل، إذ دل استعراض عام لدراسات أجريت في 21 بلداً (معظمها بلدان متقدمة النمو) على أن أشخاصاً تراوحت نسبهم بين 3 و29 في المائة وسط النساء و 7 و 30 في المائة وسط الرجال أبلغوا عن وقوعهم ضحية للاعتداء الجنسي أثناء مرحلة الطفولة، وتوصلت غالبية الدراسات إلى أن البنات تساء معاملتهن بمعدلات تتراوح بين 15و3 مرات قدر معدلات الذكور، وتقع معظم حوادث الاعتداء داخل إطار الأسرة وبالمثل، دلت دراسة شملت بلدان متعددة أجرتها منظمة الصحة العالمية، من ضمنها بلدان متقدمة النمو وأخرى نامية، على أن نسبة تتراوح بين 1%و 21 في المائة من النساء أبلغت عن التعرض للاعتداء الجنسي قبل سن الخامسة عشرة، بواسطة ذكور من أفراد الأسرة، عدا الأب أو زوج الأم، في معظم الحالات.
ممارسات ضارة
وأوضحت دراسة الأمم المتحدة تفاوت نسب تضرر الأطفال من الممارسات التقليدية الضارة، التي تفرض عليهم بشكل عام في سن باكرة بواسطة والديهم أو زعماء المجتمعات المحلية، وأفادت المقررة الخاصة المعنية بالممارسات التقليدية التي تؤثر في صحة المرأة والطفلة، بأن بتر الأعضاء التناسلية للإناث، الذي يمارس بصورة متزايدة ضد بنات في سن أصغر وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية، متفشي في أفريقيا ويحدث أيضا في بعض أجزاء آسيا وداخل المجتمعات المحلية للمهاجرين في أوروبا وأستراليا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية، وتشمل الممارسات التقليدية الضارة الأخرى التي تؤثر على الأطفال، الربط بالقيود وإحداث ندوب على الجلد والحرق بالنار والوسم، وممارسة طقوس عنيفة عند الانتقال من مرحلة الطفولة، والتسمين، والزواج القسري، وما تسمى بجرائم ”الشرف “، والعنف المتصل بالمهور، وطرد الأرواح الشريرة أو ”الشعوذة“.
حقائق للحياة
في إصدار لمنظمة اليونسيف بعنوان(حقائق للحياة) قالت فيه إن العنف يتخذ أشكالاً متعددة منها العنف الجسدي، والعنف اللفظي والعنف النفسي، ويتسبب العنف بمشاكل مختلفة، ويترك آثاراً سلبية على شخصية الطفل، وسلوكه، وطريقة تفاعله مع المحيط.. وإن جرائم الاستغلال الجنسي هي إحدى أعمال العنف الممارسة على الأطفال التي لا يُكشف عنها في معظم الأحيان إلا بعد انقضاء أعوام طويلة على حدوثها، خصوصاً وأن الأطفال الضحايا يظلون خاضعين لسلطة المعتدين عليهم حتى بلوغهم سن الرشد، ويبدأ الاستغلال الجنسي من التحرش الجنسي، يقع الأطفال فريسة التحرش الجنسي بسبب انخفاض مستوى الوعي العام للأهل والأبناء حول هذا الموضوع، وعدم رغبتهم مناقشته إن نشر المعرفة أساسي لحماية الأطفال داخل الأسرة وضمن المجتمع من أي مخاطر قد تعرض سلامتهم الجسدية والنفسية للخطر.
أنواع
واستعرضت المنظمة أنواع العنف الذي يتعرض له الأطفال ومنه العنف الجسدي وعرفته بأنه استخدام القوة الجسدية بشكل متعمد تجاه الآخرين من أجل إيذائهم وإلحاق أضرار جسمية بهم وذلك كوسيلة عقاب غير شرعية.. والعنف النفسي وهو سلوك يهدف إلى السيطرة والتخويف والترهيب، من قبل شخص أو مجموعة من الأشخاص الذين يمتلكون القوة والسيطرة، موردة عدداً من الأمثلة على العنف النفسي أو الإساءة النفسية كالازدراء برفض الطفل، أو مناداته بأسماء تحط من قدره ووصفه بأنه وشيع، والإساءة بالتهديد من خلال تهديد الطفل المتواصل بالإيذاء الجسدي أو التخلي عنه ما لم يسلك سلوكاً معيناً، أو بتركه بمفرده في حجرة مظلمة.. والإساءة بالعزلة وهي إبعاد الطفل عن من يحبهم، أو تركه بمفرده لفترات طويلة، أو عدم الاكتراث له.. أما العنف اللفظي فقد أشارت إلى أنه لا يستلزم اللمس والضرب، ويمارس عبر تصرفات أو كلمات جارحة تقال للمعتدى عليه، منها الصراخ المستمر الغير مبرر, والشتم والانتقاد اللاذع المتكرر والتحقير والإهانة والاستخفاف أو السخرية والمقارنة السلبية بالغير والتفوه بجمل تحط من شخصية الطفل كالقول (أنت سيئ ) أو (أنت لا تساوي شيئا).
آثار سلبية
وأشارت اليونسيف إلى اختلاف آثار العنف حسب نوع العنف الممارس، مصدر العنف (الأهل، الأصدقاء، الأقارب، المعلمين)، والوضع النفسي للفرد.. فالآثار الجسدية للعنف تكون إذا تكرر الاعتداء الجسدي بشكل منتظم فقد ينتج عنه عاهات جسدية مزمنة منها إلحاق ضرر بالدماغ أو فقدان حاسة السمع أو البصر، وقد يصاب المعتدى عليه بالتخلف العقلي أو تأخر النمو أو الشلل أو الغيبوبة الدائمة، وقد يؤدي الأمر في حالات كثيرة إلى الموت.. أما الآثار النفسية للعنف فتتمثل في الميل للكآبة والإحباط والعصبية والقلق الزائد وقلة الثقة بالنفس وتحقير الذات والشعور بعدم الاستقرار.. الشعور بالخوف وعدم الأمان.. وبالنسبة للآثار السلوكية للعنف فهي قد تظهر في التبول اللاإرادي, ومشاكل في الكلام (تلعثم، تأتأة), ومشاكل في النوم والكلام, ومخاوف غير مبررة, والحذر المفرط من الكبار, والسلوكيات الطفولية كالهز والمص والعض, والعدوانية تجاه النفس (محاولات الانتحار) وتجاه الآخرين, والانعزال والانطواء, والسرقة والكذب, مصاعب في التحصيل العلمي والغياب المتكرر عن المدرسة, وعدم المبالاة, والقيام بسلوكيات ضارة مثل شرب الكحول أو تعاطي المخدرات, وتجنب إقامة علاقات مع الآخرين.
تواجه الأجهزة الأمنية صعوبة في اكتشاف وضبط حالات العنف الأسري ضد الأطفال التي يتم التستر عليها .. أما المكتشفة والمضبوطة فالصعوبة تكون أكبر في التعامل معها حينما يكون الجناة هم أنفسهم ولاة أمر الطفل
براءة منتهكة
صور الحروق الكبيرة الشبيهة بجلد الدجاج المشوي والتي ظهرت على مؤخرة الطفلة فاطمة ذات الخمسة أعوام وفي أجزاء أخرى مختلفة وحساسة من جسدها هي أكبر دليل على بشاعة ما تعرضت له من عنف وتعذيب وخير شاهد على إجرام أبيها وخالتها اللذين تجردا من كل مشاعر الإنسانية.
في مواجهة الرعب
الوقائع المثبتة بالتقارير التي حصلنا عليها صادمة ومرعبة فعلاً، وتقول أن فاطمة تعرضت للتعذيب بالحرق أكثر من مرة وفي أجزاء مختلفة من جسمها وفي أوقات مختلفة وأن الكارثة الكبرى كانت العام الماضي حينما وضعتها خالتها (زوجة أبيها) على التنور وحرقت أعضاءها التناسلية كاملاً.. وأن البكاء المتواصل من شدة الألم الذي أصاب الطفلة عكر الأجواء ليلا على أبيها وخالتها فأخرجاها لترقد في سطح العمارة.. لكن فاعلة خير من الجيران أخذتها وأسعفتها إلى المستشفى ولم يتمكن الأطباء من تخفيف ألمها وجعلها تنام إلا بأقوى المهدءات لتظل رقودا تحت العلاج مدة خمسة أيام.. وأفادت فاعلة الخير – حسب ما جاء في الأوراق – أنها حين وصلت بها إلى أحد المراكز الطبية بالعاصمة صنعاء أكد لها الأطباء أن الطفلة مغتصبة أيضاً بملعقة.. وذكرت الوثائق أنه تم إبلاغ الأمن بالقضية لكنهم لم يقوموا بعمل شيء بل إن الخالة الجانية حين علمت بالبلاغ جاءت برفقة أربعة مسلحين وأخذت الطفلة بالقوة من المستشفى.. وعادت بها إلى المنزل لتكرر تعذيبها مرات عدة استخدمت في إحداها ماءً ساخناً لإحراقها..
تدخل
في أغسطس الماضي رفعت وزارة حقوق الإنسان مذكرة عاجلة إلى النائب العام أحاطته بأنها تلقت بلاغاً من إحدى جارات منزل أسرة الطفلة فاطمة مضمونه أن هذه الطفلة ذات الخمس سنوات تعرضت وتتعرض لأبشع أنواع التعذيب في أماكن حساسة من جسدها من قبل والدها وخالتها (زوجة الأب).. وأكدت الوزارة أن هذا يتنافى مع قواعد الشرع والقانون وأنه سبق إبلاغ السلطات الأمنية بالواقعة لاتخاذ الإجراءات القانونية فتم التحقيق معهما من قيل إدارة الأحداث بوزارة الداخلية إلا أنه تم الإفراج عن المتهمين رغم اعترافاتهم بحسب البلاغ.. ووفقاً لأوراق القضية فقد استمعت الوزارة إلى أقول عدد من الشهود والذين أكدوا الواقعة، وأوضحت المستندات أنه سبق وأن تم إبلاغ الأمن الذي تحرك وأحضر المتهمين مع الضحية وأعترف الأب والخالة بارتكاب ما نُسب إليهما وتم حجزهما خمس ساعات ثم أُفرج عنهما الأمر الذي دفع المبلغين إلى إبلاغ منظمة سياج التي وجهتهم باللجوء لوزارة حقوق الإنسان.
وحشية وبشاعة
ليست فاطمة هي الأولى التي تتعرض للتعذيب والانتهاك فهناك عدد من القضايا التي تم رصدها لأطفال تعرضوا لأقسى أنواع العنف والانتهاك داخل أسرهم.. فبحسب العقيد محمد الصباري -مدير إدارة العلاقات العامة والتوجيه بالإدارة العامة للمباحث الجنائية ومسؤول وحدة حماية الطفولة, إن قضايا من هذا النوع يتم رصدها والكثير منها تصيبه بالذهول ولا يكاد يصدقها عقل، ومنها طفلة بعمر الثلاث سنوات تعرضت للاغتصاب والتعذيب من قبل والدها الذي تم التحقيق معه وأعترف وأقر بجرمه وأنه أقدم على هذا الفعل انتقاماً من أمها بل وبكل برود ووقاحة وجراءة قال أثناء التحقيق معه أن لديه ثلاثمائة ألف ريال كان سيتزوج بها لكنه مستعد أن ينفقها في علاج طفلته.. كما كشف لنا الصباري عدداً من القضايا المشابهة التي أصابتنا بالغثيان لبشاعتها، ضحاياها هم أطفال تحت الخامسة.. منوهاً أن الكثير من قضايا العنف الأسري البشعة توجد فيها خالة (زوجة أب) كطرف وأب منحرف.. موضحاً اكتشاف حالات لأطفال قامت أسرهم بإحداث عاهات بهم عمداً بهدف التسول بهم.. مضيفاً أن مثل هذه الجرائم بحق الأطفال لا يفكر حتى الشيطان نفسه بارتكابها، وأن مرتكبيها هم وحوش تجردوا من كل القيم والأخلاق والمشاعر الإنسانية.
في طريق العدالة
تواجه الأجهزة الأمنية صعوبة في اكتشاف وضبط حالات العنف الأسري ضد الأطفال إذ يتم التستر عليها وحتى التي يتم كشفها وضبطها فإن الأجهزة الأمنية تجد صعوبة أكبر في التعامل معها حينما يكون الجناة هم أنفسهم ولاة أمر الطفل وهم أصحاب الحق القانوني في رفع وتحريك الدعوى الجنائية.. فالعديد منها حتى وإن ضبطت وتم إثباتها فلا تحال إلى القضاء وما يُحال منها يتم إغلاقها والإفراج عن الجناة.. سوى القليل من القضايا التي تجد طريق العدالة إلى النهاية إما بسبب تحولها إلى قضية رأي عام أو أنها تجد مناصرة ومتابعة قوية من قبل ناشطين أو مسؤولين مهتمين فتواجه الأجهزة الأمنية والقضائية ضغوطاً شديدة في عدم إغلاقها.. كما هو حال الطفلة أماني ذات الأربعة أعوام والتي حدثنا عن قضيتها العقيد الصباري بتعرضها لأبشع مما تعرضت له الطفلة فاطمة.. إذ بعد التأكد من صحة البلاغ الذي وصل إلى البحث الجنائي تم الوصول إلى الطفلة وإسعافها وهي في حالة سيئة للغاية وجسمها مليء بالحروق وآثار الكي بالنار واضحة ومتقيحة في كل شبر من جسمها بما فيها أعضاؤها التناسلية.. وتم ضبط أبيها وخالتها والتحقيق معهما واحتجازهما ثم توجيه الاتهام إلى خالتها التي أقرت بأنها الجانية وبكل وقاحة قالت أنها انتهكت بإصبعها الطفلة التي أثبت الطبيب الشرعي أنها تعرضت للاغتصاب.. وبعد إطلاق سراحه حاول الأب بكل الوسائل إخراج زوجته (خالة الطفلة) وتقدم بتنازل لإغلاق القضية باعتباره ولي أمر الطفلة المجني عليها التي سُلمت لدار الرعاية.. ولكننا وبالتواصل مع النيابة تم تم رفض طلبه وإحباط محاولاته وإسقاط وصايته كون الجريمة كانت بشعة بكل المقاييس وقمنا بمتابعة القضية في النيابة والمحكمة أيضاً حتى تم إدانة الخالة والحكم عليها بالسجن عشر سنوات وبدفع مليوني ريال.. وقال الصباري: “نحن مهمتنا التحقق من البلاغ الواصل إلينا وإثبات الواقعة وضبط الشخص المتهم ثم نسلمه للعدالة وتتحول المسؤولية بعد ذلك إلى الأجهزة القضائية لكن بعض القضايا تستدعينا متابعتها حتى النهاية”.
إحصائيات قليلة
لا توجد إحصائية ورصد دقيق لكل ضحايا العنف من الأطفال في بلادنا فضلاً عن ضحايا العنف الأسري فالبيانات والإحصائيات المتعلقة بهذه القضايا يتم دمجها وفق تبويبات وتصنيفات أعم وأشمل يصعب استخلاصها.. وبالرجوع إلى التقارير الإحصائية للأمن والعدالة نجدها تدرج في إطار إحصائية عدد المجني عليهم من الأحداث سواءً وقعت الجناية عليهم داخل الأسرة أو خارجها.. إذ تشير بيانات أخر إصدار من كتاب الإحصاء السنوي الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء أن المجني عليهم من الأحداث حسب الجرائم المختلفة والنوع لعام 2012م بلغ إجمالي عددهم حوالي (1898) مجنياً عليه, ومثلت جريمة الإيذاء العمدي الخفيف النسبة الأعلى من الجرائم الواقعة عليهم بعدد (463) جريمة يليها الشروع في القتل (333) جريمة.. وما يلفت النظر في هذا الجدول الإحصائي هو أن جرائم القتل العمد كان عدد ضحاياها من الأحداث والأطفال هو(188) ضحية.. في حين أن ضحايا الاغتصاب بلغوا (122) حدثاً وطفلاً..
استغلال جنسي
وفي تقرير آخر لهيئة التنسيق للمنظمات اليمنية غير الحكومية لرعاية حقوق الطفل والمقدم للجنة حقوق الطفل الدولية التابعة للأمم المتحدة حول أوضاع الأطفال في اليمن للعام 2012م لم يتم الإشارة لا من قريب ولا من بعيد حول أي إحصائية للموضوع سوى ما تم نشرة من جدول يوضح الأحكام الصادرة بحق المحكومين المتهمين بالاعتداء على الأطفال وهي عشرة أحكام فقط كان أبرزها حكماً بإعدام متهم أُدين باغتصاب وقتل طفل عمره ثمان سنوات (تم تنفيذ الحكم)، فيما أربعة أحكام في قضايا اغتصاب أُدين فيها أربعة متهمون وحُكم على كل متهم بالسجن (15) عاماً.. وفي إطار ذلك استعراض التقرير قضية الاستغلال الجنسي للأطفال والتي أشار إليها بالقول أنه يصعب تناولها بشكل علني في المجتمعات العربية، بما فيها اليمن لأن مثل هذه القضايا تعدّ من المحظورات. وتندر الدراسات في هذا المجال نظراً لصعوبة الوصول إلى المعلومات والحصول على البيانات واعتبار الحديث عن مثل هذه المشكلات أمراً يمس بكرامة السلطة والمجتمع على حد سواء حيث أن العنف الجنسي ضد الأطفال يمارس بشكل مستتر فالأطفال كثيراً ما يتعرضون للاعتداء داخل الأسرة وخارجها.. مؤكداً أن الأطفال في اليمن يتعرضون لكثير من الإساءات و الاستغلال الجنسي حيث ازدادت حوادث اغتصاب الأطفال بشكل غير مسبوق وبوسائل عنيفة وأصبحت متناولة في وسائل الإعلام حسب تعليق التقرير.. منوهاً أنه مع ذلك لا يوجد توجه رسمي للاهتمام بالظاهرة ولا توجد برامج لمعالجة ضحايا الاستغلال الجنسي من الأطفال.
دراسة ونتائج
وفي سياق متصل قام المجلس الأعلى للأمومة والطفولة وبعض المنظمات الدولية بإعداد دراسة حول العقاب الجسدي وبعض أشكال العنف الذي يتعرض له الأطفال ضمن مساهمة الجمهورية اليمنية في الدراسة الدولية للأمم المتحدة حول ظاهرة العنف ضد الأطفال، وقد أشارت نتائج الدراسة التي نفذت في خمس محافظات إلى أن نسبة 12 % من حجم عينة الدراسة أوضحوا أنهم أدخلوا دور الأحداث بسبب جرائم جنسية تمثلت بالاغتصاب والإيذاء الجنسي وأنهم في الأساس ضحايا الانتهاك الجنسي، فلا تزال المشكلات المتعلقة بالاعتداءات الجنسية التي تنتهك حرمة جسد الطفل، لا تلقى حقها من الاهتمام الجهات المختصة ولا من منظمات المجتمع المدني ولا توجد برامج للتصدي لها.. كما أشارت الدراسة إلى أن عينات الأطفال التي جرت الدراسة عليهم قد تعرضوا لحالات إساءة مختلفة (جسدية ولفظية وجنسية وإهمال) وأظهرت النتائج أن نسبة عالية من إجمالي الأطفال والمحددة ب (1357) من الذكور والإناث تعرضوا للإساءة بمختلف أشكالها، كما أشارت الدراسة أن من الآثار السلوكية و النفسية الناتجة عن الاعتداء والإساءة الجنسية أدى إلى التراجع في التحصيل الدراسي للطفل الذي تعرض للإساءة.. وأوضحت أن العقاب البدني لا زال يمارس وبصورة واسعة في مدارس التعليم الأساسي وفي نطاق الأسرة مُرجعةً ذلك لأسباب عديدة منها غياب البرامج المستمرة وحملات التوعوية التي تستهدف الأسرة المجتمع والمدرسة لتوضيح الآثار السلبية للعقاب البدني والبدائل التي يجب أن تستخدم تجاه الأطفال في المدارس والأسرة، مشيرةً لوجود أنواع عديدة من العقوبات القاسية والمهينة غير العقوبات البدنية، منها التخويف والتهديد أو السخرية والذى يدخل في إطار العنف النفسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.