سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
« بسام» احترق حتى تفحمت جثته في الضالع وأزيح الستار عن قاتله في إب تفاصيل جريمة وجّه بإعادة فتح ملفها النائب العام والمحامي العام عبدالرحمن القدسي وكشف غموضها أمن ذي السفال
كان الوقت فجراً وأثناء ما كان الناس يستعدون لأداء صلاة الفجر في المساجد، اندلع حريق هائل في صندقة “ مبنية من معدن الزنج “ والقريبة من مسجد يقع في مفرق الشعيب محافظة الضالع، وكون الوقت كما أسلفت فجراً لم يعلم أحد بالحريق ولم يوجد أحد بالطريق والمكان مما جعل السنة اللهب تتصاعد وتتكاثر وتنتشر في تلك الصندقة أكلت فيها كل شيء بما فيه العامل الذي كان متواجداً بداخلها كعادته كونه يعمل فيها وينام بداخلها أيضاً، وكأن هذه المرة ستكون الأخيرة له فيها، مع تواصل اشتعال النيران واستمرارها صادف احد المصلين المتأخرين مروره من المكان الذي لم يستطع فعل شيء سوى إبلاغ إمام المسجد القريب من الصندقة المحترقة، الإمام بدوره قام بإطلاق مناشدة عبر مكبر الصوت يطالب الناس بأن يهرعوا إلى مكان الحريق وإطفائها، هب كل من وصل لمسامعه دعوة ونداء إمام المسجد، وهرعوا مسرعين صوب الصندقة التي ذكرها الإمام في ندائه واطفوا الحريق ووجدوا عقب ذلك أن كل شيء في الصندقة قد احترق بما فيه العامل الذي يعمل في الصندقة التي تعد عبارة عن مكان لبيع الوجبات السريعة والشعبية المعدة من “ البطاط والبيض والشاي” بمعنى أن في الصندقة أسطوانة غاز ومتعلقاتها، العامل وهو الأهم في كل ما انتهى في الصندقة والتهمته السنة النيران واللهب بل واحترق وتفحم، فعلاً تفحمت جثة العامل واحترق تماماً واعتبر ضحية للحريق التي سجلته الأجهزة الأمنية في محافظة الضالع بالواقعة الغير جنائية، بمعنى أنه لا جاني فيها ولا متهم بها وأن الحريق اندلع أثناء قيام العامل بإشعال الغاز لتجهيز وإعداد متطلبات الوجبات السريعة التي يبيعها في الصندقة. ليس هذا فحسب فقد كان لدواعي الأحداث التي تشهدها محافظة الضالع وتسببت في تعطيل دور وأداء الأجهزة الأمنية كالبحث والتحري والتحقيقات بمثل هذه الحوادث لتركزيها على القضايا التي تقع وتحدث وتشهدها المحافظة من مواجهات ومشاكل مسلحة وغيرها، تم دفن جثة العامل بسام محمد حمود البالغ من العمر 16 عاماً في مسقط رأسه بمديرية ذي السفال محافظة إب وإغلاق ملف الحادثة رغم والد العامل المحترف لم يقتنع بما انتهت عليه حادثة حريق نجله وظل الشك يراوده أن وراء الحادثة أمر دبر ليلاً ونفذ فجراً وتم دفنه نهاراً وجهاراً لأسباب خارجة عن إرادة الجهات الأمنية في المنطقة المثخنة بالمشاكل والمواجهات مما افقدها اهتمامها في قضية أبنه حد قوله، وتعبيره. ما زاد من شكوكه ومن شكه معلومات وصلته أنه بعد أيام من الحادثة عثر شخصان على يد أبنه المحترق في مكان الحريق وقاما بانتشالها ودفنها سراً في محافظة الضالع ودون أن يبلغا أحدا بما فيهم والده الذي زادته هذه المعلومات عزيمة وإصرارا على السعي جاهداً لكشف حقيقة ما حدث وملابسات جريمة حريق بل وإحراق ابنه الشاب، توجه الرجل إلى العاصمة صنعاء وتحديداً صوب مكتب النائب العام مقدماً له عريضة شكواه شرح فيها مضمون مظلمته وما حدث لابنه وما أعقبه من إيقاف للإجراءات فيها معللاً للنائب العام أسباب إيقافها من قبل الأجهزة الأمنية بالضالع، مطالباً إياه بتكليف النيابة العامة بمحافظة إب بفتح ملف القضية من جديد باعتباره هو وابنه وصاحب الصندقة التي يعمل فيها ابنه من منطقة واحدة هي مديرية ذي سفال محافظة إب. كان تفاعل النائب العام الدكتور على الاعوش مع شكوى ومظلمة المواطن البسيط من خلال إصدار توجيهاته للمحامي العام رئيس نيابة استئناف محافظة إب القاضي عبدالرحمن القدسي باتخاذ الإجراءات القانونية واللازمة حيال ما جاء في الشكوى. عاد الأب إلى محافظة إب بعد تنقل دام لأيام ما بين إب والضالع وصنعاء، والأمل يراوده في أن تفيد توجيهات النائب العام في كشف غموض حريق ابنه واحتراقه، وصل لمكتب المحامي العام عبدالرحمن القدسي رئيس نيابة استئناف إب الذي هو الآخر وكعادته كان أكثر تفاعلاً وتجاوباً مع شكوى المواطن وأكثر تنفيذاً وتقيداً بتوجيهات النائب العام، ووجه القدسي خطاباً لمدير عام شرطة محافظة إب بسرعة تكليف الأجهزة الأمنية بذي سفال بالعمل بتوجيهات النيابة ممثلة بالنائب العام، الأخير هو الآخر وجه شرطة مديرية ذي سفال بالعمل بالتوجيهات حرفياً. مع حمل الأب لمذكرة وخطاب مدير عام شرطة إب متوجهاً إلى مديريته وشرطتها كانت هي باكورة وأولى بشاير فرح الأب التي اعتبرها فيما بعد بالسارة، وذلك من خلال مباشرة أحد محققي قسم البحث الجنائي بالمديرية وهو المساعد أول رياض الحمادي وأكمل فيما بعد معه المهمة والمشوار الذي وصف بالصعب.. مدير بحث شرطة المديرية النقيب إبراهيم الحميدي وذلك للإجراءات في القضية بناء على توجيهات مدير شرطة مديرية ذي السفال العقيد أحمد مشرح وبموجب انتداب النيابة وتوجيهاتها بذلك.. بعد أشهر كاملة من حادثة الحريق ومن تنقل وتحرك ومتابعة وجهد وتعب قام بها الأب، وبعد أيام قليلة من إحضاره لتوجيهات النائب العام تم بالفعل البداء في مولاة إجراءات جمع الاستدلال والتحري من جديد وبأسلوب مباحثي وأمني ذوي خبرة وكفاءة وتفرغ كامل ومسؤولية تامة في حادثة الحريق وما قبل حادثة فجر ذلك اليوم المؤرخ ب 19/ 9 / 2013 م، وشهد منتصف شهر مارس الماضي من العام الحالي الانطلاقة الحقيقية لعملية البحث وراء الحقيقة التي كان الأب يحلم بها ويراوده أملاً كبيراً في الوصول إليها ولها، لم يقتنع أن ابنه هو الجاني على نفسه وهو من تسبب في الحريق وأدى إلى احتراقه، ودفنه بمديرية ذي السفال بينما إحدى يديه دفنت في الضالع، من قبل شابين كانا مفتاحا لا باس به في شك الأب وتيقنه أن هناك حقيقة غائبة.. تواصلت الإجراءات واستمرت من قبل شرطة ذي سفال قرابة الشهرين وأهم ما توصل المحققون فيها أن صاحب الصندقة يوم الحادثة وقبلها بكم يوم أو أقل لم يكن موجوداً في الضالع فقد كان مغادراً لها ومتواجداً في منطقتهم بالضالع لغرض الزواج، بينما كان له أخ أثبتت المعلومات تواجده في الضالع ما بين ليلة الحادث وعند غياب أخاه صاحب الصندقة “ العريس “ هذا الأخ اختفى بعد الحادثة بشكل لم يتنبه له المعنيون في الضالع لعدم جديتهم في التحقيق “ للأسباب التي سبق وأن ذكرها الأب وبررها في شكواه “ تم طلب من يلزم طلبه من قبل المحققين الحميدي والحمادي وإشراف المدير مشرح وتوسعت العملية في أخذ الأقوال والطلب لأكثر من شخص إلى أن تم حصرها على أشخاص، لتنحصر أكثر وأكثر على شخص واحد بعينه، رجل لم يكن بالحسبان علاقته ومعرفته وضلوعه نوعاً ما في حادثة حريق صندقة أخيه، نعم أخوه أنه الأخ المختفي والملاحظ اختفاؤه وظهوره وغير ذلك، اخو صاحب الصندقة المحترقة، أصبح وجهاً لوجه مع المحققين بات أمامهم يتكلم ويتحدث ويجيب على أسئلتهم واستفساراتهم، ناهيك عن ما كان يحمله له المحققون من معلومات وأدلة وقرائن ربما توقعه وتجعله يكشف ما يخفيه بجعبته وما يرفض التحدث به، أهو سر أو كلام عادي، ما حكايته وما سبب كرهه وخلافه مع عامل أخيه، لماذا يأبى أن يكون عوناً للأمن ولأخيه في الوصول للحقيقة الغائبة مفادها هل هناك من قام بإحراق الصندقة وأشعل النيران فيها أن عامل أخيه هو الذي قام بذلك. استمر الحال كما هو عليه حتى ظهرت الحقيقة وظهر الحق وزهق الباطل، فقناعة المحققين كانت وقتها متطابقة ومتلازمة تبعاً مع قناعة وشك وإحساس الأب المغلوب على أمره تقول تلك القناعات باختصار شديد أن هناك جان قاتلا متهما فاعلا ولم يكن ما حدث كما سجلته أجهزة الأمن بالضالع بل كانت جريمة جنائية بمعنى الكلمة دافعها الانتقام والكراهية والحقد ارتكبت بحق الشاب بسام محمد حمود البالغ من العمر 16 عاماً وراح ضحيتها بلا ذنب ارتكبه.. لم يستطع الأخ والمتهم وقتها بعد أن كان المشتبه الوحيد في الجريمة المغيبة أن يقاوم ببسالة المحققين وبراعتهم في محاصرته بالكم الهائل من الأسئلة والحقائق والمعلومات التي جمعوها على مدار أشهر بدون كلل أو ملل ليأتي الوقت المناسب الذي يعترف فيه المتهم “ ز “ ويقر بجريمته ويعلنها صرخة مدويه أن بسام لم يحرق نفسه بل هو أي “ ز “ مخاطباً نفسه والمحققين من قام بإشعال الحريق في غاز الصندقة فجر ذلك اليوم حينما قدم إلى صندقة أخيه وبسام كان لايزال نائماً وايقظه للعمل وأثناء تواجده بالصندقة قام بإشعال النار عبر الغاز الموجود بداخل الصندقة ومن ثم مغادرته لها وبسام لايزال بداخلها والنيران قد انتشرت ألسنتها في الصندقة ولم يستطع بسام النفاد بجلده ليقع تحت غضب نيران والسنة اللهب الذي كان يزيد وينتشر وراح بسام ضحيتها، محترقاً مقتولاً بالنار التي لا ترحم ولا تعرف ولا تفرق بين أحد، وهذا أهم ما جاء في اعترافه وأخذنا منه الأهم إضافة إلى أخذنا لشيء آخر يبدو مهماً أيضاً وهو السبب والدافع لقيام المتهم بذلك بحق بسام “ كان الرد أنه يكرهه وأنه وقعت بينه وبين بسام مشكلة انتهت بمضرابة حسب اللهجة العامية “ وذلك قبل حادثة الحريق بيوم واحد حد اعترافه وذكره لذلك الكلام في محضر جمع الاستدلال والتحري. عقب ذلك يأمر المحققون بتوقيفه واعتباره بعد كل ذلك هو المتهم الحقيقي والوحيد في الجريمة والعمل على استكمال ملف القضية وإحالته مع الأوليات والمتهم للنيابة العامة في أقرب وقت ممكن وبالتحديد للمحامي العام رئيس النيابة العامة للتصرف بشأنه كون مكان الحادث يقع خارج نطاق اختصاص محافظة إب إلا أن هناك معيارين خولا للشرطة في إب جمع الاستدلال والتحري وكشف غموض الجريمة والوصول للنتائج الغير متوقعة والجبارة، والمعياران هما “ مكان ضبط المتهم ومكان السكن الدائم للمجني عليه وكذا للمتهم وأخيه مالك الصندقة المحروقة “ ويظل بهذا وبغض النظر عن ذلك الأمر متروكاً للمحامي العام وما سيقرره ويقوم بعرضه ورفعه للنائب العام خلال الأيام القادمة للتصرف بشأن المتهم ومدى محاكمته في محافظة إب. ختاماً تنفس الأب الصعداء بعد أن كان قد أفقده البعض الأمل فيما كان يحلم فيه ويشك به اعتراض البعض محاولاته في البحث وراء حقيقة حريق ابنه الشاب وما حدث له ومن يقف وراؤها حتى أصاب هو وأخطأ معارضوه بفضل من الله وتوفيقه لرجال الأمن والبحث في مديرية ذي سفال “ العقيد مشرح النقيب الحميدي والمساعد الفذ رياض الحمادي وزملاؤهم في شرطة المديرية وتعاون الجميع وتوجيهات النائب العام وتفاعل المحامي العام عبدالرحمن القدسي وإيمان الأب بالله القوي هو السبب الحقيقي في كشف الغموض الذي كان يكتنف واقعة حريق ابنه بسام.