هناك بعض الوجبات أصبحت جزءاً أساسياً من المائدة العدنية في هذا الشهر المبارك، وأضحت أطباق تقليدية معتادة فيها، ويرغب الجميع بتناولها في كل موائد إفطار رمضان، وفي كل منازل سكان هذه المدينة العريقة حيث إن تلك الوجبات تكاد تكون موحدة في كل منازل عدن، باستثناء إضافات أخرى من الفواكه والخضروات وبعض الوجبات الغالية الثمن، تضاف على موائد الإفطار لشريحة من القاطنين بمدينة عدن ممن يتم احتسابهم على طبقة الأغنياء والميسورين مادياً، لكن احتلت أطباق شربة القمح والسنبوسة والباجية واللبنية والجيلي والتمر والحبحب وشراب بودرة البرتقال أو المنجا، المرتبة الأولى على موائد إفطار الصائمين في مدينة عدن دون منازع. إن نسبة ليست هينة من سكان عدن يتناولون وجبة العشاء عقب صلاة المغرب، بينما يتناول نحو نصف السكان عشاءهم عقب صلاة التراويح مباشرة، مع إضافة ما تبقى من طعام وجبة الفطور إلى وجبة العشاء التي تتكون أساساً من الأرز والصانونه الحمراء (صلصة الطماطم مع خضار)، إضافة إلى الدجاج بالعادة، أو السمك الذي عزف عنه الكثير من أبناء عدن بسبب الاعتقاد السائد بأنه يزيد من العطش أثناء الصيام في نهار رمضان، في حين يتم تناول الأرز مع اللحم البربري في وجبة العشاء في بداية ومنتصف شهر رمضان لغالبية أهالي المدينة، أما الميسورون مادياً فإن طبق الأرز المزين باللحم البلدي (لحم محلي غالي الثمن) والمجاور له طبق من الفواكه المنوعة والحلويات المختلفة هو طبق يومي في وجبة العشاء لديهم. ومن العادات الحسنة في مدينة عدن هو اتباع السنة النبوية - على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم - في تأخير تناول وجبة السحور إلى ما قبل أذان الفجر بنحو ساعة من الزمن، وتتكون وجبة السحور لغالبية سكان عدن في العادة من فتة الخبز مع اللبن، المكونة من قطع الخبز المحمس بالسمن، والمغمس باللبن المحلى بالسكر. حيث إن طعام غالبية سكان مدينة عدن خلال شهر رمضان يحتوي على مكونات بسيطة من البروتينات، وكثيرة من النشويات وفيها الحد الأدنى من العناصر الغذائية والفيتامينات التي يحتاجها جسم الإنسان، غير أن التمر الذي يعد طعاماً مهماً لكل الصائمين يؤدي دوراً مهما في مد الجسم بالفيتامينات المفيدة التي يحتاجها. كما أن المستوى المادي يؤثر على نوعية الطعام الذي يتناول خلال شهر رمضان..، إضافة لتأثير عادات الطعام المتوارثة، على مكونات موائدهم لإفطار رمضان، التي يظهر عليها البساطة وانخفاض قيمتها المادية وعدم التنوع الكبير لمحتوياتها. ويرتبط تحسن مكونات المائدة العدنية لإفطار رمضان ارتباطاً طرديا بتحسن مستوى دخول أبناء المدينة المادية، بينما تتناقص مكونات المائدة الرمضانية في عدن وتشح مع تناقص الدخل المعيشي العام للأسر في هذه المدينة، ليل عدن في رمضان له مذاقه الخاص.. والزائر لعدن في هذا الشهر الكريم سينبهر بالأجواء الروحانية التي تظلل هذه المدينة الجميلة.. فمن العادات التي درج عليها أهالي عدن منذ القدم الإعداد المسبق والجيد لاستقبال هذا الشهر المبارك من خلال توفير ما يسمى لديهم «الراشن» أو «السبر» ومعناه المواد الغذائية الأساسية والفرعية واغلب ما يميز مائدة الإفطار للأسرة اليمنية في عدن هو المقليات مثل السمبوسة الكاتلكس والطعمية التي يسمونها «الباجية» والخمير أي «الزلابية» والغرولي والمطبق والمدربش وغيرها من المقليات كما تحتوي المائدة على العصائر مثل المشمش والليمون أو السنكويك وقوالب الحلوى كالجيليو الكريم كرامل والكاسترد والبدامي والعشاء عبارة عن زربيان أو صيادية، واحياناً مطفاية مع الأرز أو الخبز، وأحياناً المكرونة مع الدقة، وأحياناً سمك ناشف مقلي والربيز، وأحياناً كباب إلى جانب الشبس.. وبعد العشاء يقمن النساء بتنظيف البيت والتهيئة للجلوس والراحة أو الخروج وكذلك الرجال، ومع أن التخزين كان في السابق مقتصراً على يومي الخميس والجمعة رسمياً ولكن الآن اختلف الوضع وأصبح للذي يرغب به أي يوم.