الذي أريد أن أقوله لكم أيها الإخوة: مُشْكِلة المُشْكلات في العالم الإسلامي أنّ هذا الدِّين العظيم الذي جاء به النبي الكريم، وفتَحَ به مشارق الأرض ومغاربَها هو بناء أخلاقي، واسْتِقامة، وأمانة، وصِدْق، وإخلاص، فهذا الإسلام انْكَمَشَ وانْكَمشَ وانْكمَشَ إلى أن أصْبَحَ مجموعة عبادات تُؤدَّى أداءً شَكْلِيًّا، ولذلك مليار ومئتا مسلم ليس لهم وزْنٌ في العالم إطْلاقًا، والآية الكريمة واضِحَة، قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [سورة النور: 55] ونحن لا اسْتِخلاف ولا تَمكين لا تطْمين لأنَّ الله تعالى قال: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ) [سورة مريم: 59] وقد لَقِيَ المسلمون ذلك الغيّ، فالإنسان عُمْره ثمين وغنيّ، أين أنت ذاهب؟ إلى الجامع، ومن أين جئت؟ من المسْجد، ومن الدرْس، فالأمْر أخْطَر من ذلك، إن لم يكن هناك انْضِباط سُلوكي، تصَوَّروا طالباً لم يفتَحَ الكتاب طوال السَّنة ولم يداوم، وجاء للامتِحان، ومعه ستَّة أقلام ربَّما نشف الأوَّل، وأقام جوًّا رائِعاً للامتِحان، ولكنَّه لم يدْرس إطْلاقاً، وكذا هذا الذي يُؤَدِّي العبادات الشعائِرِيَّة دون أن يلتَزِمَ بالعبادات التَّعامُلِيَّة، مثَلُهُ كمَثَل هذا الطالب، فالعبادات الشَّعائِرَّية ومنها الصِّيام لا تُقْبل عند الله ما لم تُؤَدَّ العبادات التَّعامُلِيَّة، والمُسْلِمون لا يسْتَحِقُّون نصْر الله عز وجل ولا تأييدهُ ولا دَعْمَهُ، إلا إذا الْتَزَموا العبادات التَّعامُلِيَّة، ركعتان مِن وَرِع خير من ألف ركْعة من مُخَلِّط، وتَرْكُ دانِقٍ من حرام خير من ثمانين حجَّة بعد حجَّة الإسلام، ولأَنْ أمْشِيَ مع أخٍ في حاجتِهِ خير لي من صِيام شَهْر واعْتِكافي في مَسْجِدي هذا، فلو كان لإنسان بستان لا سور له، وأتى بِبَاب لِهذا البستان !! هذا الباب لا معنى له، وهكذا المسلمون أصبحَ هناك تناقض في حياتهم، يسألك مئة إنسان عن حكم صِيام نصف شَعْبان؟! وتَجِدُه يمْشي بِطَريق آخر، فهذا تناقض كبير.