أيها الإخوة، الإنسان إذا اصْطَلَحَ مع الله، وتاب توْبَةً نصوحة، وحرَّر دَخْلهُ وبيتَهُ، وضَبط عملهُ وصدَق، وضبَطَ سمْعَهُ وبصَرَهُ، حقيقةً فالله عز وجل سوف يُسْعِدُهُ في الدنيا والآخرة. رمَضان مُنْطَلَق وليس مُناسبَة مَحْدودة، يقول لك: الله يقبض الشياطين بِرَمَضان، وهذا حديث صحيح، فلا يقل الواحد: والله يا رب، اجْعَلهم دائِماً مقْبوضين فقد أهَلَكونا، فالشَّياطين تُصَفَّد في رمضان من أجل الاسْتقامة في هذا الشَّهر، فأنت حينما تسْتقيم وتقول الحق، وتستقيم في رمضان، فأنت الذي تُصَفِّدُ الشياطين، أما حينما تقْترف المنكرات فلن تستفيد شيئاً، والنبي عليه الصلاة والسلام صعد المنبر وقال: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ»[الترمذي عن أبي هريرة ]. نحن يَهُمُّنا من الحديث الفقْرة الأولى: رغِمَ أنف عبْد أدْرك رمضان فلم يُغْفَر له، عَوِّد نفْسَكَ صلاة الفجْر في جماعة في المسْجد، والاسْتِغفار مئة مرَّة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلَّم، وتِلاوة كِتاب الله، والصلوات الرَّواتب، ومن السنَّة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلَّم كان يأكل تمراتٍ عند الإفْطار، ويشْرب ويُصَلِّي المغرب ثم يأكل. غاضبَ زوجٌ زوجته، فقال لها متوعِّداً: لأُشْقِيَنَّكِ ! فقالتْ الزوجة في هدوء: لا تستطيع أن تُشقيَني، ولا تملك أن تُسعدني، فقال الزوج في حمق: وكيف لا أستطيع؟ فقالتْ الزوجة في ثقة: لو كانتْ السعادة في مال وكنت تملكهُ لقطعْتهُ عنّي، ولو كانت السعادة في الحليّ لحرمْتني منها، ولكنّها في شيءٍ لا تملكهُ أنت، ولا الناس جميعاً، فقال الزوج في دهشة: وما هو؟ فقالت الزوجة في يقين: إنّي أجدُ سعادتي في إيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي لا سلطان لأحدٍ عليه غير ربّي.