يمتاز شهر رمضان بخصوصيته الروحانية لدى المسلمين، ففيه تكتظ المساجد بالناس الذين يؤدّون فروضهم كاملة فيها مع أداء صلاة التراويح و قراءة القران والتعبد، ويبادر التجار إلى إخراج الزكاة والصدقات وإطعام الفقراء وإقامة موائد الرحمن التي تتسع لآلاف الفقراء. وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» حاولت من خلال هذا الموضوع توضيح خصوصية هذا الشهر الفضيل في عيون العلماء والناس البسطاء وأهم الواجبات فيه على الإنسان المؤمن وأبرزها تجسيد مبدأ التكافل وإخراج الصدقات والزكاة وغيرها من الأساسيات التي حضّ عليها الدين الإسلامي الحنيف.. فعن سبب إقبال المسلمين على الأعمال الصالحة في هذا الشهر أكثر من الأشهر الأخرى، يقول إمام وخطيب مسجد ابان بعدن الشيخ محسن محمد عبدالله: “شهر رمضان تُضاعف فيه الحسنات، فالصلاة مضاعفة؛ ولذلك ترى الناس يتفرّغون في شهر رمضان للعبادة، وتراهم يتسابقون لأداء الصلاة في الجوامع والمساجد على عكس أيام الشهور الأخرى”. شهر الحسنات أما عبدالله محمد سعيد قاسم تاجر فيقول: “شهر رمضان تأتي الحسنات فيه على غير حسنات الشهور الأخرى، فكل تاجر يستغل هذا الشهر لإخراج الزكاة والصدقات وإقامة الموائد ليبارك الله له في تجارته”. مشيراً إلى أن “شهر رمضان فيه الأجر والثواب مضاعف ولا يعلم بقيمتها إلا الله، فحسنة الصدقة في الأيام العادية تضاعف عشرة أمثالها، أما في شهر رمضان فليس لها حصر؛ بل هي أضعاف مضاعفة” . ويرى عبدالله سعيد أن الصدقة تُعطى لمستحقّيها من وجهة نظره وليس لمن طلبها. تنقية للفطرة نجيب الوصابي عامل يرى أن شهر رمضان هو تنقية للفطرة والصفات الطيبة في النفس وصفات المحبّة والتعاون والإقدام والإنتاج والإتقان وغيرها، تنقيتها مما قد دخل إليها بفعل وساوس الشيطان واتباعها له كصفات الحقد والحسد والغل والأنانية والكراهية والكسل والإهمال وغيرها من أمراض. ويضيف: هذا الشهر الكريم هو من أجل العودة إلى كل خير، عودة للأصول، عودة لسلامة القلوب ولقوة النفوس، عودة لله تعالى مصدر كل قوة و خير، عودة لدستور الحياة والأساس الذي يُستَقَى منه نظامها؛ للقرآن الكريم، عودة لنظام الإسلام وأخلاقه، عودة لحُسن العلاقات مع الآخرين. ويتابع: “العمل الكريم في شهر رمضان له أجر كبير لا يعلمه إلا الله، وهو أجر أتمنّى أن يكون له منه الكثير، وأتمنّى أن أظفر به كله” . لرمضان خصوصيته أما سمير يحيى سعيد، فيرى أن شهر رمضان هو شهر المحبة وشهر الرحمة كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاء شهر رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبوب النار وصفدت الشياطين» أي أنه شهر لا تجد فيه وسواس لأي شيطان. ويضيف سمير: لشهر رمضان خصوصية نفسية ودينية؛ فترى الناس يبادرون إلى فعل الحسنات وترك السيئات، وترى الأغنياء يبادرون إلى إعطاء الصدقات على عكس بقية الشهور الأخرى، مع أنني أدعوهم إلى أن يكونوا أسخياء على مدار السنة وليس في شهر رمضان فقط. الزكاة لا تسقط بالوفاة ولأن الناس يقبلون بشكل كبير على إخراج الزكاة والصدقات خلال شهر رمضان المبارك؛ حاولنا أن نتعرّف بشكل أوسع عن هذه الفريضة من خلال الشيخ محسن محمد عبدالله الذي قال: الزكاة أوجبها الإسلام في أشياء معيّنة وهي الذهب والفضة والزروع والثمار وعروض التجارة وبهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم، ولها شروط مثل الحول والنصاب، ولها مقدار محدّد من المال، وأوجب أن تُعطى لأصناف معيّنة، ولا يجوز أن تُعطى لغيرهم وهم المذكورون في الآية رقم 60 من سورة التوبة «إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل، فريضة من الله، والله عليم حكيم». ويضيف: ومن مات وعليه زكاة فيجب على ورثته أن يخرجوها من ماله وتقدّم على الوصية والورثة، ومانع الزكاة يعذّب كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب كنز لا يؤدّي زكاته إلا أحمي عليه نار جهنم، فيجعل صفائح فيكوى بها جنباه وجبينه حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب إبل لا يؤدّي زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر كأوفر ما كانت تستن عليه كلما مضى عليه أخراها ردّت عليه أولاها حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب غنم لا يؤدّي زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر كأوفر ما كانت فتطأه بأظلافها وتنطحه بقرونها ليس فيها عقصاء ولا جلحاء كلما مضى عليه أخراها ردّت عليه أولاها حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدّون ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار …». ويستطرد فضيلته قائلاً: والزكاة على المذاهب الأربعة لا يجوز إعطاؤها للأصول والفروع، والأصول هم الأم والأب والأجداد والجدّات، والفروع هم الأولاد وأولادهم ولا تعطى لغني أو قوي مكتسب بل تؤخذ من أغنياء البلد فترد على فقرائهم. ويبين أنه ذهب كثير من أهل العلم أنه لا يجوز نقلها إلى بلد آخر إلا لمصلحة، ولا يجوز إعطاؤها للكفار والمشركين. وتابع الشيخ محسن محمد عبدالله قائلاً: أما الصدقة فلا تجب في شيء معيّن بل بما يجود به الإنسان من غير تحديد ولا يشترط لها شروط، فتعطى في أي وقت وعلى أي مقدار، ويجوز أن تُعطى لمن ذُكروا في آية الزكاة ولغيرهم، ولا يجب فيها شيء من ذلك، وتاركها لا يعذّب وتعطى للفروع والأصول والغني والقوي المكتسب والكافرين والمشركين عملاً بقوله تعالى في الآية الثامنة من سورة الإنسان: «ويطعمون الطعام على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيرا» وتعطى أيضاً للقريب والبعيد. ويختتم حديثه بالتوضيح أن الزكاة تُعرف لغة بأنها النماء والريع والبركة والتطهير، أما الصدقة فهي مأخوذة من الصدق؛ إذ هي دليل على صدق مخرجها في إيمانه؛ بينما تعرّف الزكاة شرعاً بأنها التعبُّد لله عزّ وجل بإعطاء ما أوجبه من أنواع الزكوات إلى مستحقيها على حسب ما بيّنه الشرع، فيما تُعرف الصدقة بأنها التعبُّد لله بالإنفاق من المال من غير إيجاب من الشرع، وقد تُطلق الصدقة على الزكاة الواجبة.