تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    دولة الأونلاين    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    احتجاجات في لحج تندد بتدهور الخدمات وانهيار العملة    جمعية التاريخ والتراث بكلية التربية تقيم رحلة علمية إلى مدينة شبام التاريخية    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    يافع تودع أحد أبطالها الصناديد شهيدا في كسر هجوم حوثي    سالم العولقي والمهام الصعبة    لليمنيّين.. عودوا لصوابكم ودعوا الجنوبيين وشأنهم    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    13 دولة تنضم إلى روسيا والصين في مشروع بناء المحطة العلمية القمرية الدولية    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    الهند تقرر إغلاق مجالها الجوي أمام باكستان    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جدران صنعاء تبوح بالأسرار
مراد سبيع..الفارس الذي أشهر ريشته لمقارعة الفساد
نشر في الجمهورية يوم 16 - 07 - 2014

ثمة قضايا وأسرار ظلت حبيسة لسنوات في ذاكرة الكثير من الناس في صنعاء منها أسرار لم يكن من المسموح الحديث عنها أو التلميح بها،ولكن مع ثورة الشباب السلمية التي كانت في اليمن عام 2011 أصبح المستحيل ممكنا والأسرار صارت علىجدران الشوارع وقد تمردت على حبسها وخرجت لتعلن عن نفسها بكل جرأة في جداريات مدينة تمردت عن السائد معلنة انفجار الصمت.. مراد سبيع الشاب الذي انتقل مع عائلته من محافظة ذمار إلى العاصمة صنعاء عام 1993 لم يتخيل يوما أن يمسك الريشة ويخرج للرسم في الشارع ولا سيما وانه كان رياضياً سابقاً حصل على المراكز الأولى في الجودو على مستوى الجمهورية وكذلك البطولة العسكرية في الجودو عام 2008.
البداية:
بعض البدايات تكون كالوحي في وميضها ونكون كالأنبياء في إتباع ما يوحي إلينا لتصير الفكرة لاحقا رسالة هامة يتلقاها الناس بترحاب و ربما نجد من يحاربها وهكذا كانت بداية مراد سبيع وجدارياته التي استحقت عن جدارة جائزة عالمية مرموقة.
يتحدث سبيع عن بداياته قائلا :«بدأت الرسم عام 2001 وكان ذلك في البيت مثل غيري من اليمنيين حيث لم يكن ثمة تمكن في الرسم حينها ولكني حاولت بقدر الممكن.»
لوِّن جدار شارعك
في مارس 2012 كنت كالكثير من ساكني مدينة صنعاء مبهوراً بالألوان والرسومات التي تزين بعض شوارع العاصمة حينذاك..
لم يخطر ببالي أن هذه الرسومات هي الحملة الأولى ضمن حملات لاحقة لمحاولة استنطاق جدران مدينة تحمل الكثير من القضايا والأسرار والآلام.
عن حملة (لون جدار شارعك)يقول سبيع : «جاءت الفكرة من الجدران نفسها حيث كانت جدران الشارع الذي اسكن فيه مزرية جدا و محرضة للكراهية مثيرة للحقد».
مساء يوم 14 مارس كتبت على حائطي في موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) بأني سوف انزل للشارع يوم 15 مارس لتلوين جدران شوارعنا.وبالطبع نزلت و كنت اعمل بمفردي إلى تاريخ 21 مارس وفي يوم 22 مارس صادف انه يوم خميس نزل الكثير من الشباب والشابات للرسم وتفاعلوا كثيرا و رحبوا بالفكرة.
حتى الذين لم يكونوا يجيدون الرسم شاركوا معنا.ومن هنا انطلقت حملة (لون جدار شارعك)وأصبح مداً كبيراً..استمرينا في الحملة لمدة ثلاثة شهور كل خميس ننزل للرسم والتلوين بشكل ممنهج بينما كنت انزل بمفردي بقية أيام الأسبوع لمدة شهر و من ثم كان ينزل معي الكثير من الأصدقاء بشكل يومي ولكن يوم الخميس كان نزول جماعي..فكرة الحملة كانت بسيطةوهي أن (الكل يرسم).
اللغة الأولى في التاريخ كانت الرسم وليس للرسم دخل بالتعليم فالجميع يستطيع أن يرسم و يشخبط و يعبر عما يريده بالرسم.
حملة (لون جدار شارعك)فكرة بسيطة ولكنها عميقة وجاءت هذه الفكرة بعد فترة طويلة من تهميش الرسم في اليمن..ولكن اليوم صار للرسم شرعية في الشارع الكل يرسم وحتى من كانوا يروا أن الرسم حرام يرسمون أيضا.
ثمة تكسير لنمط معين ظل موجوداً لعقود من الزمن..الرسم تغيير و حركة ثورية و هو محاولة لنسيان ماضي قريب ربما ما زلنا نعاني من إرهاصاته حتى اليوم.
الجدران تتذكر وجوههم
من أكثر القضايا التي كان ممنوعاً الحديث عنها في اليمن قضية(المخفيين قسريا)وهي قضية مئات أو ربما الآلاف من الأشخاص الذين أخفتهم الأنظمة السابقة في اليمن و لا أحد يعرف عنهم شيئاً إلى اليوم وتعود القضية إلى سبعينيات القرن الماضي، هذه القضية ظلت من الأسرار الممنوع التلميح أوالحديث عنها وظلت قضية مسكوت عنها لعقود طويلة ولم يتجرأ احد الحديث عنها سوى ما كان يكتبه الصحفي سامي غالب عبر صحيفته (النداء) في عام 2007 ولا حقا عبر حائطه في موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)،ولكن يظل فعل القراءة فعلاً اختيارياً ولكن أن تبرز هذه القضية وتكون علىجدران العاصمة ليعرفها ويفهمها ويتعرف على ضحاياها الكثير من الناس فهو فعل شجاع وجريء وعمل إنساني جبار قام به مراد سبيع وأصدقاؤه عبر حملة (الجدران تتذكر وجوههم).
عن هذه الحملة يقول سبيع :جاءت فكرة حملة(الجدران تتذكر وجوههم) بعد أن انتهينا من حملة (لون جدار شارعك) حيث كنت أتابع قضية المخفيين قسريا عبر حائط الصديق الأستاذسامي غالب رئيس تحرير صحيفة(النداء)في موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) كانت قصصاً حزينة للغاية كقصة المرأة التي تزوجت وعمرها ستة عشر عاما ليختفي زوجها اختفاءً قسريا وتنتظره لمدة ثلاثين عاما يعني ضعفي عمرها وهي في حالة انتظار هذا ظلم كبير جدا.
التقيت ببعض اسر المخفيين قسريا كانوا يتحدثون والدموع تسيل من مآقيهم بحرقة وألم.. محزن جدا أن يكون هذا الألم عند البعض ولا يوجد من يشعر به.
استمرينا في حملة (الجدران تتذكر وجوههم)سبعة أشهر انزلوالأصدقاء إلى الشارع للرسم كل خميس،رسمنا ما يقارب 102 أشخاص و هو عدد قليل قد يصل للآلاف من المخفيين قسرياً وهم أشخاص لا يعرف عنهم الناس شيئاً من هم ومتى تم إخفاؤهم ولماذا؟
بعد أربعة أشهر من الحملة ظهر احد المخفيين القسريين وهو مطهر الارياني ولكن بعد أن فرحت به أسرته واحتفت برجوعه إلى منزله و بعد مماطلة من الحكومة تعلن الأخيرة أن فحوصات ال (دي أن أيه) أثبتت انه ليس مطهر الارياني لك أن تتخيلي الصدمة وخيبة الآمل التي شعرت بها أسرته ...
مهمتي و أصدقائي المشاركين في الحملة هو التعريف بالقضية وبالأشخاص المخفيين وليس المتابعة لما يحدث بعد ذلك لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ..
فكرة حملة(الجدران تتذكر وجوههم)فكرة عظيمة و عمل إنساني بحت وعمله بسيط، فقط عمل للوجه والتعريف بصاحب الصورة وتاريخ اختفائه،ليس ثمة عمل مرهق وإنما هو استخدام تكنيك وقضية اقصد نقل قضية إلى الناس عبر الشارع.
أردنا من خلال هذه الحملات أن نقول للناس هذه قضايانا وهذا عمل الكثير من اليمنيين وليس عمل فردي على كل حال.”
12 ساعة
12 ساعة يعني 12 قضية كلها قضايا هامة و جادة ترتبط بالوطن والمواطن بشكل مباشر.إلى حين إجراء هذه المقابلة مع مراد سبيع كان العمل ما يزال مستمر في هذه الحملة.
قضايا كثيرة ملفتة و مبهرة في طريقة تناولها و نقلها للناس، وأجمل الأعمال هي تلك التي تٌشعر المرء بأنها قالت ما يريد قوله،نفضت الغبار عن قضايا هامة لتتجلى لنا واضحة جلية .
ربما هذه الحملة هي الأطول زمنيا من الحملات السابقة والأكثرتنوعا وربما الأكثر تعاطيا في وسائل الإعلام المحلية والعالمية..إليكم ما قاله سبيع عن هذه الحملة :
“12 ساعة حملة ال 12 قضية الأكثر بروزا في الوطن والأكثرملامسة للإنسان اليمني منها السياسي والديني والاقتصاديأيضا ..
الساعة الأولى قضيتها( انتشار السلاح) :وهذا معروف ونشاهده ونلمس آثاره بشكل يومي،الغالبية العظمى يحملون السلاح وكلما حدث خلاف مهما كان تافها يفرض السلاح نفسه لتكون النتيجة دموية .
الساعة الثانية : قضيتها(الطائفية):مرعب ما نعيشه اليوم من طائفية مخيفة ،لم يشهد الوطن هذه الطائفية من قبل ولو استمرت الطائفية تنتشر بهذا الشكل السرطاني سيفقد كل بيت فرد أو أفراد منه،فهذه آفة تبيد الأوطان.
الساعة الثالثة:قضيتها(الاختطاف): وأنا شخصيا ركزت على اختطاف الأجانب فهو الصيد الثمين للبعض.
مؤخرا تفاقمت هذه الظاهرة و أنا حزين جدا لهذا وقد ركزت على الصحفية الهولندية جوديث التي أكن لها احترام كبير فهي أحبت اليمن وكانت تقول بأن اليمنيين ألطف ناس ولكننا قابلناها بالاختطاف.
الساعة الرابعة:قضيتها(العبث بالوطن):مهما كان قدر الأموال التي تدخل إلينا من الخارج ستكون الأيادي المنفذة أيادي من الداخل.
الساعة الخامسة:قضيتها(الطائرة بدون طيار) وهذه قضية محورية ..الطائرة بدون طيار التي تخطف حياة الناس في غمضة عين هي محرضة للإرهاب ليس ثمة معالجات صحيحة لمحاربة هذه الآفة البعض يرى أن الجندي عميل لتلك الطائرات وبالتالي يأتي الرد سريعا عقب أي عمل لتلك الطائرات ليكون الضحية الجنود الذين لا حول لهم ولاقوة،يجب أن يكون الجيش مدعوم اقتصاديا في محاربتها للإرهاب و يجب عدم تدخل هذه الطائرات التي تحفز على الكراهية والحقد ضد أفراد الجيش.
الساعة السادسة:قضيتها(الفقر):للأسف الشديد زادت نسبة الفقر في اليمن.نسبة كبيرة جدا من الأطفال يعانون من سوء التغذية،الحروب الأهلية الصغيرة المنتشرة هنا وهناك في هذا الوطن المسكين هي حروب مفتعله،هناك قوى سياسية داخلية وخارجية لا تريد لهذا الوطن الاستقرار أبدا.
في ملامح الإنسان اليمني نجد البؤس والشقاء واضح و بقوة ومع ذلك هو إنسان صبور و صامد ولا اعلم مقدار قوته.
الساعة الثامنة: كانت عن جريمة هزت المجتمع اليمني والعالمي بأسره وهي جريمة مستشفى وزارة الدفاع(مستشفى العرضي)هذه الجريمة التي ذرفنا فيها الدموع لبشاعتها وقسوتها،هي الجريمة الأبشع في تاريخ اليمن.طبعا لم نستطيع رسم سوى ثلاثين شهيد من شهداء المجزرة والباقيين كتبناأسمائهم لتعثرنا في الحصول على صور لهم.
الساعة التاسعة :قضيتها(تجنيد الأطفال): نستطيع أن نقيس مدى تدهور البلاد بتنامي هذه الظاهرة.
الجماعات التي تقوم بتجنيد الأطفال لا تستطيع السيطرة على العاقل بشكل كامل ولكنها تستطيع ذلك مع الأطفال،السيطرة على العاقل تكون سيطرة محدودة ولكن على الطفل تكون سيطرة كاملة لذلك تقوم تلك الجماعات بتجنيد الأطفال بالطريقة التي تناسب تطلعات وتخدم أهداف تلك الجماعات.
الساعة العاشرة:قضيتها(العمالة والخيانة الوطنية):حسب معلوماتي هناك ما يقارب سبعين ألف شخص من الصفوة أوالنخبة في اليمن يستلمون مبالغ من دول أجنبية لأسباب معروفه للجميع .أين الكرامة والوطنية والعزة ؟لماذا يبيعون الوطن بأثمان بخسة؟تصنيف هؤلاء خيانة عظمى بوجودهم لا يمكن أبداً الحديث عن يمن جديد .
الساعة الحادية عشرة: (قضيتها الفساد).
الساعة الثانية عشرة(ساعة حرة) كل من الشباب المشارك في الحملة يرسم القضية التي يرى إنها تستحق أن تكون ضمن الحملة.”
الدعم:
يقول مراد سبيع أن الإنسان اليمني لديه فوبيا وحذر شديد من الجهات التي تدعم أي عمل وأن الكثير من الناس كانوا يسألون عن الداعم لهذه الحملات وبمجرد أن يعلم الناس بأنه دعم ذاتي ينخرطون في المشاركة بالعمل في الحملات و ليس شرطا أن يكون ذلك الانخراط بالرسم حيث يقوم البعض بإهدائهم جالونات مائية وألوان وما ينقص الفنانين المشاركين من أدوات بينما يقوم آخرون بتوزيع الماء البارد والعصائر على الرسامين وهذا ما اسماه سبيع بانخراط المجتمع في الحملات..
عندما سألته عن النفقات التي استغرقها وأصدقائه ولاسيما عندما ذهبوا لمحافظات يمنية(إب-تعز-الحديدة)لرسم صور المخفيين قسريا هل كانت على نفقاتهم الخاصة أجاب ضاحكاً: بالطبع لا..إنما على نفقة الأصدقاء) ويستأنف سبيع :«الدعم بالطبع بدأ ذاتيا ومن الأسرة وعندما تطور الأمر وأصبح يحتاج إلى عمل اكبر قام بعض الأصدقاء والمهتمين وعلى رأسهم الأستاذ سامي غالب و زوجة أخي وأيضا شقيقي الصحفي نبيل سبيع وهو بمثابة الأب بالنسبة لي بدعمنا ماديا ومعنويا،كل ما شاهدتيه كان بدعم من الأصدقاء والصديقات والأسرة وهذه توليفة جميلة ومتميزة جدا».
صدى الشارع
عمل بهذه القوة وهذه الجرأة والشجاعة والمثابرة لا بد وان يكون له صدى إعلامي وصدى في الشارع بين الناس البسطاء،كيف تقبل الناس هذا العمل وهو العمل الأول من نوعه في تاريخ البلاد حدث فني وإنساني بامتياز.
بالطبع قبل أن اسأل مراد سبيع عن صدى الشارع كنت قد رصدت بعض ردود الأفعال من قبل الناس وما رصدته لم يكن كله جميلاً حيث وجدت بعض اللوحات قد طمست وكتب عليها التعليقات وإن كان الجانب الايجابي لتلك الحملات واضحاً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك من التعليقات التي كنت اسمعها من الناس وانأ أمر بجوار الجداريات فاسمع وعياً ومحبة وافتخاراً من قبل الناس بتلك الأعمال بيد أن البعض لم يعجبه إثارة موضوع المخفيين قسريا تحديدا فطمس العيون والوجوه ربما لأوامر تلقاها البعض من جهات معينة مرتبطة بهذه القضية ،وكما قال سبيع :«أن من يطمس صور المخفيين قسريا هو شريك لمن قاموا بإخفائهم قبل عقود لان هذا هو نهج الأنظمة التي ارتكبت هذه الجريمة».
يقول مراد سبيع إن من أكثر التعليقات قسوة التي كان يسمعها أثناء رسمه لصور المخفيين قسريا هي تعليقات البعض الذي كان يلوح بيده بطريقة لا مبالاة قائلا(هذا قد مات) ويتساءل مراد «لماذا يصر البعض على مصادرة الأمل من أهالي المخفيين قسريا،ليس من حق احد أن يعلن أو يتحدث عن وفاة شخص من يحق لهم هذا فقط هم أهالي المخفيين قسريا هم من يصرحوا ويعلنوا وفاة ذويهم من المخفيين قسريا».
الصدى الإعلامي
رافقت الحملة الأولى(لون جدار شارعك) متابعة إعلامية محلياً وعالمياً يقول سبيع : الاهتمام الإعلامي العالمي بدأ مع الحملةالأولى (لون جدار شارعك) كان هناك اهتماماً كبيراً من قبل الناس ولكن في الحملة الثانية (الجدران تتذكر وجوههم) كان الإعلام مسيّساً .ولكن كان الاهتمام عالميا بهذه الحملة وكان ثمة اهتمام من المفوضية السامية للأمم المتحدة التي بدورها ضغطت على الحكومة مما أدى إلى توقيع اليمن اتفاقية حماية الناس من الإخفاء القسري ومن جرائم الاختفاء القسري.
كانت من أكثر اللوحات التي لفتت نظري وأنا أمر في شوارع صنعاء هي لوحة (طائرة بدون طيار) وهي قضية الساعة الخامسة وهذه اللوحة تحديدا نشرت في وسائل إعلامية دولية هامة مثل الجارديان والتايمز و النيويورك تايمز عن هذه اللوحة تحديدا يقول سبيع :«نشرت مجلة التايم الأمريكية موضوع عن الجرافيك و عن هذه اللوحة ولوحات أخرى لمشاركين في الحملة تتحدث عن طائرة بدون طيار.ما أريد قوله أن أمريكا التي هي معنية بالأمر نقلته في وسائل الصحافة والإعلام في العالم..أصبح الإعلام العالمي كوكالة رويترز والأوروبيةوالفرنسية يتحدثون في الأخبار إلى جانب القتل والدمار عن الفن وعن الجندي الذي يمسك بندقيته بيد ويمسك باليد الأخرى ريشه».
عراقيل
ليس من السهل أن يتقبل الناس بسهولة فكرة أن يقوم أي شخص بالرسم على جدران منازلهم،كيف تقبلوا الفكرة ولا سيما في حملة(الجدران تتذكر وجوههم)هذه القضية المسكوت عنها لعقود طويلة.سألت سبيع هل كانوا يستأذنون من أصحاب البيوت قبل الشروع في الرسم على جدران منازلهم وكيف كانت ردود أفعال الناس فأجاب :«بالطبع كنا نستأذن فنحن في النهاية لسنا باسطو أراضي ولا جدران وكان الغالبية من الناس يرحبون بل أن البعض كان يطلب منا أن نرسم على جدران منزله إلا في مرة واحدة رفض احدهم ولكنه عاد و وافق بعد أن فهم الفكرة واقتنع بها ولكن الممانعة كانت في الحملة الثانية(الجدران تتذكر وجوههم)فهي قضية حساسة ومخيفة ولا سيما وان الفاعلين ما يزالون على قيد الحياة والبعض يخاف ردة فعلهم».
الفن من أجل السلام
تناقلت وكالات الأنباء المحلية والعالمية خبر فوز الفنان اليمني مراد سبيع بجائزة الفن من اجل السلام وهي جائزة عالمية تمنح سنويا لشخص واحد.
ليس من الغريب أن يكون مراد سبيع الفنان اليمني هو الحائز على هذه الجائزة لهذا العام وهو الشجاع الذي تحدث عن المسكوت عنه،وهو المثابر الذي استنطق الجدران بقضايا جريئة وحقيقية يقول مراد عن الجائزة : اتصل بي القائمون على الجائزة وسألوني إن كنت ارغب في أن أكون الفائز بجائزة الفن من اجل السلام لهذا العام،وبالطبع وافقت..اتضح لي لاحقا انه كان ثمة اهتمام عالمي باللوحات وان الكثير من الأجانب ممن يعملون في مؤسسات مهتمة كانوا يتابعون تلك اللوحات عبرالأصدقاء الذين كانوا يعملون مشاركة للوحات عبر فيس بوك،بالطبع كانت مفاجأة كبيرة جدا لي وفرصة بأن يعلو صوت الفكر في الأفق المحلي والعالمي.
أخيراً
لا بد من القول بأنني اندهشت بأعمال مراد سبيع قبل أن التقيه، ولطالما جذبتني لوحاته وبهرني كثيرا طرحه للمواضيع بتلك الرشاقة والجرأة والروعة وعندما ألتقيته وجدت أني أمام شخص يتجاوز عمره الثلاثيني بسنوات ضوئية.سبيع نموذج مشرف لليمن وللعالم فهذا الشاب استطاع أن يعمل ما عجز عن عمله الكبار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.