{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (سورة النساء: من الآية 19) و لعل من أبرز ما كان الحديث عنه في هذه الآية أن حسن المعاشرة لا يعني أن تمتنع عن إيقاع الأذى بها، بل تعني أن تحتمل الأذى منها، وشتان بين الفهمين والموقفين، إذا تحدثنا عن حقين من حقوق المرأة على زوجها. وقد قلت أيضاً: إن الإنسان يحلو له أن يبحث عن حقوقه، وعن واجبات الآخرين له، ولكن البطولة أن تبحث أيضاً عن واجباتك تجاه الآخرين، والبطولة أيضاً أن تبحث عن حقوق الآخرين التي تطالب بها يوم القيامة. من حقوق الزوجة على الزوج: حفظ الدين والسلوك وحسن التوجيه فأن تحافظ على دينها، وأن ترعى سلوكها، وأن تحسن توجيهها، لأن الأزواج في هذه الأيام ما دامت الزوجة تروق له، وتقدم له خدمات جيدة, نظيفة, مرتبة, تعرف ما ينبغي أن تفعله الزوجة, فهذا في المرتبة الأولى، أما أمر دينها ففي المحل الثاني، إذا خرجت بطريقة لا ترضي الله يتساهل, إذا استقبلت الرجال يتساهل، وهذا لا يرضي الله يتساهل، لكنه قد لا يتساهل في أمر يمسّ علاقته بها، أو نصيبه منها، هذه المرأة إذا تركتها مع رقة في دينها، و تقصير في معرفة ربها، وضبطها في النواحي المادية، هذه لها حق عليك كبير يوم القيامة، وربما صدق على هذا الزوج أن هذه المرأة تقول: يا رب، لا أدخل النار حتى أُدخل زوجي قبلي، لأنه لم يوجهني، ولم يبصرني، ولم يعرفني، ولم يأخذ بيدي إليك. طبعاً ما من زوج إلا ويهتم بسلامة جسم زوجته، ويخشى عليها من الأمراض، لأنه هو سيدفع الثمن، فأيّ مرض عضال يصيبها هو وحده سيدفع الثمن باهظاً، لذلك ترى معظم الأزواج حريصين حرصا لا حدود له على صحة زوجاتهم، وعلى سلامة أعضاء زوجاتهم، وعلى رفاهية زوجاتهم، هذا الحرص يجب أن يقابله حرص آخر على سلامة دين زوجتك، وعلى حسن معرفتها بالله، وعلى حسن علاقتها بالله... وإلا فأنت تخونها، هي شريكة حياتك، لماذا هي شريكتك في الطعام، في المسكن، وفي نصيبك منها؟ وليست شريكتك في معرفة الله، وليست شريكتك في فهم القرآن الكريم، وليست شريكتك في التفقه في سنة رسول الله، لذلك فهذا الذي يهمل دين زوجته، ويهمل معرفتها بالله، ولا يعلق أهمية على تعليمها العلم الشرعي، لا يقيم وزنا لفهمها لدينها، هذا مقصر أشد التقصير في حقها، هذا كلام طيب ومقنع، ومنطقي ومعقول. فيقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}. (سورة التحريم: من ا لآية 6) أي: أنت مأمور أن تقي نفسك نار جهنم، ومأمور أيضاً وفي الدرجة نفسها، وبالمستوى نفسه أن تقي أهلك نار جهنم، وكيف تقي أهلك، والأهل هم الزوجة والأولاد ، تقيهم بتوجيههم، بتعريفهم، بإرشادهم ومراقبتهم، ومحاسبتهم ومن باب أولى أن يكون الزوج وزوجته من أول من تطبق عليهم هذه الآية. ومن أقوال النبي عليه الصلاة و السلام: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً قَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّى ثُمَّ أَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ وَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ ثُمَّ أَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ) أبو داود، النسائي، ابن ماجة شيء رائع جداً فوق مستوى الروعة أن ينهض الرجل ليصلي قيام الليل، وأن يقيم زوجته معه.