تعتبر مزرعة رصابة الواقعة في محافظة ذمار وتبعد حوالى 90 الى الجنوب الشرقي من العاصمة صنعاء من المزارات السياحية والجمالية التى يؤمها الناس في الأعياد والأعراس والمناسبات للنزهة والترويح عن النفس. وذلك نظراً للخصائص الجاذبة التي تتفرد بها ويندر أن تجدها في محيط المكان وفي أغلب النواحي، ومن أبرز هذه المميزات الخيول العربية الأصيلة التي تتألق جمالاً وتختال مرحاً وهي تداعب العيون بحركاتها ورقصاتها البديعة الممزوجة بكبرياء التاريخ وعظمة الفتوحات وعراقة الإنجاز الحضاري. ليس هذا فحسب، فلو تركنا مهابة الخيول ولو لبرهة وتوغلنا في جنبات المزرعة لوجدنا أن هناك المزيد من أسباب الإمتاع الذي يبحث عنه الزائر، ومن ذلك الأشجار الوارفة الظلال المصطفة بعناية في أشكال هندسية متقنة تشعرك وكأنها حرس شرف على أهبة دائمة لاستقبال الضيوف بما يليق من الحفاوة والترحاب، وهي بذلك تفسح المجال للنفاذ الى المساحات الخضراء المستلقية في كل اتجاه والموشاة بمحاصيل زراعية موسمية وثمار فاكهة ولوزيات مختلفة الألوان والطعوم.. إنها فعلاً أشبه “بجنة أرضية قدّت من جنان السماء”. ولا نغفل في هذا المقام أن نذكر بأن الطابع السياسي الذي يمثله الدار الجميل المنتصب أعلى أكمة تتوسط المزرعة وخصص استراحة (لرئيس الجمهورية) لمسة ذكية زادت من فتنة وبهاء وجاذبية المكان مع انه لايساوي الكثير في مفاتن هذه الدرة الحسناء المتقدة خضرة وخيلاء. وضع مزرٍ غير أن هذه المحاسن الفريدة غادرت خلسة المزرعة دون سابق إنذار ومن يقف على الوضع في الوقت الراهن يجد أن آثار طوفان الأزمات الذي تمر بها اليمن ماثلة للعيان في شتى مفاصل ومرافق المزرعة التي اصبحت مكبا للإهمال والتسيب.. لكن ما يهمنا حاليا على وجه التحديد ما أضحت تقاسيه الخيول من وضع حيواني - على غرار إنساني - سيء ولايليق بمقام هذا الفصيل ومكانته الرفيعة في الوجدان العربي، علاوة على كون الخيل كبد رطبة والعناية بها واجب إنساني وديني مثلها مثل بقية الفصائل الحيوانية الأخرى، وفي الاسطبل الممتد طولاً من الشرق الى الغرب يمكن للمرء أن يدرك حجم المعاناة والاهمال، فعشرات الخيول المحشورة هناك مع صغارهن دون استثناء خميصة البطون بادية الاضلاع هزيلة ضعيفة البنية، ويبدو عليها الإرهاق والتعب الذي أصاب الغالب منها نتيجة تعرضها للأمراض الناجمة عن سوء التغذية والرعاية. يقول بشير الحبيشي، المسئول على توزيع الطعام للخيول: إن القطيع كان يحظى بوجبات غذائية وصحية عالية الجودة، فإلى جانب الأعلاف المختارة بعناية هناك كميات التمور والزبيب المخصصة بشكل يومي لكل حصان وفرس، أما الآن فبالكاد نحصل على العلف من القضب اليابس الذي لايكاد يسد الرمق.. وأضاف الحبيشي: كما أن عمليات الكشف الطبي البيطري الدوري توقف بشكل كامل وهذا في حد ذاته شيء خطير قد يسبب نفوق القطيع. أجرة العيد لشراء العلف وفي نفس السياق يتحدث حسام البخيتي، مسئول الاسطبل بمرارة قائلاً: في أيام الفطر المبارك لم نحصل على الكمية الكافية من الأعلاف، لذلك اضطررنا إلى تأجير الخيول للحصول على المال كي نستطيع شراء العلف وتغطية العجز القائم.. إنها أوضاع صعبة ويجب أن لاتستمر. من جانبه ومن منظور خبرته كمدير مالي وإداري سابق للمزرعة يخبرنا الأخ عبدالإله الشبيبي أن الخيول كانت في أحسن حال في سنوات تكليف التموين والإمداد بالإشراف عليها وتوفير احتياجاتها لكن للأسف الوضع اختلف عندما استلحقت بالمؤسسة الاقتصادية اليمنية التي أطالب إدارتها العامة بمراجعة موقفها واعتماد المخصصات المالية والادارية والصحية والغذائية المناسبة والكافية لخيول المزرعة. نقلها إلى الكلية الحربية المهندس جمال جباري وكيل محافظة ذمار للشئون الفنية بدوره يؤكد أن الخيول تتعرض لإهمال يفوق الاحتمال وقال: إذا ظل الحال المزري على ماهو عليه فأدعو قيادة المؤسسة الى نقل القطيع مع صغاره الى الكلية الحربية فربما يحصل هناك على الرعاية والعناية اللازمين.