انتهت حياة الكابتن ناصر الماس، ولفظ أنفاسه الأخيرة هناك في الغربة في القارة العجوز «أوروبا» التي يقطنها منذ سنوات طويلة وتحديداً على الأرض السويسرية التي اختار الذهاب إليها، بعدما تكالبت الظروف وأصبح لامكان للشخصيات المجربة والقادرة على خدمة الرياضة ومشاويرها ، ليحل بديلاً عنهم القادمون من الأبواب الخلفية الذين لم يمروا مثلما مر «الماس» وشخصيات كثيرة جداً، خصوصاً في عدن ،غادر من غادر منهم إلى ربه وترك من ترك منهم الأرض بما فيها ورحل، وكان الكثير منهم يختارون منازلهم للعيش مع الذكريات بعيداً عن ساحات الهرج والمرج الذي أصبح من أبجديات العمل الرياضي ومواقع القرار فيه. رحل ناصر الماس وترك للأجيال في ناديه التلال خلفه مشاور طويل مع الرياضة «لاعباً ومدرباً وإدارياً» وترك بصمة يتفاخر به الجميع لأنها تميزت في كل حقبة كان يتقمص فيها الأدوار إلى عهد قريب كان في التلال اسماً ومعنى خالياً من التشوهات التي تفرض نفسها اليوم واقعاً مريراً بفعل البعض. مات الماس وهو الذي لم يكن يدر في خلده يوماً أن جثمانه سيوارى الثرى في أرض غريبة وبعيدة ، وأن الأرض التي أحبها وتنفس هواها لن تحظى به يوم يختاره الله سبحانه وتعالى إلى جواره .. لكنها الحياة بمآسيها .. صنعت له مالم يظنه يوماً ، حيت تنكرت الأوطان بمن فيها لتلك القامات والهامات وأدارت ظهرها واعتمدت من لايملكون شيئاً من مخزون هؤلاء الذي يرحلون يوماً وراء أخر بقضاء الله وقدره، ويتركون عند أهلهم الحسرة والمرارة .. لما لا؟ وهم من كانوا شهود عيان لجهود السنوات والأوقات التي أهدروها حباً لوطن للأسف لم ينصفهم ولم يبادلهم الحب عبر من يمسكون بقراره في مواقعهم. الحديث عن الماضي ربما لايفيد ، لكننا نوصل من خلاله رسالة للتاريخ، رسالة نتمنى أن يأتي من يستوعبها يوماً وينصف القامات قبل أن تترجل وتترك دنيا فانية .. وهو مصير محتوم للجميع ..«فكل نفس ذائقة الموت».. رسالة ليست الأولى وليست الأخيرة ، انظروا إلى هؤلاء الذين كُتب عليهم الشقاء والرحيل عن الأهل والأحباب وانظروا من خلالهم للكثيرين ، قدموا للوطن والرياضة مشاوير محفورة في جدران الأندية وكل مواقع الرياضة .. فإلى متى تتنكرون لهم؟. لو سألت وزارة الشباب عن ناصر الماس فقيد التلال والرياضة اليمنية لما امتلك كثيرون فيها قدرة الإجابة .. فمن أين سيعرفون تلك الأمور وتلك القامات التي تتساقط واحدة وراء الأخرى وهي التي قدمت مالم يقدمة 90 % ممن ينتسبون اليوم لوزارة الشباب .. هذا هو نجم من نجوم كرة القدم ورياضة الوطن يترجل ، نجم صنع المجد وقدم شخصيته الرياضية لاعباً من ذوي الإمكانات الخاصة وصاحب رأس ذهبية أعطته الحضور الدائم في صفوف الأحرار لاعباً ومدرباً ثم التلال مدرباً وبينهم مشوار دولي مختصر، وفقاً لما كان يحصل في تلك الفترة ، ومن خلالهما تقلد مناصب إدارية في ناديه عميد أندية الوطن والجزيرة وأخرى في الأطر الرياضية قبل أن يصل به المطاف إلى وقفة مع النفس أدرك فيها أن الأوضاع قد تغيرت وأن الرياضة ومواقعها أصبحت لغير الرياضيين، ليرتحل ويعيش سنواته الماضية إلى أن توفاه الأجل بعد صراع مع المرض في سويسرا ويوارى جسده الطاهر في أرضها .. بعيداً عن الأهل والأحباب والأصدقاء وزملاء المشوار وأجيال تتلمذت على يديه .. رحمة الله عليك .. كابتن «ناصر الماس».