المدن قد تتشابه, والطقس يبدو مقارباً لمدينتي, ورغم أنني أبحث عن الهروب من تلك المدينة المليئة بالحرب والضعف ,إلا إنني أبدو من دونها كسيحة, تعرج في مخارج الحروف ,وتعرج في خطواتي, ليس لي هنا تاريخا أو ذكريات, هنا ذاكرة أخرى لمدينة لا تشبهني، الناس على الطريق يمرون ,وعلى الأسفلت خطواتهم, كأنهم يسابقون الزمن ليظلوا أحياء بهذه الرفاهية ,في مدينتي الناس يحبون البطالة, يعشقون ترف الاستلقاء والتجمعات التي لا تنتهي, في مدينتي الزمن يمشي ببطء, وفي أرجائها تتناثر المناسبات والحياة الخاملة, لهذا الناس لايزالون فقراء? لأنهم يعشقون المقيل, ويهدرون أموالهم للحظات من النوم اليقظ .. المدن تملك ذاكرة, وأنت وحدك يا مدينتي ذاكرتي التي لا تشيب, وأنت التي إن هجرتك تذكريني, تبعثين لي رسائل، تغرقيني بصمت روحك التي لا تنتهي، صامت قلبي أيضاً وكيف أرد إليك خطواتي المبتعدة وأنت تنظرين إلي هكذا بعتب، كل الطرق تقودني إليك, وكل الطرق تسألني عليكي، كم أعجز حين أجيب، أخاف أن أجرحك بكلماتي المثقلة، المدينة تغيرت هكذا قالو ! وهكذا صرت أنا أيضاً أقول, عبأتك في زجاجة ، وحملتك معي في حقيبة سفري، وظننتك صرت محبوسة, بين حين وآخر أستطيع أن أتطلع إليك ثم اخبئك مرة أخري،) لكنك مدينة( والمدن لا زجاج يحجزها... تظل تتمدد هكذا حتى تبتلعني وأصبح فيها شجرة أو طريقا أو مجرد حجر، حينما رحلت.. تركت في مدينتي كل معاركي وقتالاتي السابقة, وكتبت على جواز السفر مسالما ضد الحرب, بعثت لك شوقي وسلاماتي وبين عينك انتحرت .. أنت لي عشق لا ينتتهي, وأنا لك ولد عاص, أنت تذودين عني في غربتي, وأنا أتجاهل دعاءك وابتهالاتك, أنت من أعطيتني أسما ووطنا, وأنا أتبر منك علنا, أنت من ستحملينني حينما أشيخ وأنا أهرب منك إليك .