عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الريال يخطط للتعاقد مع مدرب مؤقت خلال مونديال الأندية    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    غريم الشعب اليمني    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    الحكومة تعبث ب 600 مليون دولار على كهرباء تعمل ل 6 ساعات في اليوم    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    مئات الإصابات وأضرار واسعة جراء انفجار كبير في ميناء بجنوب إيران    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    لتحرير صنعاء.. ليتقدم الصفوف أبناء مسئولي الرئاسة والمحافظين والوزراء وأصحاب رواتب الدولار    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأثر الرواية العربية بالرواية الغربية «1-2»
نشر في الجمهورية يوم 11 - 09 - 2014

تحتل الرواية بين سائر الفنون الأدبية الأخرى مركزاً مرموقاً؛ نظراً لما لها من أهمية بالغة؛ فبعد أن كان الإنسان في الزمن القديم يتخذها للمتعة والتسلية وإهدار وقته الثمين أصبح ينظر إليها نظرة تختلف عن نظرته السابقة تلك، بعد أن أصبحت الرواية فناً سامياً يحتل حيزاً كبيراً من المجتمع.. لكن الرواية - هذا الفن العظيم - غربية المنشأ؛ فقد نشأت وظهرت في بيئات غربية مهّدت لظهورها معطيات العصر نفسها.. فالمتغيرات العديدة التي صاحبت التطور العلمي والأحداث الكثيرة التي ما إن ظهرت وتشكّلت حتى بدت تستوعب كل هذه المتغيرات وأخذت تتصل وبشكل مباشر بالإنسان وهمومه الكثيرة ليقوم بدوره في معالجة هذه الهموم وتلك المشاكل التي تغص بها المجتمعات.. فمسألة تأثر «الرواية العربية بالرواية الغربية» هي التي دفعتني إلى كتابة هذه المادة..
فالقضية وبكل صدق مثيرة جداً لمن يحاول أن يتتبعها ويعرف تفاصيلها وملابساتها فهي جد مثيرة ومشوقة ولم أكن أعرف أن الرواية على هذا القدر من الأهمية لدى النقاد والدارسين والمهتمين إلا من خلال القراءة التي أتيحت لي وأنا أقوم بإعداد هذه المادة.
وأود أن أنوّه هنا إلى أن الكتب والمراجع التي عدت إليها ليست قليلة بل هي إلى حد ما كثيرة ولكن المشكلة التي واجهتها هي أن الكتب التي نظرت فيها كانت معظمها تتحدث إما عن الرواية بشكل عام وإما عن أمور تبعد عن موضوع هذه الدراسة كل البعد كالبطل في الرواية مثلاً.. أو الزمان، المكان - الشخصية في الرواية - البناء أو حديث تاريخي عن الرواية أو غير ذلك.. أما المراجع التي وجدت فيها بغيتي فهي قليلة، لكنني وبعون ومن الله اغترفت من معينها قدر ما استطعت؛ لأنها في حقيقة الأمر قد رسمت الصورة أمامي بوضوح وجلاء تأمين. نشأة الرواية.. وكيف كان التأثر «لم تعد القصة أو الرواية فناً يُقصد به تزجية الفراغ أو مجرد المتعة، بل أصبحت فناً له مكانته في الآداب المعاصرة.. بل إنها غالبت غيرها من الأنواع الأدبية وزاحمتها فشغلت الرأي الأدبي واستحوذت على القارئ, فهي سيدة الأدب المنثور دون شك.. وهي أكثر الأنواع الأدبية فعالية في عصرنا الحديث"1"، وتقول عنها سهير القلماوي في تقديمها لكتاب شكري عزير الماضي: «الرواية المكتوبة لها طاقاتها وتطوراتها.. وقد أخذت مكان الصدارة في الأشكال الأدبية عالمياً وعربياً؛ لأنها الوعاء الأنسب للمرحلة التاريخية التي نجتازها اليوم» "2"، وفي الحقيقة: إن الذي كان شائعاً ومعروفاً لدينا نحن العرب هو ذلك النوع القصصي البدائي في العصور الماضية، مما يُطلق عليه السيَر الشعبية والمقامات والأقاصيص المختلفة مثل ألف ليلة وليلة وعنترة وعلي الزيبق وسيف بن ذي يزن وغير ذلك مما هو معروف في تراثنا العربي القديم، وكل هذا الموروث الأدبي الكبير والواسع على كثرة ما فيه من ملاحم وقصص، إلا أننا لا نستطيع أن نُطلق على تلك القصص والملاحم والسّير «روايات» لأنها بدائية وساذجة كما أن كثيراً مما جاء فيها يخرج عن دائرة المعقول والمصدّق.
أضف إلى ذلك أنه لم تتوافر لها هذه الخصائص التي يمكن أن توصلها إلى مرتبة الرواية التي هي معروفة لدينا اليوم، وأنا لا أنكر أن لنا تراثاً أدبياً عظيماً يفوق تراث أي مجتمع إنساني وتزخر صفحات تاريخنا بنماذج رائعة منه، ولكن الذي يدعو للأسف حقاً هو أننا لم نعتد بتراثنا الاعتداد الذي يجب أن يكون بل جعلناه مهملاً منسياً هناك في هامش حياتنا، فكان من الطبيعي أن تتعثر خطاه ويتوقف.
فالمجتمع الإنساني في حركة دائمة وسريعة ومليء بالأحداث والمستجدات وهكذا وتبعاً لكل ذلك كثرت هموم الإنسان وطموحاته وآماله ومطالبه في الحياة فجاءت الرواية منبثقة من وسط هذا الزحام العنيف أوجدتها ظروف العصر نفسه ومتطلباته فجاءت الرواية إذن لتواكب هذه المتغيرات في حياة الناس فكانت مثل الإناء – إذا صح التعبير - الذي يستوعب هموم الناس وانفعالاتهم جملة وتفصيلاً, فكان من الطبيعي إذن أن تداعب ذهن القارئ العربي وتوقظ فيه ما كان نائماً وراكداً من الطموح الجاد.
إذن لا يمكن أن تكون الرواية امتداداً للتراث القديم أو تطوراً له وإنما نشأت الرواية في بيئة غير عربية, في بيئة غربية, فقد ولدت الرواية ونمت وتطورت لتصل إلى ماهي عليه اليوم في بيئات غربية مختلفة حتى وإن كانت ظروف كتّابها مختلفة ومتباينة من بيئة إلى أخرى بفعل الزمان والمكان، إلا أنها جميعها في نهاية الأمر تصب في قالب واحد صُهرت كل الأعمال والكتابات فيه.. فأخذت الرواية تأخذ أشكالاً مختلفة من الازدهار وحظاً وافراً من الشيوع والانتشار في موطنها الغربي؛ نظراً للإمكانات المتاحة التي حظي بها الغرب بفعل تقدمهم العلمي وإن كنت أرى بوادر الخير وتباشيره تلوح في الأفق البعيدة معلنة قدوم جيل قادر على تحقيق ما حققه الغرب من إنجازات علمية ضخمة, كل ذلك يظل مشروطاً بالتزامنا الجاد وعدم التقاعس عنها. وعود على بدء أقول: إن شهرة الرواية الغربية وما تحقق لها من الشيوع والانتشار والامتداد داخل مجتمعاتها الغربية كان كفيلاً بأن يجعلها تخرج من مواطنها الأصلية لتنتقل إلى وطننا العربي الكبير مارة ببوابته الأولى مصر.
وأقول أيضاً: لقد قرأت كتباً كثيرة عن الرواية العربية الحديثة واستطعت أن أبلور منها كثيراً من المفاهيم فيما يتعلق بفن الرواية وما يتصل وبشكل مباشر بموضوع هذه الدراسة، فهذا فاروق خورشيد في كتابه «الرواية العربية» يُبدي استغراباً شديداً عن فن الرواية. هذا الفن العظيم الذي وصل إلى ما وصل إليه من الأصالة كيف لا يكون امتداداً للتراث العربي فيقول: «إن الإنتاج الروائي المعاصر يصل إلى درجة من الأصالة تجعل من المذهل حقاً أن يكون هذا الفن وليد عشرات من السنين فحسب، كما تجعل من المتعذر على التفكير العلمي أن يقبل ما يردده الكثيرون من أن هذا الفن مستحدث في أدبنا العربي لا جذور له, نقلناه مع ما نقلناه من صور الحضارة الغربية»؛ ففاروق خورشيد من الكتّاب الذين نفخر بهم حقاً ولكن هذه الفقرة التي أوردها ليست مما يجب أن نسلّم به تسليماً مطلقاً دون أن ننظر في حقيقة هذه المسألة, فالحقيقة ومن خلال قراءاتي حول هذا الموضوع اتضح لي أن الرواية جاءت في كل أشكالها وظروفها متأثرة بالغرب وقاطعة صلتها بالماضي تماماً ويبدو أن قول خورشيد حول هذه المسألة لم يكن حكماً نهائياً بل إنه كان مجرد رأي يتأرجح بين النفي والإثبات وإلا ما معنى أن يأتي في مكان آخر ويقول: «إننا لا ننكر أننا عرفنا من الغرب ألواناً من الإنتاج القصصي ساعدتنا على العبور الحضاري ولكننا ننكر أن كتّابها حين كتبوا القصة انفصلوا عن تراثهم»، حقاً إنه ضرب من التعسف وضرب من العبث أيضاً أن نقول: «إن الرواية العربية جاءت امتداداً للتراث العربي».
إذا قلنا ذلك أو سلّمنا به فنحن كمن يصرخ في صحراء لا نهاية لها, فالكتّاب العرب وخاصة من له الفضل منهم في إيجاد واستجلاب هذا الفن الأدبي إلى وطننا العربي لم يلتفتوا إلى ماضي موروثنا الأدبي ولم يجعلوه مثل الخارطة التي يتحسّسون فيها المداخل.. فكأنهم وضعوا حاجزاً منيعاً يحول بينهم وبين التراث العربي والنظر في خباياه يؤكد صحة وصدق هذا الكلام أعمالهم نفسها وخاصة نجيب محفوظ ويوسف إدريس وغيرهما كُثر.. فالقارئ المتفحص الفطن لا يمكن أن يغيب عنه هذا الإحساس.. الإحساس بأن هذا العمل الروائي الذي يقرأه قد قطع صلته بماضيه وأخذت نكهة الغرب تتصاعد منه، ومن الأهمية بمكان أن نورد ما قاله يحيى حقي في ذلك لنعزّز ما قلناه.
يقول يحيى حقي: «فليس وراء الكاتب المصري ماضٍ يعتمد عليه ولا تقاليد تهديه في طريقه وهو فوق ذلك معرّض للتأثير بخداع الآداب الغربية التي يدرسها فيؤلف قصصاً أو روايات يسميها قصصاً مقتبسة ينحو فيها منحى أحد الكتاب الإفرنج, إذ يندر أن يكتب كاتب في مصر دون أن يتشبّع أولاً بمؤلف أفرنجي يعتبره مثلاً أعلى يصبو إلى تقليده فكم في مصر من تلاميذ ل«بوبورجيه»، وديكنز وغيرهما»"3".
وهكذا يكاد يُجمع النقاد والدارسون على أن الرواية فن غربي بحت ليس لنا فيه فضل سوى أننا قمنا باستجلابه ومحاكاته محاكاة حرفية، ومن هؤلاء النقاد نستثني فئة قليلة ترى أن الرواية العربية في مسيرتها وفي كل البلدان العربية كانت تترسّم خطى الرواية الأوروبية في شكلها الفني وبنائها ومعمارها.
الهوامش:
1 محمد زغلول سلام- دراسات في القصة العربية الحديثة ص3.
2 شكري عزيز الماضي- انعكاس هزيمة حُزيران على الرواية العربية.
3 محمد زغلول سلام- دراسات في القصة العربية الحديثة,ص80.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.