يُعدّ إصلاح النظام التربوي والتعليمي عصب التغيير الاجتماعي والاقتصادي لأي بلد ويشكل إصلاح المنظومة التربوية والتعليمية التحدي الأكبر والرهان الأساسي لبلوغ التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة، على اعتبار أن إصلاح قطاع التربية والتعليم هو بالأساس استثمار في الرأس المال البشري، الذي يشكل الثروة الوطنية الحقيقية والمدخل الأساسي للرقي ببلادنا إلى مصافي المجتمعات المتقدمة. وإذا كان المعلم هو حجر الأساس في العملية التعليمية وهو قلب وروح وعقل وضمير ومستقبل المجتمع ومن غير النهوض به لا يمكن الحديث عن أي تقدم في التعليم؛ مهما أُنفق عليه من مال وهيّأ له من أسباب.. لذا فإن من الأهمية بمكان إعادة النظر في الأطر والكيانات النقابية – نقابات التعليم - كونها الحامل الرئيس لقضايا المعلم وتطلعاته.. من هذا المنطلق واستشعارا منا في مركز الدراسات والإعلام التربوي للمسئولية الملقاة على عاتقنا اتجاه هذه القضية الملحة. فقد قمنا بإعداد مشروع متكامل يقوم على رؤية لتطوير النقابات التعليمية وتوحيد جهودها تنطلق من الاحتياجات الأساسية للمعلم وتواكب التغييرات التي يمر بها الوطن وتنسجم مع مخرجات الحوار الوطني الشامل التي تدعوا إلى توحيد النقابات التعليمية في نقابة واحدة. حيث قام المركز بتدشين المشروع بالتعاون مع مكتب التربية والتعليم بمحافظة تعز يوم الاثنين الماضي بعمل طاولة مستديرة خصصت لمناقشة الرؤية المقدمة من المركز شارك فيها نائب مدير مكتب التربية والتعليم الأستاذ محمد الجلال وقيادات النقابات التعليمية في تعز ممثلة بنقابة المعلمين ونقابة المهن التربوية والتعليمية والنقابة الوطنية للتعليم العام ونخبة من التربويين وممثلين عن الشئون الاجتماعية والعمل و الحوار الوطني ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام أفضت النقاشات والمداولات إلى الآتي: 1 - خرجت النقابات التعليمية ببيان مشترك فيما يخص القضايا الوطنية الراهنة مؤكدة دعمها للاصطفاف الوطني ورفضها أعمال العنف وأكدت التزامها القيام بالتوعية من مخاطر العنف والإرهاب في أوساط المعلمين والطلاب. 2 - تحديد اجتماع دوري كل ثلاثة أشهر لقيادات النقابات التعليمية للوقوف على ما تم تنفيذه من الرؤية. 3 - العمل من أجل إشراك معلمي المدارس الأهلية والخاصة في نقابات التعليم ووضع آليات لتبني قضاياهم. 4 - الاتفاق على تحديد جلسة نقاش خلال الشهرين القادمين تجمع المركز و القيادات النقابية والجهات التمويلية لإعادة النظر في القروض التمويلية للمعلم وكيفية توفير قروض ميسرة للمعلمين. 5 - اقترحت الجلسة أن تتولى كل نقابة العمل على ملفات محددة من الملفات الواردة في الرؤية لضمان التكامل في العمل النقابي. 6 - أوصت الجلسة في ضرورة عمل النقابات التعليمية ومنظمات المجتمع المدني من أجل المشاركة في وضع استراتيجية واضحة للمعلم والتعليم وفقا لما هو محدد في مخرجات الحوار الوطني. 7 - دعت الجلسة النقابات التعليمية ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال التعليم الإسهام في تنفيذ مخرجات الحوار الخاصة بالتعليم والعمل لتشكيل تحالف لمناصرة التعليم في المرحلة الانتقالية. 8 - أوصت الجلسة بتوجيه عمل النقابات في الجانب الفني والاهتمام بالحقوق المادية والمعنوية للمعلم بما يعيد المكانة الاعتبارية له. هذا وقد تضمنت الرؤية أفكار مهمة تلخصت في أربعة محاور رئيسية تضمن المحور الأول فرص النجاح المشروع أما المحور الثاني فلخص التحديات التي قد تعيق المشروع و في المحور الثالث قدمت خطوط عريضة عبر عنها بمجموعة من الملفات المقترحة للتطوير وفي المحور الرابع والأخير عرضت الرؤية آليات عمل للتنفيذ.. وسنورد هنا نص الرؤية ونطالب المختصين وقادة الرأي والمعلمين أثرائها. رؤية لتطوير نقابات التعليم وتوحيد جهودها يثبت التاريخ أن حركات التغير التي مرت بها أكثر بلدان العالم كانت مصحوبة بثورات علمية تعليمية فالتغيير الحقيقي يبدأ من التعليم ولكى تأخذ اليمن مكانتها التي تستحقها في العالم, لابد أن نبدأ من التعليم وأن يأخذ التعليم حقه من الاهتمام, ولن يصلح التعليم ما لم يأخذ المعلم مكانته في وطنه لأن المعلم هو قلب وروح وعقل وضمير ومستقبل المجتمع.. لذلك وضعنا رؤية لإصلاح عمل النقابات التعليمية وتوحيد جهودها لخدمة المعلم والتعليم. أولا: فرص النجاح 1 - وجود رغبة مؤكدة للعمل الجماعي على إصلاح نقابات المعلمين وقناعة غالبية المعلمين أن طريقة عمل النقابات من خلال سيطرة اتجاه سياسي وحيد على هذه النقابة أو تلك لا تؤدى إلى حدوث إصلاح وتطوير للنقابة ولا تخدم المعلم أو التعليم. 2 - الرغبة الحاصلة من بعض قيادات نقابات التعليم في السعي إلى توحيد العمل النقابي والاتفاق على قواسم مشتركة لخدمة المعلم والتعليم فقد أدلى رئيس أحدى النقابات بتصريح عن توجه في النقابة للعمل على التنسيق مع النقابات الأخرى وذلك عقب إعداد رؤية مشتركة لإصلاح التعليم قدمت إلى الحوار الوطني وقد بدت بوادر ذلك من خلال المجلس التنسيقي الذي بدت به القيادات النقابية في صنعاء. 3 - اتفاق بين غالبية المعلمين على تركيز العمل داخل الدائرة المهنية وبشكل مستقل ورفض تبعية العمل النقابي لتوجه الحكومة أو أحزاب وجماعات المعارضة السياسية، والاتفاق أن لكل حزبه والنقابة للجميع. 4 - القاعدة القانونية القاضية بإعطاء فرصة كاملة ومتساوية لكل معلم في المشاركة داخل نقابات المعلمين بدون تصنيفات سياسية أو مذهبية أو طائفية أو عنصرية أو جهوية والمساواة بين جميع المعلمين في حق المعرفة والتعبير. 5 - تنص مخرجات الحوار الوطني على توحيد نقابات المعلمين في نقابة واحدة. 6 - الاتفاق لمبدأي على رفض أي نوع من أنواع الاستبداد وقهر الآراء واستبعاد المعلمين المختلف معهم في الرأي واعتماد التشاور والديمقراطية وقبول الآخر كأساس للإصلاح. 7 - لا معنى للدولة المدنية التي ننشدها طالما ومؤسسات المجتمع المدني تفتقد للمدنية في بناها التنظيمية وممارساتها العملية . ثانياً: التحديات التي تقف أمام نجاح المشروع هناك الكثير من التحديات التي تعيق المشروع لعل ابرزها التحديات الآتية: 1 - التمترس الحزبي وغياب الثقة بين مختلف الأطر النقابية و استمرار فرض الحراسة الحزبية على النقابات. 2 - القيادة الفردية البعيدة عن المؤسسية دخل النقابات الأمر الذي قد يقف عائق أمام التوجه نحو الإصلاح. 3 - غياب الحراك الإصلاحي داخل النقابات الأمر الذي يجعل العمل الإصلاحي للنقابات يحتاج إلى وقت للمساندة الجماهيرية من المعلمين. 4 - غياب الرؤى بين المكونات النقابية حول كيفية الإصلاح والتخوف من احتمالات التنازع أو الذوبان في حالة العمل المشترك. ثالثاً: آليات عمل نقوم جميعاً بعمل ورش عمل مفتوحة عبر الندوات واللقاءات في مختلف النقابات التعليمية يتحاور فيها المهتمون بإصلاح النقابات التعليمية بهدف الاتفاق على رؤى متقاربة حول الملفات النقابية المطروحة توضيح موقف القيادات النقابية وفروعها وقواعدها من كل ملف ، ثم يلي ذلك تكوين مجموعات عمل محددة بأسماء المعلمين الذين يرغبون في المشاركة لكل ملف لدراسته تفصيلياً ورصد الواقع وتحديد الهدف وطرحه للحوار تنمية قدرة المعلمين على التواصل وكتدريب عملي على العمل النقابي وتكوين الكوادر القادرة على إدارة النقابة وسيؤدي اتفاق المعلمين على رؤية متقاربة داخل كل نقابة إلى المساهمة في سرعة توحيد العمل النقابي وتطويره وسيعيد الاعتبار للمعلم ويسهم في مناصرة وإصلاح التعليم. * رئيس مركز الدراسات والإعلام التربوي