لقيط أمام المحقق واقف وهو يشعر بالخوف، ينظر إليه المحقق، ويقول له: لماذا كنت عند هذا المزور الخطير..؟!. صمت الرجل ولم ينطق بأية كلمة. قال المحقق له: تفضل بالجلوس وأخبرني بالحقيقة، فأنا لا أريد إيذاءك، أنا أريد أن أساعدك فأنت رجل كبير في السن. مدّ الرجل يده في جيبه وأخرج بطاقته الشخصية، وقال له: اقرأ هويّتي لو تكرّمت. أمسك المحقّق وقرأ البطاقة الشخصية بسرعة وقال له: ليس فيها شيء..!!. رد الرجل: بلى فيها، وهي أنني إنسان مجهول الهويّة، أي أنني كما يطلق عليّ المجتمع “لقيط”. نظر المحقّق في وجهه وهو يشعر بالاستغراب وقال له: وما دخل هذا بالتزوير، أنت كنت تريد تزوير أوراق رسمية لثلاثة أطفال..؟!. نظر الرجل إلى المحقق وهو يبكي: نعم هذا صحيح وأنا لا أنكر هذا، ولكن عليك أن تعرف لماذا فعلت هذا، صمت الرجل لثوانٍ معدودات وعاد بعدها إلى الحدث: يا بُني لقد خرجت منذ أربعة أيام من المسجد بعد أن انتهيت من صلاة الفجر؛ وإذ أجد شخصاً يضع ثلاثة صغار في صندوق على الأرض. أوقف المحقّق الرجل، وقال له: ماذا تقول..؟!. قال الرجل: نعم شخص يضع ثلاثة صغار في صندوق على الأرض ويهرب، وبعدها حاولت أن ألحق به، ولكني فشلت وأخذت الأطفال إلى شيخ الجامع، وبعدها قال لي بأن أحتفظ بهم وأن أرعاهم. صمت المحقّق وهو يحاول تجميع أطراف الحكاية فيقول للرجل: أكمل حتى النهاية، فلن أقاطعك. قال الرجل: لقد حزنت على الصغار وبحثت عن أبيهم دون جدوى، وأنا لا أريدهم أن يعيشوا مثل حياتي تلاحقهم كلمة “لقيط” فلهذا قرّرت أن أزوّر لهم أوراقاً وأنسبهم إلي، وبعدها ليحدث ما يحدث. حزن المحقّق للغاية، وطلب استدعاء شيخ الجامع الذي أكد هو صدق كلام الرجل كلمة كلمة، فألغى القضية بالكامل وأخرج أوراقاً ثبوتية للصغار الثلاثة. انتقام رب السماء ها هم الأشخاص، وقد تم تغطية وجوههم وربط أياديهم، يدخل هو وبيده مسدسه، يلتفت إلى صديقه ويقول له: هل هؤلاء فقط، أم أن هناك غيرهم اليوم..؟!. يجيب صديقه بكلمتين فقط لا غير: هؤلاء فقط. ترتسم الابتسامة على وجهه، ويبدأ بإطلاق رصاصة واحدة على رأس كل واحد منهم ليسقطوا جثة هامدة. تتبلّل الأرض بالدماء، ويبدأ بجر الجثث وأخذ أغطية الوجه وفك أربطة اليد، ويأخذ ما عندهم من ساعات وخواتم ومال حتى يدفنهم جميعاً في الحفرة..!!. ينتهي من جثة تلو جثة، يصل إلى الجثة الأخيرة فيرى خاتماً في إصبعه، فيقول وهو خائف: لا لا، ماذا فعلت..؟!. يبتعد عن الجثة، وهو يبكي ويصرخ بشكل هستيري. يسمع صديقه صوته وهو يبكي ويصرخ فيقترب منه ويقول له: ما بك يا لعين..؟!. يقول على الفور وهو يبكي كالأطفال: لقد قتلت أخي الأصغر. يقترب صديقه من الجثة الأخيرة، فيصرخ الرجل بأعلى صوته: اترك أخي. يمد الرجل يده في جيبه، ويخرج مسدّسه وينظر إلى السماء ويقول بصوت منخفض: سوف أعاقب نفسي على ما فعلت..!!. يطلق من مسدّسه رصاصة على رأسه، ويصبح جثة هامدة في ثوانٍ معدودات وهو غارق في دمائه. يصاب صديقه بالهلع مما رآه، ويقترب من الجثة الأخيرة وينزع غطاء الوجه؛ وإذ يكتشف أن الجثة ليست لأخيه الذي يعرفه حق المعرفة، يرتمي على الأرض ويقول بصوت مرتفع: أعرف أنه انتقامك يا رب السماء. المشهد التمثيلي الابتسامة مرسومة على وجوههم، يصفّقون بكل قوتهم، يحرّكون رؤوسهم كل عشر دقائق كعلامة للاهتمام. تنتهي الندوة ويخرج الحضور، تتقدم مجموعة معيّنة وتصعد إلى الحافلة، يلتفت سائق الحافلة ويقول للجميع: احكوا لي عن الندوة، هل تناولتم وجبة لذيذة، وكيف كانت..؟!. يجيبه أحدهم: كان الطعام لذيذاً، ولكننا لم نفهم شيئاً من الندوة، ولكننا جميعاً أدّينا دورنا التمثيلي بجدارة وانتهى عملنا لهذا اليوم والحمد الله. انتحار روبوت علامات الفرح على وجوه العلماء، يصرخ أحدهم من شدّة الفرح: لقد نجحنا، لقد حقّقنا ما لم يستطع أحد فعله..!!. يلتفت الروبوت بوجهه المعدني، يقول كبيرهم: الآن الشريحة بدأت بالعمل وهو يكتشف كل شيء بسرعة فائقة، ولقد تركت جهاز كومبيوتر موصول به يحتوي ملايين المعلومات والآن العقل الألكتروني سوف يعمل. العلماء يبتعدون عن الروبوت، وبدأت المعلومات تنقل إليه عبر جهاز الكومبيوتر. تمر الساعات، وإذ يرون العلماء عبر شاشات المراقبة الروبوت وهو يمزّق الأسلاك، ويقع جسده المعدني على الأرض. تقدّم العلماء نحو الروبوت؛ وإذ يقرأ أحدهم جملة على شاشة الكومبيوتر: عذراً أيها البشر؛ لا يمكنني أن أستمر معكم، فمما قرأته اكتشفت أنكم تعشقون الدمار، فوداعاً..!!. صمت العالم بعد قراءته للجملة دقائق معدودات، وإذ يجيب زملاءه بالقول: لقد انتحر، فهو لا يريد أن يصبح مثلنا..!!.