هي قصيدة من تأليف الشاعر كامل الشناوي وتلحين محمد عبدالوهاب، وقد غنّاها كل من نجاة الصغيرة ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ.. قيل الكثير عن قصة هذه الأغنية منها أن الشاعر كامل الشناوي كان معجباً بنجاة الصغيرة، لكنها لم تبادله الإعجاب، بل كانت على علاقة، حسب ما يزعم الكثيرون بالكاتب يوسف إدريس، وإذا كان إعجاب الشناوي بنجاة ليس صعب التصديق، فإن ما يصعب تصديقه هو وجود تلك العلاقة بين نجاة ويوسف إدريس؛ إذ لا يوجد شيء واضح يؤكد ذلك.. لكن المهم أن موضوع القصيدة يتحدث عن صدمة حبيب إزاء العلاقة التي تربط المرأة التي يحبها برجل آخر، حيث يقول: لا تكذبي إني رأيتكما معاً... ودعي البكاء فقد كرهت الأدمعا عندما سمعت نجاة كلمات القصيدة أعجبت بها ورغبت في غنائها، وأسندت تلحينها إلى الموسيقار محمد عبدالوهاب، وبالنسبة لعبدالوهاب الذي تعوّد على تلحين القصائد من الشعر العربي القديم، لم يكن تلحين هذه القصيدة يمثّل مشكلة كبيرة له؛ لحن عبدالوهاب لهذه القصيدة كان جميلاً، خصوصاً البيت الذي يقول: ماذا أقول لأدمع سفحتها أشواقي إليكِ ماذا أقول لأضلع مزقتها خوفاً عليكِ قال الشاعر محمد حمزة ذات مرة في مجلة “فن” إن بليغ حمدي كان ينوي تلحين هذه الأغنية؛ إلا أنه تراجع بعد أن تبادر إلى علمه أن عبدالوهاب يقوم بتلحينها. غنّت نجاة هذه القصيدة في فيلم «الشموع السوداء» عام 1962، وكانت العلاقة التي تربطها آنذاك بعبدالحليم حافظ علاقة زمالة عادية، لكن علاقة نجاة بعبدالحليم توتّرت بعد أن قام عبدالحليم بغناء هذه القصيدة في حفل عام؛ إذ اعتبرت هذه الأغنية أغنيتها الخاصة، وبالرغم من أن عبدالوهاب قد غنّى الأغنية أيضاً لكن ذلك لم يعد العلاقة بين عبدالحليم ونجاة إلى مجاريها، ربما لأن عبدالوهاب كان معتاداً على غناء الأغاني التي يلحنها لغيره من المغنين، وبالتالي يختلف غناء عبدالوهاب لها عن غناء عبدالحليم؛ إذ اعتبرت غناء عبدالحليم نوعاً من الاعتداء عليها..!!. صار أداء المطربين الكبار الثلاثة موضعاً للمقارنة بين معجبيهم، وهو موضوع يخضع للتقييم الشخصي لكل معجب على حدة, وقصة غناء عبدالوهاب للأغنية يعود إلى أن هيئة الإذاعة البريطانية - والتي شاع تسميتها الآن بال «بي بي سي عربي» - استضافت عبدالوهاب والشناوي وأدار الحوار أحد مذيعيها الكبار، وفي اللقاء طلب من عبدالوهاب أن يغنّيها فغنّاها كاملة بالعود مع مقدّمة موسيقية تختلف عن تلك التي غنّاها فيما بعد في الاسطوانة، وقد اعتادت إذاعة لندن إذاعة ذلك التسجيل في برنامجها المعروف ب “من لندن فقط” وكان يتخلّل الأغنية كلمات الإعجاب من الحضور في الاستديو ومنهم كامل الشناوي. بعد ذلك - وبعد أن رأى عبدالوهاب إعجاب مستمعي الإذاعة بذلك التسجيل - قام بغنائها بالعود مرة أخرى في مصر وأصدرها في أسطوانة من إنتاج شركة “صوت الفن”. من الجدير بالذكر أن ما جعل تلك الأغنية تتميّز بالأداء الأوركسترالي الجيد هو إسنادها إلى الموسيقار علي إسماعيل لتوزيعها فأبدع في ذلك شأنه في ذلك ما فعله في الكثير من ألحان عبدالوهاب وغيره، فجاءت متميّزة سواء في تسجيل الأسطوانة لنجاة أو تسجيل الحفلة لعبدالحليم وقد قام علي إسماعيل بنفسه بقيادة الأوركسترا في حفلة عبدالحليم. تقول كلمات الأغنية : لا تكذبي إني رأيتكما معاً ودعي البكاء فقد كرهت الأدمعا ما أهون الدمع الجسور إذا جرى من عين كاذبة فأنكر وادَّعى إني رأيتكما إني سمعتكما عيناك في عينيهِ في شفتيهِ في كفيهِ في قدميهِ ويداكِ ضارعتان ترتعشان من لهفٍ عليهِ تتحدّيان الشوقَ بالقبلاتِ تلذعني بسوطٍ من لهيبِ بالهمسِ, بالآهاتِ, بالنظراتِ باللفتاتِ, بالصمتِ الرهيبِ ويشبُ في قلبي حريقْ ويضيعُ من قدمي الطريقْ وتطلُ من رأسي الظنونُ تلومني وتشدُ أذني فلطالما باركت كذبك كله ولعنتُ ظني ماذا أقول لأدمعٍ سفحتها أشواقي إليكِ؟ ماذا أقول لأضلعٍ مزّقتها خوفاً عليكِ؟ أأقول هانتْ؟ أأقول خانتْ؟ أأقولها؟ لو قلتها أشفي غليلي يا ويلتي لا، لن أقولَ أنا، فقولي! لا تخجلي لا تفزعي مني فلستُ بثائرٍ أنقذتني من زيفِ أحلامي وغدرِ مشاعري فرأيت أنكِ كنتِ لي قيداً حرصتُ العمرَ ألا أكسره فكسرتهِ! ورأيتُ أنكِ كنتِ لي ذنباً سألتُ اللهَ ألا يغفره فغفرتهِ! كوني كما تبغينَ لكن لن تكوني فأنا صنعتك من هوايَ ومن جنوني ولقد برئتُ من الهوى ومن الجنونِ.