جدل متواصل واتهامات متبادلة وأهداف متباينة أحياناً وغامضة أحياناً أخرى.. هذا باختصار ما يسود العلاقة حالياً بين العديد من المطربين المصريين ونظرائهم العرب، إثر اتهامات متبادلة بسرقة الألحان وكلمات الأغاني، والتي كان أحدثها اتهام المطربة المصرية شيرين وجدي للبنانية نانسي عجرم بسرقة لحن "بين البينين" الذي قام بتلحينه الموسيقار الشاب محمد رحيم.وفي وقت قال فيه متابعون للوسط الغنائي إن تتابع أكثر من مطرب على عمل غنائي واحد أمر متعارف عليه، وكان يتم قديماً بسلاسة وأريحية دون أي اتهامات، في إشارة إلى قيام بعض رموز الطرب العربي بغناء أغنية بأكثر من صوت، كما هو الحال في أغنية "لا تكذبي" التي تغنى بها ثلاثة من رموز الغناء العربي تصدرتهم المطربة نجاة ومن ثم العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ ومن بعده غناها الموسيقار محمد عبدالوهاب، وهو ما تكرر أيضاً مع أغنيات أخرى أداها أكثر من مطرب، إلا أن نقاداً نفوا تطابق الحالين. وأكدوا أن ما يحدث حالياً سرقة بحتة، كونها تتم "عنوة" ودون أي علانية ومع محاولات لطمس الألحان والكلمات الأصلية لإخفاء هويتها. وقالوا إن التراشق بالألفاظ والاتهامات بين المطربين على أغنيات قد تكون تافهة، كما حدث بين نانسي عجرم وشيرين وجدي، أو رولا سعد وهيفاء وهبي، وجنات وعمرو دياب، وأصالة وتامر حسني؛ إنما هو ظاهرة جديدة على المشهد الغنائي العربي تصيبه بالكثير من الأعراض السلبية.
تبادل الألحان إثراء فني غير أن الملحن هاني شنودة أكد أن تبادل الألحان بين المطربين لا يمكن تسميته بالسرقة، قائلاً: بالعكس، أنا أطالب كل ملحن بأن يثري الحالة الفنية بهذا التبادل، لأن كل مطرب سيغني اللحن والأغنية بطريقته، وسيتم توزيعها بأسلوب مختلف، ما سيحدث رواجاً وتجديداً في سوق الأغنية. والسرقة تكون بين مؤلف ومؤلف، أو مخرج ومخرج، لكن طالما أن اللحن مكتوب عليه اسم صاحبه فلا يمكن تسميته بالسرقة. في الاتجاه ذاته، قال الموسيقار حسن فكري إنه لا يمكن محاسبة الملحن على بيع أغنيته لأكثر من مطرب، مبرراً ذلك بأن عقد التنازل لا يتضمن عدم بيع الأغنية لمطرب آخر، وبالتالي من حق الملحن التصرف في لحنه كما يشاء، وهذا ما حدث مع شيرين وجدي التي اتهمت نانسي عجرم بسرقة لحن أغنيتها أخيراً. لكن فكري عاد وأكد أن ما يحدث مخالفاً للقوانين، مبرراً ذلك بأن العقود توقع بعيداً عن نقابة الموسيقيين، لذلك دعا إلى أن يتم توقيع أي اتفاقية تخص المطربين في نقابتهم لضمان حقوق كل طرف. فيما أكد عمر بطيشه، رئيس جمعية المؤلفين والملحنين الأسبق، أن الأزمة التي تواجه المطربين هى عدم وجود حق للأداء العلني لدى الملحن، مطالباً بأن تتولى الجمعية حماية حقوق الملكية الفكرية لجميع الأطراف، وبالتالي يلتزم الملحن ببيع لحنه لمطرب واحد، وكذلك الأمر بالنسبة لكتاب الأغاني، ويمكن وقتها محاسبة المتجاوز أو المتهم بالسرقة أياً كان اسمه أو وضعه. ونفى بطيشه أن تكون هذه الاتهامات مقصودة بين المطربين المصريين ونظرائهم العرب، مستدلاً على ذلك بوجود اتهامات بين مصريين ومصريين، أو بين حاملي الجنسيات الأخرى.
لا.. بل هو إفلاس بدوره، أكد الموسيقار حسن إش إش أنه سبق وتعرض للسرقة من الملحن والمطرب مصطفى كامل عندما أعاد تسجيل لحن "السلام عليكم" التي قدمها للمطرب حكيم، وذلك في أغنية أخرى باسم "بس قول يارب"، ومن ثم قام بمقاضاته على هذه السرقة. وطالب نقابة الموسيقيين بأن تلزم كل من يدخل المجال الغنائي بأن يكون له ترخيص من جمعية المؤلفين والملحنين ونقابة الموسيقيين حتى يمكن مسائلته عند أي تجاوز، مؤكداً أن ما يحدث الآن من استنساخ للألحان والكلمات ما هو إلا إفلاس. بينما قال الملحن عزيز الشافعي الذي لحن لكل من هيفاء وهبي ورولا سعد أنه ليس من أخلاقيات الملحن أن يبيع لحن واحد إلى أكثر من مطرب، مؤكداً أن ذلك يضر بمصداقيته. ورداً على اتهام هيفاء له ببيع أغنيتها لرولا، قال إن من قام بذلك هو مدير أعمالها السابق الذي انفصلت عنه كي تكون ضربة موجهة ضد هيفاء.