بدأت أعمال الدورة العادية ال 143 لمجلس وزراء الخارجية العرب بمقر الجامعة العربية يوم امس لبحث مشروعات قرارات أعدها المندوبون الدائمون يتصدرها موضوع (صيانة الأمن القومي العربي). وتناقش الدورة الجديدة لمجلس الجامعة 28 بندا تتعلق بمجمل تطورات الأوضاع في المنطقة يتصدرها موضوع صيانة الأمن القومي العربية ومكافحة الجماعات الارهابية المتطرفة. وتعقد هذه الدورة تحت عنوان (صيانة الأمن القومي العربي) بالاضافة إلى مناقشة التحضيرات الخاصة بالقمة العربية في دورتها ال 26 المقررة نهاية الشهر الجاري في مدينة شرم الشيخ. ويتضمن جدول الاعمال أيضا التطورات السياسية للقضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي وتفعيل مبادرة السلام العربية إلى جانب متابعة تطورات القدس والاستيطان والجدار العنصري العازل والانتفاضة واللاجئين. من جانب آخر حذر الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني من أن أي تدهور للأوضاع الأمنية في اليمن أو تقويض للعملية السياسية فيه، ينذر بأخطار تتعدى حدود اليمن و تمس الأمن القومي العربي و الأمن الدولي. جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في الجلسة المخصصة لبحث الأزمة اليمنية خلال اجتماع المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية المنعقد أمس في مقر الجامعة بالقاهرة برئاسة رئيس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين في المملكة الأردنية الهاشمية ناصر جودة نائب . ووصف الزياني ما تمر به الجمهورية اليمنية حاليا ب«الوضع الخطير»، منبها من أن ذلك يهدد العملية السياسية السلمية التي أرستها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، والتي توافق عليها الشعب اليمني الشقيق وقواه السياسية ودعمها المجتمع الدولي بأسره . وقال : إن المبادرة الخليجية كانت بطلب يمني، وقد وقعتها كافة القوى السياسية اليمنية وارتضتها أساسا للانتقال السياسي إلى دولة مدنية موحدة ، مذكرا أنه في ضوء هذه المبادرة تم اجراء انتخابات رئاسية مبكرة وعقد مؤتمر حوار وطني شامل استغرق عشرة أشهر, وخرج بمخرجات وقعتها كل القوى السياسية, كما تمت صياغة مسودة دستور جديد. ولفت الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى أنه كان مقررا أن تستكمل المبادرة الخليجية بإقرار مشروع الدستور الجديد و طرحه على استفتاء شعبي, ومن ثم اجراء انتخابات نيابية ورئاسية ، ولكن الاحداث الأخيرة اعاقت استكمال المسار السياسي السلمي الذي حظي بإجماع وطني و تأييد اقليمي و دولي واسع . وقال : إن المبادرة الخليجية كانت وماتزال مثالا ناجحا للتعاون و التكامل بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية و هيئة الأممالمتحدة ممثلة في مجلس الأمن الدولي الذي أصدر عدة قرارات اعتمدت المبادرة الخليجية و شددت على الالتزام بها و فرضت عقوبات على معرقلي العملية السياسية الانتقالية الجارية بموجبها وبتوافق وطني واسع قل نظيره . وأوضح الزياني أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية عبر مرارا عن قلقه مما حل باليمن من خلال البيانات التي أصدرتها الأمانة العامة لمجلس التعاون وكذا بيانات صادرة عن اجتماعات وزراء خارجية دول المجلس والتي أكدت دعم مجلس التعاون لجهود كافة القوى السياسية التي تسعى بطرق سلمية و دون استخدام للعنف لاستئناف الحوار و استكمال العملية السياسية وفقا للمبادرة الخليجية و آليتها التنفيذية و مخرجات الحوار الوطني الشامل، مذكرا أن مجلس التعاون دعا الى استئناف عملية الانتقال السلمي للسلطة وفق المبادرة الخليجية و آليتها التنفيذية و مخرجات الحوار الوطني، كما دعا إلى تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بإيقاع العقوبات على من يعرقل العملية السياسية السلمية الانتقالية . ودعا الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي مجلس الجامعة العربية إلى أن يتخذ قرارا واضحا يساعد على انقاذ اليمن ويؤكد على أهمية استئناف العملية السياسية وفق مرجعية المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني . من جهته طالب المندوب الدائم للجمهورية اليمنية لدى جامعة الدول العربية السفير محمد الهيصمي الدول العربية بسرعة القيام بتحرك عربي عاجل على المستوى الوزاري بغية دعم مسار الحوار والتوصل إلى حل للخروج من الأزمة، وإقناع المكونات السياسية المتحاورة بتبني المخارج المناسبة والآمنة لإنقاذ اليمن. وأعرب السفير محمد الهيصمي في كلمة بلادنا أمام الاجتماع الوزاري لمجلس جامعة الدول العربية في دور انعقاده العادي ال143عن أمله في أن يصدر عن الاجتماع الوزاري قرار يسهم في الدفع بعملية الحوار الجارية بين مختلف القوى والمكونات السياسية اليمنية، استنادا إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة ومخرجات مؤتمر الحوار. واضاف أن الحوار فقط يمكنه الحيلولة دون وقوع اليمن في دوامة العنف والفوضى والتي ستكون إذا حدثت لا قدر الله وبالاً ونكالاً ليس فقط على اليمن وحدها وإنما أيضاً على محيطها القريب والبعيد. وجدد الهيصمي مطالبته الاجتماع الوزاري بدعوة مختلف المكونات والقوى اليمنية بالامتناع عن التصعيد السياسي والإعلامي وتشجيع إشاعة أجواء الوئام والثقة والحوار بينها، حتى لا يزداد المشهد السياسي في اليمن تعقيدا وسوءاً وحتى يتجه الجميع صوب التوافق والاتفاق بعيداً عن أي استقطاب أو تدخل أجنبي، وذلك للحفاظ على كيان الدولة ومؤسساتها ووحدة الأراضي اليمنية وسلامتها. وقال مندوب بلادنا بالجامعة العربية : إن ما يجري اليوم في بلادي من تطورات قد ألقى بظلاله السلبية على الوضع الاقتصادي الصعب، الأمر الذي يحتم على المجتمع الدولي المساهمة في الحيلولة دون انهياره من خلال استمرار الدعم التنموي والوفاء بالتعهدات والالتزامات التي قطعها المانحون على أنفسهم. ودعا الهيصمي الاجتماع الوزاري إلى العمل على تعزيز ما من شأنه المحافظة على وحدة اليمن واستقرارها وسيادتها واستقلالها ورفض أي تدخل في شؤونها الداخلية والوقوف إلى جانب الشعب اليمني فيما يتطلع إليه من حرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية وتمكينه من تحقيق التنمية الشاملة التي يسعى إليها. وشدد مندوب اليمن بالجامعة العربية على أن اليمن سيمضي في تحمل مسؤولياته إزاء الإصلاحات الاقتصادية ومكافحة الفساد خاصة في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي لم تشهد لها اليمن مثيلاً من قبل، والتي تتطلب اهتمام ودعم المجتمع الدولي للتخفيف من معاناة وشظف الملايين من اليمنيين. وأشار إلى أن ما يضاعف من الوضع الإنساني الكارثي ما تواجهه اليمن من تحديات إضافية تتمثل في الحرب المستمرة والمفتوحة على الإرهاب وأعمال القرصنة وتحمل المسؤوليات الإنسانية والأخلاقية الجسيمة إزاء تدفق وتواجد مئات الآلاف من النازحين على الأراضي اليمنية من القرن الإفريقي. وأثنى مندوب اليمن بالجامعة العربية على الجهود التي تبذلها الدول العربية وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي وكافة الدول العربية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية لمواقفهم المعهودة تجاه اليمن في مختلف المراحل والظروف التي مرت وتمر بها، مؤكدا أن المواقف العربية الأصيلة والمشرفة ستظل محل تقدير وإعزاز كافة أبناء الشعب اليمني. وقد أكد وزير الخارجية الاردني ناصر جودة رفض بلاده للتدخل الخارجي في الشأن اليمني الداخلي . وقال جودة في كلمة له عقب تسلمه رئاسة الدورة العادية 143 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري يوم امس: إن الأردن يدعم مسيرة الحوار الوطني في اليمن التي تستند إلى المبادرة الخليجية ومضامين قرار مجلس الأمن الأخير حول اليمن والدعوة لتطبيقه. وأضاف : إن الأردن يراقب ببالغ القلق تطورات الاوضاع السياسية في الجمهورية اليمنية، مؤكدا اهمية العمل الجاد للحفاظ على وحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه. وشدد وزير الخارجية الأردني ناصر جودة بحسب وكالة سبأ أن الاخطار المحدقة بالوطن العربي وشعوبه تتطلب العمل الفوري والجاد لمواجهتها ودرء مخاطرها بهدف اجتثاثها وفي مقدمتها التنامي الخطير والمقلق لظاهرة الارهاب والفكر المتطرف، مؤكدا ضرورة التضامن مع الدول العربية التي تعاني من الارهاب بكافة صور التضامن بما فيها تحقيق التكامل الاقتصادي الذي يمكن أن يقضي على اسباب ظهور واستفحال هذه الجماعات الارهابية. واكد جودة في ختام كلمته أهمية اصلاح منظومة العمل العربي المشترك وفي مقدمتها تعديل ميثاق الجامعة لتتمكن من مواجهة التحديات والمستجدات. من جانبه قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن وحدة واستقرار اليمن تتعرض لتهديدات ضخمة، الأمر الذى يلقي بتبعات خطيرة على أمن واستقرار المنطقة العربية بأسرها، بل ربما يتعداه لتهديد الأمن والسلم الدوليين. واضاف الوزير المصري في كلمته خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورة انعقاده العادي الثالث والأربعين بعد المائة المنعقدة يوم امس في القاهرة :إن اليمن يواجه تحديات متعددة والضرورة تحتم علينا فعل كل من يمكن لمساعدة اليمن وجذبه بعيداً عن حافة الهاوية. واكد وزير الخارجية المصري أن موقف بلاده من الأزمة اليمنية يستند إلى ضرورة تقديم كافة أشكال الدعم للحفاظ على وحدة وأمن واستقرار اليمن، وحتى يتحقق للشعب اليمني كل ما يصبو إليه من حرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية وليتمكن من تحقيق التنمية الشاملة التي يسعى إليها ويستحقها. وجدد شكري تأكيده على دعم مصر لمؤسسات الدولة في اليمن، وأهمية اضطلاعها بمسؤولياتها القومية من أجل الحفاظ على وحدة الأراضي اليمنية ومصالح شعب اليمن العزيز. وشدد على أهمية التزام جميع الأطراف السياسية في اليمن بمواصلة المشاورات السياسية برعاية الأممالمتحدة على أساس المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.. إلى ذلك أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ضرورة النظر في إنشاء قوة عسكرية أمنية عربية مشتركة تكون متعددة الوظائف قادرة على الاضطلاع بما يعهد إليها من مهام في مجالات التدخل السريع لمكافحة الإرهاب وأنشطة المنظمات الإرهابية. وقال العربي في كلمته أمس الاثنين أمام الجلسة الافتتاحية للدورة العادية ال 143 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري برئاسة الأردن إن إنشاء قوة عسكرية أمنية عربية مشتركة يمكن له المساعدة في عمليات حفظ السلام، وتأمين عمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية وتوفير الحماية للمدنيين. وأشار إلى أن إنشاء قوة عسكرية عربية يمكن أن يسهم في التعاون بالمجالات ذات الصلة بحفظ الأمن وتبادل المعلومات بين الدول العربية التي أصبح عدد منها في حاجة ماسة لمثل هذه الآلية لمساعدة حكوماتها على صيانة الأمن والاستقرار وإعادة بناء قدراتها ومؤسساتها الوطنية. وأعرب العربي عن اعتقاده بأن البحث في هذا الاقتراح، لابد وأن ينطلق من المسئولية الجماعية التي نتحملها جميعاً كدول وشعوب ومنظمات حكومية ومدنية إزاء ما يواجهنا من تحديات خطيرة تتطلب أن نأخذ بأيدينا مسئولية صيانة الأمن القومي العربي، والمشاركة الفعالة في آليات العمل الدولية المعنية بمجريات الأحداث الخطيرة والمتغيرات الكبرى التي تشهدها المنطقة العربية. وأكد الدكتور نبيل العربي أن اتخاذ القرارات اللازمة لتحقيق ذلك مناطُ بالدول الأعضاء صاحبة الحق السيادي الذي لا نزاع فيه باستخدام القوة المسلحة للدفاع عن أمنها وسلامتها الإقليمية بالطريقة التي تتفق ورؤيتها لمصلحتها وواجباتها الوطنية والقومية، في إطار أحكام وقواعد القانون الدولي.